|
وداعا خليل كلفت ، الشيوعي النوبي الجميل !
جابر حسين
الحوار المتمدن-العدد: 4980 - 2015 / 11 / 9 - 21:21
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
وداعا خليل ، الشيوعي النوبي الجميل ! ---------------------------------------
" رجل خفيف العيون ويصف سماء الحب يجمع منها العجائب كمثل أوراق الغاب وكمثل أطيار في أجنحتها وبشرا في الحلم ! ... ... ... رجل مات ، لم تكن تحميه غير ذراعيه المفتوحتين للحياة . رجل مات ، ما له من طريق غير التي تكره فيها البنادق . رجل مات ، وهو يواصل الكفاح ضد الموت وضد النسيان ! " ... - إيلوار -
خليل سليمان كلفت ، الذي أختصر أسمه مبكرا ليجعله " خليل كلفت " الذي شهر به ، يعد من الرعيل اليساري المجيد ، من نوبة مصر ، ومن الوجوه المزهرة في النوبة المصرية ، النيليون ، كما يسميهم ديشاب . مجايلا ومعاصرا ومعايشا لرفاقه النوبيون ، محمد خليل قاسم وزكي مراد ومحمد زهران ، وللذين هم من الصعيد في جنوب أرض النوبة ، أمل دنقل والأبنودي ... خليل من الموسسين لأحزاب ومنظمات الشيوعيين المصريين ، فقد ساهم بجهد كبير في تأسيس " التنظيم الشيوعي المصري " أواخر ديسمبر 1969 الذي تحول ، من بعد ، ليعمل تحت أسم " حزب العمال الشيوعي المصري " . عمل لسنوات في حقول العمل الشيوعي السري تحت أسمه الحركي " صالح محمد صالح " ( لعل رفيقنا الذي لم ينجو بعد من لوثات عالمنا الملتبس ، بدر محمد صالح ، قد أستلهم سيرته وبعضا من أسمه الحركي) . شرع خليل يكتب منذ مطالع ستينيات القرن الماضي ، فكتب الدراسات النقدية العميقة في الأدب وفي الفنون بأفق تقدمي متميز وبحساسية عالية ، فكتب عن خليل حاوي والبياتي ، وعن محمد إبراهيم أبو سنة وسلسلة مقالات شهيرة عن أدونيس الذي كان " ظاهرة " شعرية وفكرية رؤيوية وقتذاك ، وعن غالي شكري ، ثم راح يكتب عن شعر وشعراء المقاومة التي كانت وجها شعريا متقدما في النضال لأجل التحرر والتقدم والسلام . جمع العديد من تلك الكتابات وأصدرها ، من بعد ، في كتابه المهم " خطوات في النقد الأدبي " . كتب مقالات ودراسات عديدة في الماركسية من حيث النظرية والتطبيق ، و عن القومية وتداعياتها علي أرض الواقع السياسي والاجتماعي والثقافي في عالمنا العربي . وكانت كتاباته السياسية والفكرية تحدث ، عند نشرها ، حوارات ومداولات ثرة وممتدة علي طول الوطن العربي الكبير وخارجه . وقبل أن يبدأ سمير أمين يكتب تنظيراته حول موضوعة " نمط الإنتاج الأسيوي " ، كان خليلا قد سبقه في الكتابة عن ذلك النمط في الإنتاج وبلوره بشكل موضوعي مدهش في سلسلة مقالات ودراسات في معرض رده علي أحمد صادق سعد . خليل ، كان ممتدا، بفكره ووعيه إلي آفاق وساحات واسعة من المعرفة والتنوير . فتناول " المسألة الزراعية " من حيث هي ضرورية في عمليات الإنتاج الساعية لتوفير العدالة الاجتماعية والنهوض بالإقتصاد والدخل القومي . ولطبيعته الشخصية وتذوقه الجمالي فقد أكثر من الدراسات الأدبية والفنية في وجهاتها العديدة وفي مضامينها ، وتمدد نشاطه في النشر في مساحات واسعة فظل ينشر في مجلتي " جاليري 68 " المصرية و" الآداب " البيروتية ، اضافة إلي مداومته الكتابة في جريدة " المساء " المصرية ثم في جريدتي " الإنتفاضة " و " الشيوعي المصري " . ومن عبقريات هذا المنور العظيم أنه قد تمتع بقدرات هائلة في الترجمة من اللغتين الانجليزية والفرنسية وهو الحاذق النابه في كليهما . فقام بترجمة أمهات الأعمال الأدبية للبرازيلي " ماشادو " ، وللروسي " يوري كاركين " عن ديستوفيسكي ، وللشاعر " بورخيس " ترجم له تحت عنوان جذاب إبتدعه " مختارات الميتافيزيقيا والفانتازيا " ، كما ترجم أيضا في موضوعات الفكر والفلسفة والسياسة ، ثم لم يكتف بكل هذه المعارف ينثرها في الناس فدلف ليثري العربية بإنشائه لعدد من القواميس والمعاجم نشرتها له كلها " دار الياس العصرية " ، هكذا أضاء ، بجهوده الجبارة تلك ، مناطق مهمة في تجديد النحو العربي . خليل ، عاش الحياة ملء قلبه ووعيه مستندا علي قناعاته وإختياراته وإيمانه بالفكر الماركسي ، ملتزما – طوال عمره – صف الفقراء والكادحين ومستشرفا الغد الإشتراكي في وجهته المعاصرة وفقا للمتغيرات الكونية الهائلة في حياة الإنسان وراهنه ، خائضا ، بعزيمة لا تتعب ، في بلبال الفكر والأدب والسياسة واللغة والفنون جميعها ، رائيا وراغبا الحياة في عنفوانها وضجيجها الحي المزهر . زاملته في " الحوار المتمدن " زمانا فلم يتواني عن رأي أثرته وإلا دفع بمخزونه الثر شارحا ومبينا ومؤازرا – بأجلي ما يكون – في شأن الموضوع المثار ، بتواضع جم ، وقلب ذكي ، وروح ممتلئة بحب الحياة والإنسان . فقد جلل لاشك ، أن يرحل خليلا عنا في هذه البرهة من الزمان ، لكن عزاءنا أن آثاره وأعماله الفكرية والثقافية في حقول المعرفة جميعها علي اتساعها وتنوعها ستكون فينا هادية ومضيئة ، مؤشرا لنا صوب الغد والمستقبل الأجمل . هكذا ، وياللحسرة ، منتصف ظهيرة هذا اليوم الأثنين 9 نوفمبر الجاري رحل خليلا عنا ، ذلك الإنسان الشيوعي النوبي الوسيم ، تاركا ضوءا ومسارا ورايات ، جعلها في عالمنا بمثابرته وجلده وعبقريته العلمية ، لقد ترك بعضا كثيرا منه فينا ، في دمنا النضالي وفي فكرنا ، في وعينا وضميرنا الثقافي : " فهل يموت / من كان يعيش الحياة ، كأن الحياة أبد " ؟ علي قول أمل . فكن ، كما السلالة التي في كنف الحياة ، في الخالدين يارفيقنا الحبيب !
#جابر_حسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشيوعيون أيضا ، يحبون عثمان بشري !
-
أعراس محمد محي الدين !
-
في التشكيل ، - أب سفة - حين يستنهض الألوان !
-
رسالة بدر إلي جابر ...
-
وداعا يعقوب زيادين !
-
في مدني ، وأسيني الأعرج يتجلي فيمتدح الأمير !
-
ود المكي وكت نزل مدني ...
-
القدل الآن في تأمل حال البلد ...
-
سكينة عالم ، شعاع الضوء في النفق ، والراية في الوطن !
-
عن مرض كجراي الذي رحل فيه !
-
حين دخلت الكنيسة !
-
في الليل أيضا ، و ... في عشقها !
-
لشعرها ، جمالا في الجسد !
-
آخيرا ، آخيرا يا وردي تحققت أمنيتك !
-
كلمات لأقولها لسميح القاسم !
-
أصوات في غرفة سميح القاسم في المشفي !
-
لا عيد إلا أغنية للنصر ...
-
محجوب شريف نزل مدني بالحزب الشيوعي !
-
جنون امرأة عاشقة ...
-
الوليد مادبو ، حفريات في اللغة و ... تأملات في حال البلد !
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|