ميساء البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 5021 - 2015 / 12 / 22 - 16:31
المحور:
الادب والفن
في مولد الهادي
في يوم مولدك يا سيدي يا رسول الله لم نعد نتذكر إغاثة الملهوف .. والتنفيس عن المكروب .. وإماطة الأذى عن جانب الطريق .. والمسح على رأس اليتيم .
نتذكر فجأة أنَّ علينا أن نفعل شيئاً .. نركض في كل الاتجاهات .. نسعى لنبحث عن شيء مختلف .. صورة في إطار .. أغنية صادحة .. موسيقى لبيتهوفن نكتب في خلفيتها بعض الأحاديث .. وأكثر من ذلك بكثير .. نفعل كل ما تمليه علينا فوضى الحواس الخمس .
نحن يا سيدي يا رسول الله نشق على أنفسنا .. نبعد عن خطاك ، عن الطريق السهل والواضح والمشمس والمشرق ، نغيب في دهاليز الظلام ، نفتش في العتمة عن ضوء شمعة هزيل لنحفر عليه آيات سخطنا !
نتحلى بصفات غريبة مجهولة النسب ، مشوهة الملامح ، مبعثرة القوام .. لا ترمز إلى شيء .. ولا تدل على شيء .. ونصرُّ على أنها أفضل عنوان .. وأنها بداية الطريق إليك .. وعلينا بها أن نلتزم !
مع أن الطريق إليك قصيرة جداً ، ومشوارها علينا هين ، لأنك في قلوبنا ، نحتاج فقط أن ننظر في أعماقنا ، أن ندخل إلى دواخلنا لنراك ونسمعك ونبثك وجعنا الحقيقي الذي تاه منا فارتدينا أوجاعاً أخرى ليست لنا ، ظهرت لنا أثناء كنا نجوب مسارات العتمة .
في مولدك يا سيدي يا رسول الله فقدنا بوصلتنا .. لم نعد نتفق إلا لنهاجم الآخر .. الآخر الذي هو ابن أمي وأبي .. وليس جاري الذي ما زال جبريل يوصيني به حتى ظننت أنه سيورثه .
نحن لم نعد نبحث في آيات الذكر الحكيم ، ولا في أحاديثك الطاهرة الشريفة إلا عما يؤجج الفتنة في قلوبنا !
نريد للآيات الكريمة أن تحمل معاني لا تحتمل .. أن تُفسرَّ قنابلَ من اللهب لتأكل أكبادنا ، تحرق أفئدتنا ، تدك أسوار قلاعنا إلى أن تبكينا حجارة إشبيلية والأندلس .
في يوم مولدك يا سيدي يا رسول الله كلُّ ما علينا أن ننفض عنا هذا الخراب الذي ملأ رئاتنا بالهواء الفاسد ، أن نمسح عن ملامحنا كل الأصباغ ، أن نتوضأ بالفكر الطاهر ونتيمم بالاصغاء ، أن نستقبل ماء المطر برؤوسنا العارية لنغتسل من كل الفوضى التي بعثرتها الريح السوداء منذ سلمت لنا راية الحق .
#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟