|
الانتفاضة .. غياب الاستراتيجية واستثمار الاحتلال
باسم عبدالله ابو عطايا
الحوار المتمدن-العدد: 4978 - 2015 / 11 / 7 - 11:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
دخلت (انتفاضة القدس) شهرها الثاني ولا زالت تحمل نفس السمات والادوات ولا زالت تحافظ على زخمها واسلوبها في مواجهة الاحتلال ، الوتيرة التي تسير بها الانتفاضة نفس الوتيرة تارة يعلو توهجها وتارة يخبو ، فتراها يوما يعلو صوتها وتشتد اشتعالا وسعارا ، واخرى تحافظ على حدها الادنى الضامن لاستمراريتها . لكنها ورغم ذلك ما زالت تتحذ السمة الفردية في العمل المقاوم البعيد كل البعد عن التنظيم، والقيادة هذه الحالة الانتفاضية التي تعيشها القدس والخليل وبعض المناطق في الضفة ،’ادخلت دولة الاحتلال في حالة من عدم الاستقرار والاستنفار على كافة المستويات السياسة ، والامنية، والعسكرية ومع ذلك استطاعت دولة الاحتلال ان تستثمر هذه الانتفاضة لصالحها لتغير ( الستاتوس ) في القدس الشرقية والاقصى فإلى جانب المواجهة الامنية والمظاهر العسكرية التي سيطرت على كل المدن والشوارع سواء في الضفة الغربية او القدس ، الا ان القيادة السياسية استثمرت الانتفاضة اسوء استثمار في ضل غياب استراتيجية فلسطينية ورؤيه واضحه من خلال قيادة ميدانية وقيادة سياسية للانتفاضة فجندت حكومة نتنياهو كل طاقاتها العسكرية ، والامنية ، والسياسية ، والقضائية ، والاعلامية ، لمواجهة الانتفاضة واستثمارها لصالحها . فعمدت فعليا تقسيما زمانيا ومكانيا للأقصى يمنع الفلسطينيين من الدخول في اوقات معينة بحجة وجود ( حدث امنى ) وعملت على اصدار قرارات بسحب هويات المقدسيين المتهمين بالمشاركة في الانتفاضة ، واصدرت قرارات بهدم منازل منفذي عمليات الطعن ، وترحيل عائلاتهم بكاملها خارج حدود المدينة الى الضفة المحتلة اضف الى ذلك قرارات تصعيد البناء السرطاني الاستيطاني في الوقت نفسه دارت ماكنة الاعلام الصهيوني في الداخل والخارج واجتهدت في تصور الفلسطيني على انه ارهابي يقتل الإسرائيلي البريء المسالم، لتنسى العالم ان هذا الإسرائيلي هو المحتل للأرض الفلسطينية وهو المغتصب للحق الفلسطيني والارض والمقدسات ،واخذت تصور الإسرائيلي ضعيف مهزوم يقتل في (وطنه) بلا ذنب. لم نرى ابدا ان الاعلام الإسرائيلي يتحدث عن حالة انتصار او تحقيق تقدم في مواجهة الانتفاضة في خطابة الموجهة للعالم ، سياسة اسس لها نتنياهو في خطابه مع بان كي مون حين طالب الامم المتحدة اعتبار الفلسطينيين ارهابيين كي يوجههم بأشد قوة وعنف كما يوجهه العالم (داعش )على سبيل المتال . والسؤال: لماذا نجحت دولة الاحتلال في استثمار الانتفاضة في الوقت الذى فشلنا في مواجهتها ؟ لماذا دمنا النازف لا بواكي له ؟ الاجابة على هذه التساؤلات رغم قسوتها ستعيدنا الى جادة الصواب وتصحح مسار انتفاضتنا واهدفنا لو توفرت لدينا النية لذلك اولا من الناحية السياسية : فشلت القيادة السياسية في تسوق الانتفاضة دوليا على انها رد فعل طبيعي على جرائم الاحتلال وقطعان مستوطنيه في المسجد الاقصى والقدس ومصادرة الأراضي والاستيطان . فشلت القيادة السياسية في تسويق ما يتعرض له الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة من قتل وحرق واجرام على يد المستوطنين كما حدث مع عائلة ابو دوابشة في نابلس ، ومن قبل ابو خضير والقائمة تطول القيادة السياسية فشلت في تسويق الانتفاضة على انها رد فعل طبيعي على تعنت نتنياهو واستمرار الاستيطان والضرب بعرض الحائط كل محاولات عودة السلطة (للمسار التفاوضي) وبدلا من الرد على نتنياهو في خطابه امام بان كى مون حاء رد رئيس السلطة محبطا حين قال في لقاء مع أعضاء من مركز المعلومات والتوثيق حول إسرائيل (CIDI) وهو منظمة يهودية هولندية مؤيدة لإسرائيل وتعمل على رصد معاداة السامية. “لن نقوم بالإلغاء، لن نقوم بإلغاء أي شيء” ما دامت “إسرائيل تحترم التزاماتها ”.واضاف عباس أن السلطة “لم تطالب أبدا بمقاطعة إسرائيل”، واضاف: “أنا لا أطالب بحق العودة لستة ملايين فلسطيني؛ أرد حلا لهم”. فشلت القيادة السياسية في الالتحام بشعبها وان تكون صوته المعبر عن مطالبة وحقوقه وبدل من ذلك استخدمت الانتفاضة كورقة للعودة الى طاولة التفاوض ثانيا من الناحية التنظيم كل التنظيمات الفلسطينية دون استثناء فشلت في توظيف هذا الحراك الشعبي ، وبدلا من الانخراط في هذا الفعل الجماهيري اخذت دور المصفق والمشجع دون ان تعتبر ننفسها لا عبا اساسيا فيه ، واكتفت بالتشجيع الاعلامي من بعيد والتطبيل ، الخطابات الحماسية، واكتفت بتنظيم بعض المسيرات على استحياء من هنا وهناك في مناسبه متباعدة وشغلت نفسها في التوصيف والجدل هل من الافضل عسكرة الانتفاضة ؟ او تركها كما هي حالة شعبية دون التدخل في مسارها ؟ او دون تحديد اهداف واضحه لها ، وهناك من كان اكثر بعدا عن الواقعية ، وبداء يحدد اهداف اكبر بكثير من حجم الانتفاضة ، فسمعنا بعظهم يقول ان الانتفاضة لن تتوقف حتى تحديد اهدافها !! ومنهم من اعتقد ان هذه انتفاضة التحرير للأقصى ، ونسى انه وحزبه منذ عقدين وبعظهم اكثر من ذلك بكثير لم يضعوا مثل هذه الاهداف على سلم اولويات تنظيماتهم واحزابهم ثالثا من الناحية الاعلامية اكثر من كان حاضرا في هذه الانتفاضة هو الاعلام ولعب دورا كبيرا في تغطيتها ، وابرازها بل وفى ابقاء جدوتها مستمرة على فترات، لكن ايضا الاعلام الفلسطيني المواكب للانتفاضة لم يستطيع ان يواجه الاعلام الصهيوني المنظم فمر بحالة ارباك في البداية ونشغل في التسمية لا في الفعل والدور، واخذ يتساءل هل هي انتفاضة ؟، هل هي هبه ؟ هل هو حراك ؟ حتى استقر اخيرا وعلى استحياء على تسمية انتفاضة ، لكنه بقى اعلام عشوائي فردى غير منظم في تغطيته ومصطلحاته حسب حالة كل تنظيم وفكره وميوله وان كانوا جميعا اجمعوا على خطئ واحد ،تصوير الحالة البطولية للشباب الفلسطيني والظهور باننا كفلسطينيين نحقق انتصارات متتاليه على العدو، وتصوير حالة الانتصار بعد كل عملية والتصفيق والتهليل سواء كان الشهيد منفذ فعليا ، او قتل بدم بارد ، واخذ ينشر صورا للشباب الانتفاضة وحالات الطعن والوصايا دون الاخذ بعين الاعتبار ان هناك من يستغل هذه الصور وهذا الانتصار المزعوم وتوظيفه لصالحه في سياق ان الفلسطيني هو المعتدى وبدل من ان يكسب شباب الانتفاضة تعاطف العالم ظهر بمظهر الإرهابي الحديث عن الانتصارات اضاع في غمرته الاعدامات التي تنفذها قوات الاحتلال للمواطنين الفلسطينيين في الشوارع بدم بارد. فالسبق الصحفي لوسائل الاعلام كان اهم بكثير من الرسالة ... ماذا ننشر؟ كيف ننشر؟ ماذا نقول ؟ وماذا نريد ان نوصل للمتلقي من هذه الرسالة . فخسرنا استثمار الكثير من الاحداث كانت لصالحنا في الوقت الذى استثمر فيه الاحتلال اخطاءنا لصالحه هكذا نجحت دولة الاحتلال في استثمار الانتفاضة لتمرير مخططاتها وتكسب التعاطف وبدلا من ان يعلو صوت الضحية علا صوت الجلاد
#باسم_عبدالله_ابو_عطايا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انتفاضة بلا قيادة مصيرها الفشل
-
الكاسب والخاسر من ( فشل مبادرة بلير )
-
لهذه الاسباب لم تغتال المقاومة (غانتس)
-
ما بين ليبرمان، ويعلون والعدوان على غزة
-
شواهد اسرائيلية على التنسيق الأمني
-
صديقي الفتحاوي وكرامات المجاهدين
-
المضخمون والمنكرون شركاء في جريمة الهجرة
-
الضامن الوحيد لالتزام ( اسرائيل ) سلاحكم
-
المصالحة الفلسطينية وثقافة الاختلاف
المزيد.....
-
بدولار واحد فقط.. قرية إيطالية تُغري الأمريكيين المستائين من
...
-
عوامل مغرية شجعت هؤلاء الأمريكيين على الانتقال إلى أوروبا بش
...
-
فُقد بالإمارات.. إسرائيل تعلن العثور على جثة المواطن الإسرائ
...
-
واتسآب يطلق خاصية تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
-
بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل إسرائيلي في الإمارا
...
-
إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام المختفي في الإمارات
-
هكذا يحوّل الاحتلال القدس إلى بيئة طاردة للفلسطينيين
-
هآرتس: كاهانا مسيحهم ونتنياهو حماره
-
-مخدرات-.. تفاصيل جديدة بشأن مهاجم السفارة الإسرائيلية في ال
...
-
كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|