|
اشكاليات فى الفكر الدينى
هشام حتاته
الحوار المتمدن-العدد: 5016 - 2015 / 12 / 17 - 00:33
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لدينا فى الفكر الدينى عدد من الاشكاليات فى تفسير بعض آيات القرآن ، وقد سبق لى ان كتبت ( اشكاليات قرآنية ) ضمن ساسلة نقد الفكر الدينى ، ولكن الاشكاليات هنا تحتلف لانها اشكاليات نقدية موضوعية تطرح العديد من التساؤلات
الاشكالية الاولى : فى الآية 4 من سورة المزمل (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4) نجد ( ورتل القرآن ترتيلا ) واذا عرفنا ان سورة المزمل هى السورة رقم 3 فى ترتيب النول فهذا يدعو الى التساؤل المشروع - ماهو القرآن الذى سيقوم النبى بترتيلة وهو لايزيد عن آيتين سابقتين ، خصوصا انه سيقوم الليل الا قليلا ، نصفة أو ينقص منه او يزيد عليه - فهل سيجلس النبى نصف الليل يرتل سورتين قصيرتين من القرآن كعادة معظم القرآن المكى فهل يكون الترتيل لصحف ابراهيم وموسى التى ذكرت فى الآيتين 18 ، 19 من سورة الاعلى الذى جاء فيها ( قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى 14 وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى 15 . بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا 16. وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى 17ِ ان هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى 18 صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى 19 ) ونطالع تفسير القرطبى للآيتين الآخيرتين : صحف إبراهيم وموسى يعني الكتب المنزلة عليهما . ولم يرد أن هذه الألفاظ بعينها في تلك الصحف ، وإنما هو على المعنى أي إن معنى هذا الكلام وارد في تلك الصحف . وروى الآجري من حديث أبي ذر قال : قلت يا رسول الله ، فما كانت صحف إبراهيم ؟ قال : كانت أمثالا كلها : أيها الملك المتسلط المبتلى المغرور ، إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض ، ولكن بعثتك لترد عني دعوة المظلوم . فإني لا أردها ولو كانت من فم كافر . وكان فيها أمثال : وعلى العاقل أن يكون له ثلاث ساعات : ساعة يناجي فيها ربه ، وساعة يحاسب فيها نفسه ، يفكر فيها في صنع الله - عز وجل - إليه ، وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب . وعلى العاقل ألا يكون ظاعنا إلا في ثلاث : تزود لمعاد ، ومرمة لمعاش ، ولذة في غير محرم . وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه ، مقبلا على شأنه ، حافظا للسانه . ومن عد كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه . قال : قلت يا رسول الله ، فما كانت صحف موسى ؟ قال : كانت عبرا كلها : عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح ! وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف ينصب . وعجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها ! وعجبت لمن أيقن بالحساب [ ص: 23 ] غدا ثم هو لا يعمل ! . قال : قلت يا رسول الله ، فهل في أيدينا شيء مما كان في يدي إبراهيم وموسى ، مما أنزل الله عليك ؟ قال : " نعم اقرأ يا أبا ذر : قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى " وذكر الحديث . وعلينا ان نلاحظ ان هذه السورة هى الثامنه فى تاريخ النزول ، أى فى البدايت الاولى لنزول القرآن ، ولما كان القرآن يفسر بعضه بعضا كما يقول علماء التفسير فعلينا ان نتسائل : لماذا لايكون الترتيل الوارد فى سورة المزمل هو لايات الصحف الاولى لابراهيم وموسى ؟
الاشكالية الثانية : سورة الفاتحة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7) وبغض النظر كما يقولة الامام الشافعى ان البسملة من القرآن زلاتصح الصلاة بدونها ، ومايقوله مالك وابو حنيفة انها ليست من الفاتحة الا اننا نلاحظ من شبكة الضمائر انها دعاء الى الله تبدا بالحمد والثناء عليه ثم الاقرار بملكوته ثم ( اياك ) و ( اهدنا ) هم ضمير المتحدث وليست ضمير المخاطب ، فالكلام هنا للنبى موجها الى الله ولهذا نرى ابن ابى داود السجستانى فى كتابه المصاحف قال ان مصحف بن مسعود لم تكن به سورة الفاتحة والمعوزتين ، حيث ان الفاتحه دعاء الى الله والمعوذتين استعاذة بالله ومازال هناك من يؤيد هذا ومن يرفضة ولكن الجمهور على رفضه سورة الفاتحه هى دعاء من النبى موجها الى الله وكل شبكة الضمائر فيها تدل على هذا ، وهذا مادعا البعض الى القول ان الفاتحه والمعذتين وحى من الله لم يامر النبى بكتابتهما فى المصحف ويكفى الدعاء بالاولى والاستعاذة بالثانيتين ويبقى السؤال مطروحا
الاشكالية الثالثة : العام والخاص (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب) هى من علوم القرآن والتى تعنى ان سبب نزول الاية يكون خاصا فى واقعه بعينها ولكنه يسرى على كل الوقائع المتشابهه معها ، فالسبب لايكون قاصرا خاصا فيمن نزلت فيه أو ورد الحديث بسببه انما يكون عاما شاملا لغيره ولكننا نجد انفسنا امام تناقضين الاول : الاية 56 من سورة القصص ( انك لن تهدى من احببت ولكن الله يهدى من يشاء وهو اعلم بالمهتدين ) وعندما يتسائل الملحد او الكافر او حتى المسيحى او ياليهودى سؤالا مشروعا : اذا كان الهدى من الله ، وهذا قدره علينا فلماذا يحاسبنا ؟ يرد علينا بن كثير ويقول (وقد ثبت في الصحيحين أنها نزلت في أبي طالب عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد كان يحوطه وينصره ، ويقوم في صفه ويحبه حبا [ شديدا ] طبعيا لا شرعيا ، فلما حضرته الوفاة وحان أجله ، دعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الإيمان والدخول في الإسلام ، فسبق القدر فيه ، واختطف من يده ، فاستمر على ما كان عليه من الكفر ، ولله الحكمة التامة ) انتهى وهنا لاعزاء لقاعدة عموم اللفظ وخصوص السبب ( العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب)
الثانى : الاية 129 من سورة النساء التى جاء فيها (وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ۖ-;- ... ) ونتساءل : اذا كان القرآن يفسر بعضه بعضا كما يقول المفسرون فلماذا لانمد الحبل على استقامته لتكون توضيحا للاية التى تقول ( وان لم تعدلوا فواحدة ) ليصبح العدل غير مستطاع ؟ يقولون لك انها نزلت فى السيدة زمعه زوجة النبى التى اراد طلاقها لانى كبرت فى السن فعرضت عليه ان يبقيها فى عصمته وتتنازل له عن جزء من معاشها وعن ليلتها للسيدة عائشة وهنا ايضا لاعزاء لقاعدة عموم اللفظ وخصوص السبب
والى اللقاء فى مقال قادم
#هشام_حتاته (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل كان ابراهيم التوراتى ديوثا ؟
-
من هشام حتاته الى القمص زكريا بطرس
-
رؤية تحليلية لسقوط طائرة شرم الشيخ
-
العلاقة العكسية بين القهر والابداع
-
السيسى وشباب البنطلون الساقط ... !!
-
فى حضرة الفرعون العظيم رمسيس الثانى
-
البغاء المقدس
-
كتاب الموتى ومِنسَأَة النبى ابراهيم
-
المرأة فى الاسلام ( 3- اخير )
-
نيرون العرب يحرق اليمن
-
الاسلام مع المرأة (2)
-
المرأة فى الاسلام
-
رحلة المراة من التقديس الى التبخيس
-
قدم النبى محمد واسطورة خالد بن سنان
-
عودة الروح : مصرترقص وتغنى
-
الولدان المخلدون
-
البدو فى الريفيرا
-
الارهاب الاسلامى فى الغرب ( قراءه نقدية )
-
بيوت الله وبيوت المسنين
-
صائمون ... عابدون - خربشات شعرية
المزيد.....
-
بدء احتفالات الذكرى الـ46 لانتصار الثورة الاسلامية في ايران
...
-
40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
40 ألفاً يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
تفاصيل قانون تمليك اليهود في الضفة
-
حرس الثورة الاسلامية: اسماء قادة القسام الشهداء تبث الرعب بق
...
-
أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة
...
-
لأول مرة خارج المسجد الحرام.. السعودية تعرض كسوة الكعبة في م
...
-
فرحي أطفالك.. أجدد تردد قناة طيور الجنة على القمر نايل سات ب
...
-
ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال
...
-
الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|