أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاك جوزيف أوسي - أمير ميكافيللي وقوة القانون














المزيد.....

أمير ميكافيللي وقوة القانون


جاك جوزيف أوسي

الحوار المتمدن-العدد: 5002 - 2015 / 12 / 1 - 08:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قد تكون سيرة الراهب الدومينيكاني سافونا رولا مثالاً ساطعاً على سيرة رجل قضى في سبيل مبادئه التي آمن بها ونذر نفسه في سبيلها، وهي خير دليل على أن النوايا الطيبة والغايات المثالية إن لم تستند إلى قوة تفرض القانون وتنظّم المجتمع على أسس واضحة ومتينة، ستؤدي بصاحبها إلى التهلكة. لأن طبيعة الشعوب تختلف وتتغير بمرور الوقت، وقد يكون من السهل أن تقنع الشعب بأمر من الأمور، ولكن من العسير جداً إبقائه على هذا الرأي، وخاصة عندما تتغير الظروف لغير صالحك, أو يميل ميزان القوة لغيرك، لأن الارتياب من غرائز الإنسان الذي لا يستطيع الاعتقاد بصحة شيء من الأشياء إلّا إذا رأى النتيجة بعينه، ولمسها بيده، حسب ما انتهى إليه ميكافيللي في كتابه الأمير.

وانطلاقاً من النهاية المأساوية التي انتهى إليها الراهب رولا إعداماً حرقاً كما يحدث للهراطقة في العصور الوسطى، بنى مكيافيللي رؤيته حول النبي المسلّح داعماً رأيه بعدة شواهد تاريخية، بدأً من النبي موسى وحتى عصر قيصر بورجيا الذي يعتبره المثال الأعلى لمن يريد أن يصل إلى مراكز القوة وصنع القرار معتمداً على صفات الغدر والخيانة تارة، وفضائل الكرم والرحمة تارة أخرى، مقدماً مثال جيرون السرقسطي، الذي صار ملكاً بعد أن كان من أفراد الرعية، ولم يساعده في الوصول إلى العرش إلًا أخلاقه العالية و فضائله الكاملة، فألتف حوله المظلومون والمضطهدون والمهمشون وانتخبوه رئيساً لهم، ولما وصل إلى العرش بسواعد أنصاره عمل على تشتيت شملهم، وأسس قوات من غيرهم، وتخلى عن أصدقائه، وغيّر خلانه، مؤسساً ملكه على أسس متينه، فتعب في البداية كثيراً لكنه استطاع الدفاع عن ملكه فيما بعد بسهولة.

ففي سبيل داعي المصلحة العليا ” للأمير أو للدولة ” ضحّى ميكافيللي بالأخلاق في سبيل البقاء في السلطة ” فمن الضروري للأمير، إذا أراد البقاء على سدة العرش، أن يتعلم القدرة على ألّا يكون صالحاً، وعلى ممارسة ذلك أو عدم ممارسته تبعاً للضرورة ” مؤسساً للقاعدة التي سيتبعها الكثيرين وهي ” الديموقراطية تتوقف عندما تبدأ مصلحة الدولة العليا “. وما سوف تجر تلك القاعدة من مأسي عبر العصور حيث اختلطت مصلحة الدولة بمصلحة القائمين عليها بسبب عدم وجود قوانين تحدد وتوضح حدود العلاقة بين الدولة كمؤسسة والقائمين على إدارة هذه المؤسسة. ولمّا كانت المصلحة العليا تستعمل دائماً في حالة الظروف الاستثنائية التي تستوجب القتال دفاعاً عن النفس حيث تندمج شخصية الأمير بالدولة، فنحن أمام طريقتين للقتال : طريقة الإنسان، وطريقة الحيوان، كما وضّح ميشيل سينيلار في كتابه الماكيافيلية وداعي المصلحة العليا.

وحيث أن الطرق الإنسانية لا تكون كافية دائماً، يتم اللجوء إلى طريقة الحيوان، حيث يجب على الأمير أن يمثّل الشخصيتين ببراعة. ولمّا كانت الأخلاق تتطلب الفصل بينهما، كانت السياسة تريد الجمع بينهما، فبدلاً من استبعاد العنف الحيواني بواسطة القوانين، استمدت من هذا العنف وسائل السيطرة على المجتمع، وبدلاً من وضع قانون يرسي إطار سلطة عادلة، جرى اختزاله إلى أداة من أدوات الأمير في فرض سطوته على المجتمع .

لهذا انقلبت الثورة الفرنسية إلى إرهاب يجّز رقاب الناس لأن القائمين عليها رفعوا شعارات و مفاهيم أخلاقية، فضفاضة ورومانسية : كالحرية، والعدالة، والمساواة، والإخاء … ألخ دون تقنين لها فساد “ قانون الاشتباه ” المستمد من داعي المصلحة العليا في الحفاظ على الثورة ومكتسباتها، فبدأت المقصلة تحصد رقاب الذين لم يوافقوا على الإعدام، ثم المعارضة أياً كانت، ثم المشتبه في إنهم معارضة، ثم المحتمل أن يكونوا معارضة وغرقت فرنسا في بحر من الدماء، خلال عصر إرهار روبرسبير …! والسبب هو استخدام مفاهيم أخلاقية في مجال السياسية الذي كانت يجب أن تسوده القوانين، كما أضح ذلك إمام عبد الفتاح إمام في كتابه الأخلاق و السياسة … دراسة في فلسفة الحكم .

هذا التداخل في المفاهيم بين الأخلاقي الذي يجب أن يعالج ما نطمح إليه، وما يجب أن يكون، والسياسي الذي يتعامل مع الواقع ومشاكله وهمومه وتعقيداته، وبسبب عدم وجود قوانين واضحة تضبط السلوك لجميع أفراد المجتمع وفي أي موقع كانوا فيه، سمح للمغامرين بركوب غمار الحركات الثورية في المجتمع، وتوجيه دفة الأمور لمصلحتهم لبناء مجد شخصي، وطموح ذاتي، ولنا في سيرة نابليون بونابرت خير دليل على مسيرة مهاجر كورسيكي أصبح امبراطوراً لكل الفرنسيين.



#جاك_جوزيف_أوسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تركيا ولعبة الأمم
- تداعيات نتائج الانتخابات النيابية في تركيا داخلياً وخارجياً
- كرة الثلج التركية
- قراءة للوضع السياسي في تركيا عشية الانتخابات النيابية
- أهم القوى السياسية في تركيا عشية الانتخابات النيابية
- تداعيات الحرب النفسية على المجتمع السوري
- الاقتصاد السياسي للإرهاب في الشرق الأوسط
- تركيا ومسألة الإبادة
- الأصول المؤسسة لسياسات العثمانيين الجدد
- المشهد بعد الانتخابات النيابية الإسرائيلية ... الفاشية تكشر ...
- 24 نيسان ... يوم ضُحِّيَ بالعدالة الإنسانية على مذبح المصالح ...
- اللعبة الطائفية في الشرق الأوسط
- العلاقات التركية – الإيرانية ... والمتغيرات السياسية في الشر ...
- يوم كان اليمن.. سعيداً
- المفاوضات النووية الإيرانية ... والتحولات السياسية في الشرق ...
- الوجه الآخر لعملية -سليمان شاه-
- قراءة لنتائج الانتخابات التونسية
- العدائية والصراع السعودي الإيراني
- المأزق التركي
- مأساة عين العرب


المزيد.....




- البيت الأبيض يقلل من شأن الخلاف بين ماسك ونافارو ويعلق: الأو ...
- لا للتهجير.. المصريون يستقبلون السيسي وماكرون في العريش بمظا ...
- نتنياهو.. لا نتائج لزيارة البيت الأبيض
- من الرسائل المتبادلة إلى المحادثات غير المباشرة: إيران وأمري ...
- حماس: ما يجري في غزة -انتقام وحشي- من المدنيين 
- وزير الخارجية المصري يجدد رفض بلاده تهجير الفلسطينيين من غزة ...
- نتنياهو: الخيار العسكري لا مفر منه إذا طالت المحدثات النووية ...
- البيت الأبيض: المفاوضات المقبلة مع إيران في عُمان ستكون مباش ...
- حل لغز نيزك كوستاريكا.. -كرات غامضة- قطعت مليوني عام قبل الو ...
- نيبينزيا: روسيا والولايات المتحدة تبحثان إيجاد حل طويل الأمد ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاك جوزيف أوسي - أمير ميكافيللي وقوة القانون