|
اسقاط المقاتلة الروسية في تونس
هيثم بن محمد شطورو
الحوار المتمدن-العدد: 4996 - 2015 / 11 / 25 - 00:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ضربة انـتـقامية من روسيا التي أفـسـدت كـل مطامعها و خططها في التحكم في المنطقة من خلال الجماعات الارهابية الاسلامية. في هذا الاطار جاءت الضربة الارهابـية المدوية في اليوم نـفـسه في تونس و التي استهدفـت حافـلة للأمن الرئاسي في شارع "محمد الخامس" أي في قـلب تونس العاصمة و اصابت نحو اربعة عشر قتيلا الى حد هذه اللحظة. انـنا لا يمكن ان نـنـظر الى الامور من خلال جزئياتها لان ذلك يـبعدنا عن رؤية الحـقيقة. ان الارهاب الاسلامي ليس ارهاب عصابات المخدرات و انما هو ارهاب ذو برنامج سياسي و ورائه قوة سياسية. قـنوات هذا الارهاب اصبحت واضحة. قنواته هي الخليج الذي يريد قـتل نـزعة التحرر العربي سواء في وجهه الديمقراطي او الوطني او القومي. هذه القـنوات في تـقـاطع مع المشـروع الـتركي في الانـقـضاض على الدول العربـية لإحياء الدولة العثمانية من جديد. ان الكـساء الاسلاموي يـتـناسى ان الأموات في القرآن الكريم لا يبعثون من جديد إلا في يوم الدين. تركيا "اردوغان" تسـقط طائرة روسية بشكل غير متوقـع و لم يسبقه اي تهديد. اي انها ضربة غادرة، و لولا انها لم تـكن مفاجئة فانه من المستبعـد جدا ان تكون تركيا قادرة على اسقاط مقاتـلة روسية. مباشرة بعد الضربة يسارع "اردوغان" الى طلب اجتماع عاجل مع اعـضاء حلف الناتو. يعني انها ضربة خائـفة و مراوغة تعتمد في تمريرها على الحلف الاطلسي الذي يسميه الاسلاميون بالحلف الصليـبي و الذي تكون تركيا رئيسة الارهاب الاسلامي حلفا فيه. المهم ان طلب الاجتماع يـؤكـد اتكاء تركيا على هذا الحلف لتـغـطية الضربة العسكرية و تمريرها دون خسائر محتملة. اذا مرت الضربة بسلام فستعـتـبر تركيا "اردوغان" قوة تـدعم بها موقعها في زعامة الجماعات الارهابـية و التحكم فيها من جهة، و ترهب بها كذلك اعدائها من الفصائل الكردية المسلحة. لكن قبل كل ذلك فهي تكون قـد مررت نـفـسها كقوة ذات اعتبار و بالتالي يمكنها فرض اجندتـها السياسية. المفاجئة في اجتماع الناتو ان امريكا اكدت ان المقـاتـلة الروسية التي تم اسقاطها لم تدخل الى المجال الجوي التركي إلا لبضع ثواني، و ذلك بعكـس الرواية التركية التي قالت ان المقاتـلة الروسية انـتـهكت الاجواء التركية لمدة خمس دقائق، و انها تـلـقت انذارا من القوات التركية. حسب الرواية الامريكية المتـفـقة مع الرواية الروسية فإنها ثواني معدودات و دون انذار موجه من القوات التركية. اي انه اعتداء تركي واضح. تركيا القـزم امام روسيا العظمى تـقـوم بعمل مجنون. هذه هي خلاصة الموضوع. فحسب شهادة وزير الخارجية المصري الاسبق "احمد ابو الغيط" في احدى البرامج قال ان الرئيس المصري السابق حسني مبارك الذي قدم خدمات كبرى الى امريكا كان يقول دوما: " المتغطي بالأمريكان عريان". و فعلا فاردوغان تـلقى الصفعة الامريكية بسرعة، بل ان امريكا طلبت الاغلاق التام و السريع للحدود بين تركيا و سوريا، بعد الاتـفاقـات حول دعم ما سموه بالمعارضة المعتـدلـة بالسلاح بالتـنسيق بين امريكا و تركيا. في اجتماع الناتو اكد الرئيس الفرنسي "هولاند" بكل وضوح انه الان في تحالف مع روسيا، و لا يمكن لفرنسا ان تعادي روسيا لأجل عيون اردوغان. و فرنسا تعني اوربا بمجملها. خرج اجتماع الناتو بالحث على التهدئة و تجنب الصراع مع روسيا. اي ملخص اجتماع الناتو انه ترك تركيا لوحدها في مواجهة القوة الروسية العظمى التي امكانها تدمير تركيا بالكامل. و لكن روسيا تـقرأ جيدا المشهد من جميع مناحيه. ان روسيا تعرف بالضبط ماذا تـفعل. ما لم يستوعبه جنون اردوغان هي الدروس التي استخلصتها الادارة الامريكية منذ حرب جورجيا سنة 2004، الى القرم، الى اوكرانيا، الى التدخل الروسي في سوريا. اردوغان المعتوه يـبدو غير قادر الى الان على استيعاب مدى القوة الروسية. انه يتخيل نـفـسه من خلال الارهاب الاسلامي الذي يضرب هنا و هناك، و تمكنه حتى من ضرب الحرس الرئاسي في تونس، من القول انه قوة عظمى يجب ان يحسب لها حساب. من المتوقع ان تـقوم روسيا برد محكم مثلما فعلت في عديد المحطات المذكورة. ستكون المفاجئة الروسية حاسمة كعادتها و متـقـنة و قـوية بحيث انها تجعل عـدوها مثلما يعبر عنه المـثل التونسي: "يـبلع القديدة بدمها". اي ضربة صاعـقة. فروسيا برغم قوتها العسكرية العظمى إلا انها لا تتحرك وفق الموازين العسكرية فقط. ان روسيا ملتـفة حول "بوتين" في حربه في المنطقة، اما تركيا فليست ملتـفة حول "اردوغان"، و اي رد عسكري روسي سيكون في اتجاه عزل "اردوغان" داخليا، لان المسالة في نهاية الامر هي جنون عظمة لاردوغان غير متلائم مع الواقع الموضوعي. ما ستـقوم به روسيا هو تـقـزيم اردوغان او اظهار حجمه الحقيقي و ليس تدمير تركيا.
#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما وراء احداث باريس
-
عمال صفاقس يؤكدون الثورة
-
اتحد يا يسار العالم
-
الاحتمال المفقود في هجمات باريس
-
- حمه الهمامي- ، الزعيم النبيل
-
اللحظات الحتفية على عتبات المطلق
-
العنف و العاطفية
-
بؤس الغد على وجوه الأطفال
-
ورطة اسرائيل
-
حكمة الزعيم بورقيبة
-
العداء التركي للعرب
-
حلم العراق
-
جائزة نوبل للسلام تمنح لتونس
-
لامعقولية الأبد الدموي السوري
-
ما أتعس المحرمات
-
المطرقة الروسية تفتح أبواب الجحيم و النعيم
-
الوساخة اللذيذة
-
وهم الموت
-
الزعيم العربي الجديد
-
الإنسحاق العربي الآتي
المزيد.....
-
موزة ملصقة على حائط.. تُحقّق 6.24 مليون دولار في مزاد
-
تقارير عن معارك عنيفة بجنوب لبنان.. ومصدر أمني ينفي وجود قاد
...
-
قوات كييف تعترف بخسارة أكثر من 40% من الأراضي التي احتلتها ف
...
-
إسرائيل تهاجم يوتيوبر مصري شهير وتوجه له اتهامات خطيرة.. وال
...
-
بوليتيكو: الصين تتجاوز الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في
...
-
وسائل إعلام عبرية: اختفاء إسرائيلي في الإمارات والموساد يشار
...
-
غرابة الزمن وتآكل الذاكرة في أعمال عبد الله السعدي
-
فوائده كثيرة .. ابدأ يومك بشرب الماء الدافئ!
-
الناطق باسم -القسام- أبو عبيدة يعلن مقتل إحدى الأسيرات الإسر
...
-
-تحليق مسيرة ولحظة سقوط صواريخ-.. حزب الله يعرض مشاهد استهدا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|