أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاك جوزيف أوسي - مصر عند مفترق الطريق















المزيد.....

مصر عند مفترق الطريق


جاك جوزيف أوسي

الحوار المتمدن-العدد: 5013 - 2015 / 12 / 14 - 22:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما وضع جمال عبد الناصر مفهوم الدوائر الثلاثة ” الأفريقية والعربية والإسلامية ” الحاكمة للسياسة الخارجية المصرية في كتاب فلسفة الثورة، كان مدركاً لحدود قوة مصر وقدرتها إن من ناحية الموقع الجغرافي أو من ناحية الإرث التاريخي.

فعبر التحرّك في الدائرة الافريقية كانت مصر تعمل على تأمين مجالها الحيوي المتمثل بحماية منابع نهر النيل لضمان حصتها كاملة من مياه النهر، مستخدمة قوتها الناعمة المتمثلة بروح الثورة التي قادها الجيش المصري ضد الرجعية ونضاله ضد الاستعمار البريطاني، ومن ثم حركة الاصلاحات التي اطلقها داخل البلاد والتي اصبحت المثال والأمل للشعوب الافريقية المضطهدة. ومن ناحية أخرى، استخدمت مصر بمهارة منارة الأزهر الشريف والقوة الناعمة للكرازة المرقصية ” الكنيسة القبطية ” التي تغلغلت على طول حوض النيل وفي افريقيا الاستوائية, لتعمل على حماية الحصة المصرية في مياه النهر.

أما الدائرة الثانية، فهي الدائرة الاسلامية والتي استغلها عبد الناصر جيداً عبر الأزهر الشريف وجامعته التي عملت على اعداد كوادر بشرية من شتى أصقاع البلاد الإسلامية، وحتى البلاد التي فيها جاليات إسلامية، ليكونوا رسله المؤتمنين ورجاله المخلصين الذين سيتولون الدفاع عن أفكاره وسياساته ومبادئه.

والدائرة الأخيرة التي رسمها عبد الناصر فكانت الدائرة العربية التي أدرك قوتها وخصوصاً إبان العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 م، فمن باب القضية الفلسطينية دخل عبد الناصر على الساحة العربية وبنى سمعة مصر كحامية ومدافعة عن حقوق الشعب الفلسطيني أولاً، والقائدة والمتحدثة باسم العرب والمدافعة عن حقوقهم ثانياً. وكانت هذه الدائرة هي التي ستحدد مكانة وحجم الدول التي ستبدأ تنافس مصر على قيادة المنطقة وتطمح للحلول محلها كقوة إقليمية.

وبتقاطع هذه الدوائر الثلاث بنى عبد الناصر قوة وسمعة مصر على الساحة الدولية وخصوصاً عندما عمل مع جواهر لال نهرو رئيس وزراء الهند، وجوزيف بروز تيتو رئيس الاتحاد اليوغسلافي على تأسيس منظمة دول عدم الانحياز لتكون كتلة موازية لحلف شمال الاطلسي الدائر في فلك الولايات المتحدة وحلف وارسو بقيادة الاتحاد السوفييتي.

هذا الإرث الناصري، دمّر على يد خلفاء عبد الناصر في مصر. فعبر نادي سفاري الذي أسسه أنور السادات مع ملكي المغرب و السعودية وشاه إيران وبدعم من وكالة المخابرات الأميركية لمحاربة الفكر الشيوعي والتقدمي في إفريقيا، عمل هذا النادي على دعم الحركات الرجعية ونسج المؤامرات لقلب أنظمة الحكم الوطنية لصالح فئات مرتبطة بالرأسمالية العالمية والامبريالية الدولية في أفريقيا. وبهذا العمل تراجعت صورة مصر من دولة تقدمية صاحبة رسالة إلى بيدق بيد الرأسمالية العالمية استخدمته كرأس حربة تقاتل كل فكر تنويري في هذه القارة.

أما على الصعيد العربي، فبعد اتفاقيات كامب دافييد الموقعة مع الكيان الصهيوني وتبنيها للأفكار الليبرالية الاقتصادية، تقوقعت مصر على نفسها بحجة إنها تحملت ما لم يتحمله غيرها في سبيل الأمة العربية قضاياها، وقد حان الوقت لتلتفت مصر إلى الاهتمام بشؤونها الداخلية، فانتهت مصر من مدافعة عن حقوق الشعوب المضطهدة إلى مقاتلة في سبيل الفوز بمسابقة لملكة جمال أو تنظيم حدث رياضي أو ما شابه ذلك، في صورة تعكس التناقض بين السيد المدافع عن حقوق الضعفاء، ومثال الخادم لمصالح الأسياد.

وعلى الصعيد الإسلامي، فقد دخلته مصر من بابين خاطئين. الأول داخلي، عندما سمحت للتيارات الرجعية بإعادة تنظيم نفسها في الشارع لاستخدامها ضد الفكر الناصري أولاً ولمحاربة ما اصطلح على تسميته الخطر الأحمر الذي يتهدد مصر ثانياً وكان المقصود به ” الفكر الشيوعي “. أما الباب الثاني فكان انخراطها في الصراع الذي دار في أفغانستان ضد الاتحاد السوفييتي واعتبار الصراع صراع بين معسكر الكفر والالحاد ” الاتحاد السوفييتي ” ومعسكر الايمان ” المجاهدين الأفغان والعرب “. وبتبنّي صانع القرار المصري هذين القرارين عمل على ادخال المجتمع المصري في دوامة من العنف لم تنتهي فصولها حتى الآن.

أما في المجال العربي، فالدور المصري سيظل مؤجّل حتى إشعار أخر، بسبب المشاكل الداخلية التي اعترضت المجتمع والدولة المصرية بعد ثورة “25 كانون الثاني – يناير ” والمتمثلة بشكل أساسي بإعادة تعريف الهوية المصرية أولاً وأولويات الانتماء وهل هو لوطن أم لدين، هذا على صعيد الوطني، أما على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي يجب العمل على تحديث واصلاح مؤسسات الدولة التي نخرها الفساد لتتمكن من اداء دورها بكفاءة وفعالية في مجتمع يرزح تحت وطأة مشاكل كثيرة أولها الفقر المدقع الذي بدأ يدمر الطبقة الوسطى وأخرها الأمية التي تقدر نسبتها ب 40% من مجموع سكان مصر. وبين هذين الأمرين سيكون على الحكومة المصرية اقتراح الحلول لملف تنظيم الأسرة المصرية، هذا الملف الذي أصبح يؤرق صانع القرار المصري بسبب تحوله إلى قنبلة موقوتة لارتباطه بمشكلة الأمن الغذائي والتنمية الاجتماعية وعدم القدرة على تأمين الغذاء وتحقيق التنمية في ظل تنامي عدد السكان بنسب عالية غير قابلة للسيطرة عليها بسبب الموروث الثقافي و الاجتماعي والديني في مصر.

وبالنسبة للدور الاسلامي، فسيكون أمام مصر ممثلة بالأزهر الشريف معركة صعبة وطويلة، لإعادة الاعتبار لهذا الصرح العلمي والديني الذي كان منارة للثقافة العربية والاسلامية على امتداد الألف عام المنصرمة، منه انطلقت الاجتهادات الدينية والمذاهب الفكرية، وإليه انتهت خلاصة الحضارة الإنسانية في العصور الوسطى. هذه المعركة هي التي ستحدد توجّه المنطقة في المستقبل فإما ستسود أفكار التنوير والتطور على الساحتين العربية والإسلامية، أو ستزحف الأفكار الرجعية والمتطرفة لتسيطر على المنطقة مرجعة إياها إلى عصور الظلمات.

تكّلم جمال حمدان عن عبقرية المكان التي منحتها الطبيعة لمصر، هذا المكان الذي يقع في مركز تقاطع هذه الدوائر الثلاث، وبمقدار ما تحسن السياسة المصرية في التحرك والمناورة ضمن هذه المجالات الثلاث، بمقدار ما تبنى رصيدها وتعلي سمعتها كدولة مؤثرة في منطقة الشرق الأوسط،، وإلا فإنها ستكون ذاهبة لا محالة إلى المجهول … هذا المجهول الذي سينتج الفوضى التي ستخدم مصالح اللاعبين الكبار على رقعة الشطرنج الدولية.



#جاك_جوزيف_أوسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسلاموفوفيا
- الثورة والقانون وانعكاسهما على وحدة وتماسك المجتمع
- أمير ميكافيللي وقوة القانون
- تركيا ولعبة الأمم
- تداعيات نتائج الانتخابات النيابية في تركيا داخلياً وخارجياً
- كرة الثلج التركية
- قراءة للوضع السياسي في تركيا عشية الانتخابات النيابية
- أهم القوى السياسية في تركيا عشية الانتخابات النيابية
- تداعيات الحرب النفسية على المجتمع السوري
- الاقتصاد السياسي للإرهاب في الشرق الأوسط
- تركيا ومسألة الإبادة
- الأصول المؤسسة لسياسات العثمانيين الجدد
- المشهد بعد الانتخابات النيابية الإسرائيلية ... الفاشية تكشر ...
- 24 نيسان ... يوم ضُحِّيَ بالعدالة الإنسانية على مذبح المصالح ...
- اللعبة الطائفية في الشرق الأوسط
- العلاقات التركية – الإيرانية ... والمتغيرات السياسية في الشر ...
- يوم كان اليمن.. سعيداً
- المفاوضات النووية الإيرانية ... والتحولات السياسية في الشرق ...
- الوجه الآخر لعملية -سليمان شاه-
- قراءة لنتائج الانتخابات التونسية


المزيد.....




- البيت الأبيض يقلل من شأن الخلاف بين ماسك ونافارو ويعلق: الأو ...
- لا للتهجير.. المصريون يستقبلون السيسي وماكرون في العريش بمظا ...
- نتنياهو.. لا نتائج لزيارة البيت الأبيض
- من الرسائل المتبادلة إلى المحادثات غير المباشرة: إيران وأمري ...
- حماس: ما يجري في غزة -انتقام وحشي- من المدنيين 
- وزير الخارجية المصري يجدد رفض بلاده تهجير الفلسطينيين من غزة ...
- نتنياهو: الخيار العسكري لا مفر منه إذا طالت المحدثات النووية ...
- البيت الأبيض: المفاوضات المقبلة مع إيران في عُمان ستكون مباش ...
- حل لغز نيزك كوستاريكا.. -كرات غامضة- قطعت مليوني عام قبل الو ...
- نيبينزيا: روسيا والولايات المتحدة تبحثان إيجاد حل طويل الأمد ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاك جوزيف أوسي - مصر عند مفترق الطريق