|
أزوجة السلوك البعثي والتطرف الفلسطيني
أبو الفضل علي
الحوار المتمدن-العدد: 1363 - 2005 / 10 / 30 - 11:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ظاهرة الارهاب في العراق بين أزوجة السلوك البعثي والتطرف الفلسطيني
كثيرة هي فصائل المقاومة، الفلسطينية وكثيرة هي مصادر تمويلها والأجندة التي تعمل عليها، انها قضية نبيلة يمكن لأي مسلم شريف ان يتعاطف معها. ان بعض الدوائر التي كانت تعمل تحت مظلة (كلمة حق يراد بها باطل) كانت هي أيضاً تعمل وفق أطرها الخاصة والتي تصب في مصلحتها كقوى تحاول أن تظهر ان القضية الفلسطينية هي ما تسعى اليه، وقد استطاعت هذه القوى الالتفاف على الفكر المتطرف لبعض القوى الفلسطينية، الذي اعطى بعداً لا يخدم نضال شعبنا، بل يشوه فكر المقاومة ويسيء الى فلسفتها من اجل التحرير.
الحروب الفلسطينية الهامشية استطاعت الدوائر الصهيونية والسياسات الأمريكية التي طلبت من بعض دول المواجهة بناء مخيمات فلسطينية المهجرين من فلسطين في دولها لقاء اتفاقات اقتصادية سرية عقدتها الولايات المتحدة مع بعض الدول العربية مما ادى في نهاية الأمر الى ان الخلاف السياسي لحكومات هذه الدول مع القيادات الفلسطينية كان ينتهي الى حرب أهلية تذهب ضحيتها الاف الأرواح من كلا الطرفين، وتساعد بعض الدول العربية في اشعال جذوة الخلاف وإدامة نار الفتنة؛ لكي تخرج بالنتيجة الى تهميش القضية الفلسطينية، واعطاء صفة الدموية لشعبنا الفسطيني. وهنا نذكر الحرب الأردنية الفلسطينية، والتي ساهم البعث في ايقاد جذوتها ومساندة الاردنيين بقتل اكبر عدد ممكن من الفلسطينيين واصدرت اوامر للجيش العراقي انذاك بمساندة الاردنيين؛ لأن الجانب السوري كان موالياً للفلسطينيين بدل ان يدخل العراق حمامة سلام ليحفظ دماء المسلمين، دخول الفلسطينيين في الحرب الأهلية اللبنانية كمساهم رئيس وقد ساهم فكر البعث في ايقاد جذوة الخلاف والاسناد المباشر من القيادة البعثية في العراق وقد كانت منشآت التصنيع العسكري تصنع الأعتدة وترسلها الى لبنان من اجل القضاء على التيار الاسلامي الموجود في لبنان. وبعد خراب لبنان انتبه اللبنانيون الى المأزق ووجدوا طريق الخلاص هو اطلاق شعار: دعوا لبنان للبنانيين. والحقيقة ان الفكر البعثي ليس هو الفاعل الوحيد في ايقاد جذوة التطرف وان كان القضاء على حركة امل وحزب الله كان يمثل للبعث الانتصار الكبير لآيديولوجية البعث اللاانسانية فقد كانت هناك ايديولوجيات اخرى على الساحة اللبنانية تريد ان تحقق انتصارها هي الأخرى على حساب ارواح الشعب اللبناني ومنها الحركات الدينية المتطرفة.
العلاقة البعثية الصدامية بالقوى الفلسطينية من خلال دخول السلوك البعثي في خضم الصراع الفلسطيني الفلسطيني، والفلسطيني العربي، والفلسطيني الصهيوني، تكونت لدى اجهزة المخابرات العراقية فكرة كبيرة لتفاصيل وكيفية وماهية ما يجري على الساحة العربية وقد كانت بعض القوى الفلسطينية الحرة تعي ما يقوم به حزب البعث على الساحة وقد استطاعت ان تتكيف مع الوضع لكي تتجنب هذه المؤامرات وخصوصاً بعد ان اكتشفت نوايا السلوك البعثي اللاقومي بعد غزوه دولة الكويت عام 1990 حيث وجه طعنة قوية للشعب الفلسطيني وقضيته من خلال تمهيده لدخول القوات الأمريكية واعادة خارطة الشرق الأوسط العسكرية وقد ادى ذلك الى انتفاضة شعبية في العراق سقطت خلالها عروش الظلم البعثي في المناطق الوسطى والجنوبية ومدن شمالنا الحبيب الا ان الدوائر الامبريالية ساعدت الطاغية في بغداد على اعادة تنظيم أوراقه وقد أحيط السلوك البعثي علما بان صورته اهتزت واخذت معظم الوانها من الوحشية الدموية التي انتهجها طيلة فترة حكمه في العراق بل ان الصورة البشعة للسلوك البعثي كانت واضحة على الصعيد العربي والاسلامي والدولي مما حدى بالنظام الاستبدادي في العراق الى تحسين صورته القبيحة من خلال العودة الى الصراع العربي الاسرائيلي ومداعبة مشاعر الفلسطينيين الذين اغدق عليهم العطايا وانه يمتلك بعض الشرف الصناعي الذي يعتمد على الثروة والسلطة في العراق. فقد أمر الصنم في العراق بان تفتح ابواب البنك المركزي العراقي لبعض الفصائل الموالية له فأمر بدفع 25 ألف دولار لكل بيت مهدم في فسلطين ودفع مبلغ 10 آلاف دولار لكل عائلة شهيد ومن المفارقة انه في نفس الوقت كان ينتهج سياسة الكيان الصهيوني بل أسوأ منها بكثير ازاء شعبه فبعد أن يهدم بيوتهم يقتل ابناءهم ويستحيي نساءهم ويأخذ منهم ثمن العيارات النارية التي اخترقت اجساد أولادهم ليتسنى لهم استلام جثث ضحاياهم ودفنها. وقد وافق على خطة لإسكان الفلسطينيين في العراق وقبول اولادهم في الكليات والجامعات العراقية على ان تدفع الحكومة لكل طالب فلسطيني في العراق مبلغ 100 دولار بالاضافة الى مجانية التعليم في حين كان طلبة العراق لا يجدون ما يقتاتون عليه في سنوات الحصار ومطالبة العراقيين بدفع أقساط التعليم أما مسألة قبولهم في الكليات والجامعات كانت تعتمد على اساس طائفي وبعثي وقد قدمت حكومة الطاغية في بغداد الدعم التكنولوجي والدعم المالي من خلال استقطاب الطلبة الفلسطينيين العاملين في الجامعات التقنية والمهنية في العراق وادخالهم في دورات خاصة ضمن هيئة التصنيع العسكري دائرة البحوث بشأن امكانية اعدادهم لتصنيع صواريخ القسام بطول 57 سم وصواريخ كاتيوشا طول 2.2 سم وارسالهم الى الأراضي الفلسطينية ودعمهم مالياً لفتح ورش ميكانيكية (تورنه). وقد نجح صنم العراق الى حد كبير في جذب الفلسطينيين وشق الصف الوطني حيث كان يشعر بالانتصار حينما ترفع صوره في فلسطين مما يضير الأحرار من ان هذا التدخل يضر بستراتيجية النضال وصراع القوى الشرعية المخولة لقيادة الشعب الفلسطيني. ان سلوكيات البعث في الساحة الفلسطينية لم تكن وليدة صدفة ولم تكن نابعة من حب الشعب الفلسطيني وقضيته بل كانت نابعة من مصلحة شخصية وتحسين صورة نظام دموي عن طريق استغلال القضايا العربية الأخرى كالجزر العربية الثلاث في الخليج العربي وهي في حقيقتها لا تنبع من حب عربي بل من كره وعداء تجاه ايران. ولعل من اخطر ما قام به النظام البائد في العراق هو انشاء معسكر بسمايه في جنوب بغداد عام 1988 واطلق عليه رمز (المكعب(1)) الذي يتم فيه اعداد العناصر الارهابية وبعد احداث 1991 في العراق استبدل الرمز الى (المكعب (9)) وإعادة ترتيبه لاستقطاب الفلسطينيين ومن دول اخرى وانشاء مجاهدي القاعدة على الطريقة الصدامية التي لا تختلف عن قاعدة اسامة بن لادن الا في عملية التفنن بالقتل والتعذيب الوحشي الذي لم تستسيغه حتى السلفية التكفيرية في ايديولوجيتها بالرغم من انها ليست بعيدة عن احد الوجوه التي تمارس الارهاب في العراق.
فكرة القاعدة الصدامية وازوجتها بالتطرف الفلسطيني ظهرت فكرة الأزوجة بين القاعدة في العراق والفكر الفلسطيني المتطرف نتيجة الفجوة الكبيرةبين الشعب العراقي من جهة وحكومة التعسف والاستبداد من جهة اخرى واستكمالاً لفكرة انشاء المعسكر الارهابي (المكعب 9) في بسماية اذ ادركت الحكومة في العراق بعد التهديدات الأمريكية 2001 - 2002 باجتياح العراق بان من الضروري اقامة تحالفات تستند الى علاقة مسبقة مع منظمات وشخصيات ارهابية تقود صفحة الارهاب والقتل في مرحلة ما بعد السقوط وتسخير جميع الأمور اللوجستية التي تتكفل بادامة هذه التحالفات في الداخل والخارج وبصورة يصعب على المحلل سرعة الاستنتاج بشأن ماهيتها والكيفية التي تعمل عليها. الا انه وبعد مرور 36 شهراً تبينت امور على الساحة العراقية تؤكد على ان اكثر العمليات الارهابية في العراق وحشية ودموية هي التي تقودها ازوجة بعثية فلسطينية متطرفة. وفي حقيقة الأمر ان الايديولوجيات التي وفرت لوجستية خاصة لكل طرف منها واشتراكها في صناعة القرار على الساحة الفلسطينية والساحة العراقية على السواء ستشارك بدور كبير في اشعال فتيل حرب اهليةعلى الساحتين المذكورتين يساندها التطرف الفلسطيني. ونود ان نذكر بعض النقاط التي تدل على مثل هذا الهجين الدموي الذي لا يفقه من الأمر الا ازهاق اكبر عدد ممكن من ارواح المسلمين وبانتماءاتهم كافة دون الرجوع الى فكرة من الذي يمول؟ ومن اجل ماذا؟ بالرغم من المعرفة بان غايتهم لبننة العراق على طريقة التطرف الفلسطيني. 1. ان القضية الفلسطينية هي القناع الذي تختفي وراءه الديكتاتوريات العربية وتعويض النقص فيها من خلال التقول بمحور القومية. 2. افتتاح كلية الأمن القومي وهو مركز تدريب العناصر الفلسطينية واليمنية وبعض أفراد الدول العربية التي تنتهج فكر الصنم على مناهج التحقيق وكيفية انتزاع المعلومات من المتهمين وكانت الضحايا التي يتم تطبيق العمل عليها من الكورد والشيعة في العراق. 3. مطالبة الحكومة الأردنية وجلالة الملك عبد الله الثاني شخصياً من الجانب العراقي بتسليم المجرم ابو مصعب الزرقاوي وقد رفضت الحكومة الديكتاتورية الأمر جملة وتفصيلاً. 4. الانتحاريون العرب وأكثرهم ممن يحملون الجنسية الأردنية من أصل فلسطيني أو من دول عربية أخرى سهلت لهم عملية الدخول الىا العراق من خلال التعاون البعثي الفلسطيني داخل سوريا وبالتنسيق مع بعض المتطرفين الموجودين في المخيمات الفلسطينية داخل سوريا ولبنان. 5. ان جنسية الزرقاوي أردنية ومن أصل فلسطيني وقد تم التعرف على مساعديه في العراق الذين تسلموا منه ادارة بعض مناطق الارهاب هم أيضاً فلسطينون يحملون الجنسية الأردنية. 6. اشتراك بعض الفلسطينيين المتطرفين في عملية تفجير السوق الشعبي في منطقة بغداد بالاضافة الى قيامهم بمظاهرات تطالب بعودة الديكتاتور الى الحكم. 7. الدعم الاعلامي الفلسطيني والأردني والقطري والسعودي وخاصة الكتـّـاب الفلسطينيين أو من أصول فلسطينية. 8. تحويل الخلاف العقائدي من قبل المتطرفين وادخاله في دائرة التكفير مما أدى الى استباحة دماء العراقيين بوحشية وبدم بارد. وكان الاختلاف العقائدي كفيلاً أن يضع الحكومات العربية وشعوبها متفرجين لحالة القتل الجماعي في العراق. 9. اطلاق الارهابيين صفة الضرورة الكلية ليتسنى لهم قتل الشعب العراقي تحت غطائه. 10. الحكومات العراقية بعد مرحلة السقوط لا تستطيع اتهام الفلسطينيين المتطرفين لما لهم من خصوصية في العالم العربي والاسلامي مما حدى بهذه الحكومات تجنب الاتهام المباشر رغم علمهم بحقيقة ما يجري على الساحة العراقية فان لبننة العراق هو ما تريده الدوائر الحاقدة على الشعب العراقي. 11. تردي الأوضاع الاقتصادية في فلسطين والأردن نتيجة سقوط النظام في العراق مما حدى بهم ان يقودوا حملة عارمة وتجنيد العناصر الارهابية لتدمير العراق لأن البقرة الحلوب عادت لأصحابها الشرعيين. 12. ظهور مصطلحات مرادفة على هياكل الارهابيين في العراق للهياكل الفلسطينية فسرايا المجاهدين وكتائب ثورة العشرين وجيش محمد ما هي الا بدائل لمسميات مثل سرايا المقدس وكتائب شهداء الأقصى وجيش التحرير. 13. عبد الباري عطوان وغيره من الصحفيين الذين يعودون الى اصل فلسطيني رموز تتولى الدفاع وشرعنة الأعمال الارهابية والدفاع كمحامين عن الصنم الأحمر. 14. المخابرات الأردنية ساعدت في دخول عشرة آلاف بعثي وغض الطرف عن جوازاتهم المزورة لوجود خرق في مخابرات الأردن ينبع من تيار طائفي. 15. دخول رموز أخرى لقيادة التيار البعثي الدموي وتوليها مهام زرع الرعب والقتل بعد سقوط الرمز الدموي في العراق خوفاً من سقوط الفكر الشاذ. 16. تفجير الارهابيين انفسهم في باصات لنقل الركاب في العراق شبيهة بالتكتيك الذي يعمل به في فلسطين. 17. القاعدة الصدامية التي يتزعمها ابو مصعب الزرقاوي قد تبرأ منها التيار السلفي وانكروا عليه انه رجل دين كما ان افعاله لا تشبه افعال القاعدة الافغانية بزعامة بن لادن واكد ذلك أيمن الظواهري برسالته الموجهة للزرقاوي. إن الأمور التي ذكرناها هي بالتالي لا تضر الساحة العراقية واللبنانية فقط بل انها بالنتيجة تعود بالضرر الكبير على القضية الفلسطينية نفسها، بل ان خضوع القضية الفلسطينية الى عدة اطروحات سياسية من خارج اصحاب القضية الشرعيين، سيؤول الى حرب فلسطينية ـ فلسطينية تمتد آثارها الى سوريا ولبنان والأردن وغيرها من الدول ذات العلاقة.
#أبو_الفضل_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدين والأخلاق والدولة
المزيد.....
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
-
-استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله-
...
-
-التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن
...
-
مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|