|
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من التهديدات الامريكية للثورة الايرانية ومن زعامة الخمينى
سعيد العليمى
الحوار المتمدن-العدد: 5053 - 2016 / 1 / 23 - 23:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الانتفاض – جريدة حزب العمال الشيوعى المصرى -العدد 23 – السبت 8 /11 / 1979- طبعة الخارج كل الدعم لنضال الشعب الايراني ضد التهديدات الامريكية - بقلم سميح يوسف ان الصدام المؤخر بين النظام الايرانى الجديد والامبريالية الامريكية ، نقل الوضع السياسي فى ايران الى حلقة جديدة ، يمكن للطلائع الشيوعية واليسارية ، لو أحسنت الاستفادة من هذه اللحظة ، أن تصنع أساسا متينا ، لتشديد نضالها من أجل الجمهورية الديمقراطية ، المستقلة حقاً ، من أجل فتح الباب واسعا للنضال من أجل الاشتراكية . ان موقف حزبنا اذ يفصل بشكل قاطع بين القيادة الخمينية البرجوازية ، وبين الطبقات الشعبية الايرانية وطلائعها الثورية ، ومن كل القوميات ، يقدم كل تأييده ودعمه لهذه الاخيرة ، ويؤيد بالاخص نضالها من أجل جمهورية ديمقراطية غير اسلامية لا يمكن أن يكون على رأسها ، وفى قيادتها ، الخمينى وأمثاله من قادة ورموز الطبقات الاستغلالية ، والذين لايمكن أن يقودوا البلاد الى معركة النضال الحاسم مع الاستعمار الغربى ، من أجل استقلال جذرى ناجز ، للبلاد ومن خلال أوسع انفتاح على طبقات الشعب الايرانى من كل القوميات ، ومن أوسع انفتاح على المعسكر الاشتراكي الحليف الذى لا غنى عن التحالف معه ، فى أى معركة تحرير وطنى حقيقية ، جاده مخلصة ، وعلى أساس من هذا الفصل القاطع فاننا لابد أن نرحب بالمد الوطنى الشعبى العارم فى ايران فى مواجهة الامبريالية الامريكية ، دون ان نؤيد بالطبع الاشكال المسرحية ، الاستعراضية ، التى تقوم بها القيادة الدينية ، بديلا عن المواجهة الحاسمة المتماسكة مع الامبريالية الغربية ، والتى قد تصنع ذريعة لنوع من الاعمال العسكرية الامريكية ، فى حين أنه ليس من البطولة الوطنية على الاطلاق تقديم ذرائع مباشرة وسهلة للامبريالية الامريكية دون أى مبرر قوى ، من طلائع مصالح الشعب الايراني ، وأقصد بالذات عملية احتجاز الرهائن الامريكية مستبعدا أى اعتبارات انسانية أو أخلاقية ، لا مجال لها أصلا مع عملاء للمخابرات المركزية الامريكية . ولكن قبل الاستطراد فى التعليق على حادث السفارة الامريكية ، لابد من القاء الضوء على مقدماته ، أى التطورات التى جرت على تفاصيل البنية السياسية للنظام الايرانى الجديد . نتج عن الانتصار الكبير ، المتمثل فى الاطاحة بحكم الشاه استلام تحالف رجال الدين – الجبهة الوطنية للسلطة ، معبرين عن مصالح أقسام عريضة من الطبقات البرجوازية الاستغلالية القائمة قبل سقوط الشاه بالطبع ، وبعد تطهير جهاز الدولة من الطغمة المحيطة بالشاه المخلوع ، ولم تكن هذه الشرائح منسجمة على كل السياسات ، والتكتيكات ، سواء على صعيد السياسة الخارجية ، أو الداخلية المترابطتين، ويمكن تمييز جناحين أساسيين : جناح مدنى ( حركة تحرير ايران ، وأقسام أخرى من الجبهة الوطنية) ذو توجه غربى أمريكى واضح ، له امتداداته الدينية ، وبالأخص التيار الذى يمثله شريعتمدارى ، وجناح الخمينى ، الذى لا يمكن وصفه بممثل البرجوازية الصغيرة كما تروج بعض الاتجاهات اليسارية الاكثر عداء للامبريالية الامريكية من منطلقات مثالية ، اسلامية طوبائية ، وانطلاقا من احلام اشعال ثورة اسلامية شاملة فى العالم الاسلامى ، لا هى شرقية ، ولا غربية ، ولكن هذه الاوهام الايديولوجية لا يمكن أن تجعل آية الله الخمينى محلقا فوق الطبقات ، فهو كان وسيظل معبرا عن مصالح البرجوازية الايرانية ، طالما " أن شعاراته ليست موجهة ضد الرأسمالية ، فهو المعادى للشيوعية " المعسكر الاشتراكي" وللحقوق والحريات الديمقراطية ، ولحق القوميات فى تقرير المصير، والمعادي للمطالب الاقتصادية للجماهير الشعبية فهل تخرج هذه الخطوط العريضة للبرنامج الخمينى عن نطاق برامج البرجوازيات المتخلفة ، والتى تحتفظ بالمفاهيم والافكار ما قبل الرأسمالية ، وتقف ضد تحقيق اصلاح زراعى ديمقراطي يحل المسألة الزراعية فى البلاد ، مستبقية أشكالا من العلاقات الانتاجية ما قبل الرأسمالية ، وما يمثله ذلك من عقبات مادية فى مواجهة النضال الديمقراطي ، ثم النضال من أجل الاشتراكية .
وقد كشف أدبنا الحزبى السابق ، المستوى والمدى ، الذى لا يمكن أن تتجاوزه القيادة الدينية خمينية الطراز فى معاداة الامبريالية الامريكية وبالأخص لأن هذه القيادة ( سطر غير مقروء فى النص ) ......... توصد الابواب أمام المعسكر الاشتراكي ، الاحتياطي الاستراتيجى للنضال الوطنى المتماسك ضد الامبريالية ، ولانها لا ترضى بديلا عن الديكتاتورية الاسلامية ، فى مواجهة أبسط الحقوق والحريات الديمقراطية ، للطبقات الشعبية وممثليها من القوى الثورية . وهنا لابد أن نوضح أن هذين الجناحين الاساسيين فى السلطة الايرانية ( فى الحكومة ، فى المجلس الثوري ، فى قيادة الجيش ) ليسا بالجناحين الصافيين المتبلورين . الخمينى أكثر كل هؤلاء تطرفا وعداءا للأمريكان ، محاط مايزال بالأنصار الامريكيين المشبوهين : ( يزدى ، مشمران مايزالا عضوان فى المجلس الثوري "، قطب زاده " وزير الاعلام ثم المشرف على الخارجية") . أما حركة تحرير ايران ذات الميول الغربية ، التى يمثلها بازرجان المستقيل ، فهى لم تنح من مواقع السلطة ، منها ( حسن جيبى الناطق الرسمي باسم مجلس قيادة الثورة ، وسنجابى المسئول عن التخطيط والموازنة ، وعلى أكبر معين خان المشرف على شئون البترول ، وأخيرا صادق قطب زاده ( لاحظ أنه من المقربين للخمينى ، اضافة الى الكثير من الكادرات الادارية المنتشرة فى الوزارات) ( النهار العربي والدولى 3/12/1979) وهكذا نلاحظ أن استقالة حكومة بازركان ، لا تمثل عزلا نهائياً لهذا الاتجاه ، ولا يفسر الاستقالة الخلاف على الاحداث الاخيرة الخاصة بالسفارة فحسب . فمن المعروف ان المجلس الثورى هو القائد الفعلى للبلاد منذ فبراير الماضى ، وأن الحكومة المؤقته ، كان لابد أن تخلى المسرح من لحظة الى أخرى ، وبالأخص فان الدستور الاسلامى الذى أقر عبر استفتاء عام ( رغم المقاطعة الواسعة له من قبل القوميات المضطهدة ، وبعض القوى اليسارية ) جاء يؤكد على سلطة رجال الدين المباشرة . كما يجب أن نلاحظ أن عدم تبلور الأجنحة نابع من محاولة الخمينى امساك العصا من النصف ، كما يقال ، الامساك بكل الخيوط والاتجاهات السياسية والدينية الممثلة فى السلطة ، ليحافظ على زعامته الروحية للشعب الايراني كأساس لأحلامه حول زعامته للعالم "الاسلامي" !! ولو وصلنا الى سؤال : لماذا قدر الخمينى قبول استقالة بازرجان ، واضاءة الضوء الأخضر ، لاحتلال السفارة الامريكية ، فان الاكتفاء بالاشارة الى وصول الشاه الى الولايات المتحدة ، لن يصل الى جوهر التناقض الذى تعانى منه السلطة الايرانية ، وبالأخص الزعيم الدينى " الخمينى " فوصول الشاه لأمريكا هو فقط الذريعة ، لغرض فى نفس ( الخمينى) ، والغرض هو تثبيت سلطة رجال الدين ، وهو أمر ذو وجهين ، والتركيز على وجه تسعير العداء للامريكيين فقط ، لن يساعد القوى الثورية الايرانية ، على تحقيق أسرع فصل ممكن ، بين القطاعات الجماهيرية الواسعة التى تأتمر بأوامر الخمينى ، وبين القيادة الدينية ، لمصلحة الانتصار الحقيقى فى المعركة مع الامبريالية الامريكية نفسها فى ارتباط ذلك بتحقيق المصالح الفعلية للطبقات الشعبية ، والقوميات المضطهدة فى ايران .
فليس صحيحا ما يروجه بعض المحيطين بالخمينى ، بأن الصراع على قمة السلطة كان مؤجلا طوال العشر شهور الماضية ، أى الصراع مع الاتجاهات الموالية للامريكيين ، فاتجاه الخمينى قبل عشرة أشهر كان أقوى وأكثر جماهيرية بما لا يقاس من الآن . والعلاقات الاقتصادية والعسكرية مع الولايات المتحدة على مر العشر شهور الماضية – جرت تحت سمع وبصر ، وموافقة آية الله الخمينى ، وكذلك كل العلاقات السياسية والاقتصادية مع المعسكر الامبريالي الغربي ، وبالأخص تدفق البترول ، وتحت قيادة الخمينى تم تجديد الحملات تلو الحملات على القوميات المضطهدة وبالأخص الأكراد ، والعرب ، وكانت تصريحات الخمينى واضحة ضد القوميات المضطهدة ، والقوى الديمقراطية والشيوعية التى لم ترضخ ، ولم تقبل بالدور الذيلي ، الذى يفتخر به حزب توده المراجع ، الخمينى وليس أحد من المحيطيين به ، هو الذى نزع الشرعية عن الحزب الكردستانى الديمقراطي ، وبالتالى عن القومية الكردية وطالب باعدام " قاسملو"، "والحسينى"!! ، وتحت قيادته اندفعت الفصائل الديمقراطية واليسارية الى النضال السري مجددا ، عدا حزب توده الذى قدم فروض الطاعة والولاء بعد أن تعرض للضربات والمحاصرة التى دفعته للعمل السري جزئياً ، قبل استعادة شرعيته من جديد ، على أساس رفع راية الثورة الاسلامية ! تحت دعوى ان برنامج الخمينى " يتطابق" مع برنامج حزب توده ( هكذا صرح كيانورى الأمين العام للحزب فى حديث للسفير عدد 2/12/1979 ) ليقدم لنا نموذجا متفردا فى المراجعة . ولأن النظام الايراني الجديد كان يتجه لاعادة تنظيم السلطة والدولة على الاسس الكبرى التى قام عليها نظام الشاه المخلوع ، فى مجال العداء للديمقراطية ، ولحقوق القوميات ، ثم على اساس التبعية المتماسكة للغرب الاستعماري ، وفق مساومات جديدة ، وعلى أساس مواقف متميزة ، لعل أبرزها دعم المقاومة الفلسطينية – الى حدود معينة – ومقاطعة اسرائيل ونظام جنوب أفريقيا العنصرى ، ورفض القيام بدور رجل البوليس فى منطقة الخليج العربى لمصلحة الامريكيين ، وهنا لابد أن نلاحظ الدور الرجعى على طول الخط للقيادة الدينية الايرانية تجاه النظام الديمقراطي الافغانى ، عن طريق دعم المجموعات الرجعية التى تناهض الحكم التقدمي ، تحت راية الاسلام . أقول بسبب اتجاه النظام الجديد لاعادة تنظيم الدولة على الأسس الكبرى التى قام عليها نظام الشاه المخلوع ، كان لابد للازمة الاقتصادية والسياسية فى البلاد أن تستفحل وتأخذ مداها على شتى الاصعدة وتعدد التحركات من قبل القوميات ، والفئات الطبقية المستغلة مثل حركة العاطلين ( يوجد مليون عاطل ) ، وتعددت انتفاضات واضرابات الشغيلة ( كالموظفين ، الصيادين ، الفلاحين ، ومظاهرات الطلاب ، بالاضافة الى النشاط المتعاظم للفصائل اليسارية . والامر الذى له أبلغ الدلالة ، أن فهم علاقة النظام الجديد بالامبريالية الغربية ، وبشتى أطراف الصراع المحلى والعالمى سيكون مستعصيا ، ان لم يتم بناء على الربط بين مواقف السلطة الطبقية فى ايران ، وبين واقع اعتلاء القيادة الدينية – المدنية البرجوازية للسلطة من خلال ثورة شعبية شاملة ، وبالتالي فان الخميني ، بكل جلالة قدرة ، لن يستطيع أن يسرح الجماهير ، والشيوعيين والديمقراطيين ، ولا القوميات المضطهدة ، الى منازلهم ، كما فعلت السلطة الناصرية ( وشتى النماذج التى يميزها اعتلاء البرجوازية للسلطة عبر انقلاب عسكرى ) بين عامي 1952، 1954 ، ولذلك فان التطرف اللفظى فى تصريحات الخمينى لا يرجع الفضل اليه فى الكثير من الاحيان الى أعمق مواقفه ، وبالتالي فان المبالغة فى " عداء" الخمينى للامبريالية الامريكية ، ستفقد أصحابها امكانيات التقدير السليم ، فلا يمكن اذن ، أن يصبح ما تنتزعة الطبقات الشعبية وقواها الثورية فى ايران، رغم أنف السلطة الجديدة ، فضائل اضافية للخمينى ، الا لو دخلنا الى الديماجوجية من أوسع أبوابها ، ليس من فضائل الخمينى أن القومية الكردية بقيادة طلائعها الثورية تمسكت بأراضيها ، واعتصمت قواها المسلحة فى الجبال ، واستعصت على التصفية ، وليس من فضائل الخمينى ان منظمة فدائيى الشعب لازالت تفرض وجودها السياسي . والعسكري، وليس من فضائله ان شرائح متعاظمة من الطبقة العاملة والطبقات الشعبية تدافع عن حقوقها الديمقراطية بدءا من حق العمل وانتهاء بحق التجمع السياسي العلنى ) وليس من فضائله استمرار تشكيلات من لجان العمال ولجان الجنود ، ولجان الموظفين ....الخ فى المواقع الجماهيرية . ان المعارضة الشعبية كانت أخطر ما يتهدد الخمينى – ومازالت – وأكثر بما لا يقاس من بقايا حكم الشاه البائد ، وحيث نجحت الثورة فى تصفية أو تشتيت الاغلبية الساحقة من الطاقم القيادي الحاكم الذى أحاط بالشاه المخلوع . وبعد عشرة شهور من استلام السلطة ، واستمرار عجز القيادة الدينية عن احكام السلطة المركزية ، وعن تصفية المعارضة الديمقراطية ، والشعبية ، والقومية ، واتضاح أن ابتهالات الخمينى ، وتصريحاته الغامضة ، والغاء الموسيقى والمسرح والتلفزيون والسينما ( عدا ما يتصل بالدين ) ، لن تحل التناقضات المستعصية ، ولن تحقق أعمق مصالح الشعب الايرانى ، وأهدافه التى قاتل نظام الشاه وأسقطه من أجلها . حقا لقد وجه النظام الايرانى ضربه الى المصالح الاستعمارية ، بعدد من التأميمات فى مجال الصناعة ، وشركات التأمين والبنوك الأجنبية ، الا أن كل خطوة ضد الامبريالية تفقد مغزاها وأهميتها من مجمل السياق الذى تجرى فيه ، ففى حين يتم تدعيم أواصر برجوازية الدولة بهذه التأميمات ، وتضار المصالح الامبريالية ، تتجه الأجهزة الاقتصادية للدولة ، الى الاقتراض ، وعقد الصفقات من جديد مع السوق المشتركة الاوروبية ، وشتى البلدان الرأسمالية الاوروبية ، واليابان ، وجرى تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة نفسها ، بموافقة كارتر على بيع الوقود لايران ، وكان يجرى بحث مد الجيش الايرانى بقطع الغيار ، حتى يقوم بمهامه فى تصفية القوى الديمقراطية الكردية وغيرها . يقول المنظرون الاسلاميون الايرانيون ( مثل أبو الحسن بن صدر) أن ثورة ايران اسلامية لاهى شرقية ، ولا غربية . ولكن واضح على مدار الشهور الماضية حتى الآن أن العلاقات السياسية والاقتصادية ليست متوازنة بين الشرق والغرب ، بل مائلة فى أغلبيتها الساحقة نحو الغرب الاستعماري! وهنا نأتى لحادث احتجاز الطاقم الدبلوماسى الامريكي فى سفارة طهران ، لا شك ان ايران كانت ستحتج فى كل الاحوال ، لو ذهب الشاه الى أمريكا للعلاج أو لغيره ولكن لم يكن من الحتمى أن يتخذ الاحتجاج هذا الطابع والشكل ، لو كانت الظروف فى ايران أكثر استقرارا ، وهدوءا، من وجهة نظر النظام الاسلامي الجديد . لقد اتضح للخمينى انه لم يستطيع أن يلف ورائه ، كل الشعب تقريبا الا فى مطلب واحد ، وهدف واحد ، كان الخمينى يسعى اليه بالفعل ، وهو سقوط الشاه ، ولكن بعد سقوط الشاه ، أخذ يتضح له أكثر فأكثر ، ان الشعب بدأ ينقسم من حوله ، وانه عاجز عن رفع راية ، شعار واحد ، يلف حوله الشعب الايرانى ، وبكل طبقاته وقومياته ، وكانت المطالبة بعودة الشاه فرصة نادرة لا يمكن تعويضها ، فجرتها تحت قيادته واشرافه ، عملية احتلال السفارة الامريكية ، ورفع مطلب استعادة الشاه لمحاكمته . ولا شك ان استعادة الشاه ومحاكمته مطلب مشروع للشعب الايرانى، لا يجب ان يتنازل عنه ، ولكن الخمينى ، الذى يدرك على الأغلب ان الولايات المتحدة لن تستغنى عن هيبتها الدولية بالرضوخ لهذا المطلب ، كان يود أن يوظف هذا المطلب بالذات ، والذى يمس الرمز البغيض الذى استطاع ان يوحد الشعب حوله فى مواجهته ، كي يجدد الدورة الدموية " للثورة الاسلامية " ، والنظام " الاسلامي الجديد" ، داعيا الى الوحدة الوطنية ، متخذا من تلك المعركة ستارا لتقديم عدد من التنازلات الجزئية الاجبارية ازاء مطالب القوميات ، والطبقات الشعبية ، بدعوى التوحد فى مواجهة الامبريالية ، وكان من الضرورى ان يكون من الاهداف الواضحة له أيضا فى تلك الغارة ، نفخ الروح فى زعامته الروحية المغتربة التى أهانتها المعارضة من كل شاكلة وطراز . ولكن الولايات المتحدة التى تعرضت لخسارة عظيمة بسقوط الشاه وبالأخص من حيث كونه حامى حمى أكبر بحيرة بترول فى العالم، لم يعد بمقدورها أن تترك هيبتها وسمعتها ، تتعرض لضربة جديدة موجهة اليها مباشرة ، فهى وان كانت اتبعت تاكتيك" الصبر والصمت" لاستعادة النظام الايرانى الجديد الى حظيرتها تدريجيا ، لا يمكن أن تسمح بهذه الاهانة المباشرة ، بل على العكس لتنتهز الفرصة ، كي ترغى وتزبد، وتؤكد انها ليست " نمرا من ورق" وتحرك الاسطول السادس والسابع (21 قطعة منهما ) ليس لتهديد ايران فحسب ، بل لاستعراض القوة أمام كل شعوب تلك المنطقة الاستراتيجية ، ومما له مغزى ان التصعيد فى المجال الاقتصادي والعسكرى جاء من قبل الولايات المتحدة فهى التى قاطعت البترول الايراني ، وجمدت الأموال الايرانية للرد على ذلك برفض استخدام الدولار فى تسويق البترول ، وبالأخص فانها ستطرح ذلك على منظمة أوبك التى سترفض هذا المطلب على الأغلب . وبالتأكيد فان تراجع الخمينى ، بالافراج عن الرهائن سيبعد شبح الاعمال العسكرية الأمريكية ، وبدون ذلك لايمكن التهوين من احتمال القوة العسكرية الضخمة التى تحركت بالفعل الى الخليج ، للقيام بعملية عسكرية انتقامية ( مع استبعاد الاحتلال والانزال الشامل بالطبع) ، وبالتالي فان واجبنا والقوى الثورية العربية ( بعيدا عن شكليات القانون الدولى والأعراف الدبلوماسية ) أن نتضامن وندعم الشعب الايراني فى مواجهة البغى والعدوان الأمريكي ، فى مواجهة التهديدات الجدية باستخدام القوة ، فلا شك أن الاساطيل الامريكية لا تتحرك من أجل 52 رهينة ، ولكن من أجل تثبيت الهيمنة الامريكية ، والدفاع عن المصالح الامبريالية في المنطقة ، ولكن يجب أن نفصل هذا الموقف المبدئى التضامنى الكفاحى ، مع الشعب الايرانى ضد التهديدات الامبريالية التى تستغل الذرائع المباشرة لارهاب الشعوب ( بعد انتهاء عهد البوارج لو استخدمت تعبيرات الاستعماري : كيسنجر) يجب أن نفصل بين ذلك وبين دعوة الشعب الايراني ، وبشكل مستمر ، للانفصال عن قيادة الخمينى والسلطة الحاكمة ، للاستقلال عنها فى معركة الاستقلال الوطنى ، ومعركة الحريات الديمقراطية ، من أجل تحقيق الانتصار الناجز وبالتالي فان العداء المتماسك للامبريالية ، وممارسة هذا العداء لا يمكن أن يكون مساحته الرئيسية ( رهائن دبلوماسيين حتى لو كانوا من عملاء المخابرات) ، ولا يمكن أن تكون ساحته الرئيسية ( محاكمة الشاه الشكلية ) لأن الشعب قد أصدر حكمه النهائى على الشاه باسقاطه ! أما المناهضة الوطنية المتماسكة للاستعمار الغربي ، والامريكي بشكل خاص ، فتكون بسحب الأرصدة من البنوك الغربية قبل أن تتجمد ، بترسيخ دعائم الاستقلال الاقتصادي ، ويربط عملية بيع البترول بالمصلحة الوطنية ، واستبدال أوسع العلاقات الاقتصادية مع البلدان الرأسمالية الغربية ، بأوسع علاقات مع المعسكر الاشتراكي ، بضرب المصالح الامبريالية واجتثاثها ، بكل جنسياتها ، من الاراضي الايرانية ، بضرب الشرائح البرجوازية العميلة المرتبطة بالرأسمالية العالمية ، ورموزها السياسية ... الخ ، وان يتم كل ذلك على قاعدة أوسع انفتاح ديمقراطي على الطبقات الشعبية ، واستنادا لتطبيق حق تقرير المصير للقوميات المضطهدة غير الفارسية ، واذا كانت هذه الشعارات هى مضمون الجمهورية الديمقراطية الحقيقية ، فان الشعب الايراني يمكنة بنضاله العنيد أن يفرض الجمهورية الديمقراطية رغم أنف آيات الله وغيرهم من الحكام ، وبالرغم من الدستور اللاديمقراطي الذى تم اقراره منذ يومين ، وان كل ذلك لن يتم الا بقيام الطلائع الثورية حقا للشعب الايرانى ، بلف قطاعات جماهيرية متزايدة حولها وفق برنامج وطنى ديمقراطي حقيقى ، وبالانفصال عن البرنامج الخمينى . ولاشك أن المعركة التى فجرها الخمينى حول مطلب استعادة الشاه ، انما هى سلاح ذو حدين ( من وجهة نظر المصالح الطبقية التى يمثلها ) ، لان استطالة هذه الازمة يضع مظلة لأوسع نشاط ديمقراطي ، وشعبى ، لا يمكن للخمينى فى نهاية الأمر أن يستمر فى المحافظة عليه تحت عبائته. تسقط التهديدات الامريكية للشعب الايراني ... عاش نضال الشعب الايراني من أجل الجمهورية الديمقراطية
#سعيد_العليمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى إزاء المضمون الطبقى للثورة ال
...
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى عند اندلاع الثورة الإيرانية
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من الفتن الطائفية فى عهد السا
...
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من الجماعات الاسلامية
-
حزب العمال الشيوعى المصرى ونقد فكرة التحالف مع الاخوان المسل
...
-
بيان المكتب السياسي لحزب العمال الشيوعى المصرى حول انتفاضة 1
...
-
سلطة البورجوازية البيروقراطية فى مصر واشباح الانتفاضة الشعبي
...
-
حزب العمال الشيوعى المصرى وذكرى انتفاضة 18 - 19 يناير 1977 و
...
-
10 اعوام من النضال الثورى المتواصل 8 ديسمبر 1969 - 8 ديسمبر
...
-
الفهم الثورى لقضية وحدة الشيوعيين في مصر - حزب العمال الشيوع
...
-
حزب العمال الشيوعى المصرى فى مرآة الصحافة البورجوازية والتحر
...
-
نقد مسألة التحالفات من منظور حزب العمال الشيوعى المصرى
-
موقف من وحدة الحركة الشيوعية المصرية - حزب العمال الشيوعى ال
...
-
الإنتفاض جريدة حزب العمال الشيوعى المصرى – طبعة الخارج الثل
...
-
موقف من وجهة النظر القائلة بسلطة البورجوازية الصغيرة فى مصر
...
-
موقف من مهمات النضال الفلسطينى - شيوعى مصرى - حزب العمال الش
...
-
فى ذكرى تأسيس حزب العمال الشيوعى المصرى - 8 ديسمبر 1969
-
الاتحاد السوفييتى فى مرآة الدستور الجديد - ليون تروتسكى
-
حول مسودة دستور اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية - جوزي
...
-
حول مسودة دستور اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية - جوزي
...
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|