مقداد مسعود
الحوار المتمدن-العدد: 5029 - 2015 / 12 / 30 - 10:45
المحور:
الادب والفن
بستان مهدي
مقداد مسعود
مايخرّبه الطغاة بمزاجهم الأمويّ ،يصونه الشاعر والسارد.. والسارد بالفرشاة أو الأزميل أو عين الكاميرا..أيقن الشاعرمهدي محمد علي، ان الحل الأوحد والمسؤولية الجغرافية الاهم الملقاة عليه: صيانة طفولته بدرابينها ودشاديشها،و نفانيفها وعباءاتهاوظلامها اللذيذ وأنهرها ومالامسته يد الشاعر وعينه ونبضه..في اللحظة ذاتها كان النظام يشتم البصرة بمدائح اعلامية،ويعد المواطنين ببصرة أجمل..أي نسف كل ماله علاقة بذاكرتنا الجمعية، من جسور وأسواق وبارات وسينمات وشوارع.. ونفّذ النظام وعدهُ..وهكذا..أقتلعت ضلوعنا الخشبية الراسخة في جسور ممتدة من بداية (نظران) في البصرة القديمة، وازيلت الحدبة وجسر(أبو حدبة) المؤدي الى اعدادية البصرة للبنات في البصرة.وقبلهُ جسر الغربان.وكذلك بقية الجسور وشيدالنظام جسورا وفق مزاجه.ونُقلت المكتبة المركزية من مكانها التاريخي، في مدخل محلة الساعي ،الى مكانها الحالي : مدخل شارع السعدي !! كانت المكتبة تطل على نهر،ولايفصلها عن تلك البيوت الأنيقة من الداخل سوى نهر العشار..فجأة.. البيوت شحبت وخفتت أضويتها ولم يبق من (كمب الأرمن) سوى تلك الذكرى الأجمل للصبايا المسيحيات الآسرات بجمالهن الساحر،وقبل ذلك بعقدين هدمت حكومة الاخوة عارف بيوت على بن يقطين وبشار بن برد والحسين الخليع، في منطقة (بستان كصب) لتشق لنا شارع بشار بن برد ،ومع سبعينيات القرن الماضي أنهت الدولة دور الخزانات العالية التي تزود المدينة بالماء،وأسست اسالة في (البراضعية) وعلى أثرها عرفنا (ماطور) سحب الماء !!وفي شمال العراق..شقت الدولة شوارع في الجبال لتسهيل صعود المعدات والقوات العسكرية !! ما قام به مهدي محمد علي في كتابه الرائع( البصرة : جنة البستان) هو أجمل أنواع الدفاع عن النفس نفس الشاعر وأنفسنا بذاكرتها الجمعية..وبشهادة الشاعر عبد الكريم كاصد (البصرة جنة البستان من أجمل الكتب التي صدرت في المنفى...) وهنا يحضرني استاذنا الشاعر كاظم الحجاج ،يومها ..عاد للتو من زيارته للأردن.. وجعل من نسخته التي أشتراها ،في متناول الجميع.. وشخصيا أنا مدين ٌ لصبره الجميل معي..فقد احتفظتُ بالكتاب لمدة ليست بالقصيرة،وكانت النتيجة قراءتي الاتصالية للبصرة جنة البستان وبصرياثا للمبدع محمد خضير،ولم أنشر الدراسة إلا بعد ربيع 2003 في الثقافة الجديدة وضمنتها في كتابي (الأذن العصية واللسان المطبوع) المطبوع في دمشق 2008/ دار الينابيع.. وبعد ربيع 2003 تريفت : البصرة الكوزموبولتية وتم تهديم صالات السينما كلها ، كأن هذه الصالات كانت تشتغل في سنوات الحصار!! وضاقت المدينة بل تبعجت مثل علبة عصير وماتزال تضيق وهي مصابة بنحول عام ،هذه الإصابة تزيد روحها خفة ، ذات فجر ، تلج ثقب الإبرة ،لتخيط جروحنا القديمة والجديدة ...
#مقداد_مسعود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟