أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم فنجان الحمامي - سموم التراخيص النفطية














المزيد.....

سموم التراخيص النفطية


كاظم فنجان الحمامي

الحوار المتمدن-العدد: 4988 - 2015 / 11 / 17 - 09:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سموم التراخيص النفطية

كاظم فنجان الحمامي

أول الغيث في أمطار البصرة سموم حمضية تخنق المدينة بأبخرتها المشحونة بوخزات جولات التراخيص. سقطت منذ أيام بضعة قطرات فامتلأت المستشفيات بالمختنقين. الأمطار عندنا نذير شؤم، وعند الأقوام الأخرى من بشائر الخير.
كلما خرجت من البصرة قاصداً أطرافها الخارجية، تطوقني تلك السحب السود. تلتف حولي كما الأفاعي. تزعجني بخطوطها القاتمة الملتوية. تمنعني من الاستمتاع برحلتي. دخان كثيف. يوزن بالأطنان. يعبر الخرائط. إن ترفع يدك لا تراها، والناس يصدم بعضهم بعضاً كسيارات الملاهي. فان تتبّعتَ الدخان إلى مصدره وصلت إلى غليون القيصر، فغلاوين قياصرة النفط والغاز تنفث سمومها هنا، والناس يصدم بعضهم بعضا بسياراتهم، التي لا تحمل أرقاماً. تتراكم السحب السود فوق سطوح مدينتي، وتزداد عتمة وسوادا كلما توجهنا شرقا نحو حقول (مجنون). أو كلما توجهنا غرباً نحو حقل (الزبير)، فالقبة السماوية الواصلة بين حدودنا مع الكويت وحدودنا مع إيران، صارت متشحة بسواد مخيف، ينذر بوقوع كوارث بيئية لا حدود لها، ولا يمكن التكهن بنتائجها المرعبة.
نحلم أن نصحو يوما من نومنا، وقد انجلى دخان جولات التراخيص من سماء البصرة. إذ تجثم غمامة من الملوثات النفطية فوق صدورنا. حجبت تمتعنا بالهواء النقي. نقترب قليلاً من مصادر الدخان الكثيف فتمنعنا الأسلاك الشائكة، ويخيفنا رجال الدوريات النفطية بوجوههم المقنعة، وعيونهم المبرقعة، ورؤوسهم الحليقة. هناك في تلك المفاوز المفتوحة. تنتشر مخيمات الشركات الأمريكية بالطول والعرض، تبهرنا أنوارها الليلية. يزعجنا دوي محركاتها العملاقة. الأمريكان في كل مكان، حتى يُخيل إلينا أننا نعيش خارج مخيماتهم، وكأنهم يمتلكون هذه الآبار والحقول النفطية الغنية بالثروات. أو كأننا نتطفل عليهم.
لم يعد النفط نعمة من نعم الله. بل نقمة جلبت لنا الكوارث السياسية المتوالية. ربما هي لعنة ظلت تطاردنا منذ اكتشاف النفط لأول مرة في صحراء (مسجدي سليمان) وحتى يومنا هذا. هي لعنة أدخلتنا في حروب مُهلكة. حرمتنا من استحقاقاتنا الحضارية. ثم حملت لنا دخانها وسحبها الثقيلة لتخنقنا، وتسمم أجوائنا بملوثاتها الزفتية، وتسوّد عيشتنا.
يقولون: أن وزارة النفط وقعت عقداً عام 2011 مع شركة شل لمعالجة الغاز المصاحب للنفط بعد موافقة مجلس الوزراء على تأسيس شركة غاز البصرة، التي ستتولى معالجة الغاز المصاحب للنفط من حقولنا الجنوبية بالمشاركة مع شركة غاز الجنوب المملوكة لوزارة النفط بنسبة 51%، وشركتي رويال دتش شل 44% ميتسوبيشي اليابانية بنسبة 5%. لكننا لا نرى أي تحسن في أجواءنا، التي فقدت نقاوتها بسبب بشاعة السحب، وتصاعد أعمدة الدخان التي أصبحت أكثر سواداً وعتمة من ذي قبل.



#كاظم_فنجان_الحمامي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السمكة المجتهدة وحقوقها الضائعة
- الأفضلية يصنعها أهل المروءات
- خطوط الشحن البحري ومنغصاتها المحلية
- صاحب شعار نفط العرب للعرب
- زعماء بعد منتصف الليل
- بيريسترويكا بنكهة الدولمة
- قراءة في سجل الربان الكبير عصام عمسو
- شطحة واحدة كلفتنا الكثير
- الشعب يريد إرضاء حكومة الملائكة
- الامتدادات الخارجية لحقولنا النفطية
- موانئنا ليست ساحة للعابثين
- الكلاب لا تخون أوطانها
- ثرواتنا في جيوب البنتاغون
- زيارة لقرية الوزير سين
- الأتراك ينقذون عظام جدهم. فمن ينقذ أجدادنا العظام ؟
- أم الأطباء وأم الخطباء
- من أرشيف الحركة الملاحية في شط العرب
- العراق وطن الجميع


المزيد.....




- الإليزيه يعلن استدعاء السفير لدى الجزائر و-طرد 12 موظفا- في ...
- المغرب يواجه الجفاف: انخفاض حاد في محصول القمح بنسبة 43% مقا ...
- كيف رد نتنياهو ونجله دعوة ماكرون إلى إقامة دولة فلسطينية؟
- أمير الكويت ورقصة العرضة في استقبال السيسي
- الرئيس اللبناني: نسعى إلى -حصر السلاح بيد الدولة- هذا العام ...
- مشاركة عزاء للرفيقتين رؤى وأشرقت داود بوفاة والدتهما
- ويتكوف: الاتفاق بشروط الولايات المتحدة يعني وقف إيران تخصيب ...
- ترامب: مزارعونا هم ضحايا الحرب التجارية مع الصين
- مصر.. أزمة سوهاج تتصاعد والنيابة تحقق في تسريب فيديو المسؤول ...
- نائب رئيس لجنة الدفاع والأمن الروسية يزور الجزائر


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم فنجان الحمامي - سموم التراخيص النفطية