|
تقديم ديوان (جمالية الصورة الفنية تضاهي جمالية اللغة في ديوان (فلورا) للشاعرة اللبنانية فلورا قازان)
جوتيار تمر
كاتب وباحث
(Jotyar Tamur Sedeeq)
الحوار المتمدن-العدد: 4997 - 2015 / 11 / 26 - 09:30
المحور:
الادب والفن
جمالية الصورة الفنية تضاهي جمالية اللغة في ديوان (فلورا) للشاعرة اللبنانية فلورا قازان جوتيار تمر/ كوردستان تقديم: 26/10/2015 ان ما يميز ديوان فلورا هو الاشتغال الجدي على اللغة باعبتارها الوسيلة الافضل للتعبير بمصداقية عن الافكار والهواجس والرؤى بشتى تمفصلاتها وذلك عبر الايحاءات التي تخلقها في جسد القصيدة، فالشعر في هيكلته خلق لغوي جمالي ماتع، يحاكي عن طريق الجواني – البراني، فيعتمد على الالفاظ المرصوفة ذات الوحدة العضوية المتماسكة وذات الابعاد التشكيلية الصورية الناطقة والتي بدورها تلامس عميقاً الذات الشاعرة وتجربتها وجديتها في تحويل التجربة الى صور انفعالية تترك في مساراتها وتموسقها اثراً رائعاً.. وهذا ما يتجلى بشكل واضح ومؤثر في قصائد فلورا التي تمنطق رؤاها وهواجسها وافكارها بجدلية ماتعة تمنحها مساحات واسعة سواء من حيث التخيلات او التأويلات المتعددة والتي بدورها تماهي الاسلوبية المنوعة المعتمدة من قبل الشاعرة نفسها في طرح رؤاها وافكارها وهواجسها،. مما يشكل اجمالا صورية تلازمية نابعة من الحراك الشعري الذاتي داخل المنظومة الشعرية العامة.. ففي قصائد " عبث ،، نبوءة مطر،، رقصة ظلال،، بعدَ مُنتَصفِ الهوى........" وبعض القصائد الاخرى نلامس هذا الحراك المتوهج ذاتياً من حيث الحضور الذاتي المصور لافاقها وتجلياتها ورغباتها لتخلق من هواجسها صور شعرية ماتعة ذات ايحاء رائع ومؤثر على نفسية المتلقي، والتي تنم عن مدى التفاعل والجهد الابداعي الذي بذلته الشاعرة للاشتغال على الصورية باعتبارها الجزء الاكثر فنية والاكثر حداثية في بنية النص الشعري باغلب اجناسه..فحين نقرأ لها في "قصيدة عبث: نتقاسم سطــورهــا على دفتركّ / وتُهدهد المكبوت في دفتري.. وفي قصيدة نبوءة مطر : مساء الأناجيل أهديكم ،،، فإني النبوءة لا لا بل أجملُ... وفي قصيدة رقص الظلال: أنا مهرجانُ اشتياقِ الطُيورِ..." وفي قصيدة خطيئة " أمارس طقوس الصحراء بعيدة عن الخطيئة.." نلاحظ مدى التفاعل الذاتي والسعي الحثيث لخلق الصورة الشعرية الامثل التي تمكن الذات من خلالها ايصال الرؤية بكل حراكاتها وانفعالاتها وتفاعلاتها الى المتلقي .. وهذا بلاشك لايتم الا من خلال البناء اللغوي المتين المستوحاة من الاحساس الداخلي لصور البيان.. وهذا ما يتكرر بوضوح واتقان في العديد من نصوص هذه المجموعة الشعرية " أنْثى فِي جذوةِ الحبِ / قلبي متيم/ في لون عينيك/ قداسة الرغبة /اعتراف فلورا......." ، وفي خضم هذا التفاعل الذاتي مع الحراك النصي نلامس تنوعاً بلاغياً اسلوبياً صورياً يتيح للمتلقي مساحات تخييل واسعة مما يمكنه ان يندمج بصورة كلية مع دلالات ومعاني النصوص.. مما يعني بالتالي الكشف عن القدرة التصويرية للشاعرة والاشتغال الحسن عليها باعتبارها عنصراً رئيساً في بنية الشعر الحداثي بما يكمن في عناصرها من دهشة ومفارقة وانزياح وخيال فسيح، لاسيما ان الشاعرة تستطيع من خلال توظيفاتها ان تنقل المتلقي من الذاتية المتفاعلة الى حراك متبادل بحيث يعيش المتلقي نفسه التجربة ويكون ضمن مداراتها ومحركاتها وهذا ما يتجلى بصورة واضحة في بعض نصوص الديوان كقصيدة، انفاس الشوق " أيُّها المُزركشُ بشراهَةَ دَميْ ،،،، مُدّ لي كفيْكَ من عرْشِ الجمالِ" وفي قصيدة الزمن الجميل " وأثْمَلْنا مَحابِرَ النَّبيذِ مَطَرا،،،،،،ارْتَدَيْنا أجْنِحَةَ الأحْلامِ..." و في قصيدة " حين يرقص جنوني" يا من تحترفُ امتلاكَ أنوثتي.." وعلى نفس النسق في قصائد اخرى ك" عودة ،، حررني حبيبي،، لأنَّك أنت ،، على أديم وجهك،، ...."، حيث نجد بان الصورة الشعرية فيها تفتح الافاق لدى المتلقي لقراءات متعددة ومفتوحة. فيتحول المتلقي من صفة التلقي الى صفة التشارك مع حيثيات الرؤية النصية وحراكاتها، فالصورة الشعرية لدى شاعرتنا تنمو داخل ذاتها مع النص الشعري، وليست شكلا منفصلا انما تلتحم بها التحاما ممشوقاً فتأتي الصور اكثر تجاوزاً للظواهر ومواجهةً للحقيقة الباطنية خالقة في مسارها علائقية واضحة بين المفردات بوسائل بيانية تؤدي الى الصورة الفنية التي تستمد طاقتها الايحائية وحقيقتها من تسامهيا ومتانة وجاذبية تراكيبها. لاتبقي الشاعرة على نمط متكرر من الاشتغالات الصورية بل نجدها تسعى وبكل قوة ان تخلق من خلال اسلوبها الخاص قيم بلاغية صورية تنقل المتلقي من متلقي الى مشارك ومن ثم الى دائرة اكثر شمولية حيث الوطن، وشاعرتنا تعيش وطنها بكل قلقلها وانفعالاتها حتى يعلو ذلك في خطابها الشعري كما في قصيدة بر الافول " أيا وطني هل كنتُ أرسمُ صحوتي أم غفوتي،،،،، نحو حدودِ وطنٍ مأهولٍ بالأشجانِ ..." ، وفي قصيدة ذبيحة قائمة " أنك بألف خير كالوطن !،،،، تجرد الوطن من الوطنية..." وفي قصيدة دموع الوطن "لا وقتَ للنَّحيبِ والدموعِ يا وطني ..." ، وفي قصيدة لاشيء مثلي " يرمّمون خراب الوطن.."، وتتعدى حدود دائرة الوطن الام لتعيش موجبات انتمائية بدائرة اكثر شمولية كما في قصيدة أردن أنشودة الأزمان" يا بلسماً للروحِ والاحزانِ..." ، وفي قصيدة مكتظة بحضارة النيروز ..، وهذه الصور الشعرية القلقة والانفعالية تتكرر في نصوص اخرى ضمن قصائد الديوان، وكلها تعطي انطباعاً واضحاً على القيمة التفاعلية للذات الشاعرة مع الحراك النصي الحداثي بحيث تظهر الذات وكأنها احدى اهم الركائز الشعرية .. لتشكل بذلك اجمالا معالم اخرى تضاف الى رصيدها الشعري المتنوع ، وما يؤكد مقولة التنوع الصوري والاسلوبي في الديوان كونها اشتغلت على النمط الحواري الشعري ايضاً ففي قصيدة حوار السحاب تضيف انموذجاً حوارياً متوهجاً " قال :في رماد الحنين شباب // قالت : كم عمر سيكفيني الثواب ..." ، وفي قصائد" غدق هطول ،، قال لي ،، قالت حدثني.." حيث ظهر هذا التوهج البلاغي التشكيلي مما شكل معلماً اخراً لاشتغالات الشاعرة على المستويين الصوري واللغوي..ولشاعرة مثل فلورا تعرف كيف تستخدم ادواتها الشعرية لايسعنا الا ان نتمنى لها المزيد من الالق والمزيد من الابداع الشعري العذب.
#جوتيار_تمر (هاشتاغ)
Jotyar_Tamur_Sedeeq#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا البيشمركة مستعد لمحاربة داعش(الارهاب) في الرقة
-
الفوضى الخلاقة
-
شنكال تعود لحضن كوردستان
-
هل يشترط اتحاد الاجزاء لقيام دولة
-
حركية الذات وايحائية الدلالات :قراءة في قصيدة -خاتمة الروح -
...
-
(لماذا لا)... (حريتنا)..(دكتاتورية)
-
رسالة الى الساسة الكورد
-
اصوات شاذة
-
الاخرون ومحاربة التجربة الكوردية
-
غرابة الصراع في عصر الحوار
-
وعورة الطريق
-
انزلاقة اخرى ل -العبادي-.
-
مطر / قصيدة
-
هل هي ازمة اقتصادية ام ازمة حزبية
-
دم الصبايا
-
الى متى التهاون
-
ترنيمات ليل
-
ئالان
-
اشكالية الفساد في كوردستان
-
حين تموت الانسانية
المزيد.....
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|