أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زكريا كردي - خواطر في العبودية














المزيد.....


خواطر في العبودية


زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)


الحوار المتمدن-العدد: 5004 - 2015 / 12 / 3 - 08:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


العبد لا يُحسن الكَر.. يُحسن الحَلبَ والصَرّ ..
يتراءى لي أن للعبودية أنواع متعددة ، ربما أبشعها - شكلاً - بيعُ الانسان واسترقاقه من قبلِ أخيه الإنسان .. و كما يعلم الجميع أن هذا الشكل من العبودية قد ولى منذ عشرات السنين، وأعلن عن مُحاربته عالمياً وقانونيا. .نتيجة لتطور الوعي الإنساني طبعاً ، وليس نتيجة لتحريم واضح مما يسمى بالأديان الإبراهيمية .. وإن إدعى بعضها أنه شجّع على تلاشي هذه الوصمة المشينة في تاريخ الانسانية و كرامتها . وقد تم ذلك في إعلان حقوق الإنسان ، 1948 .
يخطر لي، أن أخطر أشكال العبودية ، التي كانت و مازالت مستمرة ، هي العبوديه الفكريه، وهي - برأي - لا تقل سوءاً عن عبوديه الجسد . . لأن فيها لا يكون الانسان تابعا،
لعقيدة أو فكر او مذهب معين فحسب ، بل يكون عبداً مطيعا له ، و خاضعا لتعاليمه أحياناً، بلا أي براح في التفكير أو حرية في التبصر.. إلى درجة يقلُّ فيها في الفرد مستوى ادراكه، وتتقلص معها مساحه تفكيره، ويضمحل عبرها افق خياله و تصوراته. . ويصبح قبوله لأية أفكار جديدة، تخالف منظومته الفكرية المغلقة، أمراً شبه مستحيل..
وأظن أن عبدة الأفكار المغلقة هم العبيد الحقيقيون ، الذين لهم سلوكهم الخاص الذي يظهرونه على الملأ ، وقيمهم الخاصة التي يفاخرون بها .. ومفرداتهم الجزلة المحددة في الحوار ، كل متون أحاديثهم من مقابر الأخرين ، ولهم سبلهم الخاصة والمتشابهة في الرد أو الإجابة.. واخلاقهم التي تنهض في جوهرها على اطاعه سيد النص طاعة عمياء ، ليس حُباً فيه ، وانما اتقاءً لشره وبطشه.. وكل هجد عقولهم يتعلق بالركوع في حضرته والخشوع في ذكره أو أمام صورته ، أوالتوسل والرجاء له، منعاً لضرّه ودفعاً لضرره وعدوانه.. وقد يضيق خلقهم وتظهر عدوانيتهم الخطرة لمُجرد القول أو التفكير أمامهم ، أنه على خطأ ، أو أنه سيغيب أو شعروا بأنه يُهان أو يوصف بأقل مما يَمنحه له خيالهم الجمعي من عظمة أو جلال..
وأذكر ذات مرة في حوار مع مُتدين مُلتزم، أنه بكى وإحمرت أوداجه ، لمجرّد أنني طلبت منه أنْ يَشك أو يفرضَ مُجرّد فرض أن مايؤمن به خطأ أو غير صحيح .. كما أذكر أني ألححت بالإستفهام على أحد المؤمنين بالولاء المطلق للسيادة الأبدية لمنصب سياسي ما، وقلت له مفترضاً : ماذا لو مات ماذا ستفعل ..؟ فجحظت عيناه وابتلع ريقه عدة مرات ، وجَمدتْ فرائصه ثم أخذ يَرتبك .. و يتلعثم وهو يُردّد : لا يمكن يا أخي لا يمكن ، ليس من المعقول ما تقوله ، هذا لن يحصلَ مطلقاً لا لا لا ..وظل يرددها ويتصرف تماماً كالطفل، عندما تقول له أن أباه سيموت، أو تقول له : ماذا لو مات ..
و جدير بالذكر أن هؤلاء العبيد المغيَّبون بموضوع عبوديتهم تماماً، عادةً ما ينظرون إلى هذا السيد المتعالي، على أنه القدر الذي لا مناص منه، والحكمة التي لا تعلو عليها حكمة..
وعادةً ما تجد أولئك العبيد يصفون ذاك السيد بصفات متعالية تنزع نحو الكمال، ومفارقة للحقيقة والواقع ، تقف على النقيض منهم ومن صفاتهم ، فهم الناقصون وهو الكامل وهم الجهلاء وهو العالم ، وهم الضعفاء وهو الشديد القوي، وهم الجهلاء وهو الحكيم الخبير، وهم الأذلّة الفقراء وهو العزيز الغني ... وهو الأوحد الذي يحيط بكل صغيرة وكبيرة .. كليِّ المعرفة وكليِّ القدرة .. لذا هم في حال المنتظرون دائماً لرحمته وجميل عفوه و سخاء عطائه... الخ
أظن ان التخلص من العبوديه الفكريه او المعتقدية، أمرٌ يحتاج الى قدر كبير من الشجاعه العقلية، لأن التمرّد الفكري حال صعب لا يقوم به ، من يصلي طوال الوقت عند جدران المعرفة القديمة ويرى في كل فكرة جديدة بدعة وضلالة.. أو لنقل ببساطة: إن التمرّد العقلي فعل نبيل ورفعة لا يُدركها الساجدون .





#زكريا_كردي (هاشتاغ)       Zakaria_Kurdi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنفعال مقتلةٌ للعقل ..
- خرافة الإعتدال في الإسلام..
- داعش منا ونحن منها ..
- انتظروا القيامة ..
- من هو عدو المرأة ..؟ّ
- الإنهيار المدوّي للعقد الإجتماعي السوري
- فيينا (1) بداية النهاية
- أفكار في الحب
- أسافل القوم..
- أفواه مريضة .. تكشف عن أن للجهل أكثر من عنوان
- رسالة من رجل شرقي ..
- رجم الجهل أولى .. أفلا تفكرون..!
- البراغماتية فلسفة العصر (الفلسفة المنتصرة)
- (الفوقية) ومأزق النقد الحديث
- فن القصة عند العرب
- المسلمون والنداء الحداثي الأخير ..
- في العنف كتاب (حنّه آرندت) - فهم ومراجعة
- قناصو الوهم ..!
- التملق مركب الحقيقة الأفضل
- يعيشون بين ظهرانينا..!


المزيد.....




- كوبا تندد بإعادة واشنطن تفعيل -سجل القيود- وتصفه بـ-الاستفزا ...
- من القاهرة.. بيان عربي يرفض تهجير الفلسطينيين ويؤكد ضرورة إع ...
- إستونيا تحذر واشنطن و-الناتو- من خسارة أوكرانيا مكامن المعاد ...
- السودان.. عشرات القتلى والجرحى إثر قصف لبعض الأحياء وسوق صاب ...
- وفاة الرئيس الألماني الأسبق هورست كولر: أول رئيس ألماني دون ...
- تسليم الرهينتين بيباس وكالديرون للجيش الإسرائيلي
- الرهينة ياردين بيباس يعانق عائلته بعد 484 يوما في الأسر
- الجفاف يدق ناقوس الخطر في لبنان. بحيرة القرعون في مشهد مخيف ...
- الملف الفلسطيني والتهجير على طاولة -السداسية العربية- في الق ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونتسك


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زكريا كردي - خواطر في العبودية