أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله دعيس - السّخرية والفكاهة في المجموعة القصصيّة فراشة البوح














المزيد.....

السّخرية والفكاهة في المجموعة القصصيّة فراشة البوح


عبدالله دعيس

الحوار المتمدن-العدد: 5027 - 2015 / 12 / 28 - 10:53
المحور: الادب والفن
    


عبدالله دعيس:
السّخرية والفكاهة في المجموعة القصصيّة فراشة البوح للكاتب عمر حمّش
تنطلق فراشة* عمر حمّش من تحت الأصفاد في سجن عسقلان؛ لتدور في أرجاء المكان وعبر الزّمان، تبوح بما تراه من ظلم الاحتلال وقتله وتشريده للشّعب الفلسطينيّ، ورحلة الشّعب الفلسطينيّ إلى الشّتات، وخاصّة في مخيّمات قطاع غزّة، وانقلاب الموازين وانقلاب النّفوس، وتحوّل الضحيّة إلى جلاد بمجرّد أن يحصل على جزرة توهمه أنّه في موضع سلطة، وتعرّج على الفقر والألم والحرمان الذي عاشه أبناء الشّعب الفلسطينيّ في غزّة تحت الاحتلال ثم تحت الحصار من الدّول العربيّة؛ نصرة لكيان الاحتلال الغاصب الذي مرّغت المقاومة الفلسطينيّة أنفه في التّراب.
يصف الكاتب كلّ هذه المآسي ويعبّر عن هذه الآلام بأسلوب فكاهيّ ساخر، يحمل في طيّاته الألم والحسرة، لكنّه ينزع من القارئ الابتسامة تلو الابتسامة: ابتسامة مريرة تظهر على الوجه بينما يتألّم القلب وهو يدرك ما يرمي إليه الكاتب من نقد لواقع آسن.
يلتقط الكاتب بعض المشاهد من حياة النّاس في غزّة حاليّا، أو من أحداث وقعت في الماضي، وما زالت آثارها واقعة على أرضنا أو في نفوسنا، ويصيغها على شكل قصص قصيرة بلغة بليغة جَزْلة، وجمل قصيرة محكمة، وبأسلوب جميل، ويجنح في كثير منها إلى أسلوب الفكاهة والسّخرية؛ فهو كالمصوّر الحاذق الذي يحسن اختيار اللقطة ثم يظهرها في صورة جميلة معبّرة واضحة المعالم. ولا يهدف الكاتب من أسلوبه السّاخر التهكميّ مجرّد اضحاك القارئ، أو النّقد والتّجريح أو اللمز بالأشخاص، وإنّما يهدف إبراز النّكوص في المجتمع، والمآسي التي يعاني منها، وهي دعوة لتصحيح الوضع القائم على الصّعيد الاجتماعيّ والأخلاقيّ، مثلما هو دعوة لمقاومة الاحتلال.
ويلجأ الكاتب إلى السّخرية والفكاهة لإبراز السّلبيّات بطريقة ملفتة للقارئ، وليصرف نظره إليها عن طريق إذكاء روح التّناقض بينها وبين ما يجب أن يكون الأمر عليه. وإن كانت هذه اللفتات تجسّد الضّعف الإنسانيّ أحيانا في لحظات الغضب أو اليأس، إلا أنّ الكاتب لا يقصد التندّر بها بمقدار ما يقصد لفت الانتباه إليها وإلى ما ورائها من أسباب، وهو يتعامل مع هذه المواقف بذكاء، ويستغلّها دون تجريح. ويكون الضّحك أحيانا تعبيرا عن مأساة أكبر من أن يتحمّلّها الإنسان لو استسلم للحزن أو الغضب.
فأديبنا يستخدم السّخرية والفكاهة ليعكس أوجاع المواطن السيّاسيّة في ظل الاحتلال والحصار، والاجتماعيّة في ظلّ الجهل، ويقدّمها بقالب ساخر قد يرسم البسمة على الوجه، لكنّه في الوقت ذاته ينكأ الجرح الغائر الذي لا يمكن له أن يندمل.
وسأعرض هنا قصة (غزوة سعيد وعبيد) كنموذج.
تتحدّث القصّة عن شخص يبيع الكنافة على عربة، يصفه الكاتب بالمختار، يقوم أخوان معتوهان بسرقة صينيّتي الكنافة والفرار بهما لأكلهما، يفقد أحدهما حذاءه خلال المطاردة ويشترط لإعادة الصّواني الفارغة إعادة الحذاء إليه.
يبتسم القارئ وهو يتخيّل الشابّين النّحيلين سعيد وعبيد وهما يقتربان من عربة المختار، ويختطف أحدهما صينيّة الكنافة ويولّي هاربا بها، ويستغل الآخر فرصة مطاردة البائع للسّارق الأول ليسرق الصينيّة الثّانية. ويضحك القارئ على مشهد المعتوهَين وهما يأكلان الكنافة بعيدا أعلى التلّة، وعلى أحدهما وهو يفقد حذاءه، ثمّ يفاوض ليستردّه. لكنّ القارئ يتألّم عندما يدرك أنّ بائع الحلوى الذي يجرّ عربة بالية وينادي بأعلى صوته (كنايف) في مخيّم للّاجئين بغزّة كان يمتلك محلّا لبيع الحلويات في يافا، ويجلس أمامه كالملك وهو يعتمر طربوشه الذي يدلّ على السّيادة والجاه. ثم يحزن لوضع سعيد وعبيد اللذين فقدا عائلتيهما كطفلين أثناء الهجرة، وأصبحا مشرّدَين جائعَين تضطرّهما الحاجة لسرقة الحلوى ولتمثيل دور المعاتيه. ويضحك القارئ أيضا على المفاوضات التي تجري بين المختار (بائع الحلوى) وسعيد وعبيد على إعادة (الشّبشب) مقابل إعادة الصّواني الفارغة، ويذكّره سُخف الموقف بالمفاوضات التي يخوضها السّياسيّون دون جدوى أو نتيجة. ويبلغ ذروة التهكّم عندما يضع الكاتب عنوان (غزوة سعيد وعبيد) لقصّته والتي تذكّرنا بالبطولات المصطنعة التي نصنعها لحكّامنا، مع أنّ بطولاتهم لم تفق في أهميتها غزوة سعيد وعبيد لسرقة الكنافة.
فالكاتب بحقّ يحوّل الألم إلى بسمة، والحزن إلى إبداع، ويجعل القارئ يضحك من فرط الألم؛ فقصصه تعبّر عن مأساة أكبر من أن يتحمّلها قلب الإنسان مرهف الشّعور، فيغلّفها بهذا القالب الجميل من الجمل الجزلة والصور الجميلة وروح الفكاهة.
• فراشة البوح مجموعة قصص قصيرة للأديب عمر حمّش، صدرت مؤخرا عن مكتبة كل شيء في حيفا..
28/12/2015 م



#عبدالله_دعيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخطّ الأخضر ومتاهة المصطلح
- قراءة في ديوان دمعة تخدع ظلّها
- المكان في رواية غفرانك قلبي لديمة السمان
- وضحة والزمن الجميل
- قراءة في رواية أولاد حارتنا لنجيب محفوظ
- أوجاع الياسمين والبحث عن الذّات
- العصفورة الخرساء قصّة تفيد الأطفال
- قراءة في كتاب -الدراية - الفريضة المصيرية الغائبة في التراث-
- ديوان رقص الضوء لنعيم عليان
- أنا جنونك لريتا عودة
- قراءة في كتاب -أغرب زواج-
- الرواية الفلسطينية لوحيد تاجا
- في رواية -أهل الجبل-هل تموت الفكرة؟
- قراءة في رواية مديح لنساء العائلة
- قراءة في ديوان مفتاح يصر
- قراءة في رواية عازفة النّاي
- رواية أميرة ومعاناة شعب
- قراءة في كتاب -القدس مدينتي الأولى-
- منال النجوم والصّور الشعرية الساحرة*
- رواية -بطعم الجمر- والاغتراب في الوطن


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله دعيس - السّخرية والفكاهة في المجموعة القصصيّة فراشة البوح