غسان صابور
الحوار المتمدن-العدد: 5055 - 2016 / 1 / 25 - 16:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الجسور بين السلفية و" الجهاد الإرهابي"...
وكــــومــــا جـنـيـف 3...
موقع Médiapart الفرنسي المعروف, أجرى دراسات متعددة, منذ أحداث 13 نوفمبر ـ تشرين الثاني من السنة الماضية, والتي أودت بحياة مائة وثلاثين شخص وحوالي ثلاثمئة جريح بالعاصمة الفرنسية باريس, والتي قام بها عدة شباب فرنسيين, من أصول عربية شمال إفريقية... جاءت بعد أحداث واغتيالات شارلي هيبدو Charlie Hebdo ومخزن Hyper Cacher... أحداث إرهابية واسعة.. هــزت فرنسا دافعة وملزمة السلطات الفرنسية لإصدار قوانين طوارئ, لم تعرفها منذ أحداث الثورة الجزائرية واستقلال الجزائر .. وانفصالها كليا عن فــرنــســا...
موقع Médiapart بصفحته الرئيسية, قدم لنا البارحة دراسة موسعة, من قبل عدة محللين مختصين بالعالم العربي والإسلام (وما أكثرهم بأيامنا هذه) إذ يكفي معرفة عدة كلمات عربية أو جملتين, أو ترديد آية قرآنية.. حتى تصبح اختصاصيا بالشؤون العربية والإسلامية... مما لا شك أن هناك بعض الآكاديميين الذين درسوا تاريخ بلاد المشرق أو الإسلام عشرات السنين, ومكثوا على أرضه سنوات طويلة.. يتكلمون العربية بطلاقة, درسوا بعمق وحياد تاريخ سياساتها وأديانها المختلفة.. وخلافاتها وأخطائها وسلبياتها وحسناتها وجمالها... ولكنهم حياديون نادرون... أما الغالبية.. لا يتقنون سوى إبداء الانتقادات التي ترضي من يدفع ثمن كلامهم في الإعلام.. المهم من يدفع.. ولو أنهم تناسوا كل حقيقة منطقية حقيقية... وخاصة كل ما يرضي المعارضات السورية المحترفة, والتي فتحت لها صالونات السلطات الأوروبية أبوابها وأرروقات وزاراتها... كأنها حكومات رسمية حسب الأصول...
أما اليوم.. وبعد أن كشف الإرهاب الإسلامي عن أنيابه.. وانقلب السحر على الساحر... حيث بدأت كل الدول الأوربية تعاني من أخطار هذا الإرهاب على أراضيها.. وخاصة من أبناء جاليات عربية شمال إفريقية أو إفريقية أو مشرقية.. ولدت على أرضها وحصلت على جنسياتها الأوروبية ونشأت وتعلمت وتربت بمدارسها, وراحت تعلن ولاءها لداعش وخلافتها الإسلامية.. وتهدد وتهدد أمنها وأمانها.. حتى اضطرت لضغط عديد من الحريات العامة وتغيير القوانين السائدة.. بحجة محاربة الإرهاب.. ها هي اليوم تبحث عن اختصاصيين يشرحون لها منشأه وأخطاره وتفرعاته...
وعن هؤلاء تشرح لنا Médiapart جزئيا عن الإرهاب, والجهاد والسلفية والإسلام.. والجسور بينهم... وأقول جزئيا... حيث أنه مهما برع خبراؤهم والاختصاصيون منهم.. لن يتمكنوا من فهم قلب هذه المبادئ الدينية التي تداخلت ببعضها البعض وحللت الإرهاب.. أو تظاهرت أنها تحاربه.. لأنه لا يمكن لهؤلاء الاختصاصيين.. مهما تخصصوا أن يعرفوا كل أسرار هذه الديانة وتفسيراتها المتشعبة المتداخلة, ولا أحزابها , ولا سياساتها, ولا أسرار تحريم أو تحليل أساليبها, والتي يمكن أن تصل عندما تشاء إلى قوة أسلحة الدمار الشامل... ومن ابسط الأمثلة.. تفسير وطاقات الانتحاريين منها... ولقاء الموت للوصول إلى الجنة!!!...
من أقدم أسرار الحروب عبر التاريخ.. أن تكتشف ما يخيف عدوك من الموت.. والانتحاريون الداعشيون السلفيون لا يخافون من الموت.. ويعتبرونه جسرا لوصولهم السريع إلى الجنة وحورياتها... إذن كيف تستطيع محاربة هؤلاء بالأنظمة المخابراتية والديمقراطية الحديثة؟؟؟... على سبيل إحدى أبسط الأمثلة اليوم... هذا ما يجهله خبراء Médiapart ومخبروهم وكتابهم... ولا أسرار انتشارهم بين الجاليات الإسلامية بالعالم كله... وخاصة ملايين الهجرات تتنقل من مكان إلى مكان خلال الخمسين أو الستين سنة الماضية.. وكل الصعوبات لا يمكن أن تؤثر على رغبات انتقالها وانتشارها... وغالب حسابات الدول الأوروبية والغربية والكندية والأمريكية والأسترالية.. لم تستوعب الأسباب الحقيقية لوصول هذه الهجرات الملايينية إليها.. وكانت تنظر لأرباحها ليد عاملة رخيصة أو لأصحاب شهادات عالية بأبخس الأثمان... ولم تستوعب استحالة اندماج هذه الجاليات بالأنظمة الحياتية والمعيشية الغربية وقوانينها وعاداتها وشرائعها.. وتمسكها بعادات وشرائع وشريعة البلدان التي جاءوا منها.. رغم مرور السنين.. وتكاثر الولادات... ولا أي شــيء آخر.
يتكاثر الخبراء اليوم.. وتتقلص الحريات... ولكن كل هذا لن يغير أي شــيء... لأن اندماج هذه الجاليات الملايينية لم يــتــم بالأنظمة العلمانية و الديمقراطية.. والتصادم بدأت تظهر علاماته.. بهذه الاعتداءات الداعشية المباشرة الواضحة بقلب باريس.. عاصمة الحريات العامة والعلمانية والديكقراطية.. وبدأت تتفسخ بقوانين الطوارئ الأخيرة التي اضطرت السلطات الفرنسية خلقها وإصدارها.. حتى تحمي نفسها.. وتغطي كل أخطائها السابقة.. حسب نظرية أول دروس العلوم السياسية.. الحكم الصحيح هو أن ترى المستقبل Gouverner c’est prévoir... وكل الحكومات الغربية لم تنظر إلى مستقبلها.. لأنها فتحت كل أبوابها ونوافذها وخنادقها.. وتساهلت مع كل المؤسسات والجمعيات والدول التي شجعت ودعمت وساعدت ولادة الإرهاب الإسلامي على أراضيها... ولا تعرف اليوم كيف تدير البوصلة بالاتجاه المعاكس.. وجميع سياساتها مرتعشة مترددة ضعيفة... رغم محاولاتها ومحاولة مؤسسات إعلامها باللجوء إلى خبراء مرتعشين مترددين ضعفاء... لأن كل خبراته السابقة.. منسوخة من مخططات استراتيجية جامدة.. من مخططات العولمة العالمية, والتي لا تنظر سوى لأسعار البورصة وانتفاخ أرباح مصالحها.. وليس لأمان ورفاه الإنسان والبشرية والحريات الإنسانية.
*************
عــلــى الـــهـــامـــش :
ــ تجارة رابحة جديدة
خصصت الحكومة الفرنسية مبلغ ثمانية ملايين أورو, كأول دفعة للمؤسسات والخبراء الذين تخصصوا بإعادة الإسلاميين الراديكاليين وشباب وبنات الأحياء الزنانيرية ذات الجاليات الشمال إفريقية وغيرها ممن انخرطوا بالإسلام الراديكالي المتطرف والمساجين والعائدين من سوريا...ومن الظاهر أن كل هؤلاء الخبراء بالإسلام وعلماء النفس والمتخصصين بعلاج الإرهاب والراديكالية, والذين نشطت تجارتهم بالسجون والإعلام والأحياء.. لم يداووا من الراديكالية أشخاصا يتجاوزون أقل من أصابع يد واحدة.. من مجموعات سلفية راديكالية نائمة أو ناشطة.. قد تتجاوز الآلاف حاليا.. داخل الأراضي الفرنسية.. خلافا عن الآلاف الموجودة في أوروبا.. وبالعديد من الدول في العالم.. خلايا نائمة وناشطة متشددة راديكالية, ترفض أي نقاش منطقي أو علاج.. ولا تقبل سوى الأوامر والفتاوى من أمرائها.. حتى الموت وتفجير الذات... هذا السلاح الدماري الشامل, والذي لم تكتشف له أجهزة وسلطات حكومات العالم أي علاج إنساني معقول... ولا جميع مخططات وتخطيطات قوانين طوارئ إضافية.
تجارة جديدة تفرعت وأينعت بفرنسا وأوروبا يملأ أصحابها الجدد, شاشات قنوات التلفزيون الأوروبي و الفرنسي المختلفة... وخاصة بعد التهديدات التي وصلت إلى فرنسا بفيديو مدتها سبعة عشر دقيقة, أنتجتها استديوهات (داعش الهوليودية) والتي تملك حاليا أرفع التقنيات الإعلامية الإرهابية والمتخصصة بقطع الأعناق والتفنن بالإرهاب البشري والتخويف... مما اضطر الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند, أثناء زيارته للهند للرد بعنف وعزم واعتداد وثقة على هذه التهديدات.
ــ بالخلاصة النهائية واعتقادي أنه لا علاج على الإطلاق على هذه الطوائف Sectes الانحرافية الإرهابية والتي تعتقد براديكالية عصبية منحجرة لا نقاش فيها.. " أنها أفضل أمــة عند الله " أن نجد ســر الطريقة لإقناعها بأي شكل من الأشكال.. أنها ليست على الإطلاق " أفضل أمة عند الله " وأن الالتزام بهذه القناعة جريمة ضد الإنسانية.. وأن البشر كلهم سواسية متساوون بالحقوق والواجبات, تــجــاه رب إيمانهم.. مع ضمان وحــريــة الاختيار... ولا أي شـــيء آخــــر!!!......
ــ جنيف 3 يدخل بكوما سريرية...
بناء على طلب من السيد جون كيري, تبعته رغبات السلطات التركية باستبعاد بعض الأطراف الكردية المعادية لها.. أعلن السيد دي ميستورا, تأجيل اجتماع جنيف 3, بانتظار بعض التحضيرات الضرورية لهذا المؤتمر المفروض لحل أزمة الحرب ضد سوريا, والتي تدوم من خمسة سنوات.. وبالمقارنة فاقت فظائعها ما حدث بالحرب العالمية الثانية.. بالمدة (خمسة سنوات)... بالفظائع... بأسلحة الدمار المستعملة.. وأعداد الضحايا والجرحى والمهجرين والمنكوبين بالنسبة لعدد السكان...
والسيد دي ميستورا, مندوب الأمم المتحدة لإيجاد حلول لتوقيف هذه الحرب بلقاءات ومفاوضات سورية ـ سورية (على ما يبدو)... منذ بداية مهمته لا يتحرك ميليمترا واحدا.. دون أوامر السلطات الأمريكية.. والتي تبقى محرك الدبابير الأولى بكل المشرق والعالم العربي والإسلامي...
يأتي تأجيل وتعتيم جنيف 3, تماما كما تنبأت بالعديد من كتاباتي بنهاية السنة الماضية.. وبداية هذا الشهر... ولن تصل إلى أية مفاوضات سلمية حقيقية.. قبل الوصول إلى نهاية المقايضات والمفاوضات المصلحية والتجارية وتقاسم كعكة إعادة البناء والبحث عن موارد النفط الغاز الجديدة. بمناطق الشرق الأوسط وسواحل البحر المتوسط..بالإضافة إلى رغبات التقسيم والتجزيء والإضعاف والإنهاك الظاهرة بين عرابي هذه الحرب الآثمة ومسببيها ضد سوريا وشعبها ودولتها.. لخدمة تجارات عولمتهم العالمية... كالعادة.. على حساب مقتل وتشريد الملايين من الشعب السوري.. ومن شعوب الشرق الأوسط.
بــــالانــــتــــظــــار...
للقارئات والقراء الأحبة ألكارم.. هـــنـــاك و هـــنـــا.. وبكل مكان بالعالم.. كل مودتي وصداقتي ومحبتي واحترامي ووفائي وولائي.. وأصدق تحية طيبة عاطرة إنسانية مهذبة.
غـسـان صــابــور ـــ لـيـون فــرنــســا
#غسان_صابور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟