أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس جنداري - التطرف العرقي في المغرب بين الوعي الشعبي و الإعلان الرسمي















المزيد.....

التطرف العرقي في المغرب بين الوعي الشعبي و الإعلان الرسمي


إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)


الحوار المتمدن-العدد: 5049 - 2016 / 1 / 19 - 14:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


خلال كلمته التي ألقاها في الدورة الثامنة للجامعة الشعبية التي نظمها حزب الحركة الشعبية تحت شعار: "الأمازيغية أساس قيم التنوع المناهضة للتطرف" تطرق وزير التعليم العالي و البحث العلمي و تكوين الأطر السيد لحسن الداودي لما سماه " التطرف الأمازيغي" داعيا إلى محاربة "متطرفي الأمازيغية" الذين يستغلون القضية الأمازيغية لمحاربة العربية والإسلام, و قد حذر الوزير الداودي من تَحوُّل المشكل من مشكل لغة إلى مشكل عرقي .
قبل الدخول في مناقشة هذه المداخلة، ذات الأهمية الكبيرة، لابد من إبداء ملاحظتين أساسيتين:
• أولا، لابد من الإشارة إلى الأصول الأمازيغية للسيد لحسن الداودي، مما يوحي بأن كلمته موجهة، أساسا، إلى التيار الإيديولوجي العرقي المتطرف، و ليس إلى الساكنة الأمازيغ الذين يشتركون مع إخوانهم المغاربة في رباط المواطنة.
• ثانيا، لابد من الإشارة إلى أن الكلام صادر عن مسؤول حكومي على دراية بخطورة الوضع السائد، و هو رأي لا يمكن أن يكون مخالفا لتقييم الدولة لخطورة ما يجري من استغلال للمكون الثقافي الأمازيغي في حلبة الصراع الإيديولوجي/العرقي ضد مكونات الدولة و المجتمع.
بعد هذا التوضيح، لابد من التأكيد على أن رأي السيد الداودي لا يعارض الانطباع السائد داخل الدولة و المجتمع، حول الانحراف الخطير الذي تعيشه الأطروحة الأمازيغية في المغرب، حيث تحولت من مسألة ثقافية و لغوية تهم المجتمع المغربي ككل، إلى مسألة عرقية متطرفة منغلقة على ذاتها، تبني أطروحتها على أساس إلغاء المكونات الأساسية للهوية المغربية ( العروبة-الإسلام) .
و من أجل فهم أفضل لطبيعة التحول الذي تعيشه الأطروحة الأمازيغية في المغرب، يجب الإقرار، من طرف الباحث الموضوعي، أن الأمازيغية مرت بمرحلتين أساسيتين:
• خلال المرحلة الأولى: كانت الأمازيغية مكونا ثقافيا و لغويا أساسيا داخل المنظومة الثقافية المغربية، إلى جانب العروبة و الإسلام، و لذلك فقد تشكلت الذاتية المغربية من خلال الانسجام الثقافي و اللغوي و القيمي الحاصل بين هذه المكونات.
• خلال المرحلة الثانية، تم توظيف الأمازيغية من طرف الاستعمار الفرنسي كأداة لتحقيق الفصل العرقي – و من ثم التاريخي و الجغرافي- بين سكان المغرب، و ذلك من أجل تيسير مهمة السيطرة على البلاد من منظور ( فرق تَسُد). و في هذا الصدد قامت الدراسات التاريخية و السوسيولوجية الكولونيالية بدور خطير جدا في تزوير تاريخ المغرب، عبر محاولة فصله عن عمقه العربي الإسلامي و ربطه، بشكل مباشر، بالامتداد الروماني-المسيحي، و ذلك تهييئا لبناء مشروع (فرنسا الكبرى) وريثة المجد الروماني الغابر الممتد من أوربا إلى شمال إفريقيا.
هذا التقسيم ضروري من أجل استيعاب أفضل لطبيعة الحراك الأمازيغي السائد في المغرب. فمن جهة يجب الإقرار بأن هناك حراكا أمازيغيا يستلهم البعد الوطني للأمازيغية، و يدافع عن اللغة و الثقافة الأمازيغية باعتبارهما موروثا وطنيا يجب على الدولة رعايته و إدماجه ضمن المشترك الجمعي، و هذا حراك طبيعي جدا في ظل قيم التعددية و الاختلاف التي أصبحت تؤطر الممارسة الثقافية و السياسية في المغرب.
لكن من جهة أخرى، لا يجب إغفال نوع آخر من الحراك الإيديولوجي الذي يتخذ صيغة عرقية متطرفة، و هو لا يخدم الأمازيغية كمون هوياتي وطني، و لكنه يستغل التعددية الثقافية و اللغوية السائدة داخل المجتمع من أجل خلق صراع ثقافي و قيمي يؤدي، في الأخير، إلى إنضاج مشروع عرقي يوظف نزوعات التطرف من أجل زعزعة الأمن الثقافي و القيمي داخل المجتمع المغربي.
عندما يثير الكثير من الباحثين و المسؤولين السياسيين و المدنيين مسألة التطرف العرقي، الذي أصبح واضحا للعيان، فإن المقصود بهذا التوصيف، طبعا، ليس السكان الأمازيغ من المغاربة، و ليس الفاعل الثقافي و السياسي و المدني الامازيغي الذي يستلهم البعد الوطني في الأطروحة الأمازيغية كمكون من بين مكونات الهوية الوطنية المغربية. و لكن المقصود، أساسا، هو الفاعل الإيديولوجي العرقي الذي يوظف البعد الكولونيالي في الأطروحة الأمازيغية من أجل خلق صراع موهوم بين مقومات الهوية الوطنية، و هذا الفاعل العرقي هو المسؤول الرئيسي عن التطرف العرقي الذي أصبح ينخر الجسم الهوياتي، و يهدد الأمن الثقافي و اللغوي و القيمي داخل المغرب.
من هذا المنظور، فإن إثارة مسألة التطرف العرقي، داخل المجتمع المغربي، قضية جادة يجب إعارتها كامل الاهتمام من طرف الدولة و المجتمع، و ليست مسألة ترف فكري أو موضوع مزايدة سياسية من أي طرف كان. فإذا عبر المغاربة –و ما زالوا- عن عمق وعيهم بخطورة التطرف الديني باعتباره يهدد أمنهم الروحي من خلال تنميطهم مذهبيا، فإن الأمر المطلوب، اليوم، هو فضح التطرف العرقي الذي يهدد الأمن القيمي للمغاربة، من خلال سعي المشروع العرقي إلى تنميطهم عرقيا، في تهديد واضح لقيم التعددية و الاختلاف التي طبعت تاريخ المغرب، قديما و حديثا.
و لعل ما يجب أن يعيه المغاربة، هو أن المشروع العرقي، في المغرب، جزء لا يتجزأ من المؤامرة الكبرى، التي تحيكها القوى النيوكولونيالية الكبرى للمنطقة العربية الإسلامية. فإذا كان توظيف الورقة الطائفية و المذهبية قد مكنهم من تمزيق أوصال المشرق العربي الإسلامي، فإنهم، اليوم، يوظفون الورقة العرقية من أجل تمزيق أوصال المغرب العربي الإسلامي، و هم مستعدون، في أي لحظة، لتحويل التعددية العرقية في المغرب إلى مشروع عرقي متطرف يلقى الدعم المادي و الرمزي اللامحدود، و ذلك في أفق توظيفه كورقة لابتزاز الدولة في الكثير من القضايا السياسية و الاقتصادية و الأمنية .
و هذا المشهد غير بعيد عنا، فقد نجحت الدولة الفرنسية في تحويل المشروع العرقي، في الجزائر، إلى ورقة انفصالية خطيرة جدا تهدد ببلقنة منطقة المغرب العربي كله في الأفق المنظور. و لعل القادم أسوأ لأن القوى الفرنكفونية، وكيلة الاستعمار الفرنسي، تقيم تحالفات مشبوهة مع المشروع العرقي، و ذلك في أفق تحويله إلى مشروع سياسي انفصالي، مدعوم خارجيا، يمثل المصالح الغربية، سياسيا و اقتصاديا و ثقافيا، في المغرب العربي.
و هذا المشروع طالما حلم به دهاقنة الاستعمار الفرنسي و لم يتحقق نتيجة الوعي الوطني الذي وقف سدا منيعا في مواجهة الاختراق الاستعماري الفرنسي لكنه، اليوم، يتحقق بأقل تكلفة ممكنة نتيجة تهديم قيم الوطنية المغاربية، في بعدها العربي الإسلامي، التي سادت منطقة المغرب العربي الإسلامي، لقرون، ضمن ما أطلق عليه جيوبوليتيكيا منطقة "الغرب الإسلامي" .



#إدريس_جنداري (هاشتاغ)       Driss_Jandari#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوهام المثقف العرقي .. الأساطير في مواجهة حقائق التاريخ و ثو ...
- - شعار الانفتاح اللغوي في أفق فرنسة التعليم المغربي
- اللوبي الفرنكفوني و منطق اللعب بالنار .. توظيف المؤسسة الملك ...
- المشروع الفرنكفوني في المغرب من القوة الثالثة إلى حزب التقنو ...
- الفرنكفونية إيديولوجية اليمين المتطرف
- المشروع العرقي في المغرب .. من الرهان الكولونيالي إلى الرهان ...
- مشروع فرنسة التعليم في المغرب .. من التنظير إلى الأجرأة
- بين الفرنسية و الفرنكفونية .. النقد المعرفي لكشف الأوهام الإ ...
- الهوية المغربية و تحدي التحالف الصفوي-العرقي
- التناوب اللغوي في أفق تكريس الدكتاتورية الفرنكفونية
- الدعارة في فيلم عيوش بين المرجعية الكولونيالية و التوظيف الس ...
- بين الفن و العفن .. الحرب على نظام القيم في المغرب
- الهوية الوطنية و تحدي التحالف الفرنكفوني-العرقي
- الدعوة إلى فرنسة مناهح التعليم في المغرب .. قراءة في الخلفيا ...
- إصدار فكري جديد للباحث إدريس جنداري
- الدعوة إلى العامية في التعليم بين البيداغوجي و الإيديولوجي
- المثقفون النزهاء
- ماذا نريد من الصحافة في المغرب .. سلطة رابعة أم بوقا إخباريا ...
- الكتابة الشمولية و تقديس الدكتاتورية العسكرية
- في الحاجة إلى تحالف مدني لمواجهة الانقلابات العسكرية


المزيد.....




- وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق ...
- جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
- فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم ...
- رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
- وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل ...
- برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية ...
- الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في ...
- الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر ...
- سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة ...


المزيد.....

- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس جنداري - التطرف العرقي في المغرب بين الوعي الشعبي و الإعلان الرسمي