أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق البلادي - تحية لثورة الياسمين !















المزيد.....

تحية لثورة الياسمين !


صادق البلادي

الحوار المتمدن-العدد: 5050 - 2016 / 1 / 20 - 21:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




خمسة أعوام إكتملت منذ أن قام الشاب التونسي محمد بوعزوز بحرق نفسه بعد أن لم يعد يستطيع تحمل العيش في هوان ، بلغ ذروته بالنسبة اليه بإهانة كرامته على يد شرطية صفعته، فأحرق نفسه إحتجاجا على هذه الإهانة ، وماكان يدري أن هذا الفعل سيصبح شرارة لثورة الياسمين ، التي أصبحت فاتحة للربيع العربي. لآ أعتقد أن هذا الشاب كان قد سمع اسم الشاعر الشيوعي التركي ناظم حكمت ، ذلك الشاعر الذي كان شباب العالم في الخمسينات يرددون من شعره في كل أنحاء العالم :

إذا لم أحترق أنا

وإذا لم تحترق أنت

وإذا لم نحترق نحن

فمن أين يأتي النور الذي يبدد الظلمات؟

قد تكون هذه الفكرة التحريضية الى النضال ،و التي صاغها ناظم حكمت شعرا، قد خطرت تلك اللحظة ببال هذا الشاب ، فجعلها بدل الشعر فعلا ، فأحرق نفسه أمام دار البلدية.

إنتصار الشعب التونسي يوم ذاك أكد مرة أخرى أن الناس إن استيقظوا من غفلتهم، التي يوقعهم فيها وعاظ السلاطين و مثقفو السلطة، وإن بِصَمْتِهم عن الظلم والعسف، نعم إن استيقظ الناس، و سواء أَحَرَّكهم النُزُوع الى الحرية أو تفاقمُ الحاجة ، أو تنامي الوعي بأنهم على حق وعازمون على إستعادة كرامتهم المسلوبة تتفجر آنذاك قوتهم برا كينا وسيلا يجرف الطغاة إن رفضوا ، ويتركهم يذوون في مزابل مع خَضراوات الدِمن.

وتلتها مصر العروبة وتجاوب معها الواعون من شعب العراق تضامنا و تعاطفا، إذ لا بد أن ما يحدث فيها سيكون له التأثير الكبير في إستنهاض قوى التحرر العربي لتتخلص من حكامها الفاسدين ، المستبدين ، ومن الهيمنة الإمبريالية ، ولا تبقى تستورد بمليارات الدولارات أكداس السلاح ، التي لا ينتفع منها غير تُجار الموت وعاقدي الصفقات، مهما علت أصواتهم بالصراخ أنها للدفاع عن الوطن وإستقلاله، فأي كذب صارخ تفضحه الأراضي، والمياه، والأجواء العربية المفتوحة من الخليج الى المحيط، و الميادين المكشوفة والآمنة لغطرسة القوات الأمريكية والإسرائيلية، لعملاء السي آي أي و الموساد وغيرهما.



مع ثورة الياسمين في تونس ، وبخاصة بعد نجاح حركة 25 يناير السلمية في مصر ، عادت رياح التغيير تهب في العالم العربي، وبدأت الروح تدب فيما تُوِهم أنه قد بات جرحا ميتا لا يحس بما يجري في العالم من تغييرات. وفي خلال تلك الأيام والأسابيع كنا شهودا على تدخلات الأمم المتحدة والدول الغربية عبر تصريحات مسؤوليها وسياسييها منددة بإستخدام العنف المفرط ضد المتظاهرين و المعتصمين في شوارع وساحات تونس ومصر، حيث صار ميدان التحرير، بما فيه من رمز التحرر، راية وعلما لهذا الحراك الشديد ، ذي الزخم القوي، ولكنه رغم ذلك ليس بالعنفي. وبعد هذا امتدت رياح المطالبة بالتغيير لتصل الى اليمن وليبيا والأردن والبحرين والعراق، والتمعت نذرها في الجزائر والمغرب وحتى في السعودية.، وبعدها اشتعلت في سوريا البعث. وأصبح ميدان التحرير رمزا للتغيير في العالم. فقد دعا تنظيم أمريكي الى التظاهر في بلازا الحرية في واشنطن ، واعتبارها ميدان التحرير في واشنطن.

بعد أن انتهت الحرب العالمية الثانية بالقضاء على الفاشية ، ومعها اشتد الأمل في إقامة نظام عالمي جديد يسوده السلام وتتحقق فيه الديمقراطية وحقوق الإنسان. واعتمادا على الإتفاقيات بين قادة الدول الكبرى المساهمة في الحرب ، وإلإعلانات الصادرة عنها ، تم إقامة منظمة الأمم المتحدة ، مع أخذ دروس عصبة الأمم بنظر الأعتبار. وبصدور ميثاق هيئة الأمم المتحدة بشكله الديمقراطي، الذي يضمن حقوق حتى الأمم المُستعمَرة والصغيرة ، حيث أكدت الديباجة الإيمان بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية، وأكدت ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن " من الأساسي أن تتمتع حقوق الإنسان بحماية النظام القانوني إذا أريد للبشر ألا يضطروا آخر الأمر إلى اللجوء الى التمرد على الطغيان والاضطهاد،" ، كما و جرى تثبيت مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء، وهو ما كان ضمانا قانونيا للدول الصغرى ضد تدخل الدول الإستعمارية في شؤونها، إلا أنه كأي مبدأ يمكن إساءة إستغلاله ، وتسعى الدول المتضررة منه الى عرقلة تطبيقه. ، كما استفاد الحكام المستبدون إلمنتهجون سياسة ضد شعوبهم من هذا المبدأ ، مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ، والذي نص عليه الميثاق في الفقرة 7 من المادة الأولى ، ولكن وُضِع له إستثناء واحد وذلك في حالة تطبيق تدابير قمع صادرة وفق الفصل السابع من الميثاق، والخاصة بقرارات يتخذها مجلس الأمن عند حدوث تهديد أو خرق للأمن والسلم الدوليين.وبصدور القرار 688 عام 1991 لكفالة حقوق الإنسان في العراق شُّرِّع مبدأ التدخل الإنساني.

وجرى التأكيد على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية في المواثيق و الاتفاقيات الدولية اللاحقة، وأكدت عليه بشكل خاص دول العالم الثالث ، التي تحررت من السيطرة الكولونيالية، سواء دول باندونغ أو دول عدم الأنحياز فيما بعد. لقد جرى إقرار هذا المبدأ في ميثاق الأمم المتحدةـ وتمت صياغته في ظروف تكون رأي عام ديمقراطي عالمي واسع وكبير، أوربيا وعالميا، خلال سنوات النضال المشترك، والتحالف العالمي ضد الفاشية أثناء الحرب العالمية الثانية ، في سبيل السلام و الديمقراطية ، وكان هذا قبل تفكك التحالف المناهض للفاشية فنشوب الحرب الباردة، وتسعيرها في الصراعات داخل الدول عبر تقديم المساعدات والإٍسناد لهذا الطرف أوذاك ، وحتى إشعال مواقد لحروب وكالة عن المعسكرين ،وكل صار يرغب في تقوية و ضمانة مصالحه، وإن باسم التضامن و مساندة الشعوب في نضالاتها من جانب المعسكر الإشتراكي ، أو باسم مساعدة الدول أمام الخطر الشيوعي من جانب معسكر الإمبريالية.

لقد شكل تثبيت هذا المبدأ خطوة هامة نحو تحرر الشعوب المستعمرة والتابعة وتخلصها من السيطرة الإستعمارية والإمبريالية، وساعد الشعوب على نيل إستقلالها، ودافعت الدول المستقلة حديثا و حركات التحرر الوطني عن هذا المبدأ من أجل تثبيت حقها في إختيار نهج تطورها اللاحق، وفي أنتهاج سياسة خارجية مستقلة. وكان هذا المبدأ إنتصارا كبيرا للشعوب، وليس للدول الغربية التي كانت تستعمر شعوب آسيا وأفريقيا، وتهيمن على أمريكا اللاتينية بُقْچَتها ( الحديقة الخلفية) ، دون أن تتخلى بالطبع عن التدخل بأساليب أخرى تحاول التستر عليها.



ففعل النزوع الى الحرية، كأي فكرة، إن جرى إدراكه ، واستحوذ على عقول وقلوب الناس يتحول الى قوة مادية، الى تسونامي يجرف قوى الرجعية والاستبداد، يجرفها الى سقر وبئس المصير. والنزوع الى الحرية إن نجح يُعدي و يُغري بالمزيد من الحرية.

والعالم العربي، الذي عمل الغرب على تقسيمه وتجزئته باتفاقية سايكس –بيكو، وبإقامة الدولة العنصرية إسرائيل - لترتفع البسمة على شفاه الذين يسخرون من " نظرية المؤامرة"، فهم على عقولهم يضحكون – أخذ بعد تونس و مصر يغلي في كل بقاعه، من الجزائر الى ليبيا، الى اليمن والخليج، حيث تحرك أهل البحرين مطالبين بملكية دستورية ، وشبيبتنا في العراق استعدت ليوم الغضب في الخامس و العشرين من الشهر، الجميع يريدون مواصلة العملية السلمية للتغيير، مؤملين ألّا يرتكب الحكام جرائم جديدة، فأنظار العالم مفتوحة على ما يحدث في أقصى بقاع الأرض، وكان من الضروري ألسعي لتقديم مرتكبي جرائم العنف ضد المتظاهرين الى المحاكمة، وألّا يفلت أحد منهم من العقاب ليكونوا عبرة للذين سيحل أوان الإطاحة بهم ؟

لكن النضال لا يجري في دروب مفروشة بالرياحين ، فالقوى الرجعية ، الإمبريالية والتابعة ، ساهرة على مواقعها و مصالحها ، خبراتها في إجهاض الثورات كبيرة وغزيرة ، من إثارة الفتن ، وتفريق القوى ، وإرسال رجالها وتحريك عملائها ، وطرح شعارات تحرف الثورة عن أهدافها، كما ولديها منظماتها الدولية من مالية مثل صندوق النقد الدولي وعسكرية مثل حلف الناتو، قادرة على التدخل وفرض إرادتها ،عبر إغراقها بالديون أو التدخل العسكري ، المباشر او بالوكالة، عبر الرجعيات العربية كقطر أو السعودية ، كما حدث ويحدث في ليبيا و سوريا ، وما نجم عن ذلك من إعاقة ودمار وخراب ، وهجرة مليونية رافقتها المآسي.



تحية لثورة الياسمين في تونس والتي كرمها المجتمع الدولي بمنح جائزة نوبل للسلام العام الماضي الى تونس.

ولنتذكر على الدوام قول المنسي فهد " أن الأهداف لا تتحقق بدون تنظيمات ملائمة شعبية قوية وهذه لا تتم عندنا اليوم بدون تقوية التنظيم الحزبي."



#صادق_البلادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دعوة لإنتخاب مجلس نواب جديد
- من هيروشيما الى الحصار الى احتلال العراق
- الغاء الإتفاقية الستراتيجية طويلة الأمد
- بعد 125 عاما من قرارالإحتفال بالأول من أيار عالميا
- بذورالإشتراكية - البابا ينتقد الرأسمالية المتوحشة ، ويطالب ب ...
- في ذكرى الإنقلاب الأسود
- - يوم عراقي لحقوق الإنسان -
- انجلس وعرابي باشا و التحرر الوطني
- الصليب المعقوف يصبح نجمة داود
- العراق يفوزمجددا في عهد المالكي بذهبية اللجوءياد الدولي
- ثمانون ثمانون عاما من النضال في سبيل التحرر القومي العربي
- تحية ليوم الأول من أيار ، يوم التضامن العالمي
- شكر و امتنان
- شيوعيون من بيوتات و عوائل دينية
- الشيوعيون من تجمع في تأبينية الى تجمع للعمل؟
- آزاد أحمد ... شهيد في إجازة قطع القتلة إجازته
- كامل شياع.. بقلم كامل شياع
- من جريمة القنبلة الذرية الى احتلال العراق
- الإتفاقية الستراتيجية و الثلاثون من حزيران 1920
- نداء و مناشدة لجمع رسائل الشهيد كامل شياع


المزيد.....




- موزة ملصقة على حائط.. تُحقّق 6.24 مليون دولار في مزاد
- تقارير عن معارك عنيفة بجنوب لبنان.. ومصدر أمني ينفي وجود قاد ...
- قوات كييف تعترف بخسارة أكثر من 40% من الأراضي التي احتلتها ف ...
- إسرائيل تهاجم يوتيوبر مصري شهير وتوجه له اتهامات خطيرة.. وال ...
- بوليتيكو: الصين تتجاوز الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في ...
- وسائل إعلام عبرية: اختفاء إسرائيلي في الإمارات والموساد يشار ...
- غرابة الزمن وتآكل الذاكرة في أعمال عبد الله السعدي
- فوائده كثيرة .. ابدأ يومك بشرب الماء الدافئ!
- الناطق باسم -القسام- أبو عبيدة يعلن مقتل إحدى الأسيرات الإسر ...
- -تحليق مسيرة ولحظة سقوط صواريخ-.. حزب الله يعرض مشاهد استهدا ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق البلادي - تحية لثورة الياسمين !