رضا لاغة
الحوار المتمدن-العدد: 4990 - 2015 / 11 / 19 - 18:41
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
هناك لحمة غامضة ترغمنا على فعل أشياء تخترقنا ، لها لمعان عميق في ذواتنا ؛ حتى أننا لا نكاد نفهم ما يجري، فنرتكب أفعال تشوه المعنى. سيقال إنها صورة كاذبة لشخصية مبتورة تتباعد ، مهما حاولت التنقيب عنها عن ميدان العقل . شخصية أفعالها سرّية و مرفوضة و ربما مرضيّة . إنها تنازع نمط كينونة العقل و إبداعاته باتجاه الإفراط في الثرثرة التي تنتج نكبة ، مؤامرة و تصميم يتصالح مع القتل و يفصح عن مفترضات عصر ما . إننا بتعبير فوكو " نفكّر داخل فكر مغفل و قاهر" تسطع منه لحظة موت الآخر و التنكيل به و تشريده من أصقاع الوجود. نتحدث عن ثقافة متوحشة تسيّجها تأويلات نافرة للعقل . عن فكر تاريخي يشكّل إيديولوجية مغلقة تطعن في الحداثة ، تسرق منّا معنى الفرح الذي يوشّح العالم. تهرب بنا من تأويلية الوجود الصدوق الذي أخبرنا عنه هيدغر حين بيّن أن " الإنسان كان مستعدا منذ البدء لكي يضفي معنى على العالم" إلى حذف الوجود كسيرورة يتوالد منها المعنى. هذا الهجوم على المعنى الضّاحك للحياة هو صدمة للعواطف و شذوذ داعر يقوم على إستراتيجية لها ولع بعالم غير آمن . عالم يسلّم فيه الإنسان حريته فيبدو الوجود مظلما و متحقّقا في ما يناقضه ، في العدم لا بالمعنى السارتري بوصفه شرطا لوجود الموجود بل بالمعنى الذمّي ، أي العدم كخطوة خاطئة تسلب الآخر حقّه في البقاء. العدم الذي تلمع خلفه صورة ضحايا الإرهاب الأبرياء . العدم الذي يلعب بمصير الذات فيصنع الجحيم ليمرّ الوجود صامتا . قال نيتشه ذات مرة : إن الحقيقة تقتل ذاتها حين تكتشف أن أساسها على خطأ ". أليس الإرهاب اعتقاد مزعوم لإقحام الإيديولوجي في الوجود ؟ و ما عساه يكون المعنى المشيّء و النمطي للوجود الاجتماعي غير ذريعة لصالح دوغما موجّهة منتقاة من فهم خاطئ للدين و للمقدس.
أجل حين يتورّط الخطاب في السلطة و يخلط بفكر ضعيف تراشقي ما يعتبره وعي جذري للمقدس بفكره المستهجن و المشجوب فإننا ننزلق إلى ميتا خرافة القتل كشكل قصصي مشوّه للجهاد. إنه يتحوّل إلى شكل من الانعكاس الذاتي المدمّر لحالة السواء النفسي . إننا هنا نتحدث عن ما بعد المعالجة الأمنية ، إلى معالجة تطال التاريخ النفسي الذي تتشقّق بموجبه شخصية العابث بالمصير لتبيح له القتل كظهور منفلت عن المحرم و بوصفه أحد الأعراض الأساسية اللازمة للخير.
إن هذا الطريق يظل يمثّل مدخلا لسريان التفكير النقدي للتاريخ الذي يذهب بعيدا في قضية الإرهاب ليتدبّر آفاق تدخّل علم النفس الاجتماعي التي ستقود إلى مدخل جديد لمجابهة الإرهاب.
#رضا_لاغة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟