أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منير ابراهيم تايه - شوق الدراويش ل -حمور زيادة- رواية تتكىء على التاريخ















المزيد.....

شوق الدراويش ل -حمور زيادة- رواية تتكىء على التاريخ


منير ابراهيم تايه

الحوار المتمدن-العدد: 5029 - 2015 / 12 / 30 - 10:45
المحور: الادب والفن
    


رواية جميلة مشوقة لغتها الشعرية رائقة دسمة من حيث الاحداث والووقائع والاشخاص، ان قرأتها ستستمتع بها واظنك ستعود لها مرة اخرى ... ابطال الرواية ذوي رؤى ودوافع مختلفة من مختلف الجنسيات
ثيودورا الراهبة يونانية الاصل مصرية النشأة جاءت الي الخرطوم لتحيي تعاليم دينها المسيحي عند مسيحي السودان ورسول المدنية للاهالي البرابرة. جاءت في عهد الترك و تحولت الي أمة لأحد كبار التجار في عهد المهدية لتلقى حتفها على يديه مع مجموعة من معاونيه.
الحسن الجريفاوي، الرجل الذي يؤمن بالعدل يطلق زوجته الحبيبة حبا في الجهاد في سبيل الله و لنصرة مهدي الله لينشر العدل ويطرد الظلم من البلاد. (يوم آمن بالمهدية عرف انها نهاية العالم. . . سيعم عدل مهدي الله الارض. . كان يؤمن ان الاسلام هو العدل والخير. الاسلام هو عكس التركية).
الطاهر جبريل شعاره و دثاره قول الله"يا ايها الذين آمنوا اطيعوا الله و اطيعوا الرسول و أولي الامر منكم").
ثم الاب جوهانس، و الاب بولس، و الحاج تاج الدين المغربي المؤمن بأنه عيسى المسيح بعث لنهاية العالم. كلهم مؤمن بنفسه، كافر بالآخر مقلل من شأنه، وكلهم يدعي انه الافضل وسيادته على الاخرين وبالتالي عليهم الاذعان لهم.
تبدأ الرواية التي يعود فيها كاتبها الى تاريخ قديم في القرن التاسع عشر ليحكي قصة الثورة المهدية في السودان بعبارة ابن عربي "كل شوق يسكن باللقاء، لا يعوّل عليه" ليحكي قصة شوق حارق لا يهدأ ولا يستكين.
تبدأ بخروج "بخيت منديل" من "سجن الساير" بعد أن قضى سبع سنوات، إذ قبض عليه وهو يشرب "المريسة". وظل منسيا إلى أن حرره الجيش المصري بعد أن دخل البلاد إثر سقوط الدولة المهدية عام 1898، وبرغم خروجه من السجن، فإن بخيت لم يشعر أنه حر فبينه وبين حريته دماء وبينه وبين حريته ثأر، تحمل السسنوات السجن السبع في انتظار هذه اللحظة. لن يموت قبل أن يسوق أمامه خصومه قربانا. سيقدم على حواء وهم بين يديه.
هكذا يمضي بخيت إلى بيت "مريسيلة" ليقيم عندها ريثما يتعافى من آثار الأغلال والقيود، وهو يخطط لبدء حمله انتقامه من الأشخاص الستة الذين كانوا سببا في مقتل حبيبته "حواء".
ببراعة ينتقل الكاتب بين الأزمنة ، ليسرد حكاية الثورة المهدية في السودان، ردا على الظلم الذي تعرض له الناس، يتنقل بسلاسة بين الشخصيات، ليعبر عما يدور بداخلها من اوجاع واحلام داخلية وحوارات، وحتى عبر يوميات تكتبها حواء، ليناقش من خلال ذلك مجموعة من القضايا التي تشغل روح الإنسان وعقله: الحب والكره، التسامح والانتقام، الإيمان والشك، التعصب وقبول الآخر.
اعاد الراوي تفكيك الأحداث، وتحرك كيفما اراد بين الماضى والحاضر ذهابا وعودة ليلقي الضوء على ما سلف من أحداث أو عن ما سبق من تاريخ واشخاص، كما اضاف الراوي لنصه اقتباسات نصية استحضر خلالها حكايات وأساطير قديمة وقصص شعبية ونصوص من الكتب المقدسة وأقوال الصوفية ومناجاة الدراويش الحارة. وعلى هذا النحو مضى في تشكيل روايته، متحركا بين عدد كبير من الشخصيات، والأماكن والأزمنة..
فمن خلال شخصية "ثيودورا"، تحكي الرواية عن الأوروبيين الذين كانوا في السودان في تلك الفترة، وما قاسوه فيها. "ثيودورا" التي ولدت في الإسكندرية من ابوين يونانيين، ثم أصبحت راهبة بعد أن كبرت، ذهبت إلى السودان في بعثة تبشيرية، وبعد قيام ثورة المهدي رفضت مغادرة البلاد التي أحبتها، فوقعت في الأسر، لتصبح بعد ذلك جارية في منزل أحد الأعيان. لتجبر على اعتناق الإسلام، ويغيرون اسمها إلى "حواء"، "ثيودورا كانت أكثر عنادا في البداية، ثم لانت وأظهرت الاسلام. سيدتها النوّار هي من اختارت لها اسم حواء.
يصور الكاتب الوضع المعيشي في السودان أثناء الحكم التركي، ومدى الظلم الذي رزح تحته الناس، وكيف رأوا في "المهدي" خلاصهم فاتبعوه. هذا ما حصل مع "الحسن الجريفاوي" الذي ترك زوجته والتحق بالجهاد في جيش المهدي، حتى استقرت أمور البلاد وقامت الدولة المهدية. ترصد الرواية قيام الدولة، وكيف أنها كانت فترة من القتل والدم والترويع، والتطرف الديني الأعمى.
وهو ما دفع الشك إلى قلب "الحسن"، مرتابا في إيمانه بالمهدي، إذ رأى أن الظلم الذي انتفض للخلاص منه يتكرر على أيديهم: "يناجي الحسن إيمانه. يا مهدي الله لماذا صرت تركيا؟ ويلك يا حسن كم أثكلت. ويلك يا حسن كم أحسرت ويتمت.. رفس برجليه ويداه تخبطان الأرض. يا ضيعتك يا حسن. يا ويلك من ربك يا حسن.
من أكثر المشاهد إيلاما مشهد جلد الخادمة السودانية لدى البعثة الأورثوذكسية حين اتهمت بالسرقة. والذي برر له الآباء مسؤولو البعثة بكونه ليس عقابهم ولكنها «قوانين الأتراك» وقارنوا بين هذا «الحكم الهّين» وبين حكم المسلمين الذين «يقطعون الأيدي في شيء كهذا». وبمثل هذه التبريرات تطمئن روح ثيودورا (والتي شاهدها القارئ في مواقف سابقة تدمع لذبح غزالة ولموت عصفور) وتصلي من أجل خلاص «روح» الخادمة، وتكتب في مذكراتها «الإنسان متوحش ناكر للجميل، كلما أجهد الراعي نفسه لهداية خراف الرب الضالة كلما اجتهدت في أذيته. سرقت اليوم خادمة سوداء صليبي الفضي». ويجب التأكيد على أن الخادمة السودانية «السوداء» لم تثبت عليها السرقة، ولم تعترف بالرغم من العذاب الواقع على جسدها، وإنما وجدت قرائن كافية لاتهامها وليس لإدانتها بالسرقة.
ان أخطاء ممثلي الإمبراطوريات الاستعمارية لا تلفت نظر ثيودورا، وانما اعتبرتها اخطاء فردية، هذا الجمود الفكري لدى ثيودورا لم تمنعها من التغني بعظمة العالم المتمدن، فهي الاستثناءات التي تثبت قاعدة التفوق الأوروبي ولا تنفيها. وعلى نقيض من تشبع ثيودورا بمفاهيم ثنائية جامدة تشغلها عن التأمل النقدي للواقع، وتعيق تطور شخصيتها، يتعلم بخيت منديل من الشخصيات التي يتعامل معها خلال منعطفات حياته المختلفة ويتطور. فيتعلم العشق من سيده المصري، ويتعلم الفناء في المحبوب من زميله في زنزانة السجن، فيعشق ثيودورا «البيضاء» بالرغم من نفوره السابق من صاحبات هذا اللون وتفكره في «كيف شوه الله هؤلاء الناس. أجسادهم مسلوخة تكسوها حُمرة». هذا الحب المستحيل الذي يشابه أساطير حب معروفة مثل هيام مجنون ليلى بها، يؤدي ببخيت للتماهي مع المحبوب مثلما في الحب الصوفي، فيرفض فرصة الهرب ويسعى للموت الذي سيقربه إليها، فرغم العبارات الصوفية التي استلها الكاتب من كتب التصوف والاحاديث الدينية يمكننا القول ان الرواية تتحدث عن الحب.. الذي يجعل المحب "درويشا لمن يهوى.. كشوق درويش للجنة".
الرواية معقدة ومتشابكة الاحداث الا انه استطاع ان يقدم رواية متناغمة ذات منظور تاريخي؟ لقد قدم مجتمعا رحبا واسعا متشابكا وشاسعا في نفس الوقت... براعة الروائي مكنته من ان يصل بالقارىء إلى حالة من الاندماج مع سرده الروائي، ونجح في أن يحيطه بهالة من المتعة الفنية لتفصله عن الواقع ولا يرى امامه الا احداث ومشاهد الرواية...



#منير_ابراهيم_تايه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحمار/ قصة قصيرة
- واسيني الاعرج في رواية -البيت الاندلسي- نكتب لأننا نحب الكتا ...
- عقلية الوفرة وعقلية الندرة..!؟
- الغريبة التي لا اعرفها/ قصص قصيرة
- فنجان قهوة
- عناقيد الكرز... وما تيسر من وجع!!
- سفر..
- -المغفلة- ل -تشيخوف- ما اقبح الفقر .. وما اجمل الفقراء!!
- الحارس في حقل الشوفان
- الشيوعيون العرب.. وفلسطين
- نجيب محفوظ.. الوجه الآخر
- دعوة على العشاء/ قصص قصيرة
- بجعات برية رواية اجتماعية بنكهة سياسية
- الموشحات ... شعر يحلق باجنحة الغناء
- ضغط الكتابة وسكرها لامين تاج السر
- قصص قصيرة بعنوان مبتدأ وخبر
- النبش في الماضي..المورسكيون فجيعة حضارة اسلامية منسية؟؟!
- -حي ابن يقظان- لابن طفيل .. الفلسفة في رداء الادب
- الاميرة العاشقة.. ولادة بنت المستكفي
- قراءة في رواية -دروز بلغراد حكاية حنا يعقوب- صرخة تاريخ مؤلم


المزيد.....




- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منير ابراهيم تايه - شوق الدراويش ل -حمور زيادة- رواية تتكىء على التاريخ