|
أبناء بريطانية العظمى في العراق
حمزة الكرعاوي
الحوار المتمدن-العدد: 4993 - 2015 / 11 / 22 - 22:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ابتليت الجزائر بعد تحريرها من الاحتلال الفرنسي بالعملاء ، الذين أطلق عليهم الشعب الجزائري ( أبناء فرنسا ) بكسر الفاء في اللهجة الجزائرية . وإبتلي العراق بأبناء بريطانية العظمى ، وهم أحفاد أولئك الخونة الذين تخادموا مع المحتل البريطاني مطلع القرن الماضي . الفرق بين عملاء الاحتلال الفرنسي وعملاء الانكليز ( بريطانية وأمريكا ) كبير جدا ، الانكليز يقدمون قطاع الطرق وحثالات الارض ، والفرنسيون يقدمون ( العميل الوطني ) . رئيس دولة أفريقية هرب من شعبه الذي يجبره على الاستمرار في حكم البلاد ، ولجأ الى فرنسا هاربا من شعبه ، لان الشعب يحبه لوطنيته ، وخدمته لوطنه . وفي العراق شعب خارج من أقصاه الى أقصاه شاتما لابناء بريطانية الذين تحولوا الى أبناء لامريكا ، وليس فقط الشعب شاتما ، بل اسيادهم الامريكان شتموهم ، ووصفهم بريمر بأقسى الكلمات . يحاول ابناء بريطانية في العراق ، أن يصنعوا لهم تأريخا ( مشرفا ) للتغطية على خياناتهم ودناءاتهم ، ولتسويق أنفسهم على أنهم قادة شرفاء . زوروا الكتب ، وكتبوا المقالات ، وقدموا البرامج التلفزيونية لتلميع صورهم ، ولرسم صورة في أذهان البسطاء ( لمقاومتهم للمحتل ) وأنهم هم أخرجوه بالمقاومة ( السلمية ) . كلما يسأل الشعب العراقي عن هدر المال العام ، وعن أين ذهبت ثروات العراق منذ 2003 حتى اللحظة ، يكون الجواب بعيدا عن السؤال ، يتحدثون عن الطهارة والنجاسة ، والبتولية والعفة ، وعن الماضي ، وعن تسويق الطائفية . لاجواب عن إختفاء المليارات التي دخلت العراق في عهدهم ، وهم الذين يعلنون يوميا عن إختفاءها . لاجواب عند أحزاب المحاصصة الطائفية عن ( إعادة إعمار العراق وفصل السلطات الثلاثة والقضاء العادل المستقل ) . لايوجد في العراق جواز سفر تحترمه الدول ، ويساق العراقيون في المطار مع البضائع ، مهانين لا توجد دولة ولاحكومة تدافع عنهم ، والدينار العراقي لاقيمة له ، الا لمسح الاحذية ، حتى وصل الحال أن يمزق العراقي جواز سفره ويدوسه بحذاءه ، لانه وجد جملة ( تم إنجاز هذا الجواز المبارك ببركة وزير الخارجة د : قمقم ) . لازراعة ولاصناعة ولاقيم ولا أخلاق ، وصار العراق خارج المنظومة الدولية ، وخارج سياق الحياة ، لاكهرباء ولا إنترنيت ، فقط الذي يقدم هو : الحكم العشائري والرزوخزني الذي لم يجد له مكانا الا في العراق ، حاله حال داعش . الذي قدموه في العراق طبقتين ( الاغنياء والفقراء ) والطبقة الوسطى إنتهت ، وفي كل لحظة يتوسل العراقي بمن يخرجه هربا من العراق ، وهو محاط بملايين الشعارات الدينية : عنعن وعنعن ، ورحم الله من أحيا أمرنا ، وعظموا شعائر الله ، وحول تلك اللافتات رائحة الموت والسواد ، ومن ينتقد يقتل . العراق اليوم تحت المظلة الامريكية ، دولة أغنياء يريدون تركيع الناس ، وسجنهم في سجن كبير إسمه العراق . محميات على شكل دويلات ، تحيط بها ألاف الرجال من المرتزقة ، التي تحمي أبناء بريطانية من العملاء والخونة ، وربما لايترقون الى مرتبة عملاء . ولو توقف الامر على وجود ( ديكتاتوريات ) لحمدنا الله ، لكنه مشروع إبادة جماعية ، توقع بعض العراقيين أن أحزاب المحاصصة ستشبع يوما ، وتأتي بالامن للولاية التي يحكمونها ، لكنهم إستمروا في مشروع الابادة ، ولم يتركوا مادة قاتلة ، إلا وأدخلوها العراق ، وأخرها العصير المسموم الذي يسبب أمراض السرطان والعجز الكلوي . عندما حاول الفرنسيون الكنديون في مونتريال أن يستقلوا عن بريطانية ، ظهرت الامراض والاوبئة الفتاكة ، فإتجهت اصابع الاتهام مباشرة الى بريطانية . وقعت أحزاب الاسلام السياسي الشيعي ، إتفاقية مع الغرب وخصوصا أمريكا على أن تدفن أمريكا نفاياتها النووية في صحراء العراق ، ونحن على خط الحسين و( هيهات منا الذلة ) ، وهذه هي الفرصة التي حذرنا بول بريمر أن لايفوتها الشيعة ، ويفلت منهم حكم العراق ، مثلما ضاعت الفرصة عام 1920 . رقص البسطاء في تلك الليلة ، التي إجتمع فيها ابناء بريطانية في لندن ، بقيادة زلماي خليل آل زاده ، وظنوا أنه عصر جديد ، وفجروشمس تخرج بعد صدام حسين ، وكانت مقولتي ( القادم أسوأ ) وعللت ذلك ، بعلمي بتأريخ الاحتلالات الامريكية ، وتأريخ ( المعارضة ) القذر ، الذين كانوا واقفين في الطابور أمام الخارجية البريطانية للاستجداء ، وأمام سفارات الدول ، وهذا ليس كلامي بل تصريحات لاكثر من سياسي غربي ، ومنهم الجنرال ( أنتوني زيني ) الموفد الامريكي لعملية السلام بين اسرائيل والقيادة الفلسطينية ، حيث قال عام 1997 : لاتوجد معارضة عراقية ، هؤلاء مجاميع من المرتزقة . وبعد أن فات الاوان ، وصفهم سيدهم بول بريمر : لم نجد فيهم شريفا وطنيا يستحق ان يحكم العراق ، وأتينا بهم من الطرقات ... يعني أولاد شوارع ، وتربوا في حاضنة وسخة . وصفهم العراقيون بأوصاف تليق بهم : لو ضاع أصلك لف إعمامة ، وأولاد الدكتورة حسنة ملص ، تلك القصيدة التي قتلت شاعرها المرحوم رحيم المالكي . الذين تربوا في الطرقات والمقاهي والحسينيات ، قدمتهم أمريكا وايران لحكم العراق ، ومنا بدأت عملية إبادة العراقيين ، وإنقراض الدولة العراقية ، وكل مدة من الزمن ، تطالعنا أخبارهم بإدخالهم المواد المشعة لقتل العراقيين ، وهناك حديث ( أمريكي ) : عام 2025 ستكون نفوس العراق مابين 5 مليون و7 مليون نسمة . لافرق بين عصابات داعش وعصابات المنطقة الخضراء ، لان الفكر واحد ، وإن إختلفت المسميات ، لان مرجعيتهم واحدة وهي ( ابو ناجي ) . قبل ظهور داعش لترتكب جرائمها ، إرتكبت نفس الجرائم من قبل مليشيات الدين السياسي في كل مناطق العراق ، وأتحدى اي شخص ، أن يأتيني بجريمة لداعش ، لم ترتكبها المليشيات التابعة لاحزاب إيران . الصراع بين الصفويين والعثمانين ليس جديدا في العراق ، لكنه اليوم إتخذ طرقا جديدة ، للتفنن بالقتل ، ودخل عليه العامل الغربي . اسوأ شيء هو التبرير للجرائم ، التبرير الذي يمارس ، لحجب الحقائق وتعطيل عقل الانسان ، لتقديم عقائد وسياسات منحرفة ، ومنذ متى بنت العقيدة الاوطان وعمرت البلدان ؟. الدول التي تقدمت ونحن نهرب إليها ، لم تتقدم وتعيش وتحيا الحياة الكريمة ، الا بعد أن تخلصت من سلطة الكنيسة وصكوك الغفران ، ونحن اليوم في كل المنطقة العربية نعيش زمن سلطة الكنيسة . لعبت العشائر والعمائم دورا سلبيا في تدمير العراق ، ومسخ هوية الانسان ، وقتل فطرته وإنسانيته ، وللاسف هناك من يدافع عنهم ، ومشروع شيخ العشيرة ورجل الدين ، هو مشروع بريطاني ، تحدثنا عنه في مقالنا ( حيرة الهوية ) . كتاب لعبة الشيطان لروبرت دريفوس ، يكشف دور بريطانية في تقديم الاسلام السياسي وحركاته ، خدمة لمصالحها ، وهناك كتابات تحدثت عن هذا الدور كثيرة ، ونحن اليوم في العراق والمنطقة العربية ، نعيش هذه الحالة الكارثية . اللحظة التي نعيشها ، تكشف عورات أبناء بريطانية ، وإتضح للعالم أجمع أن أحزاب المحاصصة في العراق ، أعداء الانسانية ، ولايختلفون عن داعش ، وربما أن الفاسد الذي يسرق المال العام ، تكون مرتبة جرائمة قبل داعش ، لانه يقتل بالجملة . أين هو التداول السلمي للسطلة ، وأين فصل السلطات الثلاثة ، وأين هو القضاء المشتقل العادل ؟. أين هو الدستور الذي يحرصون عليه ، وهل فيه محاصصة ( سني وشيعي وكردي ) ؟. وهل الديمقراطية تلتقي مع حكم ديني ؟. الديمقراطية على ظهر رجل دين ، كما يقول المثل العراقي ( سرج على هايشة ) . هل سيتسلل ( مرسي أبو إسماعيل ) العراقي إلى غرفة أبناء بريطانية في المنطقة الصفراء ، ليحمل أسلحة مليشياتهم وملابسهم ، ليتقدم المتظاهرون العزل لتطهير العراق منهم ؟. وهل سيتدخل العمدة ( سفير ايران وامريكا ) للعب دورا ما بعد خروج ( أبو إسماعيل ) من الحجرة ؟. ثمن الحرية باهض وصعب جدا أن يقف شعب أنهكه حصار وحروب ، أمام جبروت الغرب وشركاته النفطية ، ,امام جبروت شرطي المنطقة ولي الفقيه . الحكم الذي قدم للعراقيين بعد صدام حسين ، هو المثال الاموي والعباسي التسطلي فقط ، المتمثل في الاسراف والبذخ ، وسياسات التجويع والحكم الوراثي ، الذي أصبح مقره بيت طارق عزيز ، الذي تحرسه المليشيات ، وبلاك ووتر والمخابرات الدولية ، والاقمار الصناعية الغربية ، طائرات الاواكس ، وعلى أبوابه ومداخله السجاد الاحمر ، ليطأه إبن الحكيم ، وحفيد من دخل العراق بعد تبديل لقبه ، بمشورة بريطانية ، وهو حافيا ، يعتاش على صلاة الاستئجار ، ليتحول الى إمبراطور مالي . شركة فلاي بغداد ، وغيرها ، ووسائل الاعلام للغلام ، كلها مسروقة من دماءنا ، من قوت الايتام الارامل والجياع ، والذين ماتوا في البحار والمحطيات ، وماتوا في الصحراء ، والذين هرلوا خلف سيارات الازبال ، وهم يشاهدون لهب أبار النفط والغاز فوق رؤوسهم يخرج حتى عنان السماء . الاحتلال وأبناءه لايتركون أحدا في البلد المحتل إلآ وسحقوهم بأحذيتهم ، مخلفاتهم ملايين الايتام والارامل والنازحين . الهروب الجماعي الى المجهول ، حتى وإن غرقوا في البحار ، فهو أفضل من العيش مع الحكومات الظالمة . يجب أن لاتستسلم الشعوب للطغاة ، والباطل دائما مهزوم وضعيف ، ولو دامت لغيرهم لما أتت إليهم ، وقبلهم في هذه المحميات عاش علي حسن المجيد وبرزان التكريتي وغيرهما . قريبا يا فقراء العراق ، وماتبقى من العراقيين ، سنشهد نهايتهم .
#حمزة_الكرعاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مهندسو الخراب في العراق
-
التبعية
-
( صلاة الواو بين النافورة والجسر )
-
المقدس في حياة الناس
-
قريتنا المنسية
-
إصلاحات حيدر العبادي
-
أغاني الناس وأغاني العمائم
-
الدولة المدنية
-
فساد رجال الدين
-
مرجعية الوطن ومرجعية الغريب
-
العراقي برميل نفط
-
بإسم الدين باكونا الحرامية
-
إحذركم من الاسلام والمسلمين
-
( داعش ) تحطم إصول القرآن في الموصل
-
حكومة أبو إجخيل
-
مآساة الطب في العراق
-
اللعب على المشكوف
-
داعش ... خنزير طروادة الامريكي
-
النفوذ الايراني في العراق
-
دستور الاحتلال الملغوم
المزيد.....
-
سحب الدخان تغطي الضاحية الجنوبية.. والجيش الإسرائيلي يعلن قص
...
-
السفير يوسف العتيبة: مقتل الحاخام كوغان هجوم على الإمارات
-
النعمة صارت نقمة.. أمطار بعد أشهر من الجفاف تتسبب في انهيارا
...
-
لأول مرة منذ صدور مذكرة الاعتقال.. غالانت يتوجه لواشنطن ويلت
...
-
فيتسو: الغرب يريد إضعاف روسيا وهذا لا يمكن تحقيقه
-
-حزب الله- وتدمير الدبابات الإسرائيلية.. هل يتكرر سيناريو -م
...
-
-الروس يستمرون في الانتصار-.. خبير بريطاني يعلق على الوضع في
...
-
-حزب الله- ينفذ أكبر عدد من العمليات ضد إسرائيل في يوم واحد
...
-
اندلاع حريق بمحرك طائرة ركاب روسية أثناء هبوطها في مطار أنطا
...
-
روسيا للغرب.. ضربة صاروخ -أوريشنيك- ستكون بالغة
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|