هيثم خوري
الحوار المتمدن-العدد: 5051 - 2016 / 1 / 21 - 21:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
استطاعت الولايات المتحدة، عبر الموافقات الغامضة والأفعال المتناقضة، جر روسيا إلى أتون الحرب السورية، مستغلة اندفاع بوتين ليعيد لروسيا أمجادها الامبراطورية. انزلق بوتين بعنجهية وكبرياء في المستنقع السوري، مظهراً اتفاقات الذل التي وقعها الوريث القاصر مع روسيا، معتقداً أنه بذلك سيفرض شروطه التفاوضية، بعدم القبول بوفد تفاوضي فيه ممثلين عن الفصائل المسلحة، وبالأخص جيش الاسلام وأحرار الشام. فردت عليه الهيئة التفاوضية العليا بأن عينت العميد أسعد الزعبي رئيساً للوفد، ورئيس المكتب السياسي في جيش الإسلام محمد علوش كبيراً للمفاوضين، وكأنها ترفع بأصبعها الوسطى في وجه الاعتراضات الروسية.
تأكدوا أن جنيف 3 سيُعقد، ولكن لن يكون فيه مفاوضات حقيقية، بل سيكون لعبة تذاكي، يحاول فيه النظام وروسيا ممارسة الضغوط النفسية والمعنوية على فريق المعارضة، وجره ليقع في المطبات، ويحاول فريق المعارضة التماسك أمام هذه الضغوط النفسية، وتفادي الأفخاخ، والرد على العنجهية الروسية بالإستهزاء بها لتحطيمها.
فأي مؤتمر سلام لا يبتدأ بوقف إطلاق النار، فهو لا يعبر عن رغبة الأطراف الرافضة لوقف إطلاق النار بالسلام. وأي مؤتمر يبحث عن حل سياسي، ويتم التمهيد له بألاعيب تذاكي، يعبر عن عدم جدية الجهات المتذاكية في الوصول إلى سلام.
استطاعت الولايات المتحدة جر روسيا لتكون طرفاً رئيساً في الحرب السورية، فلم تعد الحرب السياسية والعسكرية تدور بين المعارضة والنظام، بل أصبحت بين روسيا والمعارضة السورية (ومن ورائها قوىً إقليمية ودولية)، ابتدأت روسيا تغرق في المستنقع السوري، بفعل عنجهية بوتين التي تعمي بصيرته، وطموحاته الإمبريالية الغير متوافقة مع العصر، وأيضاً خبث الإدارة الأمريكية، وانتهاجها سياسة لعب دور شرطي المرور، الذي يعطي اشارات متناقضة للعربات السائرة، لتصطدم جميعهاً بجميعها، فتدب فيها النيران، وليأتي لاحقاَ ليعلب دور الإطفائي. وهذه سياسة لن يغيرها تبدل الإدارات الأمريكية، لأنها سياسة استراتيجية جديدة ستتبعها الولايات المتحدة لأجل غير مسمى.
للأسف كل هذا سينعكس على الحرب السورية التي ستمتد على الأقل لسنتين أخريتين، وسيشتد سعيرها، لتُنهي على ما تبقى من المدن السورية وخصوصاً دمشق والساحل، ولكن في نهايتها سيخرج الروس وهم صاغرون.
#هيثم_خوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟