صلاح يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 4988 - 2015 / 11 / 17 - 19:52
المحور:
الادب والفن
قراءة في " قمصان شفافة " لفاتن واصل
تأخذنا الكاتبة إلى وقائع كابوس فظيع، بعبر عن حياتنا التي تحولت إلى هذا القدر من القبح والبشاعة. القصة لا تبدأ بالوصف الرتيب، بل يأتي الوصف في زمانه ومكانه، فالطائر (فلا هو بغراب، أو حتى بصقر.. مُعرّى الجسد والجناحين من الريش ، وبقع بنية اللون تنتشر على جلده، وقطرات من الدم تتساقط من منقاره الخطافي الذي يشبه منقار الصقر كأنه فرغ لتوه من التهام فريسته ) ..
وتستمر الكاتبة في تفجير أحداث الكابوس الفظيع الذي يأتي على صورة ديدان تتحول إلى أفاعي، وظهور شخصيات من قبيل ذوي القمصان الشفافة الذين يضيفون العرب الأسود إلى التفاصيل .
لقد أخذتنا الكاتبة معها في رحلة مدهشة من تطور الدراما والكآبة والحزب والألم، يشبه كثيرا طبيعة الحياة التي أصبحت تميز كوكبنا، فالقتل وسفك الدم أصبح حدثاً عرضيا، من بيروت إلى باريس ومن لندن إلى نيويورك ومن بغداد إلى موسكو ومن دمشق إلى مدريد، ومن الرقة السورية إلى مطار شرم الشيخ. هل تختزن الكاتبة تصوراتها لمدى بشاعة ما وصلنا إليه ؟
اللغة جاءت جميلة والنسيج الفني للقصة رائع، لكن الألم في النهاية ظل مستمراً، وهو في رأيي ما أضعف القصة التي يجب أن تفتح أفقاً أو أملا للخروج من هذا الكابوس، مثلما يفعل كبار الكتاب الذين يرسمون بأدواتهم ولوحاتهم خيوطا من نور بين الألوان الداكنة، لكن يظل هذا رأي شخصي لي كناقد وليس شرطاً أن يكون مطلق الصحة، فنحن لسنا أمام تقاطع مستقيمين في نقطة هندسية !
لكن الغريب أن القصة إنما تزامنت مع تفجير الطائرة الروسية فوق سيناء ومع تفجيرات الضاحية في بيروت بعدها بأيام ومع أحداث الرعب الدامية في باريس، حيث نأت الكاتبة بنفسها عن المباشرة بكتابة المقال كما يفعل الكثيرون، بل قامت بتحويل كل تلك الكوابيس إلى أحداث درامية تجبر القاريء على الانصهار في الشعور والاندماج في توصيف الحال على نحو لا يقل قوة وجمالاً عما جاء به أنطون تشيخوف في رائعة " المستكينة " أو " المغفلة " ..
شكرا أستاذة فاتن ودام قلمك وخيالك الرائع
#صلاح_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟