أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد النور إدريس - نحن ورثة الانتظار














المزيد.....


نحن ورثة الانتظار


عبد النور إدريس
كاتب

(Abdennour Driss)


الحوار المتمدن-العدد: 1368 - 2005 / 11 / 4 - 12:16
المحور: الادب والفن
    


تجهله مرآة الصباح لم يتعرف على وجهه الحزين ..لم يبكي على أحد منذ زمان .. وهو اليوم يتفجر فيه إحساس عارم بالبكاء ..يخنق فيه امتداد النظر ..تكسرت تحت راحتيه المدينة المحنطة التي يسكنها ..كان يقف كلما مرت أمامه جنازة .. وعندما يرفع الشهادة أمامها تأتيه الرغبة في أن يصبح مصورا هاويا لكل الجنازات التي تحتفل بها مدينته ..أن يقيم لها معرضا بالمدفن المهجور .. كان يحس أنه ينتظر دوره الذي ينام مع حظه العاثر في كل كؤوس الشاي التي تَشربُه..
..لقد مل من انتظار الآتي الذي لا يأتي..
منذ أن دخل إلى المصلحة ملأ استمارة الدخول إلى سيادة المدير .. في البدء كان يريد أن يتملى بطلعة سيادته البهية ويقدم فروض الطاعة والولاء.. وهو الآن ما زال ينتظر الرد الشريف.. وقد ازدحم الزمن على مشارف الطريق .. ولم يعد لموضوع المقابلة السابق معنى ..
يأتي يوميا لتفقد الرد بمقابلة معاليه و باسمرار يجلس في قاعة الانتظار له مكان مألوف يراقب من خلاله الجرس الذي يأمره بالخروج من قاعة الانتظار ..
أحيانا تكون القاعة غاصة بالمنتظرين يقرؤون في وجوه بعضهم صدأ تلك اللحظات ويستريحون في أعين ساهمة تقرا بعضها ..
كان دائما يتساءل عن عدم وجود النساء بقاعة الانتظار تلك ...
أين توجد قاعة انتظار النساء ؟
...ما معنى وجود تلك المرآة المحاذية لباب سيادة المدير.
أحيانا يخون الضجر الجالسين على الكراسي الخشبية الصماء ، يتململون يمينا وشمالا فتنتفض رائحة عرق بليد تزكم أنوف المكان..
كان حتى من حالفه الحظ ووقف أمام جلالة السيد المدير يحس كأنه ما يزال بقاعة الانتظار..
عندما يتحدث الداخل إليه ويعرض بضاعته الشرعية يفرقع السيد المدير أضلاعه ويطرد رائحة الواقف بالرش من عطره الثمين..
وحده العطر من كان يحظى باستقبال سعادة المدير..
وحده الأكسجين من كان يدخل إلى رئة معاليه بدون واسطة..
لم يكن سيادته يسمح للشاي أن يدخل عليه ..
قبل أن يقدم القهوة هدية للسدة العالية..
لم يكن يسمح للشاويش أن يدخل من الباب حتى ينظر إلى المرآة و يضع وجهه بقاعة الانتظار..
ولم يكن يرضى أن تدخل عليه ابنته حتى تأتي به كوَلِي أمرها..
مرة سمع من خلسة عينيه وهو يضع كأس الشاي على المكتب ..وفي غفلة السيد المدير المستدير بوجهه نحو الحائط .. همسا لطيفا كأنه صادر من حنجرة مغني افترسته الألحان عند آخر الليل.
إنني ما زلت أنتظر رد معاليه على طلبي..نعم..نعم..بالطبع ..بالطبع سيدي ..لقد ملأت استمارة الدخول..شكرا .. شكرا ..أنا في الانتظار..
خرج الشاويش للمنتظرين بقاعة الانتظار وطمأن الحضور بأن سيادته موجود وهو الآن في مكالمة هاتفية مهمة..

مكناس في 16/07/2005



#عبد_النور_إدريس (هاشتاغ)       Abdennour_Driss#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دراسة في رواية قلادة قرنفل لزهور ﮔرام
- ...عندما تشبهينني
- مدونة الأسرة المغربية: الضوابط السوسيولوجية وإستراتيجية البن ...
- المرأة و مدونة الشغل المغربية...مقاربة سوسيولوجية*.
- النقد السوسيولوجي والرواية
- أقفال المصالحة...
- المرأة والكتابة بالجسد


المزيد.....




- مجلس أمناء المتحف الوطني العماني يناقش إنشاء فرع لمتحف الإرم ...
- هوليوود تجتاح سباقات فورمولا1.. وهاميلتون يكشف عن مشاهد -غير ...
- ميغان ماركل تثير اشمئزاز المشاهدين بخطأ فادح في المطبخ: -هذا ...
- بالألوان الزاهية وعلى أنغام الموسيقى.. الآلاف يحتفلون في كات ...
- تنوع ثقافي وإبداعي في مكان واحد.. افتتاح الأسبوع الرابع لموض ...
- “معاوية” يكشف عن الهشاشة الفكرية والسياسية للطائفيين في العر ...
- ترجمة جديدة لـ-الردع الاستباقي-: العدو يضرب في دمشق
- أبل تخطط لإضافة الترجمة الفورية للمحادثات عبر سماعات إيربودز ...
- الأديب والكاتب دريد عوده يوقع -يسوع الأسيني: حياة المسيح الس ...
- تعرّف على ثقافة الصوم لدى بعض أديان الشرق الأوسط وحضاراته


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد النور إدريس - نحن ورثة الانتظار