|
التظاهرات السلمية والتعبير عن الرأي فضحت اساليب الحكومة غير الدستورية !
صبحي مبارك مال الله
الحوار المتمدن-العدد: 4996 - 2015 / 11 / 25 - 08:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
التظاهرات السلمية والتعبير عن الرأي فضحت اساليب الحكومة غير الدستورية ! بعد أن طفح الكيل من إستمرار الفساد والتخريب الإقتصادي ، ونهب المال العام والتفنن في طرق السرقات ، والكشف عن الكثير من المشاريع الوهمية ، حيث ظهر الأمر وكأنه مخطط له في التباري والتنافس في الإستيلاء على ثروات الشعب ، حيث إنعكس ذلك على الأوضاع الأمنية والخدمات وتراكم الأزمات ، خرج الشعب في تظاهرات و حراك جماهيري واسع يطالب بالإصلاحات . أما أذا تناولنا الوضع السياسي وتدهوره، فإن المسؤول عن ذلك هي الكتل السياسية المتنفذة والتي وضعت ستراتيجية المحاصصة الطائفية والإثنية بدلاً من النظام الديمقراطي والمثبت في الدستور بل وضعت الدستور جانباً لغرض تمشية مصالحها ، كما إن أي إنجازات في طريق التنمية والتطوير لم يظهر ولم يكن ملموساً ، بل إزداد الأمر سوءً وتدهوراً في كافة المستويات من خلال البيانات الإحصائية والتدهور شمل الإنسان ، والبيئة ،والزراعة ، والصناعة ، والوضع الصحي وإنهيار البنى التحتية ، والأوضاع الإجتماعية التي بينت إرتفاع خط الفقر ، وأزدياد البطالة وتراجع العملية التعليمية وإنتشار الأمية . إن المشهد السياسي الذي يعيشه العراق وشعبه اليوم مؤلم ومحزن ، بعد أن صبر طويلاً على أن يتحقق نظام سياسي ديمقراطي عادل ودستوري ، وأن ينشأ نظام دولة المؤسسات والقضاء العادل ولكن منذ إختيار نهج المحاصصة الطائفية والمذهبية تراجعت أحلام الشعب ، بل أصبح العراق بعد التدخلات الإقليمية والدولية مسرحاً لتصفية الحسابات ونشوء أوضاع أمنية غير سليمة وغير مستقرة بل ظهرت المنظمات الإرهابية بشكل مؤثر ، ونتيجة لفساد المؤسسة العسكرية إنتهى المطاف بأن يحتل داعش ثلث أراضي العراق فيجبر الشعب العراقي على خوض حرب طويلة الأمد فتزداد القروض والديون حيث نتجت موازنات ذات عجز كبير بحيث أصبح الوضع الإقتصادي تحت حكم صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ذات الشروط المجحفة ، كما أصبح تحت ضغط شركات النفط الإحتكارية والقروض الداخلية والخارجية . لقد دفعت هذه الأوضاع الشعب أن يتظاهر وأن يتحرك سلمياً في بغداد والمحافظات ، وبقدر الإستجابة السريعة من قبل رئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادي والبرلمان لغرض تنفيذ إصلاحات فورية ولكن الأمر أتضح بأن الإصلاحات إدارية ولاتمس جوهر المطالب ، كما بدأ التراجع عن الإصلاحات بسبب ضغط الكتل السياسية والتي ترى فيها خطر على مصالحها أوكشف المستور وأغلب الخوف من فضح الفساد ورؤوسه الذين يتحملون كل شيئ . لم تمر الدولة العراقية من قبل بمثل هكذا فساد منتشر في كل مفاصل الدولة وعلى نطاق واسع ونهب وسلب بمليارات الدولارات ، وبالرغم من تنضيد أطنان من الورق حول الفساد واللجان التحقيقية وتوسع شبكة الرقابة المالية وهيئة النزاهة واللجان البرلمانية وهيئة المفتشين العموميين ، ألا أن الفساد مستمر بل قل التخريب مستمر . لقد aأثرّت الحرب مع الإرهاب والدخول في معارك كبيرة بإسناد ودعم من دول خليجية وأقليمية وعالمية ، على تنفيذ الخطط التنموية التي تخص الأستثمار ومعالجة الأوضاع الإقتصادية المعقدة بجانب الفساد المستشري . لقد توضح الوضع الهش للحكومة وعدم جديتها في الإستجابة لمطاليب الشعب ، الكوارث التي حصلت بسبب هطول الأمطار مؤخراً وغرق بغداد والمحافظات ، كما كان إبتلاء النازحين والمهجرين بسبب هذه الكوارث وعدم توفير السكن الملائم أو العلاج الطبي وبأسمهم تمت سرقة الأموال المخصصة لهم . لقد طلب رئيس مجلس الوزراء من الجماهير إسناده في تنفيذ الإصلاحات وفعلت جماهير الشعب ما طلب منها ولكن نتيجة التكتلات التي حصلت في مجلس النواب والضغط على رئيس الوزراء بتجميد حركته وعدم الكشف عن المفسدين والرؤس الكبيرة ومحاسبتها وإحالتها إلى القضاء . ولغرض إفشال التحرك الجماهيري السلمي ، توجهت الحكومة من خلال اجهزتها الأمنية والقمعية إلى إيقاف هذا السيل من جماهير الشعب وتكميم الأفواه وإستخدام أساليب غير قانونية ولا دستورية في ضرب المتظاهرين وإعتقالهم حيث شملت نشطاء مدنيين ومدنيات ، لقد كان أسلوب الضرب والشتم والسب وترهيب المواطنين معروف في تأريخ الشعب العراقي . إنطلقت تظاهرة في بغداد يوم الثلاثاء17/11/2015 ، من جهة الجسر المعلق للدخول في المنطقة الخضراء ، للتوجه نحو مبنى مجلس النواب ولكن الأعتداء الوحشي والذي نفذته قوى الأمن ضد المتظاهرين حال دون وصول المتظاهرين وتمّ إعتقال ناشطين مدنيين والذين أطلق سراحهم لاحقاً بعد تعرضهم للضرب والإحتجاز التعسفي والبعض لازال رهن الإعتقال، لقد كانت التظاهرة مجازة وقُدم الطلب قبل ذلك بأيام ، وبما أن التظاهرة سلمية وحسب الدستور ، كان يفترض بقوى الأمن أن تتعامل مع المتظاهرين بأسلوب حضاري وإنساني وقانوني وليس بالضرب وإجبار المتظاهر على توقيع تعهد بعدم المشاركة في التظاهرات القادمة . إن ما حصل ويحصل يؤكد بأن الحكومة والأجهزة الأمنية لاتريد رأي الشعب في التعبير والتظاهر ، وأنها تريد تصريف الأمور وراء الكواليس بعيداً عن رقابة الشعب ، كما أن الحجة بأن العراق الآن يخوض معارك مع الإرهاب ولا يجوز التظاهر الذي يسبب خلق أجواء تؤثر على التركيز في محاربة داعش ليس لها اساس . لكي تنتصر قوات الجيش والحشد الشعبي والبيشمركة وأبناء العشائر على التنظيم الإرهابي المجرم ، لابد من أن يسير إصلاح العملية السياسية وتعديل الدستور وتجفيف منابع الفساد ومعالجة الفساد في القضاء وكشف الملفات المتراكمة من فساد الحكومات السابقة والحالية ،بجانب العمليات العسكرية . إن مايحصل للمتظاهرين هو خرق وتجاوز على الدستور ، كما أن مايقال بأن الأجهزة الأمنية تتلقى تثقيف بمبادئ حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية يبدو غير صحيح ولايوجد إلتزام بذلك ، ولهذا فأن لم تعالج هذه التصرفات بحزم فأنها ستسوء لسمعة العراق عالمياً وتستدعي قوى الخير والدفاع عن حقوق الإنسان بأن تقف بجانب الشعب العراقي . والدليل عل الخرق الدستوري :- تنص المادة (37) من الدستور الفصل الثاني – الحريات :-أولاً ا حرية الإنسان وكرامته مصونة ب-لايجوز توقيف أحد أو التحقيق معه إلا بموجب قرار قضائي ج- يحرم جميع انواع التعذيب النفسي والجسدي والمعاملة غير الإنسانية ولا عبرة بأي إعتراف انتزع بالأكراه أو التهديد أو التعذيب وعلى المتضرر المطالبة بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي أصابه وفقاً للقانون . المادة 38:- تكفل الدولة وبما لايخل بالنظام العام والآداب أولاً :- حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل ثانياً :- حرية الصحافة والطباعة والإ علان والاعلام والنشر . ثالثاً :- حرية الإجتماع والتظاهر السلمي وتنظم بقانون . من خلال المادتين أعلاه نجد الدستور قد ضمن حرية التعبير والتظاهر ، كما لابد أن تكون السلطة التنفيذية بمستوى المسؤولية تجاه الشعب وإن الإعتداء على المتظاهرين هو أسلوب يدل على أفلاس في الأساليب والتعامل الديمقراطي . لقد كان من المقرر أن يتم التصويت على مشروع (قانون حرية التعبير عن الرأي والإجتماع والتظاهر السلمي ) في الجلسة رقم 35 المنعقدة في 10/11/2015 لمجلس النواب ليكون القانون مكمل للمواد الدستورية الخاصة بهذا الموضوع ولكن تبين هناك تسويف حول هذا القانون المهم بعد أن خفت التظاهرات ، كما إن تعدد اللجان للبحث والتدقيق ومحاولة فرض الرأي هو لغرض تقليص فعالية هذا القانون ، واللجان التي عليها المساهمة هي (القانونية ، حقوق الإنسان ، الأمن والدفاع ، الثقافة والإعلام ، الأوقاف والشؤون الدينية ) ومن خلال الإطلاع على محضر الأجتماع لهذه الجلسة وجدنا بأن اللجان لم تتعاون فيما بينها لإنجاز مشروع القانون ، فاللجنة القانونية كانت قد اعدت في يوم 8/9/2015 تقريراً مفصلاً حول ضرورة التقيد بأحكام الدستور لاسيما المادة 38 وغيرها التي تنص على الحقوق التي يجب أن تمارس بحرية . ومن خلال ما طرح في هذه الجلسة تبين هناك خلافات وعدم إتفاق ، كما أن لجنة الأوقاف والشؤون الدينية أكدت على وجود ملاحظات جوهرية على هذا القانون ولهذا لم يصوت على مشروع القانون ولم يحصل لقاء لكل اللجان المكلفة في أجتماع واحد بسبب الخلافات ، بعد ذلك تمّ الإتفاق على التصويت في الجلسة التالية لمجلس النواب ولكن لم أعثر على تحقيق ذلك في الجلسة التالية والجلسات التي تلتها ، مما يدل على إستمرار الخلافات . أن التظاهرات سوف تستمر ولامجال للسكوت عن ما يجري . أمام مجلس النواب ومجلس الوزراء والقضاء ورئاسة الجمهورية فرصة الحوار والإستجابة لمطالب الشعب ، ونبذ العنف والإعتداء غير القانوني على المتظاهرين كما أن تنوع أختصاصات وعمل المشاركين وهم المثقفين والمحامين والأطباء والتدريسيين والعامل والفلاح والكسبة والفنانين والشعراء والطلبة كلها توضح صورة من يهمه التغيير والإصلاح . أن رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب مُطالبين للتحقيق لتشخيص العناصر المعتدية ومن الذي أصدر الأوامر بضرب المتظاهرين وإعتقالهم ولابد للأعتذار عما حصل . المتوقع أن يزداد الضغط على التظاهرات ولغرض منع الوصول إلى أماكن التجمعات ، سوف تقطع الشوارع والجسور ومسائلة كل شخص يروم المشاركة .
#صبحي_مبارك_مال_الله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لاتراجع عن الحراك الجماهيري السلمي!
-
الحراك الروسي هل سيعيد التوازن ويسترجع سياسة القطبين ؟!
-
التغيير والإصلاح بين التمنيات والواقع السياسي
-
الشعوب بين طاحونة الحروب ونعمة السلام !
-
ضرب الفساد وإصلاح القضاء دليل على جدية الإصلاحات !
-
من وحي صوت الشارع العراقي !!
-
الإصلاحات بين التخطيط والتنفيذ
-
موقف الكتل السياسية من عملية الإصلاحات
-
إنتفاضة الشعب العراقي مستمرة نحو التغيير والإصلاح !
-
في رحاب المؤتمر الثالث للتيارالديمقراطي العراقي في أستراليا
-
الاعتداء على مقر الأتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين ...
...
-
في ذكرى سقوط الموصل
-
سقوط الرمادي....إنتكاسة جديدة وتداعياتها خطيرة !
-
لماذا التركيز على تقسيم العراق ؟!
-
الحرب الوطنية ضد الإرهاب لاتنتهي بالإنتصار وتحرير المدن فقط
...
-
دائرة الشك ! (2)
-
دائرة الشك !
-
الشعب العراقي بين الحرب الوطنية والحرب الطائفية !
-
نبض الجذور
-
هل الحكومة الحالية تجاوزت فشل سابقتها ؟
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|