بدران انور قرقاش
الحوار المتمدن-العدد: 5054 - 2016 / 1 / 24 - 20:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لفت انتباهي لقاء مع المفكر السياسي المصري نبيل عبد الفتاح مع صحيفة العرب تطرق فيها عن علاقة التفكك في الدول العربية وانهيار الهوية القومية العربية .
مما يشير التحليل الموضوعي للأحداث وما يحدث من تسارع على مستوى الشرق الأوسط لتتضح الصورة عن مدى التباعد القومي للعرب وما يحدث من تشظي ليشمل سوريا ولبنان والعراق وعلى أثرها مناطق في الخليج العربي وسبقتها دول المغرب العربي ،
وقال عبد الفتاح في حوار مع صحيفة “العرب” إنه لم تتشكل في الواقع الموضوعي والتاريخي أمة عربية بالمعنى الراسخ لمفهوم القومية، سواء على المستوى العربي الكلي أو حتى على مستوى القومية القطرية، كما في الاستثناء المصري التاريخي ودولة المخزن في المغرب.
في مقابل هذا الوضع المتأزم فيما بين القومية الواحدة والنفور الذي يطغي على صبغة العروبة والعرب فان المشهد يعطي انطباعا ملحوظا في عدم وجود بادرة في الأفق تلوح إلى وحدة تلك القومية إلا أن تستعيد الأمة قواها على أيادي علماء ومفكرين يرتجى منهم إعادة الحياة وإنقاذ الهوية العربية .
والشيعة على العموم لهم الحظ الأوفر في النقاش والتحليل في هذا الموضوع لمن يلاحظ التمدد والخطط التي عصفت بهم مما يجعلنا نعطي الوضع الخاص لهم جهدا ووقتا يمكن أن تكون الانطلاقة إلى رئب الصدع وإيقاف التمدد والنزوح إلى القوميات الأخرى .
ولو لاحظنا إيران والأتراك فنجد أن ما بعد حكم الشاه ووصول الخميني إلى السلطة وما كانت عليه إيران من الحفاظ والتوسع والسيطرة باسم القومية الفارسية نجد أن الخميني لم يركن ذلك الأساس والفكر القومي والحفاظ على الهوية والقومية الفارسية بل أعطى لها الأولوية في البقاء والديمومة والتحرك ،
ورأى المفكر السياسي نبيل عبد الفتاح بأن القومية في إيران تشكل العامل الرئيسي حول هوية قومية أيام الشاه أو بعد ثورة الخميني، وتغير طبيعة النظام وشكله لم يؤثر على بعض أساليب الدمج الداخلي من خلال إستراتيجية بوتقة الصهر، فالتغير كان في التحول إلى دولة شيعية تحت ظل نظام ولاية الفقيه، لكن لا تزال بعض أشكال الدمج القسري لبعض المكونات العرقية أو المذهبية أو الدينية الأخرى سارية المفعول .
وأوضح عبد الفتاح أن تركيا الأتاتوركية هي أساس هذا الاندماج للقومية التركية ثم التطور الاقتصادي الذي تحقق على أيديهم.
وفي اعتقاده أن القوميات الفرنسية والألمانية والبريطانية، هي النموذج المثالي الذي استمد منه بعض القوميين العرب، الفكرة القومية العربية، وما يميز هذه القوميات المرجعية، أنها كانت جزءا من تطور تاريخي واجتماعي واقتصادي في ضوء حركة القوميات وتطور الرأسمالية الغربية وتشكل الأمة بالمعنى الحديث كمفهوم وتجسيد في إطار الدولة القومية.
فسَّر عبد الفتاح نجاح حركة القوميات في أوروبا بسبب كونها جزءا من بناء دولة ما بعد وستفاليا، وارتباط ذلك ببناء الأمة في إطار تطور الدولة القومية والرأسمالية وتوسعها الداخلي والخارجي، ويعتبر مشروع الوحدة الأوروبية تطورا متدرجا، وبدأ من خلال اتفاقياتها للتكامل الاقتصادي.
في مقابل هذا نرى الانحدار والعد التنازلي والتخلي عن الهوية العربية من قبل العرب ومنها العراق وسوريا ولبنان وغيرهم .
في لبنان تكاد الهوية العربية عند الشيعة اللبنانيين قد زال نجمها واضمحلت وهذا واضح للعيان من مطالبة أكثر الشيعة العرب بأنهم ضمن دائرة إيران السياسية والدينية والعقائدية ، وما يجري في سوريا فإنها قد لحقت في السرب وهم أكثر الشيعة تسارعا لهذه القافلة من خلال عوز النظام السوري إلى الدعم بكل أشكاله ، أما العراق فلا وجود للهوية العربية عند الشيعة إلا الاسم والرسم ، فنرى التمدد الإيراني من جهة الجنوب العراقي قد طفى وتبلور في فكر الشباب خصوصا بعد العزف على وتر المذهبية ، فيما نرى الجانب الأخر وهو السني فان الأتراك قد تحركوا واستنفروا قوامهم ليكون خطا متوازيا مع إيران وقوميتهم ،
أما لو ناقشنا العرب ومن ينادون بها من الحكومات العربية فلا تأخذ ما خذها وحصد ثمارها لان الوقت قد فات .
لكن إن اعتمدنا على من يحملون الفكر المعتدل والتاريخ وإيديولوجية الإسلام ونزول القران والرسالة عند العرب فان الانكماش في العد التنازلي يزول تدريجيا إذ لم تكن فكرة القومية العربية وليدة اليوم بل إنها امتداد للرسل والأنبياء ليكون خاتمهم ودستورهم يجعل من الذين ينادون بالفكر الإسلامي المعتدل أن يجني ثمره إذا ما تظافرت الجهود وغض الطرف بأبعاد الفكر والمنهج الطائفي .
وما يلاحظ على أن المغردين خارج السرب الطائفي والمحافظين على ذلك الفكر الوسطي والتاريخي فان ذلك يحد من تمدد القوميات الغير العربية عند العرب ، ففي لبنان نجد من ينادي بهذا الفكر المعتدل ومنهم محمد الموسوي وفي العراق نرى المرجع الشيعي محمود الصرخي الذي ما فتئ في التحذير من تمدد إيران القومية والحد منها . واخذ الدور من قبل العرب في المحافظة على الهوية العربية فان ذلك يشكل جدارا عازلا للتمدد القومي الإيراني وغيره من التمدد في البلاد العربية .
#بدران_انور_قرقاش (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟