|
نسخة مشوهة لدليل مستخدم مجهول
غياث منهل
الحوار المتمدن-العدد: 5020 - 2015 / 12 / 21 - 07:24
المحور:
الادب والفن
اكره المفاجئات لانها تخرجني من منطقة الامان، ليس من عادتي ان ارتدي شيئا له جيوب اثناء النوم، ولكنني وجدت ورقة في جيبي هذا الصباح، ورقة مستلة من كتاب ما، ارى تمزق حوافها بوضوح، لكنها مبهمة، جزء من رسالة ما، خريطة لم تكتمل، لا ادري. المهم، وجدت عليها هوامش اعتذار بخط يد اوضح، خط لم يبهت بعد، اعتذار عن تاخر التسليم، ثلاثون سنة وبضعة اشهر، امتلئ راسي بالاسئلة، عنواني تغير الف مرة في هذه السنوات، انا تغيرت مئة مرة.كيف لهذه ان تجدني، ومن قال انها لي، واي صندوق بريد يفتح في منتصف الليل وينزل بين يدي، شكلها تعليمات، دليل استخدام ما، كتلوك، صورة لاجزاء ماكنة غريبة و مشوهة، مكتضة باسهم وعلامات،هوامش، وارقام اتصال، خدمات ما بعد البيع. الملفت في كل هذا ان احدهم همش على متن الورقة المطبوع بخط قديم نوعا ما، هوامش متنوعة التواريخ، مكتضة بالشخابيط والحذف، خطوطه متشابهه، تشي بشيء ما، لم ادرك ماهيته، لم افهم شيئا من دليل الاستخدام هذا، لم اعد اتذكر الماكنة /الشيء الذي تشير اليه الورقة والهوامش،لم اجد شيئا عنه في الانترنت، لكن الاشارات المتشابكة للورقة والشخابيط دوختني، اقرأ لكم بعضها:
"قد تصدفك وانت تسير بها مواعيد معطوبة، احلام كاذبة، ليست لك، خيانات معبئة باكياس الميلاد، لا تلتقطها. أنصاف إنتظارات ألقي في روعها الشك فما عادت تحفل، قد تصدفك نسيانات عرجا، آمال معلقة على أشباح اوادم، لا تكترث. الماشين بلا عكاز لهم سقطتهم..كل له سقطته. احمل معك عصا، ذراع الي، شيء ما، فقط اجعل سقطتك مدوية. خربش جلد هذا العالم النتن، افقأ عينيه بعصاك، يوما ما ستستيقظ هذه الأرض دون ظلك. شخبط على حيطانها، ارسم وجوها وشوهها، كما يحدث لوجهك بهدوء. لا تخلع معطف أسئلتك المشاكسة مع أول "لاادري" تصدفك. انتقم لنفسك قبل أن... دعك من أطفال الجيران فهم مساكين مثلك، حتى الآن على الأقل، ارفس كبارهم. اصرخ بالشبابيك المغلقة بلامواعيد، شوه يقظتها الباردة. ارفس أبواب تقاويم العمل اليومي، شخبط. ارسم قلوبا مثقوبة على هوامش الكتب الرسمية، دندن شتائمك على الصف ومن فيه. اعزف لحنك فوق الرَحلة. غازل تلك المشاكسة التي ترمق بالرفض حيرتك، بدل ان تصغي لهذا المتفيهق، اضرب من يجلس امامك على قفاه، اتهم من يجلس خلفك. افعل شيئا، اخترع شتيمة ما، اقلب معنى الاشياء للحظة، امسح بالارض كرامتهم. لاتكترث لقواعد اللغة وتنقيطها، كلها مطبات تسرق عمرك. ديكورات لخرابك. لا تمشي من غير عصا أحلامك تنهش عنك كلاب العادة، لكن تأكد أولا انها احلامك انت. احلم أكثر، "طيّز" اكثر، ولا تكترث. لا تحدث أحدا بهن، دعهن بواكر، لا تفصلهن على مقاساتهم، اجعلهن خط الرجعة ابدا، رصاصتك الأخيرة. محض أحلام انت، انتزع منهن سردك. دندن لو شئت تخاريف كتاب ما، اغنية فاجرة، تعليمات مخرج في فلم "بايخ"، لكن لا تبق أسير نصه وقد أعطاك أجنحة وعلمك الطيران. محض أحلام انت، صور شوهها خيال كسول، ضاق ذرعا بأبطاله بعد ان كبروا على قياساته، فكدسكم حوله كومبارسات شوهاء، استلْنا من بين أحلامك واحدا تلو الاخر. مشِط بنا هدءة الأيام وسكونها.دعك منه، شوِه بالرفض بياض العالم، رتابته. لا تقف على جانب الطريق كجذع ينتظر خريفه، فيوما ما، ستستيقظ هذه الجميلة الفاجرة دونك. ستضحك لاخرين وترسم وجوههم على قارعة طريق ما، كما حدث لك. علمتك الطيران واعطتك جناحا، علمتك الشتم، وان تبصق للاعلى. قبل ان تسلم ماكنتك، افعل شيئا. اعدها مشوهة، ملفوفة بالقذارة كما استلمتها. " انتهت كلمات الورقة ********* لم اتذكر عن ماذا بالضبط تتحدث، ربما تتحدث عني او عنكم لكني لا اتذكر انني سبق وكانت لي ماكنة مشابهة، لا ادري، ربما خطأ بالعنوان. خرجت لاتاكد من عنواني. وانا القي اوراق بالبريد في حاوية النفايات بالشارع، اردت ان اتخلص من الورقة وكم الاسئلة التي دوختني بها، اكتشفت اطنانا من الاوراق المشابهة، حولها اسراب من الناس تحطم مكائنها وادواتها المنزلية الغريبة، ناس تضرب بعضها البعض وهم يضحكون ويصدرون اصوات مخجلة، لا اعرف مالذي حدث، عدت بسرعة الى غرفتي وشغلت الحاسبة (قبل ان تتحطم) لاستطلع الاخبار. بالنسبة لك، اذا لم تصل ورقتك لحد الان، انتظرها ذات صباح وانت تعيد ترتيب خزانة ملابسك، تغسل ذاكرتك المتسخة، تصفي قائمة اصدقاءك من معارفك القدامى او تفتش عن ورقة نقدية في ثيابك القديمة، ارتد جيوبا اثناء النوم وفتشها صباحا. بامكانك ايضا مشاركتها هنا للفائدة، رغم ان كلها متشابهة، لكن قد تختلف التفاصيل، اذا كنت ما زلت تقرأ هذا المنشور فتأكد ان لوثة الكترونية اخترقتك، لكي تكمل كل هذا الهراء. هي ذاتها الورقة التي احدثك عنها، امامك تماما. يبدو انها تسللت الى هنا ايضا بطريقة ما، هاهي تظهر على جدار غرفتي هذه، على جدارك انت. يبدو ان الكابوس اكبر من خزانة ملابسي او شقتي الصغيرة، الظاهر ان هاكر عظيم اخترق جدار الحماية ليشخبط على محركات البحث الرئيسة، شيء ما نزل على العالم الليلة الماضية، فايروس عملاق اخترق كل برامج الحصانة العقلية اثناء النوم، تسرب منها الى النت، ومني اليكم، لذلك، اضغط هنا لطباعة الورقة اذا اردت، ارسل الى صديق، علق تعليقا بذيئا، افعل شيئا.
لضمان امن حواسيبكم وتجنبا لاي اختراق الرجاء عدم فتح المنشور
#غياث_منهل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماثيو
-
-برررررد قلبك-
-
سوالف فيسبوكية عن اليسار والغربجية
-
عن التنمية البشرية
-
من اوراق ميت
المزيد.....
-
-أهلا بالعالم-.. هكذا تفاعل فنانون مع فوز السعودية باستضافة
...
-
الفنان المصري نبيل الحلفاوي يتعرض لوعكة صحية طارئة
-
“من سينقذ بالا من بويينا” مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 174 مترج
...
-
المملكة العربية السعودية ترفع الستار عن مجمع استوديوهات للإ
...
-
بيرزيت.. إزاحة الستار عن جداريات فلسطينية تحاكي التاريخ والف
...
-
عندما تصوّر السينما الفلسطينية من أجل البقاء
-
إسرائيل والشتات وغزة: مهرجان -يش!- السينمائي يبرز ملامح وأبع
...
-
تكريم الفائزين بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في د
...
-
”أحـــداث شيقـــة وممتعـــة” متـــابعـــة مسلسل المؤسس عثمان
...
-
الشمبانزي يطور مثل البشر ثقافة تراكمية تنتقل عبر الأجيال
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|