|
أديب في الجنة (35) * الوجود مادة وطاقة لا تنفصلان !
محمود شاهين
روائي
(Mahmoud Shahin)
الحوار المتمدن-العدد: 5053 - 2016 / 1 / 23 - 12:07
المحور:
الادب والفن
أديب في الجنة (35) * الوجود مادة وطاقة لا تنفصلان ! في حفل عشاء هادئ على متن المركبة الفضائية وبحضور الملكة نور السماء سأل الملك لقمان أمنية العقل : - ماذا عن التكاثر لديكم هل أبقيتم على المؤسسة الزوجية ؟ - طرحت بعض الجماعات الثقافية فكرة الغاء المؤسسة الزوجية غير أنها لم تنجح في التصويت حين تم طرحها على أمم الكوكب ، فبقيت إلى جانب أشكال أخرى من العلاقات الإجتماعية فالإنجاب دون زواج معترف به . ويمكن القول أننا لا نتدخل في حرية الإنسان في جسده ، فهي حق له ، لدينا علاقات مثلية مثلا ،ولدينا صديقتان لرجل واحد خلال فترة ما قد تطول أو تقصر ! - معقول ؟ - حالات شبه نادرة . لا يمكن منع امرأة من أن تحب رجلا لديه زوجة أو صديقة ، شريطة موافقة الزوجة أو الصديقة ! - وماذا عن العكس ، رجلان معا في حياة امرأة ؟ - غير ممنوع أيضا لكني لم أسمع عن علاقة من هذا النوع. لكن يوجد نساء يحببن تغيير الرجال بين فترة وأخرى ، فثمة نساء قد يعرفن في حياتهن عشرات الرجال ،كما هي الحال مع الرجال ، الذين يغيرون نساءهم دائما . - وماذا عن سهرات إباحية مثلا ؟ - قد تحدث لكن بشكل نادر وخاصة في بداية الشباب . توقف الملك للحظات عن طرح الأسئلة ثم طلب إلى منية العقل أن تتحدث عن الكوكب كما تشاء . قالت : - التعليم عندنا مجاني في كافة مراحلة . نخصص موازنة جيدة للأبحاث العلمية . لا يوجد عندنا فقر . نظامنا الإقتصادي يحض على التعاون الجماعي والحد من الثراء بزيادة الضرائب على الأثرياء . الدولة تتولى أهم المشاريع الإقتصادية . الضمان الصحي من المهد إلى اللحد مجاني لكل إنسان . قطعنا شوطا جيدا في التقدم العلمي . الثقافة عندنا مزدهرة في كافة أنواع الفنون والآداب . النظام الصحي الجيد أدى إلى رفع معدل عمر الإنسان إلى 120 سنة . ليس لدينا جيش . وليس لدينا أجهزة مخابرات تلاحق الناس. لدينا جهاز شرطة . المواصلات لدينا رخيصة جدا . الملكية الخاصة محدودة . ليس هناك من لديه قصر مثلا ، أو مجموعة شركات . ثمة اكتفاء ذاتي لدينا في كل شيئ ،ولدينا احتياطي في مواد كثيرة فائضة عن الحاجة . - لماذا ألغيتم وجود جيش مثلا ؟ - وما حاجتنا إلى جيش ودول الكوكب متحدة ؟ - ماذا لو غزا كوكبكم كوكب آخر ؟ - المسألة لن تكون سهلة على الغازي فالوصول إلى كوكبنا يحتاج إلى قدرا ت خارقة كتلك التي تملكونها جلالتكم . صمت الملك . رفعت الملكة نور السماء كأسها لتشرب نخب الملك والرئيسة منبهة بذلك إلى وجودها السلبي في الحوارات الدائرة بين الملك والرئيسة . لكن يبدو أنها قررت المشاركة ، فما أن قرعت الكؤوس حتى هتفت : - تظل مسألة الموت تشكل قلقا لدى الإنسان ،فأن يكون الموت نهاية المطاف دون أن يكون له دور في تجدد الحياة واستمرارها، يزيد من قلق الإنسان . فكيف عالجتم هذه المسألة الروحية ،إذا جاز التعبير ؟ أطرقت الرئيسة قليلا وما لبثت أن هتفت : - الروح حسب مفهومنا هي الحياة . وموت الإنسان يعني توقف الطاقة الحيوية عن السريان في مختلف أعضاء الجسم ، وبالتالي توقف الأعضاء عن العمل. والعكس صحيح أيضا أي أن توقف الأعضاء توقف لسريان الطاقة في الجسم المادى والأعضاء المادية ، دون أن يعني هذا نهاية الطاقة في الوجود ، فهي موجودة في كل مكان . وفي الوقت نفسه لا يعني الموت نهاية المادة فهي موجودة في الجسد الميت وفي كل مكان أيضا، لكن دون فعل أدواتها الممثلة في أعضاء الجسم . وبتحلل مادة الجسد في التربة وإعادتها إلى عناصرها الأولية يغني التربة دون شك كما تغني الطاقة الخارجة من الجسم الطاقة الكونية السارية في الكون . وهذا يعني أن الإنسان لدينا يدرك أن موته هو مشاركة ضرورية في تجدد الحياة واستمرارها . والمشكلة إذا كان هناك مشكلة تكمن في الإجابة عن التساؤل : هل يشعر المرء بوجوده المادي الطاقوي بعد الموت ،وهل هذا الوجود هو وجود طبيعي ( نتاج الطبيعة ) أم أنه وجود إلهي خارق للطبيعة ؟ وهذا مايشغل عقل الملك لقمان الذي يحبذ أن تكون المسألة متعلقة بألوهة ما تجسدها المادة بشكليها المادي والطاقوي. أما نحن فعلمنا تجاوز هذه النقطة بانتفاء الألوهة والإبقاء على فعل الطبيعة . وقد أثبت علماء فيزياء الكم عندنا أنه لا يوجد جزيء في الطبيعة منفصل عن آخر، فانطلاق جسمين في اتجاهين متعاكسين وحدوث تغييرفي وضع أحدهما يؤدي إلى تغيير فوري في وضع الآخرحتى لو كان يفصل بينهما آلاف السنين الضوئية. إنه اكتشاف مذهل في عالم الفيزياء الكمومية . الإنسان عندنا بات يدرك تماما أن لوجوده غاية وهي بناء الحضارة وتحقيق قيم الخير والجمال . ويدرك أن خلوده الحقيقي يكمن في عمله . ويدرك أنه ينبغي أن يعيش الحياة بأجمل ما يمكن أن تعاش ، ولا تقلقه مسألة الشعور بوجوده بعد الموت ، غير أنه لن يمانع في ذلك إذا ما تم . المشكلة أنه لم يعد أحد من الموت ليقول لنا ماذا حدث معه أو ماذا شعر ،وهل كان يحس بوجوده مهما كان ؟ وهل عاد هو نفسه إلى الحياة وذهب إلى جنة عاشر فيها حوريات يقمن تحت عرش الإله ؟! وحتى الملك لقمان يضع مسألة الألوهة ضمن دائرة الإحتمال دون أن يجزم بوجودها . وإذا كنا قد جزمنا وحسمنا المسألة لعدم وجود أي دليل علمي أو حتى منطقي يثبت وجودها ، بغض النظر إن وجدت قبل كل ما هو مادي ،أو وجدت فيما بعد من المادة حسب وجهة نظر الملك لقمان الإحتمالية . كانت إجابة الرئيسة أمنية العقل مقنعة إلى حد كبير للملكة نور السماء . فشكرتها وأثنت على طرحها ، دون أن تتخلص تماما من الشعور بالغيرة رغم إدراكها أن أي نوع من الغرام لم ينشأ بين الملك والرئيسة . وأراد الملك لقمان أن يضفي بعض الجمال على الجلسة ، فغير الموسيقى المنبعثة إلى موسيقى راقصة وظهرت ثلاث فتيات خارقات الجمال شرعن في الرقص على إيقاعها . هتفت الرئيسة : - تعجبني قدرات جلالتك الخارقة حين تنقلنا خلال لحظة من الواقع إلى الخيال ! - يا عزيزتي إذا كان هناك إله قبل أو بعد الوجود المادي فإن الخلق كله قد لا يكون إلا نتاج خياله ، ونأمل أن لا يتوقف يوما عن التخيل لينتفي بذلك وجودنا . ضحكت الرئيسة وأضافت : - بعض متصوفتنا في الزمن القديم أدلو بمثل هذا الفكر . واعتبروا أن الوجود افتراضي ، وأن الوجود الحقيقي هو لله وحده ،وحين يتوقف الله عن خياله الإفتراضي سينتفي وجودنا كما تفضلت . - وهناك من ذهب عندنا إلى أن الله أراد أن يظهر وجوده من الخفاء إلى العلن ليرى نفسه ويتمتع بوجوده فأظهرالوجود .ولهذا يعتبر بعض المتصوفة أن الله هو الوجود والوجود هو الله . ولا شك أن هذا الفكر جميل كونه يصب في مفهوم وحدة الوجود . - لكن ما المقصود بالخفاء أو الوجود الخفي ؟ - ما يبدو لي أنه الصورة المتخيلة للوجود في الخيال الإلهي ! غير أن بعض الكتب الدينية لدينا في كوكب الأرض تشير إلى أن الله لم ير حسن خلقه إلا بعد أن خلقه ،مما يشير إلى أنه لم يكن هناك تصور مسبق للنور أو للظلام أو لشكل الإنسان والكائنات في المخيلة الإلهية . غير أن هذا الدين كان دينا بدائيا نتاج عقل بدائي ،والمؤسف أن أكثر من مليار من البشر يتبعون هذا الدين في كوكبنا ! - يفترض أنه لا يمكن إيجاد شيء دون أن يكون هناك تصور مسبق له في المخيلة ، حتى لو كان تصورا غير مكتمل . اصطخبت الموسيقى . ودخل الملك شمنهور برفقة ربة الجمال وأستير ونسمة وزوجها وشرعوا في الرقص ،ما دفع الملك والرئيسة والملكة إلى النهوض والمشاركة في الرقص. ***** يتبع
#محمود_شاهين (هاشتاغ)
Mahmoud_Shahin#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أديب في الجنة (34) *مستقبل كوكب الأرض لا يبشر بالخير !
-
* أديب في الجنة (33) * بشر يتعبدون لأنفسهم دون أن يدروا !!
-
أديب في الجنة (32) * الألوهة في الإنسان ،والإنسان في الألوهة
...
-
أديب في الجنة (31) * تجليات الحب على الأرض وفي السماء!
-
أديب في الجنة (30) * حوارات فلسفية على موائد سماوية وراقصات
...
-
أديب في الجنة (29) * الوجود بين منطق العقل ومنطق الأسطورة !
-
أديب في الجنة (28) *الملك لقمان في كوكب الملحدين !
-
أديب في الجنة (27) - نسمة الغدير- ترحل إلى السماء!
-
أديب في الجنة 26 * روض شمنهوري يفوق الخيال!
-
أديب في الجنة 25 * الرحيل إلى الخلود الأبدي في حفل بهيج !
-
أديب في الجنة 24 * حب بلا شروط وأمهات منجبات !
-
القدس تاريخيا بين منطق العقل ومنطق الجهل والخرافة !*
-
أديب في الجنة 23 كوكب الحب والجنون والأحلام !
-
أديب في الجنة (22) الوجود تحقق خيال !
-
أديب في الجنة (21) فصل الختام في رحلة الملك لقمان الفضائية ا
...
-
أديب في الجنة (20) * البشر والجن على موائد الله !!
-
أديب في الجنة (19) * فرحة الأمم بالمحبة والسلام !
-
أديب في الجنة (18) * دولة النساء الديمقراطية العلمانية !
-
أديب في الجنة (17)غلمان الخليفة وحلم الملك لقمان بدولة تحكمه
...
-
الجنون في الأدب !
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|