|
نجاح الثورات العربية وإخفاق الحسم
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 5029 - 2015 / 12 / 30 - 23:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نجاح الثورات العربية وإخفاق الحسم
مروان صباح / في شهر آب / 1944م وقف الجنرال شارل ديغول في أحد شوارع باريس المحررة من القوات الألمانية ، ليعلن انتصار فرنسا ، لكن ، خطابه حمل بعض الكلمات التى لم تُفهم في بادئ الأمر ، حيث أشار ، أن فرنسا مهانة ، محطمة ، ولا بد لها أن تتخلص مما هي فيه ، خلال 48 ساعة أعدم ديغول حوالي 140 الف مومس وشرطي ومتعاون فرنسي مع القوات النازية ، كأن ، أراد الرجل أن يمحو مرحلة وصفت بالعار ، قد دونها التاريخ فعلاً في سجلات فرنسا ، وهذا ، تطلب شطب جميع من شارك في هذا العار ، على أقل تقدير ، من استطاعت أجهزته وضع اليد على من سولت له نفسه الانخراط بالعار السياسي والأخلاقي والوظيفي ، منذ ذاك التاريخ حتى عام 1967 م ، أصبحت الدولة الفرنسية في صفوف الدول الكبرى ، حيث ، باشرت في أول تجربة نووية ، ناجحة ، الذي مكنها بالطبع ، المحافظة على دورها العالمي والأوروبي بشكل خاص ، فلم تكن المسألة الفرنسية قد اقتصرت عند المشروع النووي ، بل ، شهدت الجمهورية الخامسة ، نهضة عامة ، استفدت ، طبعاً ، من الأسباب التى أدت إلى احتلال البلد بسهولة ، فهناك واقعة ، جدير من ذكرها ، لعلها تكشف عن أهمية تقديس الفرنسي للدولة وليس للشخوص ، مهما على كعب ذاك أو ذاك أو كل ذاك ، فالرجل يُعتبر بين الفرنسيين ، أولاً ، مخلصهم من الاحتلال ألماني ، وثانياً ، الأب الروحي لِنهضة الجمهورية ، وبالرغم ، من ادراك الأغلبية لهذين المسألتين ، إلا أنها ، لم تتوقف الأكثرية عن مطالبة ديغول ، أول رئيس للجمهورية الخامسة من تطبيق اللامركزية في البلاد ، التى اجبرته الضغوط الذهاب للاستفتاء ، وبشروط قد وضعها بنفسه ، إن لم يحصل على أغلبية التصويت ، سيعتزل السياسة ويلتزم منزله ، وبالفعل ، تنحى الرجل تماماً ، من الحياة السياسية حتى مماته .
الكثير من المراقبين يتحدث بإسهاب عن أهمية الدولة ، وقد استطاع الإنسان الحديث بجدارة أن يصنف الدولة الحديثة ، على هذا المستوى ، رخوة وفاشلة ومستباحة ، وبالرغم من التصنيف الصريح والفاضح ، يرى الكثير من الضروري المحافظة على مؤسساتها وجغرافيتها حتى لو صنفت بإحدى التصنيفات السابقة ، بالطبع ، دون التطرق لجذرية التغيير ، الذي من المفترض أن يعالج المستنقعات المختلفة ، وبالرغم ، من مشاركة الأغلبية العظمى ، لهذا الرأي ، إلا أن ، أسباب الفشل وانهيار الدول العربية وعدم وفاء أنظمتها في تحقيق الحلم العربي ، النهضوي والوحدوي ، يجعل المرء أن يتوقف ، ثم يبحث عن الأسباب التى جعلت دولهم فاشلة ورخوة ومهددة أن تتحول إلى مستباحة ، في أي لحظة ، بالطبع ، الأصل في المسألة كلها ، شخصنة الدولة ، حيث انتقلت الدولة مع مرور الوقت ، من أفراد كُلفوا بإدارتها ، المفروض ، أن يخدموها ، إلى خادمة ، أي الدولة ، وبجميع مكوناتها ، وظيفتها فقط ، خدمة قلة قليلة ، وهذا ، أحد الأسباب الحاسمة التى جعلت حركة التصنيع ، ليس في محل التطور ، بل ، حُذف هذا المصطلح من قاموس الشعب والدولة .
ولدى الوطن العربي ظواهر عدة ، أنضجها ، جاءت بعد خروج المستعمر ، حيث ، تحملت الدولة الحديثة ، التركة العثمانية وأيضاً ، لجموع عائلات وأفراد ممن تعاونوا مع الاستعمار ، وبالتالي ، مع الوقت ، تسللت واندمجت في الحياة السياسية والسلك الوظيفي دون أن تتعرض للفرز ، وهذا تماماً ، شهده الربيع العربي مؤخراً ، عندما اشتعلت الثورات العربية الأخيرة ، من أجل إعادة مصطلح النهضة إلى القاموس العربي ، وأيضاً ، إعادة للديمقراطية اعتبارها من الخلط التي وقعت به ، اصطدمت الثورات بقصور في الوعي وعدم القدرة على الحسم ، فأصاب الربيع العربي ما أصاب الدول العربية الحديثة في الماضي ، فلم تتمكن الثورات من اقتلاع النظام من الدولة ، بل ، استطاعت النظم بمدة قصيرة اعادة تموضعها بأشخاص جدد ، لكن ، مع الحفاظ على النهج والسياق .
والصحيح أيضاً ، أن طريقة المقامرة التى تعاملت معها جميع الثورات العربية مع الأشخاص أو الجماعات أو حتى المكونات ، الذين أخذوا البلاد إلى الانحطاط السياسي والاجتماعي والاقتصادي والصناعي ، هي بالتأكيد ، حسابات مرهونة إلى المجهول ، وقد ينتج عنها ، في أغلب الأحيان ، معادلات تقلبها رأساً على عقب ، كما حصل مع الدول التى شهدت ثورات ربيعية وأخرى محتلة ، فهنا ، وبسبب المياعة التى سادت ، يراقب العربي بصمت مطبق ، لبعض ، ممثلات السينما أو حتى الراقصات ، يجولون ويصولون طولاً وعرضاً على الفضائيات ، ينتقدون السياسات والثورات بطرق منزوعة من المعرفة ، بل هي أقرب إلى ثرثرة هابطة لا تصلح سوى في الكباريهات ، تؤثر بجاهل مخمور وتعزز لديه معلومات مغلوطة وتدغدغ شهوة من شخصنوا الدولة ، في مقابل ، عندما نُقلب في سجلات التاريخ ، نجد أن ديغول محرر فرنسا ، حرص على اختيار أندريه مالرو من جموع المفكرين والمثقفين ، كوزير للثقافة ومستشار شخصي له ، اذ قال عنه كريستيان مواتي ، بأنه أدخل إلى الفرنسيين مؤلفات أجنبية وجعلها في متناول أيدي المواطن ، بالإضافة ، إلى أن مالرو ترك للفرنسيين والعالم ، روايتين ، من أجدر روايات المقاومة ، الوضع البشري والأمل .
على أعتاب العام الجديد ، تتصاعد اسهم جميع الشرائح باستثناء المفكرين وأصحاب الرأي ، وهذا على الأقل ، يُفسر أمر جدير ذكره ، طالما ، فئة مال الحرام العربي ، المتحالفة مع الرأسمالية العالمية المتوحشة ، تتحكم بموارد المواطن ، سيشهد العربي مزيد من وصلات الرقص والردح ، في جميع المنابر المتاحة وغير متاحة ، طبعاً ، من الطبيعي أن يكون حال العربي بهذا الحال ، طالما ، القواد الكبير سلم الأمر للقواد الصغير ، آه يا عصر القواويد . والسلام أيها العربي كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من السهل التنطع للمسؤولية لكن من المستحيل تفادي النتائج
-
من يظن أن الخطاب الغربي يخضع للأفكار فهو واهم .
-
من أمنك لا تخونه ولو كنت خوان
-
تدخُل تركي في سوريا قريباً،، على غرار التدخل الروسي
-
خطاب الملك عبدالله ، تحدي في ذروة احتدام الصراع في المنطقة .
...
-
الانتقال من السلاح الدمار الشامل في العراق إلى الإرهاب العرب
...
-
عندما يتماهى المجتمع مع الغيب المطلق
-
استنزاف للوقت في مصر ، قد تكون خسائره افدح على المدى القريب
-
تحديثاَ شاملاً للدولة التركية في ظل منطقة مختلة
-
تهويل حول الجماعات الإسلامية وداعش،،، يتدرج إلى مستوى النازي
...
-
القسطنطينية مقابل الأندلس والقدس
-
أُسس التدخل الروسي في سوريا وجنوب أسيا
-
استعلاء ناجم عن تفوق فارغ
-
بين البحث عن الاستقلال والتورط بخطط الحاخامات
-
الأخ الكبير يدافع عن الأقليات بعد ما دافع عن الشعوب ال سلافي
...
-
الانتقال من تحت الأقصى إلى ساحاته العلوية
-
مستشرقون الغرب ،، ورثة علماء المسلمين والعرب
-
أهو عشق في تكرار الفشل الأمريكي أم استكمال المشروع .
-
حيرة الكهنة وبراءة المنتفضين
-
هستيرية الأفراح والنجاح
المزيد.....
-
استعان بـ ChatGPT أيضا.. خالد سرحان يسخر من فيديو محمد رمضان
...
-
فـرنـسـا: لـمـاذا هـذا الـتـضـخـيـم لـظـاهـرة الـهـجـرة؟
-
علا صوتها فقتلها.. الأمن المصري يكشف خدعة رجل أبلغ عن وفاة ا
...
-
ترامب يهدد بطرد المسؤولين الفيدراليين إذا لم يعودوا إلى مكات
...
-
السلطات السورية تعلن حل الجيش وتعليق العمل بالدستور وتعيين ا
...
-
حريق هائل داخل طائرة بمطار في كوريا الجنوبية ونجاة جميع ركاب
...
-
مئات من مسلمي الروهينغا يصلون إلى إندونيسيا بقارب متهالك فار
...
-
عراقجي يبحث البرنامج النووي الإيراني مع غروسي والوزير البريط
...
-
ليبيا.. حبس متهمين باحتجاز مهاجرين غير نظاميين جنوب شرق البل
...
-
الروبوتات ترقص جنبا إلى جنب مع البشر في احتفالات رأس السنة
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|