أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ريم شطيح - الحُب














المزيد.....

الحُب


ريم شطيح

الحوار المتمدن-العدد: 5000 - 2015 / 11 / 29 - 20:57
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تلك الحالة التي تَرفعك وتَسمو بك إلى الأعلى؛ هذا الأعلى هو الأعلى فِكرياً وأخلاقياً وإنسانياً، هذا هو الحُب.
يُخطِئ مَن يَظن أنّ الحُبَّ ليس له علاقة بالفِكر وهو عبارة عن مشاعر مُجرَّدة من عامِل العقل. الإنسِجام العاطفي هو وَليد الإنسجام الفِكري والروحي والذي يُولِّد الرغبة الجنسية مُترافِقا مع عامل الغريزة؛ أي أنّ العاطفة في هذه الحالة مع العقل قد تأتي أولاً وبعدها تأتي الرغبة الجنسية وليست الرغبة الجنسية لوحدها وإلاّ كان الدافع هو الغريزة فقط. وليس المقصود هنا التوافق الفِكري النّمَطي في كل شيء؛ بل قد تكون أساسيات معينة في الشخصية لطَرفَي الحالة.


فالحُب حالة تَوافُقية بامتياز، حالة ترفع مشاعرك الإنسانية بعيداً عن الترّهات والفوقيات والدونيّات في حالة اندماج روح في أُخرى، وهو حالة وعي كاملة وعن معرفة وليس كما يُقال إنّ الحبَّ أعمى! فالحُب يُشبه الحياة، والمعرفة تزيد من مُتعة الإنسان به.


في الحب، لا فصل أبداً بين الجسد والروح؛ بل كليهما ينموان معاً ليُشكِّلا تلك الحالة "الحُب". هي حالة مُستقِلّة بحدِّ ذاتها وليست مُرتبطةً بالضَّرورة بأيّ مشروع؛ زواج أو ارتباط ديني، شرعي، أو قانوني، بل هي حالة لها خصائصها الذاتية التي تتفرَّد بها فيما تحمل معها من العاطفة والإحتضان والشهوة الجنسية والإرتقاء بالإنسان للأعلى. قد يكون هذا الطرح نقيضاً لمفهوم الحُب في مجتمعاتنا الشرقية على أنه سقوط إذا لم يُلازمه زواج ديني مثلاً، مع هذا، قد ينهض به الزواج وقد يخفق، لهذا فالحالة هنا تتناول الحُب كحالة مُستقِلّة والتي تتجاوَز كل الحالات التي تَليها من ارتباط أو زواج، هذا لأن الزواج والحب حالتان مُستقلِّتان.


فقد يُظهِر الزواج عدم قدرته على احتواء الحب والتوازن مع مُتطلّبات الحياة في آن ٍ واحد، حيث في الزواج - وبسبب ضغوطات الحياة والأسرة والمداخلات العشوائية من المحيط والمجتمع والدين وحتى القانون - قد يُصبِح كل شيء أهم من الحُب ومُتقدِّماً عليه، في حين الحُب يتجاوز الزواج كعقد ارتباط وقد لا يمكن حصره تحت سقف الزواج إذا لم يستطع هذا الأخير احتواءه والنهوض به، لأنّ ما يجمع رجل وامرأة تحت سقف واحد لا يكون بضعة مُقوِّمات يُحدّدها المجتمع أو العائلة والوضع الإجتماعي وغيره، ولا يحدّدها وجود الأولاد، لأنّ الأولاد يجب أن يكونوا ثمرة الحب، والزواج يجب أن يكون حاضناً لهذا الحب وليس مسألةً قانوينةً ولا دينيةً؛ فالحُب وتلك القُدْسية ذات الخَلفية الدينية لا يتقارَبان. كي ينجح الزواج على الأقل باحتواء حالة المشاعر الجَيّاشة لدى الرجل والمرأة؛ يجب أن يكون حاضناً للحُب وبهذا فالجنس يكون نتيجة الشهوة وليس واجباً زوجياً، وأيضاً حين يضع طرفا العلاقة بعضيهما بقيمة نفسه وإحساسه ورغباته.


ورغم أنّ المشكلة ليست بالزواج تحديداً بقدر ما هي بتطبيع الحب بالزواج وتأديب الزواج بالعلاقة - فالحُب لا يقبل التّطبيع وإلاّ يُصبح كعلاقة الدولة والمؤسّسات ببعضها، حيث هناك مَنهَجة ما في الزواج تُشبِه مَنهَجَة العمل، وكل شيء مُمَنهَج يتعارَض مع الحُب - فمن هنا، تبقى علاقة الحب هي الأسمى على الإطلاق وقد تنمو أعمق في ظل زواج حاضن لها ولهذا الحب أو قد تخفق وتضمحِل في ظل زواج لا تتوفّر فيه مُقوِّمات الإحتواء.


إنّ الحب لا يمكن أن ينفصل عن الشهوة ولا يكتمل إلاّ بالتَّلاقي الجسدي، فهو - الحب - حاجة للإنسان وليس ترَفاً ولا شيئاً مُضافاً؛ حاجة جسدية كالأكل والشرب وكذا هو الجنس أيضاً، وتأتي المراحل التي تَلي الحب كخيارات شخصية لطرَفَي الحالة. من هنا، فقد يختلف مفهوم الحُب حسب السّن والتجربة والمستوى التعليمي والثقافي، وبالتالي قد يكون لكل شخص توصيفه الخاص عن الحب وقد يُعبّر عنه كما يفهمه هو/هي وطالما أنّ طَرفَي الحالة يعتبرونه حُبّاً.


تِباعاً، إنّ الحب كأي حالة أخرى في حياة الإنسان؛ تتطوّر، تتغيّر، تزداد، تتراجع، وقد تنتهي ويأتي غيرها. فالفكرة السائدة في مجتمعاتنا وهي أن ما الحب إلاّ للحبيب الأول، أو أنّ الحب لا يأتي إلاّ مرة واحدة في العمر، وغيرها من هذه الأفكار القاصرة ليس لها أي مدلول علمي أو منطقي؛ الإنسان مفطوم على التغيير والتغيير أحد سِمات مراحل التطوُّر لديه، ولا بدّ أن يمرّ بحالات تتغيّر فيها مشاعره وأفكاره وتقييمه للأمور وبالتالي قد يتغيّر هذا الحب كما يتغيّر الإنسان بشكل عام من كل النواحي.


إنّ الحب هو الإشكالية الكبرى في المتناقضات الحياتية التي تُعطي لحضورنا الإنساني نكهة الصراع ومعنى التجربة والحياة، فالحب حرية وانعتاق الروح ولهذا تقوم تلك المتناقضات ويستمرّ الصراع الوجودي لأجل الحرية. لأنّ الحُبَّ ثورة وأول مراحل الإحساس بالرابط البشري الحقيقي؛ هو يولّد الرغبة الجنسية وليست هي وليدة الغريزة فقط، والمعرفة تَرفع الإنسان لفِهم وتَقدير قيمة الإثنين.
[الحُب، الجنس، والمعرفة]؛ هذا الثالوث هو سِرّ الحياة.


ريم شطيح - كاتبة وباحثة سورية
Author Reem Shetayh
لمتابعة الكاتبة، صفحتها على الفيس بوك
https://www.facebook.com/R.Reem.Shetayh




#ريم_شطيح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعددية والهوية السورية والنظام العِلماني
- التواضُع والغُرور
- الإنسان بين الله والحاكم
- الإنسان في الحروب وثقافة الحياة
- المعرفة والنهوض المُجتمعي
- اليهود والصّهيونيّة العالَميّة


المزيد.....




- زيلينسكي: الحرب مع روسيا قد تنتهي في هذا الموعد وأنتظر مقترح ...
- الإمارات.. بيان من وزارة الداخلية بعد إعلان مكتب نتنياهو فقد ...
- طهران: نخصب اليورانيوم بنسبة 60% وزدنا السرعة والقدرة
- موسكو.. اللبنانيون يحيون ذكرى الاستقلال
- بيان رباعي يرحب بقرار الوكالة الذرية بشأن إيران
- تصريحات ماكرون تشعل الغضب في هايتي وتضع باريس في موقف محرج
- هونغ كونغ تحتفل بـ100 يوم على ولادة أول توأم باندا في تاريخه ...
- حزب -البديل- فرع بافاريا يتبنى قرارًا بترحيل الأجانب من ألما ...
- هل تسعى إسرائيل لتدمير لبنان؟
- زيلينسكي يلوم حلفاءه على النقص في عديد جيشه


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ريم شطيح - الحُب