محمود شقير
الحوار المتمدن-العدد: 4982 - 2015 / 11 / 11 - 15:06
المحور:
الادب والفن
ذهبنا معاً إلى البيت.
قالت دمية: نذهب قبل أن تميل الشمس نحو الغروب. ركبنا حافلة الركّاب الذاهبة إلى القطمون، ولم يأبه بنا الركّاب (يتظاهرون بأنهم لا يروننا، فنحن سكّان البلاد الأصليّون الذين عليهم أن ينقرضوا). نزلنا عند آخر الشارع، ومشينا قليلاً.
قالت: لطالما مشيت في هذا الحي. لطالما لعبت. لطالما رقصت. وكنت أتابعها وهي تلملم أطراف حكايتها الطويلة.
وصلنا البيت. قالت امرأة في شرفته: ما أتاه روتسيه؟ (ماذا تريد أنت؟) ما آت روتساه؟ (ماذا تريدين أنت؟) قالت دمية: أريد أن أرى البيت. تدخّلتُ وقلت: فلسطينيون كثيرون جاءوا في السنوات الماضية، لكي يروا بيوتهم. قلت: إدوارد سعيد جاء.
أطلّ رجل عابس الوجه، ومن خلفه أطلّت صبيّة لعلّها ابنته. قلت: المأساة طالت ولن ينفعكم تجاهلها. قالت دمية: أريد أن أرى غرفة نومي. ردّ عليها الرجل: اذهبي إلى حكومة إسرائيل وقد تجدين غرفة نومك هناك. قالت المرأة: نعم هناك، اذهبي، فنحن لا شأن لنا بك.
الصبيّة تابعت المشهد في حيرة، كما لو أنها لا تفقه شيئاً مما يدور حولها، ودمية التي لم ترَ غرفة نومها استدارت وابتعدت، وأنا ابتعدت.
والبيت وحده ظلّ مزروعاً في بحيرة من صمت.
#محمود_شقير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟