|
- سكرات أستاذة معطّلة عن العمل -
باسمة قرطاج
الحوار المتمدن-العدد: 4984 - 2015 / 11 / 13 - 01:19
المحور:
الادب والفن
يتضاعف شعوري بالخيبة كلما غادرتُ مبنى المؤسسة رافضين طلب توظيفي عندهم رغم المحاولات و الوعود و الآمال المتبخرة مع الأحلام... خرجتُ هائمةٌ على وجهي فجلست على كرسي فارغ في الحديقة العمومية أشاهد الناس يبتسمون لبعضهم في بهجة ساذجة لا أعرف سببها ... (إمرأة حامل تمشي بتثاقل خلف زوجها بغباء مطلق، بائع دبوس الغول ينظر إلى السماء بالكثير من الشك، شبه عاشقين يتهامسان في مكر أحمق، رجل يهرول دون أن يلتفت خلفه، و ثمة رجلين يمشيان أمامي يتحدثان عن فريق برشلونة وفوزه على ريال مدريد...) كنت أستمع لهم ضاحكةٌ باكية وأنا أعقّب على دهشة تناقضات الزمن ‼-;- أيها الناس لديّ ما يكفي من الأسباب حتى أكرهكم لكنني طوال الوقت أحاول إختراع أسباب مقنعة كي أحبكم ... حتى هذه اللحظة لم أجد سبباً واحداً لتكون الأرض ملائمة للحياة معكم ...كل الأماكن و الوجوه و الأحداث تتشابه، أنا المشكّكة في كل مُسَلَّمات الغوغاء أُرمّم تمزقاتي بسخطي الأبدي على نفسي وعلى الحياة ... فمي مستنقع لعنات آسن وروحي قاتمة كسواد الليل الدامس .... أنا المشرّدة الساخرة من الكتب القديمة أجوب المكتبات بحثاً عن نواقص التاريخ لأصنع منها نُكاتي الجديدة .. أنا المتّهمة بالرّدة والإلحاد والكُفر والضلال والبدعة والرفض .. يختارني أحد المارّة لأُدِلَّهُ على طريق جامع الزيتونة ، ههههه…أنا المتوحّدة التي فقدت ظلّها وهي تحاول الإلتزام بأمور محدّدة وصارمة وثابتة تهبط مدارج من هراء ليصعد غيرها ويقصر ويتكاسل ويؤجل ويتشرذم تأكيداً لاستمراره في الغي والتيه ‼-;- تمرّ من أمامي شاحنة أغنام ...... اللعنة ! هذه ليست أغنام إنها وجوهكم أيها القطيع الأرعن ...أبناء الهلام لا ينفكون عن مقاطعة أفكاري وتأملاتي التي أعتبرها مساحتي الحرّة الوحيدة في هذه الرقعة الجغرافية المسماة وطن، أبناء اللعنات المسوخ المشوهون لا يعلمون أنهم السبب الرئيسي في أنّ حياتي لم تعد جميلة كما ينبغي كم أتمنى لو أنهم يموتون دفعةً واحدةً ، لكنهم أشرسُ من الغُزاة في تعلّقهم وشغفهم بهذه الحياة المؤقتة... موتي يقترب وها أنا أجمع الأمراض النمطية بسببهم، يباغتني الخوف كلما أحسستُ باللامعنى الموتُ يطوّقني، أستجدي القطط كي ألاعبها، أستجدي البحر كي أتحدّث معه و أبثُّهُ شوقي متأملةً سعادة النوارس .. أُحصي عدد الأقدام العابرة في حُلمي وأنتظر الموت كل ليلة … أيها الفقراء و التُعساء يا أوغاد الأديان التي تكفّر بعضها بعضاً..إشربوا هذه الكأس معي، إشربوا ولاتنظروا الى السماء بعد الآن ..السماء مجرّد سقف من فراغ لحياتكم الكئيبة .. أنتم حفنة بُلهاء تتمسكون بالوهم وجلد ذواتكم ليُسيطر عليكم الأقوياء وليقتلكم ضَعفُكُم الأبدي، أشربوا هذه الكأس معي... و لتتخلّصوا من خوفكم الغائر كالوشام المغرّزة في باطن الجلد .... في كل مرة يلفظونني أتمسّك بسيرتي الذاتية و أسير هائمة في الشوارع… أنا الرقم الفائض عن حاجتهم أدق مسامير نعشي لأطمر فيه هذا الكائن اللامرغوب وأتعجّل خلاصَهُ رحمةً بالوطن وما تبقّى من وجع أتقاسَمَهُ مع القطط في حاويات الزبالة … أنامُ و في ذهني تعج أفكار سَوداوية منسوجة من رائحة الجثث المتعفّنة في رأسي وعندما أصحو أُشاهد كائنات هُلامية تَسخرُ مني.. أُحاول الحفاظ على هدوئي وإقناع نفسي بأن الحياة عابثة فقط ..فاستمر في إستحلاب الأمل حتى أتجاوزُ مِحنتي ،لكن سُرعان ما أشعر بالوحدة وأتراجع يائسة لأصرخ داخل غرفتي ... أستمع لفيروز تُغني " أهواك بلا أملِ"، أقضم تفّاحة وأحاصر قلبها الملفوف على قلوب سوداء صغيرة، أحاول أن أتقدّم بالقضم الى آخر خط إلى حيث ينتهي "شحم" التفّاحة تماما ولم يبق منها إلاّ هيكل على شكل خط يمر عبر القلب وبنتهي بطرف فيه عود ... لا أفكّر في أشياء مهمّة، أتحدث مع الجدران، مع القطط والكلاب، أُدسُّ أنفي في شؤون النمل، ولا أحد يسمعني فأسقط في مستنقع الصمت فلا أجد شيئاً أفعلُهُ غير البكاء و الموت بحنكة الأحياء .. أنتُم أيها التُعَساء‼-;- هل تعيشون بصور ثلاثية الأبعاد مثلي لتخفوا بؤسكم و تحصّنوا أنفسكم بالعزلة والغموض ؟ هل مازالت فكرة الموت تؤرّق مضاجعكم ؟ آآآهٍ ..... دعني يا صديقي فإن سُراج حياتي يخبو وشَمعتي تذوب وما أَخالُني إلّا ميتةً عَمّا قريب أو هائمة في المدينة مجنونة… إنتهيت… بعت رأسي وقلبي برغيف من الخبز نصيحة مني : لا تمنح وطنك أكثر مما يستحق …تعيسة و أنا أشاهدُ وجه البحر وفي داخلي ألفُ سفينة تائهة لا تعرف الإتجاه ..أيها الوطن القاسي ..أُغرب عن وجهي ... عمر مضى وأنا أغدّر آلاف الأوراق لأقول لك أحبّك ما أتعس حظّ الكادحين ‼-;-... سأحاول تذكّر النشيد الوطني ربما اضطر إلى ترديده في الخلاء: إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بدّ أن يستجيب القدر ولا بد لليلِ أن ينجلي ولا بد للقيدِ أن ينكســر حماة الحمى يا حماة الحمى هَلمّوا هَلمّوا لمجد الزمــن لقد صرخت في عروقنا الدماء نموت نموت ويحيا الوطن ...
#باسمة_قرطاج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مرسول الحب بين محمد و حبيباته
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|