أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة الحسن - الى المتماوت رعد عبد القادر ـ مات طائر بغداد المغرد















المزيد.....

الى المتماوت رعد عبد القادر ـ مات طائر بغداد المغرد


حمزة الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 371 - 2003 / 1 / 18 - 14:36
المحور: الادب والفن
    



                 خاص: الحوار المتمدن


    ( فكرت بحياتي: لم تستطيعي ان تكوني خادمة
                   ولم تستطيعي ان تكوني ملكة
                    كلي ترابا اسود ايتها الكادحة بأظفاري )

                  رعد عبد القادر ـ من ديوان: دع البلبل يتعجب.

  وانا اطالع اوراقك واقرأ نبأ موتك فكرت بأنها واحدة من لعبك الصغيرة التي عودتني عليها، فأنا أعرف كما لا يعرف غيري انك تختفي حلف حاجب أو ستار ما يوما لتخرج لنا فجأة.اما اذا كان موتك حقيقيا، يارعد، وفي هذه الايام، فستكون تلك خيانة، خيانتك الاخيرة، خيانتك الحقيقية.  قبل ايام من هروبك الطفولي الى الموت، كتبت لك احتفالية خاصة في هذا المكان بالذات الذي احببته كما أحببتك، وقلت لك في 30/12/02 ، هل تذكر، بأنني ساشعل لك شمعة من شرفتي التي تطل على خليج بلون الرماد.

لكنك بعد ثلاثة عشر يوما هربت وحملت تابوتك وحدك وتركت صاحبك وشمعته على حافة هذا الليل القطبي محاصرا بالثلج والنوارس  والعزلة.هل كنت مضطرا لهذا الهروب؟وماذا كان سيحدث لو انك انتظرت  لحظة اخرى؟  يوم كتبتك عنك قبل سنوات وصلتني رسالة منك مهربة عبر البريد مع دوايينك
هي اليوم مطروحة أمامي كنعش نظيف ومعطر وحار.أخشى اليوم البحث في أوراقك.
كنت أخشى أن أكتب عنك كما أريد، وانا أعرف، كما لا يعرف غيري، ان قصائد ديوانك( دع البلبل يتعجب) هي قصائد مقاومة، وهي هجاء شرس للدكتاتور، لكني كنت انصح القراء ـ كما حصل آخر مرة ـ ان لا يحملوا هذه القصائد فوق ما تحتمل من معنى.كنت أخاف عليك من الموت.لكنك اليوم حررتني.

قلت حرفيا ( ان هذه النصوص مفرغة من المعنى، ومشحونة بالاسئلة) وكنت اراوغ كما كنت انت تراوغ.وماذا نملك غير سلاح المراوغة في هذا الزمن الوحشي؟ ولم تكن نصوصك مفرغة من المعنى، بل كانت مشحونة بالمعنى وبالاسئلة. هي الخشية عليك من موت عاجل.

لكن هل هناك مجال للسر الان وانت الان حر أكثر من اي واحد منا؟ سأخونك الليلة كما خنتني ومت موتا عاجلا. ساقول ان رعد عبد القادر كان شاعر مقاومة كبير، وعلى من لا يصدق ان يقرأ دوايينه الشعرية:

 دع البلبل يتعجب/ جوائز السنة الكبيسة/ صقر في الشمس.

أن يقرأ قصيدة( احلام محمد علي باشا الصغير) وهي سخرية علنية من الطاغية كما لم يحدث في تاريخ الادب العراقي في الداخل في هذه الحقبة البغيضة.

   ( تجرد من القابك التي ورطك فيها محمد علي باشا الكبير واي محمد     علي باشا في الارض.  

  لا أحلام لك بفتح الصين..

    دعك من التاريخ، ليس ثمة احسن من البهجة...
     كن واقعيا في المحنة
      تخل عن عباراتك الجوفاء
      لا تخلع مدينتك كخاتم
      اطرد محمد علي باشا الكبير من احلامك )


الذين نسوك كل هذه السنوات هم اليوم أول من يرثيك.
هؤلاء لا يعيشون إلا من المراثي.
  لا حرفة لهم، ولا موهبة، ولا صنعة، غير النواح في مأتم الشعراء الكبار،
لا حبا بهم، بل ليظهروا في المأتم العام ويعلنوا عن انفسهم، وهم موتى، وانت الحي الوحيد في هذه الجنازة.أين كان هؤلاء وانت حي؟!هؤلاء الذين يمشون في حفل تأبينك المزور، هم من سيذهب الى المقبرة، وانت من سيعود من حفلة الدفن.

أنت أكبر منهم.
أنت من يحمل تابوتا كبيرا.
أنت المشيع وهم الموتى.

كنت تكتب وانت على مسافة أمتار من الوحش دونما خوف.
وأنت من قلب المعادلة الكريهة التي أسسها صناع الوهم والفشل والسراب التي تقول بأن لا أدب حقيقيا في العراق غير ادب المنفى.

  حتى دفعت الثمن الرهيب: هذا الموت العاجل.

لم يتحمل القلب كل هذه المراوغة فقرر أن يسكت وانت في ذورة الغبطة والسرور والمرح الشعري.

خانك قلبك.
كما ساخونك انا اليوم وأعلن للعالم ان رعد عبد القادر كان شاعر مقاومة كبير في حقبة صعبة.

لم تكن خادما.
لم تكن ملكا.

كنت تأكل خبزك من أظافرك.

واليوم سيأكلون خبزا من مراثيك.

  وماذا عن الشمعة التي لا تزال بقاياها على طاولة في الشرفة؟.

قبل ايام، ومن هذا المكان بالذات، قررت الاحتفال بعيد ميلادك.

  واليوم أجلس في الشرفة ذاتها وامام نفس الشمعة وأمام الخليج الرمادي نفسه لأكتب عن موتك.

  ياخليج،
ياشرفة،
ياشمعة،
يافقراء،
مات رعد عبد القادر،
مات طائر بغداد المغرد.

 

 



#حمزة_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشاعر الشيلي بابلو نيرودا ـ تعالوا انظروا الدم في الشوارع
- الشاعر ولتر تونيتو ـ كفن لبلاد الرافدين
- الروائي الالماني هرمان هيسه ـ اذا ما إستمرت الحرب
- الشاعر عباس خضير ـ الحرب والاعتقال والمنفى والذهول
- الشاعرة اليزابث. ر . كري ـ عشية الحرب
- الشاعر ديفد ري،David Ray ـ الى طفل في بغداد
- الشعر الاجنبي والحرب ـ موسم قتل العراقيين
- القاص مهدي جبر ـ وداعا طائر التم
- الروائي نوري المرادي ـ خضرمة ـ الموسم الخامس.
- إحتفالية بالروائي عبد الخالق الركابي ـ سابع ايام الخلق
- الروائي مهدي عيسى الصقر..و.. ـ أشواق طائر الليل
- الروائي الطاهر بن جلون و ـ تلك العتمة الباهرة
- الروائي المغربي محمد شكري و ـ زمن الاخطاء
- عبد الله القصيمي، المتمرد القادم من الصحراء
- الشاعر أمين جياد و ـ لمن أقول وداعا؟
- الشاعر حسين عبد اللطيف في- نار القطرب-
- احتفالية بالشاعر رعد عبد القادر و- دع البلبل يتعجب
- احتجاجات المثقف والارهاب وغياب تقاليد التضامن - التضامن مع ا ...
- نقد المثلث الأسود / رجل واحد شجاع يشكل أغلبية !
- وثيقة التوجهات السرية!


المزيد.....




- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة الحسن - الى المتماوت رعد عبد القادر ـ مات طائر بغداد المغرد