أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - في سياق تحويل الشعب إلى جمهور














المزيد.....


في سياق تحويل الشعب إلى جمهور


معتز حيسو

الحوار المتمدن-العدد: 5004 - 2015 / 12 / 3 - 19:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



ترتبط المفاهيم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، عضوياً، ببنية الدولة. معنى ذلك أن استخدام أي من المفاهيم المتعلقة بالمواطن، يتمفصل وظيفياً في السياق التاريخي لتطور بنية الدولة وأشكال تجلياتها. كما أنه يحمل دلالات سياسية تكشف عن تركيبة السلطة، وبالتالي طبيعة علاقتها بالمكونات والمؤسسات الاجتماعية.
وبحسب نظريات العقد الاجتماعي، فإن السيادة هي للشعب، المكوَّن من أفراد أحرار متساوين في الحقوق والواجبات، ويتمتعون بالإرادة، في ظل حكم مدني يقوم على فصل السلطات. والسيادة بهذا المعنى تتأسس على المواطنين الأحرار، ولا وجود للشعب خارج الأفراد المكونين له. وقد سبق للمفكر الراحل إلياس مرقص أن أشار في هذا السياق إلى أنه «عندما ندرك في الوطن العربي أننا 250 مليون أنا فردية، نكون قد خطونا أولى الخطوات إلى الحرية». وهذا يتقاطع بدوره مع الفكر السياسي الحديث الذي يُقرُّ بحقوق الأفراد، وأهمية المساواة القانونية كمدخل إلى تمكين الفرد من حرية الإرادة. وهذا ما يفتقد إليه الفرد في أنظمة عربية تعمد إلى سحق الأنا الفردية، وتذويبها ضمن الأنا الجمعية المقهورة. إضافة إلى ذلك، فإنها تضرب عرض الحائط، بنظريات العقد الاجتماعي كافة، وتعمل على تغييب حقوق المواطنة، ولا يلتزم حكامها بالدستور، ويختزلون الوطن والشعب بشخوصهم الأنوية.
وقد اقترن مفهوم الرعيّة في العصور الوسطى وما قبلها بأشكال حكم مطلقة تستند إلى فكرة التفويض الإلهي، أو الغلبة، وكلتاهما كانتا محمولا على أيديولوجيا دينية يقوم على تطبيقها زعيم «يرعى» شؤون رعيَّته الدينية والدنيوية، في سياق نمط اقتصادي إقطاعي ريعي. بينما ارتبط مفهوم الدولة الرعائية بالنمط الرأسمالي في مرحلة المواجهة الباردة مع المعسكر السوفياتي. هذا في وقت تستمر فيه حكومات الدول ذات النمط الاقتصادي الليبرالي والنيو ـ ليبرالي، بتحويل المواطن إلى قوة عمل حرة يتناهشها رأس المال الذي يميل إلى احتكار وسائل وأدوات الإنتاج، وذلك يرتبط مع عولمة رأس المال الذي يتخذ من التمييل مصدراً أساسياً للربح، ويتزامن أيضاً مع اشتغال الجهات المعنية على فتح السوق العالمية أمام حركة رأس المال، وتراجع دور الإنتاج كمصدر أساسي للربح والتراكم، نتيجة الفائض الإنتاجي، والتخلي الجزئي عن قوى العمل الحيِّة، نتيجة التطور العلمي والصناعي.
وكما هو معلوم، فإن مفهوم الشعب يعبِّر عن إطار اجتماعي عام يحتمل التنوع والتباين والتناقض. وفي الوقت ذاته يدلل على ديناميكية سياسية واقتصادية واجتماعية. بهذا المستوى، فإنه يحمل في سياق تشكُّله وتطوره الطبيعي مشاريع التغيير، وينطوي على قوة كامنة متجددة قابلة للتحول من الوجود بالقوة إلى الوجود بالفعل، لحظة توفُّر الظروف الذاتية والموضوعية. والشعوب بهذا المعنى تحمل في داخلها ديناميكية الفعل والتغيير. ويتجلى ذلك من خلال أشكال ومستويات حركية متعددة ومتباينة، منظَّمة أحياناً، وفي أحيان أخرى عفوية، تُنتج في سياقها الحركي قادةً عضويين، يستطيعون إذا ما توافرت لهم معطيات ذاتية وأخرى موضوعية، القيام بمهام على درجة من الأهمية، ويمكن حصول ما يخالف ذلك، إذا لم تكن عوامل التغيير ناضجة بما يكفي لتحقيق انتقال نوعي.
من جهة أخرى، اشتغل حملة المشاريع الأيديولوجية، من زعماء وسياسيين، على تضخيم المستوى الأيديولوجي وتحويل الفرد إلى أداة أيديولوجية وظيفية لتحقيق أهداف ومصالح سياسية خاصة. وكان ذلك يتساوق مع انتهاكات واضحة لشرعة حقوق إنسان في دول تعتبر أن الشعب مصدر السلطات. هذا إضافة إلى اشتغال وسائل إعلامية كبرى تربطها علاقات عضوية مع الشركات العابرة للحدود والقوميات وحكومات الدول الكبرى، على توجيه وتأطير آليات تفكير الفرد.
لقد اشتغلت الأنظمة السياسية العربية المتخلفة، وبشكل خاص الأنظمة ذات البنية الاستبدادية، على التعامل مع الشعب بوصفه جمهوراً. في سياق ذلك كان يتم اختزاله إلى أشكال ركامية وحالات قطيعية غوغائية وانفعالية، يهوج الفرد فيها ويموج ضمن كتلة رجراجة منفعلة، محكومة بردات فعل تفتقد إلى التفكير العقلاني والمنهجي. لذلك فهو من منظور زعماء غير قادر على تقدير مصالحه وتحديد أهدافه، وعاجز عن إدارة الشؤون العامة. وهو يحتاج إلى الوصاية، وإلى قائد كاريزمي قادر على ضبط السياق العام لحركة التطور والتاريخ، بما في ذلك المجتمع/الشعب. في هذا المستوى يتم تجريد المواطن «الفرد» من حرية القرار وحق تقرير مصيره وأشكال حياته، وتحويله إلى مصدر للنهب، وموضوع للتسلط، ويُنظر إليه بكونه أداة وظيفية.
ومن المفارقات أن النظام العربي ينافح بأنه يستمد مشروعيته السياسية من الشعب. لكنه يتجاهل أنه هو من اشتغل على تحويله إلى جمهور منفعل، وهو من سلبه أدوات فاعليته كاملة. فانحصر استخدام مفهوم الشعب، في الحملات الإعلامية الدعائية والمهرجانات الخطابية بغرض التحشيد والتضليل، وهذا يندرج في إطار وظيفي، غايته التلاعب بالعقول خدمة لمصالح الزعيم الرمز. وفي سياق ذلك يتم الإجهاض على حقوق المواطنة كافة، وتفريغها من مضامينها الأساسية، وصولاً إلى تغريب الإنسان عن إنسانيته.



#معتز_حيسو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا: مفارقات وتحولات
- عتبة الخيارات القسرية
- في سوريا: جحيم من نوع آخر
- أسباب التدخل الروسي في سوريا وتداعياته
- في طبيعة وبنية الدولة الراهنة
- في طبيعة الدولة الراهنة وبنيتها
- هجرة في الموت
- سوريا على صفيح ساخن
- العالم العربي نموذجاً: الدولة حين تأكل المجتمع
- في أوضاع الطبقة العاملة وتغيراتها البنيوية
- في مقدمات ثقافة العنف
- الدور الوظيفي ل «داعش» وأخواته
- إشكاليات الحل السياسي في سوريا
- سوريا: عتبة انهيار الأمن الغذائي
- هل ستكون اليونان بوابة للتغيير؟
- تجليات الإمبريالية الراهنة
- السباق إلى الهاوية
- حروب على الحضارة والتاريخ
- من تجليات الأزمة السورية
- المشهد السوري في سياق التحولات العالمية


المزيد.....




- الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و ...
- عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها ...
- نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - في سياق تحويل الشعب إلى جمهور