مريم نجمه
الحوار المتمدن-العدد: 1370 - 2005 / 11 / 6 - 10:55
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
إخوتي , وأخواتي .. مساء الخير .. كل عام وأنتم بخير
الحديث عن المرأة واضطهادها وقمعها .. وحقوقها المهضومة , المستلبة منذ اّلاف السنين , حديث طويل , لا أستطيع الإحاطة بجميع جوانبه بهذه العجالة , لذلك سأختصر الموضوع ما استطعت في أبرز ملامحه عبر التاريخ الذي حمل إلينا السلب , والإيجاب .
سأقدّم مساهمة بسيطة في هذا الموضوع الذي أضحى سمة بارزة في الإعلام الحديث , لأن موضوع المرأة يعني الحضارة والتقدّم , يعني التنمية , يعني الديمقراطيّة.
أشكر حضور الإخوة والأخوات لتلبية الدعوة لهذه الأمسية , كما ونشكر القائمين بها .
مقدّمة ..
منذ بداية الحياة الإنسانية , شاركت المرأة الرجل في العمل
قامت بقطف الثملر , وجمع الأعشاب والنباتات ,لتحضير الطعام ورعت المواشي , بينما قام الرجل بأعمال أخرى كالصيد لتأمين الغذاء , والكساء .
وقد كان للمرأة منذ بواكير الحضارة دور مميّز , نتيجة قيامها بالحمل والولادة , وتربية الأطفال ورعايتهم , وامتلاكها لوسائل الإنتاج الأولى , بالإضافة إلى إنتساب الأطفال لها نتيجة للحياة المشاعيّة التي كانت سائدة قبل قيام مجتمع الطبقات وتغيّر وتطوّر وسائل الإنتاج .
فيما بعد برز الحقّ الأبوي .. وسقط حقّ الإنتساب إلى الأم , نتيجة لتغيّر المعادلة الإجتماعية . فقد رجّحت كفّة الرجل لأنه أصبح مالكا لوسائل الإنتاج , وظهور المجتمع الطبقي والملكيّة الخاصة , نتيجة الغزوات والحروب وغير ذلك .. , وسقط حقّ الإنتساب إلى الأم .. وبالتالي مكانتها .
واختفت في هذه الأثناء مظاهر عبادة الأنثى ( الإلهة ) : إينانا , عشتروت , أناة " عناة " , أوزيريس ,
اّلهة الخصب , الحبّ, الجمال , أم الأنبياء , ( الهولة ) الملكة تي , الخ ...
إلى أن كرّس الرجل حق تحكّمه بالمرأة بالتشريعات والقوانين منها : شريعة حمورابي , والديانات السماوية الأخرى
لأنّ الرجل استطاع ومنذ اّلاف السنين قيادة دفّة الأسرة وتوجيهها , وأصبحت المرأة في العهود المختلفة اللاحقة وكأنها حقا من حقوق الرجل , وشيئا من متاعه , وفي بعض المناطق والشرائع القديمة , إذا مات الرجل حكم على زوجته بالموت أيضا , لأنها حقّ من حقوق الرجل -مصر والهند في العصور القديمة مثلا -
والمرأة في منطقتنا العربية , والشرق الأوسط , غير معزولة عن ثقافة المنطقة ككل وسيادة الرجل
قهر المرأة التاريخي قديم .. , قدم المعتقدات والأساطير والحكايات والأغاني والأمثال الشعبية , ليشمل معظم نواحي الحياة ..
كالقهر الجنسي - الإقتصادي - الإجتماعي والطبقي - السياسي - التربوي والثقافي - وأخيرا القهر الديني وغيره ...
قهر المرأة إذا ..أنواع وأشكال عديدة ومتنوّعة , وكل نوع من هذا القهر كتب ويكتب عنه عشرات الكتب منها :
القهر الجنسي : أهمّهايتمثّل بالتمييز بين الذكر والأنثى , الإغتصاب , الختان , الزواج المبكّر , زواجها دون إرادتها ودون حب , أو زوج كبير السنّ أو غني , أو لإبن العمّ أو الخال أو العمّة الخ أو ضمن العائلة والعشيرة , معاملة زوج الأمّ للأولاد ( البنات ) , التحرّش , النظرة للمرأة , الخادمات , عدم مراعاة شعور المرأة بالنسبة للحمل والحياة الزوجية , إجتياح ثقافة الجنس عوضا عن ثقافة الحبّ
القهر الإقتصادي : يتمثّل في العمل , الوظيفة , الأجر , الأم العاملة , مساعدات البيوت , عدم توفّر مطاعم شعبية رخيصة , روضات شعبية , الزوج الرجعي الفقر , البطالة , المتاجرة بالجسد , منعها من الدراسة أو العمل , عدم مشاركتها في مصروف البيت وووو
القهر الإجتماعي والطبقي : الصراع بين الحماة والكنّة , وفاة الزوج , سفر الزوج , الطلاق , جرائم " الشرف " الإنجاب , عدم التكافؤ الطبقي أو الإجتماعي , منعها من زيارة أهلها أو أصدقائها دون معرفة الزوج أو أخذ الإذن من العائلة كلها ووو
القهر السياسي : القرار , الرأي , الحكم , المسؤوليات , الزعامة , الأنانية , الغرور , التغييب والإبعاد , الفردية , القوانين , الدساتير , والموروثات وووو الخ
القهر التربوي والثقافي والتقاليد : يتمثّل من أوّل يوم الحمل حتى الممات , التعصّب , تغييب العقل والفكر , غرس أفكار الزواج للمرأة منذ الطفولة , تنمية ال‘تناء بالمظهر والجمال دون العقل والفكر والجوهر , الشتائم , الطرد من البيت , تحيّز الإعلام , الضرب أو الشتائم لها ولأهلها إذا تأخرّت في تحضير الطعام أو كوي قميص له أو لم تلبّي مطلب من مطالب الرجل سلطة الأب والأخ في البيت , عدم المشاركة في العمل ووو الخ
القهر الديني : عادات قواعد شرائع ونصوص واّيات , تقييد أزياء الثوب وغطاء الرأس حتى على بنت سبع سنوات , الإجبار على الصوم , تعدّد الزوجات , الطلاق , إختلاف الطوائف في الزواج , قمع الجسد وتكفينه بالمحرّمات ليس سوى سبيل لقمع المعرفة وتكفينها , قمع السلطة لحرية الجسد , محاسبتها على النظرة والسلام والجلوس مع الضيوف أو إنتقاد الرجل أو جاوبته على موضوع أوشتيمة ,
قاموس طويل .. من العذابات والقهر والقمع والذلّ والإهانات ليس له أوّل ولا اّخر التي تتعرّض له المرأة في كلّ لحظة وكل يوم ..
هناك طبعا إختلاف لهذا الوضع في الريف والمدينة , ويختلف من أسرة لأسرة , ومن منطقة لمنطقة , ومن بلد إلى اّخر , ولكن الحصيلة واحدة مع الأسف .. !
.. المرأة والقمع في التراث الشعبي .. المعتقدات والأساطير والحكايات والأغاني والأمثال
التراث والفلكلور شجرة .. نبعها الواقع في الماضي , وفروعها الحاضر , والمستقبل
مخزوننا الشعبي , وهويّتنا الناطقة , الذاكرة والوجود , لهذه البلاد .. بلادنا العربية والشرقية .. وأيّ بلاد أخرى على هذا الكوكب
التراث والفلكلور حياة الشعوب وأبجديّتها ورداؤها , ونبعها المتدفّق في الأفراح والأتراح . وهو البيئة الحاضنة للتطوّرات الإقتصاديّة والإجتماعية والسياسية والثقافيّة للمجتمع .
هو إبداع إنساني , وحاجة إجتماعيّة , لكونه تعبيرا عن الحياة المعاشة , ومراّة للمستوى الحضاري , ولا يمكن عزله عن واقعه المكاني والزماني ,
لأن الحركات والتعبيرات جاءت منسجمة مع الواقع والنشاط الإجتماعي ونتاج له ونرى ترجمتها من خلال الحكم والأمثال والحكايات والأغاني والمعتقدات والأساطير الشعبية ... وغير ذلك
المرأة .. والأمثال الشعبية في تراثنا . القمع .. والنظرة الدونيّة :
دراستي للأمثال والتراث عامة قديمة جدا , فمنذ ثلاثين عاما وأنا أجمع بالأمثال .. من مصادر مختلفة من الصحيفة , من التلفاز والإذاعة , أو المجلّة والكتاب , أو من حديث , من الأجداد والأهل والأقرباء والأصدقاء , من هنا وهناك .. أدوّن ما أسمع وأقرأ . وقد أصبح لديّ مجموعة لا بأس بها مع مقدّمة لهذا المؤلّف .
وجمع الأمثال لديّ فيه متعة كبيرة , فعندما أسمع مثلاجديدا كأنني حصلت على ثروة
المثل الشعبي وعاء لغوي لغتّه قريبة من الشاعريّة , وللمثل قوّة الحياة لإرتباطه بها
والمثل الشعبي كواحد من روافد الأدب الشعبي ومكوّناته , لم يعط المرأة حقها . فقد نظر إليها نظرة غير عادلة , هذه النظرة هي التي تعبّر عن صورتها في المجتمع , لذلك كان هناك بون شاسع بين الذكر والأنثى حتى منذ اليوم الأوّل للولادة . وتركّز الثقافة الشعبية أهميّة كبيرة على الأولاد منذ الأيام الأولى للزواج , حيث يصبح تفكير الزوجين بالإنجاب , ويفضّل المولود الذكر على الأنثى , حتى إن المرأة التي أنجبت صبيّا يقال فيها الأمثال المشجّعة , والمحطّمة للّتي أنجبت أنثى .
نلمس ذلك التمييز بالأمثال التالية :
*
" مانجح قوم ولّوا أمرهم إمرأة " , تمييز سياسي
*
" المرأة ناقصة عقل ودين " تمييز ديني وعقلي .. وهلمّ جرّا
-
الضرّة مرّة " " .
"العروس بعقلها وقلّة أكلها "
" مثل القطّ المغمّضة "
" عروس لقطة "
رجلي على رجلك " - بكسر اللام -
" الحرمة شو ألدّ أعداءها : حماتها وبيت حماها . "
كلام النسوان ما عليه رباط " . "
" لها فم تاكل ما لها فم تحكي " .
" يللي ما بدّو يزوّج إبنته يغلّي نقدها " .
" لكان يا عمّ , الصبي أهمّ " .
" المرا مثل السجّادة : مرّة لمرّة يلزمها تنفيض " .
" عتبة البيت بتحزن أربعين يوم على خليفة البنت " .
" البنت ما بتفتح فمها إلاّ للمعلقة " .
" المرا لاتعطيها وجه . أو ما بتنعطى وجه " .
" البارودة , قبل المرا " .
" توهة وسّخت في ذقن أبوها , " التوهة كناية عن البنت ,
" المرا بلا رجّال , مثل الحدّاد بلا فحم " .
" المرا ما بيصير تنترك لوحدها " .
" سألوا الشيطان من أستاذك ؟ قال لهم : المرا " .
" المرا ما لها غير زوجها وبيتها " .
" المرا .. حياتها مرمرة " .
" وجدت أمرّ من الموت المرأة , التي هي شباك , وقلبها أسراك , ويداها قيود " .
" كيد النساء هدّ الرجال " .
" البنت القاعدة في البيت , مثل الذبابة في عشّ العنكبوت " .
" البنيّة , بليّة " .
" الولد البكر بيحيي الذكر " .
" مصايب الدنيا أربعة : البنت ولو مريم , والدين ولو درهم , والغربة ولو ميل , والسؤال ولو كيف الطريق " .
" دلّل إبنك بيغنيك , دلّل بنتك بتخزيك . "
" المرا ولو طلعت للمرّيخ اّخرتها للطبيخ " .
" يا ريتها بعد هالطلق جابت غلام " .
" لمّا قالوا غلام انسند عزمي وقام , ولما قالوا بنيّة مالت الحيطة عليّ " .
" أمّ القاعود عالدار بتعود " .
" كلّ مولود أنثى شقيّ " .
جوزّت بنتي لأرتاح من بلاها , إجتني وأربعة من وراها " .
" عم إحكي للجارة تتسمع الكنّة " .
" لا تذبح بنتك على كذب الناس . "
" همّ البنات للممات " .
" تقول الحماة للكنّة : " ياربي شمس شباط لكنّتي تسودّها وتقليها , وشمس الحصاد ( الصيف ) لإبنتي تبيضّها وتجليها " .
وتظلّ النظرة للمرأة ناقصة :
" عمر المرأة ما ربّت ثور وحرث " . !!!!!
هذا غيض من فيض .. بما وصفوا المرأة واحتقروها ,وعدم الثقة بها , , وعدم إحترامها إبتداء من الأبّ والأخ والزوج وأهل الزوج ووووتخصيص مهمّتها ودورها في الحياة بالزواج , والإنجاب , والطعام - حتى الطعام يستكثروه عليها .. ! " حبلة ومرضعة وحواليها أربعة , وطالعة عالجبل تشتري دواء للحبل " .
مسكينة البنت .. حتى عتبة البيت تحزن عند ولادتها أربعين يوما ..... ! ؟ ما هذا الظلم .. يا حرام ... يظهر هناك علاقة ميثولوجية , دراميّة , بين الفتاة والعتبة حيث ينحر الحبّ والأرواح البريئة في أجرانها في معموديّة الحريّة .. !
هذا في الحقيقة نموذج بسيط بما حملت لنا الأمثال والحكم الشعبية في ظلمها للمرأة .. ونظرتها لها كبلوة وحشرة وشرّ وحزن ومصيبة وعار ووسخ وهمّ الخ الخ ...
يتبع ..
هذا الموضوع ألقي في " أمسية هولنديّة " حول موضوع المرأة والقهر - وقد اشتركت في هذه الأمسية أيضا الشاعرة والكاتبة والحقوقيّة السيّدة : بلقيس حسن حيث ألقت قصيدة رائعة , وتكلمت عن المرأة والقهر من ناحية حقوقيّة وقانونيّة , بما لها من تجربة ومشاركات وخبرات في هذا المجال ونضال في الحياة والمجتمعات التي سكنت وتغرّبت فيها ومن خلال منظّمة حقوق الإنسان - التي ترأسها أيضا وقد أجادت قولا وشعرا , وأثرت الأمسية بالكلمة والموسيقى الشعرية والفرح والمشاركة الصادقة , وجرأتها المعهودة ..
كذلك اشتركت أيضا الأخت المهندسة : نوشين حمي , قدمت لنا دراسة قيّمة , حول وضع المرأة الكرديّة في سوريّة , والظلم المضاعف الذي تعيشه سواء من المجتمع أو من السلطة القمعية هناك , بالتمييز القومي والثقافي والإجتماعي وغير ذلك , لوحة صادقة وموثّقة ومعاشة , قدّمته بأسلوب جميل وهادئ ومتّقن .
والجميل في هذه الأمسيات هو الحوار الذي يتخلّلها , والنقاشات والتجارب والمعلومات الذي يقدّمها كل شخص , وبالتالي التعلّم والإطلاع على المشاكل والمواضيع الجديدة في الوطن الأمّ وأوطان اللجؤ , وكيفية التعامل معها بطرق ناجحة وديمقراطيّة
ما أحوجنا وأحوج الأجيال الجديدة إلى المزيد والمزيد من اللقاءات والأمسيات والندوات والمحاضرات واللقاء بالاّخر .. والإنفتاح
#مريم_نجمه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟