أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - التعريب .. خطوتان إلي الأمام














المزيد.....

التعريب .. خطوتان إلي الأمام


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 5051 - 2016 / 1 / 21 - 13:37
المحور: الادب والفن
    


لدي الروس مثل يقول:"إذا عشقت اعشق ملكة وإذا سرقت اسرق مليون"، وإن أنت ترجمت المثل إلي ما يطابقه في المعنى عندنا فستقول:" إن عشقت اعشق قمر وإن سرقت اسرق جمل"، وبذلك ترتكب خطأ فاحشا، لأن الترجمة تقتضي أن تنقل معايير ذلك المجتمع الآخر التي يقيس بها الثروة وهي الأموال وليس الجمال والبعير، وبهذا الخطأ تكون قد تجاوزت الترجمة إلي التعريب أي إلي التأليف تقريبا. وقد سبقت الترجمة مرحلة طويلة من التعريب أطلق فيها المترجمون المعربون الحرية لخيالهم وأقلامهم تعديلا وإضافة وتحويرا وحذفا. في ثلاثينات القرن الماضي- وكان الناس يتشوقون لأدب مترجم- انتشرت سلسلة قصص من ترجمة حافظ نجيب، كان بطلها لص جرئ اسمه"جونسون" ولاقت رواجا وبيعت بأعداد كبيرة. إلا أن حافظ نجيب وجد نفسه في مأزق عندما انتهت القصة الأخيرة بموت البطل" جونسون" مصدر رزق المعرب، ولم يطل التفكير فاخترع على الفور لذلك اللص إبنا مغامرا جريئا مثل المرحوم والده، وراح نجيب ينشر من تأليفه سلسلة جديدة كأنما مترجمة بعنوان " إبن جونسون"! ويحكي نجيب محفوظ عن قراءاته الأدبية الأولى للأدب المترجم فيقول :"كانوا يترجمون مع تصرف، فيصح مثلا أن يكتب المترجم في منتصف قصة فرنسية حديثا نبويا شريفا! وكنت حينها أصدق ذلك وأقول لنفسي:"ياسلام..الكاتب الفرنسي الكبير جي دي موباسان عارف الرسول ويستشهد به"! أما الكاتب المجيد طانيوس أفندي عبده (1869-1926) وهو أديب وصحفي وروائي ومترجم لبناني من رعيل التنوير الأول في مصر، فقد ترجم عام1897 مسرحية" هاملت" لشكسبير لتقديمها على المسرح، وطبعها عام 1902، وعند عرض المسرحية استوقفه غضب الجمهور من الظلم الذي حاق بهاملت، فعدل نهاية المسرحية بحيث يواصل هاملت حياته ويرتقي العرش استجابة لنداء الجمهور بضرورة انتصار الحق وإنصاف المظلومين! وبذلك"التعريب" يمكن القول إن طانيوس عبده– وهو مجرد " أفندي"– شطب على نهاية مسرحية هاملت ومسح بكرامة"شكسبير بك"الأرض وألف للعمل نهاية أخرى. لهذا اعتبرت أن أول ترجمة معتمدة لهاملت هي تلك التي قام بها الشاعر خليل مطران لاحقا. أما أشهر المعربين في الثقافة المصرية فهو مصطفى لطفي المنفلوطي الذي لم يكن يعرف حرفا من اللغة الفرنسية ومع ذلك عرب عشرات الأعمال الفرنسية! وكان يأتي بمن يترجمون له النص الفرنسي ويقوم بصياغته بالعربية ويحشد للذوق الشرقي في الصياغة أكبر قدر ممكن من العصافير والبلابل والدموع وأوراق الخريف التي لاعلاقة للمؤلف بها. هكذا صاغ رواية " بول وفرجيني" وجعل عنوانها"الفضيلة"، أما رواية " تحت ظلال الزيزفون" فانقلبت عنده إلي " مجدولين"وهكذا. ومن أطرف وقائع التعريب أن مترجما عربيا عكف على ترجمة كتاب لينين زعيم البلاشفة وعنوانه"خطوة للأمام .. خطوتان للخلف". وبحسبة بسيطة اتضج للمترجم أن الناتج النهائي عن تلك الخطوات هو تقهقر المجتمع! ولا يعقل أن يكون لينين التقدمي داعية للتراجع! الأرجح أن أحدا دس هذا العنوان الرجعي على لينين! هكذا قرر المترجم أن يصبح العنوان:" خطوتان للأمام .. خطوة للخلف"، وبه صدر الكتاب بعد حذف خطوة من التقهقر واضافتها لصالح التقدم! وعندما انحسرت حركة التعريب لتفسح المجال للترجمة ظهرت أسئلة أخرى جديدة وعويصة أيضا: ماذا نترجم؟ كيف نترجم؟ لمن نترجم؟
***
د. أحمد الخميسي. كاتب مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدفتر الكبير .. فن الكراهية
- عيد ميلاد شيماء الصباغ
- وثائق التمويل الأجنبي السري لمنظمات مصرية
- من أجل حريةالصحفيين
- يوم اللغة العربية .. هل أننا نقول ما لانفهمه ؟
- من يربح الستة عشر مليار جنيه ؟
- إدوار الخراط .. يغيب المغني وتبقى الأغنية
- حقيقة سفيتلانا ألكسيفتش وجائزة نوبل
- أشرف فياض .. إعدام شاعر
- بيت سيد درويش حظيرة ماعز !
- طه حسين .. العاشق ابن البلد
- الشرم وباريس تخويف أوروبا
- في ذكرى ميلاد والدي
- التعليم المصري يضع صفرا لتوفيق الحكيم !
- حافة ذاكرة
- ملاحظات كاتب قصة - الأدب واللغة -
- وداعا .. جمال الغيطاني
- روح الضباب - قصة قصيرة
- تعميد الوحدة الوطنية في حرب أكتوبر
- السينما زمن الطربوش


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - التعريب .. خطوتان إلي الأمام