جولات ووعود ا ستعراضية

بدر الدين شنن

الحوار المتمدن-العدد: 1367 - 2005 / 11 / 3 - 11:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

قامت القيادة القطرية لحزب البعث الحاكم ، في الأسابيع الأخيرة ، بعقد سلسلة من اللقاءات الميدانية ، مع قيادات وكوادر فروع الحزب في المحافظات السورية ، امتدت من دمشق إلى الحسكة ، طرحت فيها " عزم الحزب " ، كما نقله الإعلام الرسمي ، على القيام بمبادرات جديدة متعلقة بالداخل ، مثل الاهتمام بالقضايا المعاشية للمواطنين ، ومكافحة الفساد . وكان أبرزها " التبشير بطرح قانون للأحزاب للنقاش العام

لسنا الآن بصدد الإشارة إلى حسن أو سوء النوايا . ففي السياسة ، كما علمنا التاريخ ، لاقيمة إلاّ للأفعال .. والأفعال لا تتحرك إلاّ لتحقيق المصالح والأهداف للأفراد والأحزاب والطبقات الإجتماعية . والأفعال إما أن تكون مطابقة لاحتياجات الواقع وتتجاوب مع تطوره التاريخي فتكون إيجابية وديمقراطية وتقدمية ، وإما أن تكون متحكمة بالواقع لغرض الهيمنة على المجتمع لصالح قلة سلطوية أو فئوية أو طبقية فتكون سلبية وديكتاتورية ورجعية . وفي السياسية كذلك ، لاتأتي الأفعال صدفة أو مفاجأة ، إنها تأتي عن سابق تصميم وتعمد ، ولها أبعادها المرتبطة بمفاهيم السلطة والثقافة والأخلاق ، التي تشكل مع نوعية ومستويات المصالح وآليات تحققها منظومة متكاملة

لهذا فإن الجولات الاستعراضية لأهل الحكم ، للتعبير عن " الرغبة " بالإصلاح ، هي محاولة ناقصة ومكشوفة ، وهي لم ولن تقتنص الثقة الشعبية بها . فالخطيب والمخاطب في هذه اللقاءات هم " جحا وأهل بيته " وهم المسؤولون ، بشكل أو بآخر ، عن كل ما ألم بالبلاد والعباد من ظلم وفساد وا ستبداد . وهم إن أرادوا إفتراضاً أن يجددوا ويغيروا لن ينجحوا ، لأنهم أدنى وأضعف مستوى أمام مثل هذه المهمة التي تطال أ سس النظام وجوهره ، ولأن قرار الإصلاح المطلوب شعبياً ليس مكانه في المحافظات ، في الفروع الشكلية للسلطة وإنما في العاصمة .. في المركز السياسي والأمني في النظام ، الذي عدل الد ستور في دقائق لتمرير انتقال الرئاسة الأولى ، وليس من الصعب عليه ، إن رغب بذلك ، تعديل الدستور وطرح انفتاح حقيقي مشرف خلال ساعات أو أيام لإنقاذ شعب ووطن

وا ستطراداً لاغنى عن القول ، كيف يمكن مثلاً اكتساب المصداقية لطرح قانون للأحزاب ، لتحقيق التعددية الحزبية مع ا ستمرار احتكار حزب البعث " الدستوري " لقيادة الدولة والسياسة والمجتمع ومع ا ستمرار المعوقات القمعية لأي حراك سياسي مستقل ، ناهيك عن إن كان حراكاً معارضاً ، وكيف يمكن لمن أفشى الفساد وعمم القهر والاستبداد لتغطية ا ستغلال الدولة ونهب المال العام أن يقود إصلاحاً أو يكون أداة إصلاح أو بناء ديمقراطي

يبدو أن العقل الموجه للنظام قد بلغ من التخلف والعجز مبلغاً عتيا . وهو يجري عبثاً للحاق بإيقاعات المتغيرات الداخلية والخارجية العاصفة . وهذا يشكل أحد الأسباب الرئيسية لضعف النظام وإخفاقاته ، وهو يضيف مبرراً هاماً إلى جملة المبررات الأخرى السياسية والأخلاقية المشروعة لرحيل النظام ، قبل فوات الأوان ، عبر صيغة توافقية مع قوى المعارضة وكل أبناء الشعب الغيارى على الوطن .. صيغة تعيد للبلاد لحمتها الوطنية وحياتها الديمقراطية وفرصها الاجتماعية العادلة .. وتحميها من غدر الطامعين بها .. أرضاً وشعباً

#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات