|
الحياة الدستورية في سوريا
عبدالحميد سرحان عبده
الحوار المتمدن-العدد: 5028 - 2015 / 12 / 29 - 15:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الحياة الدستورية في عهد كلاً من حسني الزعيم وسامي الحناوي: 1- الحياة الدستور في عهد حسني الزعيم: وضعت الجمعية التأسيسية السورية في عام 1928م دستوراً لسوريا ، إلا أن المندوب السامي الفرنسي لم يقبله ، فقام بتعطيل الجمعية التأسيسية وظل الأمر كذلك حتي عام 1930م ، حيث أضاف المندوب السامي الفرنسي عليه بعض التعديلات وبذلك خرج دستور 1930م إلي الوجود ، ولقد استمر العمل بهذا الدستور حتي انقلاب حسني الزعيم الذي قام بتعطيله وأعلن عن تكوين لجنة لتعديله برئاسة أسعد الكوراني وزير العدل ، وصرح حسني الزعيم بأنه ينوي عرض الدستور الجديد للاستفتاء الشعبي للتصديق عليه ، علي كلٍ لم يتم إصدار الدستور ولكن صدر قانون مدني جديد ، وقد أقيم علي النماذج الأوروبية ومبادئ الدين الإسلامي ، وهذا لا يغني عن أن حسني الزعيم هدم الدستور السوري ولم يفي بوعده بوضع الدستور. 2- الحياة الدستورية في عهد سامي الحناوي: 1- الدستور المؤقت : جاء عهد الحناوي الذي سلم الأمر للسياسيين الذين كونوا حكومة مؤقتة ، تكون وظيفتها إدارة الانتخابات لجمعية تأسيسية سورية لوضع الدستور للبلاد ، وقدمت الحكومة مشروع دستور مؤقت ، وعرض المشروع علي الجمعية التأسيسية والتي شكلت لجنة لبحث المشروع. ولقد أثيرت قضية الدستور القديم دستور 1930م عند مناقشة الدستور المؤقت ، وتم مناقشة هل يعتبر الدستور القديم لا غيا أم ماذا يكون مصيره ؟ ، في نهاية الأمر استقر الرأي علي أن الدستور القديم يعتبر لا غيا ولا حاجة لإقرار ذلك ، ثم دارت المناقشات حول الدستور المؤقت وأعيد للجنة لتعديله ثم قدمت اللجنة بعض التعديلات اللازمة في 14 ديسمبر 1949م ، وتمت الموافقة عليها ، ثم صدر الدستور المؤقت الذي أعطي للحكومة سلطة تشريعية وتنفيذية ولمدة ثلاث شهور ، ولقد آثار هذا الأمر الكثير من الانتقادات في مواقف متعددة مثل مناقشة القرض السعودي السوري ، حيث لم يقدم القرض للجمعية لمناقشته وأوجه انفاقه وتسديده ، واعتبر هذا خطأ الجمعية ، في إعطاء حق التشريع للحكومة ، مما حدا برئيس الحكومة خالد العظم بالرد عليها ، بأن الحكومة لم تسئ استعمال هذه الصلاحية مع تذكيرهما بأنها ليست دائمة. وبعد انتهاء مدة الثلاثة شهور التي نصت عليها المادة الثانية من الدستور المؤقت تجددت المشكلة ، فعرض الأمر علي الجمعية لمناقشته صلاحيات الحكومة التنفيذية والتشريعية بعد انتهاء المدة المحددة واختلفت الآراء وفي نهاية الأمر حول إلي اللجنة للبحث ، ثم يعرض علي الجمعية التأسيسية ، ثم عمدت اللجنة لدراسة المادة الثانية والتي تعطي الحكومة حق التشريع والتنفيذ حيث قدمت تقريرها للجنة ، والتي أقرت الدستور المؤقت بصورته الجديدة. 2- دستور 1950م : أما عن دستور 1950م فقد تم إنتخاب جمعية تأسيسية لوضعه في عهد الحناوي ، وقد تم تكليف لجنة وضع الدستور وتكونت من 33 عضواً وترأسها ناظم القدسي وبدأت اللجنة في عملها في الرابع من يناير 1950م ، فصاغت المواد الدستورية وحدث الخلاف حول مادة تقول "دين الدولة الإسلام " وأجل البت فيها ، وكان الخلاف حول نصوص الدستور فرصة للأحزاب المعارضة عند عرضه علي الجمعية التأسيسية ، وقد عقد حزب البعث وكتلة الأحرار الجمهوريون الندوات التي تم فيها الحديث حول الدستور الجديد ، ولرغبة أكرم الحوراني في مناهضة الدستور وإنتقاده إستقال من الحكومة. حيث رأي الحوراني في هذا الدستور مبعثاً للفتنة ، وأنه كله شوائب حيث ركز واضعيه السلطات في يد السلطة التشريعية ، الأمري الذي يخل بقاعدة الدساتير وهي توازن السلطات ، وفي بيان لحزب الشعب أكد فيه أن تكوين دستور جديد للبلاد يعد فرصة حقيقية لخلق نظام ديمقراطي ، وتأسيس حياة برلمانية علي أساس قوي وتقدمي. وقد حوي الدستور علي الكثير من المبادئ العامة : 1- أن سوريا جمهورية عربية نيابية ذات سيادة 2- السيادة من حق الشعب وحده 3- تقوم هذه السيادة علي مبدأ حكم الشعب بالشعب 4- أن يكون المواطنون متساويين في الحقوق والواجبات والكرامه والمنزلة الاجتماعية أمام القانون 5- منح النساء المتعلمات حق التصويت 6- جعل المجلس في حالة انعقاد دائم ودعوته للانعقاد أو تأجيل اجتماعه من حق رئيس المجلس 7- رئيس الجمهورية يمثل الأمة ويرعي شرفها وحريتها ويبقي بعيداً عن حمأة السياسة 8- عين الدستور من يحل محلة في حالة عدم تمكنه من ممارسة أعماله 9- فيما يتعلق بالتقسيمات الإدارية فقد أوجد مجالس الأقاليم وخصص لها ماليتها لتخفيف العبء عن العاصمة أ- رأي الأحزاب في الدستور ومواده : لقد أثارت مادة " دين الدولة الإسلام" مناقشة حامية عند عرض الدستور علي الجمعية التأسيسية ، حيث اعتبر المؤيدون أن دولة أغلبيتها مسلمون فمن الواجب أن ينص دستورها علي أن دين الدولة هو الإسلام ، فضلاً عن أن الدستور نص صراحةً علي أن الأديان السماوية الأخرى محترمة. ولقد دعي النائب " إلياس دمر" إلي فصل الدين عن الدولة ولقد أنكر "مصطفي السباعي" دعوته واعتبرها زعم باطل ، ولقد بعثت الطوائف المسيحية مذكرة إلي رئيس سوريا والجمعية التأسيسية ورئيس الوزراء طالبوا فيها باحترام حرية الأديان في الدولة السورية. ولقد لاقت هذه المادة معارضة شديدة من قبل حزب البعث المنادي بعلمنة الدولة ، وكذلك الحزب الشيوعي ، وانتهي الامر بأن الإسلام هو مصدر رئيسي للتشريع. 1- حزب الشعب : لقد أيد حزب الشعب الدستور ، حيث وضع مذكرة تأييد ألقاها عبدالوهاب حومد عضو الحزب بالجمعية التأسيسة نظرا لاتفاق مبادئ الحزب مع جميع ما جاء بالدستور من ديموقراطية وحرية ومساواة بين المواطنين والعدالة الإجتماعية. 2- حزب البعث : انتقد حزب البعث الدستور ، حيث عاب المادة رقم 30 التي نصت علي وجوب استثمار الأراضي وتحديد ملكيتها علي ألا يكون لهذا التحديد أثر رجعي ، واعتبر الحزب أن هذه الفقرة جاءت لإعطاء الإقطاعيين الحاليين صفة شرعية لامتلاكهم هذه الإقطاعات وتخليدهم فيها. 3- أعضاء لجن وضع الدستور : ولقد انتقد أعضاء لجنة وضع الدستور أنفسهم الدستور ، حيث انتقده "جلال السيد" علي اعتباره أنه لا يحتوي علي المبادئ التي يجب ان يقوم عليها دستور سوريا ، وهي الوحدة العربية والاشتراكيةٍ ، وأن هذا الدستور لم يأتي بإجماع الآراء في اللجنة وإنما جاء برأي الأغلبية فقط . وعلي الرغم مما تعرض له الدستور من نقد إلا أن أكثرية مواده جاءت معبره عن الآمال والتطلعات للأمة السورية ، فقد احتوي علي مبادئ الإنصاف والحقوق المدنية للمواطنين و مبادئ المساواة والدفاع عن الجمهورية والحياة الدستورية ، ولقد أعطي أهمية كبيرة للوحدة الوطنية دفاعاً عن العروبة وعن الإسلام كدين الغالبية العظمي من السوريين. ب- تقديم الدستور للأمة : عقب مناقشة مشروع الدستور أعيد إلي اللجنة لعمل التعديلات اللازمة عليه ،وكانت أهم هذه التعديلات : 1-دين رئيس الجمهورية هو الإسلام 2-الفقه الإسلامي هو المصدر الرئيسي للتشريع 3-حرية إقامة الشعائر 4-تصان الأحوال الشخصية للطوائف الدينية المختلفة وقد تمت الموافقة علي الدستور من أغلبية الأعضاء ، وأعلنت في اليوم نفسه إنهاء مهمة الجمعية التأسيسية ، حيث ثم تحويلها إلي مجلس نيابي.
#عبدالحميد_سرحان_عبده (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المدارس في فلسطين منذ 1935-1937م (دراسة إحصائية)
-
أسباب التنافس الفرنسي الأمريكي في منطقة المغرب العربي
المزيد.....
-
دام شهرًا.. قوات مصرية وسعودية تختتم التدريب العسكري المشترك
...
-
مستشار خامنئي: إيران تستعد للرد على ضربات إسرائيل
-
بينهم سلمان رشدي.. كُتاب عالميون يطالبون الجزائر بالإفراج عن
...
-
ما هي النرجسية؟ ولماذا تزداد انتشاراً؟ وهل أنت مصاب بها؟
-
بوشيلين: القوات الروسية تواصل تقدمها وسط مدينة توريتسك
-
لاريجاني: ايران تستعد للرد على الكيان الصهيوني
-
المحكمة العليا الإسرائيلية تماطل بالنظر في التماس حول كارثة
...
-
بحجم طابع بريدي.. رقعة مبتكرة لمراقبة ضغط الدم!
-
مدخل إلى فهم الذات أو كيف نكتشف الانحيازات المعرفية في أنفسن
...
-
إعلام عبري: عاموس هوكستين يهدد المسؤولين الإسرائيليين بترك ا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|