|
محاولة : قصة قصيرة
صبيحة شبر
الحوار المتمدن-العدد: 1363 - 2005 / 10 / 30 - 12:40
المحور:
الادب والفن
و قفت أمام المراة ، وحاولت أن أرسم ابتسامة على وجهي ، لم تطاوعني شفتاي ، وبدا فمي يابسا متشققا ، ولساني مخلوق غريب ، قد فارق الحياة عضلاتي تؤلمني ، وعيناي حزينتان ، والفم كأنه لم يذق طعم الماء منذ أمد طويل ، رقبتي نافرة العروق ، هالني منظري ، أردت أن أبكي ، لكن دموعي قد جفت ، وعيناي حفرتان قد سكتهما الألم ، شعرت أن الأرض تميل بي ، وأنني لاأ قوى على الوقوف ، كانت كلمات طبيبي ترن في أذني ، بذلت جهدا كبيرا كي أطيعه - حاولي أن تضحكي ، ما إن تحيطك الهموم ، وترهقك السموم ، تسلحي بالضحك ، فهو خير بلسم فمي جاف ، ولساني عضلة يابسة ، الفراغ يحيط بي ، يلبسني ، يثقل كاهلي ، يزهق روحي - أنت ميتة ، مخلوقة محنطة ، جوفاء ، هجرتك الحياة ، مللت منك المرآة تضحك مني ، تنظر إلي شامتة ، تخرج لسانها ، تسخر من عجزي واستسلامي ، وددت لو أفعل شيئا ، أن أنتصر عليها ، أحطمها ، أجعلها قطعا متناثرة ، واتي بواحدة أخرى جديدة تصدقني الحديث - ابتسمي ، تري الوجود جميلا ، اهربي من سجنك ، حطمي قيودك ، ثوري على جلاديك ، انتصري لمبادئك وقيمك ماذا عساي أن أفعل وأنا غريبة هنا ؟ كبر الأبناء وتركوني ، فارقت أهلي وأحبابي منذ دهر ، ولا أصدقاء لي هنا ، أحبابي رحلوا ، اقتنصوا حياتهم الواحد تلو الآخر ، ومن استطاع النجاة من عقابهم اختار ملجأ بعيدا ، بيني وبينهم بحار شاسعة ، وأنا لا أحسن السباحة ضد التيار ، أصبحت خانعة أرضى بما يبتغونه لي - لم أعد أريدك ، هرب منك الشباب ، أخرجوك من العمل وكنت اطمع أن، تعيليني - ابتسمي ، وان فقدت كل شيء ، المال ، الوطن ، الأهل ، الحب ، حاولي أن تبتسمي ، ما زالت الحياة لك ، الغضب يقضي عليك أضحك بصوت عال ، أقهقه ، أغلق علي الباب ، أفتح جهاز التسجيل بصوت يعلو على ضحكاتي ، فيروز تشدو - لم لا أحيا وظل الورد يحيا في الشفاه المرآة تنظر إلي بتفهم ، تدعوني إلى التحدث إليها عما يؤلمني ويشجيني ، أضحك من جديد ، أفكر بما هو خير ونبيل في الحياة ، أبعد المساوي عن فكري ، أتنفس بعمق ، أستعيد المواقف النيرة الجميلة التي قرأتها وأمنت بها ، أعاود الضحك تنتصر إرادتي ،تنقشع الغيوم السوداء ، اضحك واضحك ، اقمع إرادتي ، في البداية ، لا تطيعني شفتاي ، أغلق الباب علي بإحكام لئلا يشك أحدهم بسلامة قواي ، ارفع صوت المذياع ، فيطغى على صوت ضحكي المفتعل ، مازالت فيروز مستمرة في شدوها - لم لا أحيا وظل الورد يحيا في الشفاه ، تبدو الضحكات ميتة لا حياة فيها ، أعاود من جديد ، رغبتي في تغيير حياتي ينبغي أن تكون حقيقة ، الأحلام تبدأ بخطوة ، يزايلني التردد ، أعاود الضحك ، علي أن اقهر خنوعي واستسلامي ، الإنسان مخلوق قوي ، إن تردد يوما فانه يعود إلى الحزم والعزم مرة أخرى ، هذا ما علموني إياه سنين عمري التي مضت دون أن أشعر بها ، أيقنت أن الأسف لن يعيد شيئا ، علي أن أعيش يومي ولا أأسى لامسي أو أتشاغل بغدي ، ينبغي أن أتحلى بإرادتي ، اضحك من جديد ، واضحك مرة أخرى ، تطاوعني إرادتي ، أحاول ان أبتسم ، فأعجز عن تحقيق رغبتي ، ابتسامتي باهتة ، أحاول من جديد ، أفشل ، وأتابع المحاولة ، ابتسم ،فلا يكون انتصاري كاملا ، اقمع شعوري بالانهزام ، أبتسم ملء فمي ، لم تعد شفتاي يابستين ، ولساني يعبر عما يريد بطلاقة البريق يعود إلى عيني ، الأخاديد تختفي عن وجهي ، وعن عنقي ، وفمي يزايله الجفاف ، وابتسامتي تعود حقيقية - أضحكي تتبدد همومك ، السحب السوداء تنقشع ، يهرع الغيث إلى ربوعنا محولا قفارنا إلى حدائق غناء - كبر الأولاد وأنت هرمت ، وأنا لازلت شابا في روحي وسأحيا ما دامت الحياة تدعوني ، وأنت كهلة تندبين حظك - ابتسمي ، يزهر قلبك ، وتقوى إرادتك ، ينهزم ضعفك ، تينع ثمارك ، وتسعد حياتك ، يولي ضعفك سالت دموعي على وجهي ، وأسعدني أن أكون قادرة على البكاء مخلوقة جديدة أمامي ، متفائلة ، واثقة تحب الحياة ، تهزم همومها بالضحك ، قادرة على الابتسام صممت أن أبدأ من جديد ، فما زلت معافاة في جسدي ، أملك قوت يومي ، أحيا آمنة في قومي - لم لا أحيا وظل الورد يحيا في الجباه
#صبيحة_شبر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الزوجة العربية بين الاديان والمعاصرة
-
الانتظار : قصة قصيرة
-
سكان جهنم نساء
-
المرأة بين التراث والمعاصرة
-
المطاردة : قصة قصيرة
-
حق الاختلاف
-
تغيير المناهج الدراسية ضرورة
-
اليوم عيدي
-
الديمقراطية في العالم العربي
-
المعاملة الزوجية
-
امراة سيئة السمعة : قصة قصيرة
-
قراءة في ( اسرة الفتنة ) لموفق السواد
-
الطبع أم التطبع ؟
-
حرية المرأة في الزواج والطلاق
-
نازك الملائكة : عاشقة الليل والطفولة
-
المرأة بين الماضي والحاضر
-
وليمة
-
الارهاب .... لماذا ؟
-
قراءة في ديوان بلند الحيدري - ابواب الى البيت الضيق
-
اليك عني ياهمومي :
المزيد.....
-
إعلان أول مترجم.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 166 مترجمة على قص
...
-
رحال عماني في موسكو
-
الجزائر: مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي يستقبل ضيوفه من ج
...
-
أحلام تتفاعل مع تأثر ماجد المهندس بالغناء لعبدالله الرويشد
-
شاهد/رسالة الفنان اللبناني معين شريف من فوق أنقاض منزله بعدم
...
-
عندما يلتقي الإبداع بالذكاء الاصطناعي: لوحات فنية تبهر الأنظ
...
-
فنان تشكيلي صيني يبدع في رسم سلسلة من اللوحات الفنية عن روسي
...
-
فيلم - كونت مونت كريستو- في صدارة إيرادات شباك التذاكر الروس
...
-
-الجوكر جنون مشترك- مغامرة سينمائية جريئة غارقة في الفوضى
-
عالم اجتماع برتبة عسكري.. كيف تشرّع القتل بصياغة أكاديمية؟
المزيد.....
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال
...
/ مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
-
المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر
...
/ أحمد محمد الشريف
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
-
هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ
/ آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
-
توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ
/ وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
-
مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي
...
/ د. ياسر جابر الجمال
-
الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال
...
/ إيـــمـــان جــبــــــارى
-
ظروف استثنائية
/ عبد الباقي يوسف
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل
...
/ رانيا سحنون - بسمة زريق
المزيد.....
|