الكشف عن وثيقة تكذّب تماما مزاعم بوش

طلال الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 5012 - 2015 / 12 / 13 - 21:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

استندت مبررات خوض الحرب على العراق إلى وثيقة سرية ل CIA من 93 صفحة تعود الى عام 2002, التي اوردت معلومات تزعم بوجود علاقة بين الرئيس العراقي السابق صدام حسين وأسلحة الدمار الشامل. يمكن قراءة الوثيقة بالكامل في
(1) .

الآن, وقد رفعت السرية عن تلك الوثيقة, يتبين انه لم يكن هنالك اي مبرر بالمرة للحرب. وتكشف الوثيقة عدم وجود علاقة بين صدام والقاعدة, ولم يكن هناك برنامج أسلحة دمار شامل.

ولكن هذا ليس ما قاله كبار المسؤولين في إدارة بوش خلال حملتهم لتسويق الحرب للجمهور الأميركي. هؤلاء المسؤولين، نقلا عن نفس الوثيقة السرية، أكدوا بكل يقين ان العراق كان يعمل من اجل انتاج الأسلحة النووية، واخفاء ترسانة واسعة من الأسلحة الكيمياوية والبيولوجية، التي تشكل تهديدا مباشرا وخطيرا للأمن القومي الأمريكي.

للمرة الأولى، يمكن للجمهور الآن الاطلاع على هذه الوثيقة التي صُيغت على عجل من قبل CIA, وهي نفس الوثيقة التي استخدمها الكونغرس لتمرير قرار مشترك يجيز استخدام القوة العسكرية في العراق، والبدء بشن حرب مكلفة في 20 مارس 2003 تحت ذريعة التخلص من اسلحة الدمار الشامل (غير الموحودة)، الإطاحة بصدام حسين، و"تحرير!" الشعب العراقي.

مثال على ذلك: وفقا للوثيقة التي رفعت عنها السرية حديثا، خلصت اجهزة الاستخبارات الاميريكية الى ان العراق "ربما قد جدد نشاطه لإنتاج الأسلحة البيولوجية...ولكننا غير قادرون على تحديد ما إذا كانت بحوث [الأسلحة البيولوجية] قد استؤنفت فعلا". وتمضي الوثيقة بالقول انه لم يكن لدى صدام حسين "مادة كافية" لتصنيع أية أسلحة نووية و "المعلومات التي لدينا بخصوص موظفي المفاعل النووي العراقي لا تنسجم مع الزعم بوجود جهد متماسك لبرنامج إعادة تصنيع الأسلحة النووية."

خلافا لما اوردته هذه الوثيقة, زعم الرئيس جورج بوش في 7 أكتوبر 2002 في خطاب في مدينة سينسيناتي بولاية أوهايو (2)، ان العراق "يمتلك ويننتج أسلحة كيماوية وبيولوجية" و "الأدلة تشير إلى أن العراق يعيد بناء برنامجه للاسلحة النووية."

احد الأجزاء المهمة لهذه الوثيقة الذي يُكشف لأول مرة هو الجزء المتعلق بعلاقة العراق المزعومة بتنظيم القاعدة. في سبتمبر 2002، ادعى وزير الدفاع الامريكي وقتها دونالد رامسفيلد انه لديه ادلة لا تقبل الشك بخصوص علاقة نظام صدام حسين والجماعات الإرهابية.

قال رامسفيلد "لدينا أدلة دامغة على وجود أعضاء تنظيم القاعدة في العراق، بما في ذلك بعضهم المتواجدين في بغداد". واضاف "لدينا ما نعتبره تقاريرا موثوقة جدا بوجود اتصالات رفيعة المستوى, التي تعود الى عقد من الزمن، وتهدف الى تدريب عناصر القاعدة على استخدام المواد الكيميائية والبيولوجية".

ولكن ما قالته الوثيقة هو انها استندت في معلوماتها حول وجود علاقة عمل بين القاعدة والعراق على "مصادر متفاوتة الموثوقية" - مثل منشقين عراقيين - وأنه لم يكن من الواضح على الإطلاق أن صدام حسين كان على علم بوجود هذه العلاقة، ان وجدت هي فعلا.

تقول الوثيقة " كما هو الحال مع الكثير من المعلومات عن العلاقة المحتملة بين صدام والقاعدة, ان تفاصيل التدريب والدعم كانت مستقاة من مصادر ثانوية", تضيف الوثيقة "إن وجود مسلحي القاعدة في العراق يطرح العديد من الأسئلة. نحن لا نعرف إلى أي مدى قد تكون بغداد متواطئة في استخدام أراضيها كملاذ آمن وللعبور."

خلص تحقيق الكونغرس الامريكي (3) في وقت لاحق الى ان مزاعم تدريب العراق لعناصر القاعدة على استخدام المود الكيميائية والبيولوجية كانت مستندة على مصدر واحد. المصدر هو الُمُعتقل ابن الشيخ الليبي, الذي تقول عنه الوثيقة اته قد "أخبرنا أن العراق قام بتدريب اثنين من عناصر القاعدة على اسخدام الاسلحة الكيميائية و البيولوجية, وان التدريب بدأ في ديسمبر 2000"، . كما انه " ادعى ، مع ذلك، أن العراق لم يرسل أي مادة كيميائية، بيولوجية، أو مواد نووية - أو أي مدربين - لتنظيم القاعدة في أفغانستان."

وكان الليبي أمير معسكر تدريب خلدان في أفغانستان، حيث أقفله الطالبان قبل 11/9, يسبب رفض الليبي الانصياع لسلطة أسامة بن لادن.

في ديسمبر الماضي، أصدرت لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الامريكي ملخصا لتقرير "التعذيب (4) في برنامج CIA ل"تعزيز الاستجواب". ذكرت حاشية في الملخص ان الليبي، وهو مواطن ليبي، "ذكر في حينه ان العراق كان يدعم القاعدة ويقدم المساعدة لها في مجال استخدام الأسلحة الكيميائية والبيولوجية."
كولن باول في خطابه أمام الأمم المتحدة، استخدم مزاعم الليبي كمبرر لغزو العراق عام 2003"، ويقول تقرير التعذيب ان "ابن شيخ الليبي تراجع عن اقواله السابقة بعد ان تم احتجازه من قبل ال CIA في فبراير 2003، مدعيا أنه تعرض للتعذيب من قَبل [نص محجوب]، وانه فقط قال لهم ما كان يريدون ان يسمعوه."

يقال ان الليبي انتحر في سجن ليبي في عام 2009، بعد حوالي شهر من لقاءه محققي حقوق الإنسان (5).

بول بيلار، وهو محلل وكالة المخابرات المركزية المخضرم السابق في الشرق الأوسط , الذي كان مسؤولا عن تنسيق عمليات تقييم أجهزة االاستخبارات حول العراق، قال ان "المعلومات الاستخباراتية بخصوص استخدام العراق الأسلحة البيولوجية وانتاج بكتريا الجمرة الخبيثة كانت قد استنتدت إلى مصادر غير موثوقة مثل أحمد الجلبي، الرئيس السابق ل المؤتمر الوطني العراقي"، وهي جماعة المعارضة التي كانت مدعومة من قبل الولايات المتحدة.

ولكن بيلار، وهو الآن أستاذ زائر في جامعة جورج تاون، أضاف أن إدارة بوش قد اتخذت مسبقا قرار الذهاب إلى الحرب ضد العراق، وبالتالي فإن تقرير ال CIA "لم يؤثر [على] القرار". وأضاف أن عددا قليلا جدا من اعضاء الكونغرس ومجلس الشيوخ الامريكي قد قرأ فقط ملخصا من خمسة صفحات للتقرير الذي اُستخدم من قبل ادارة بوش كمصدر موثوق لشن حربه على العراق!

تقول منظمة Rand الامريكية للبحوث والتنمية (6):
"وبصرف النظر عن تأثير رغبات واضعي السياسات، كان هناك العديد من الأسباب الأخرى التي تدفع الى القول ان التقرير كان تقريرا كاذبا, فقد أُنتج في عجلة من امره، وكانت المعلومات الاستخباراتية شحيحة وغير موثوق بها. "

في مقابلة مع مؤسس وكالة Vice الاعلامية, شين سميث، قال اوباما (7) ان صعود الدولة الإسلامية كان نتيجة كارثية مباشرة لغزو العراق. واضاف ان "داعش هي نتيجة مباشرة لانبثاق القاعدة في العراق بعد غزونا له"، و "أن ذلك هو من العواقب غير المقصودة. لهذا السبب ينبغي أن نحدد هدفنا قبل أن نطلق النار."

ولكن الاحداث اللاحقة تكشف ان كلام اوباما كان فقط للاستهلاك الداخلي وانه لم يتعلم الدروس الناتجة عن الخسائر الباهظة لغزو العراق الذي ادى الى مقتل مئات الالوف وتدمير البنية التحتية وخلق القاعدة وداعش لاحقا في العراق.
...............
المصادر
1. http://de.scribd.com/doc/259216899/Iraq-October-2002-NIE-on-WMDs-unedacted-version
2. http://georgewbush-whitehouse.archives.gov/news/releases/2002/10/20021007-8.html
3- http://www.washingtonpost.com/wp-srv/nation/shoulders/senateiraqconclusions.pdf
4- https://news.vice.com/article/senate-torture-report-finds-the-cia-was-less-effective-and-more-brutal-than-anyone-knew
5- http://www.washingtonpost.com/wp-dyn/content/article/2009/05/11/AR2009051103412.html
6- http://www.rand.org/content/dam/rand/pubs/research_reports/RR700/RR768/RAND_RR768.pdf.
7- https://news.vice.com/video/president-obama-speaks-with-vice-news

#طلال_الربيعي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات