حسين سليمان- هيوستن
الحوار المتمدن-العدد: 1361 - 2005 / 10 / 28 - 12:35
المحور:
الادب والفن
ربما أمسكوك- وقالوا أنك حمصي، لماذا؟ لأن الشاي ليس بطيئا.
وللتذكرة، فمدينة حمص السورية تبعد عن مدينة حماة مسافة 45 كلم.
ويضحكون علينا. أهل حماة يضحكون علينا كل يوم: فنحن مجاذيب حمص. والتندر مثل رجل من حارة "الحاضرة-البياضة" في حماة يجلس على مرتفع بالجلابية وهو يشير نحو حمص: هاها...هاها...هاهاهاها انظروا إلى أهل حمص حين يأتي يوم الأربعاء*....
فهؤلاء أهل حماة لا يقدرون الجيرة.
جعلوا سيرتنا في كل مكان- هذه شرشحة...
المهم، اتفق كبار مدينتنا وقرروا أن يقوموا بالتخلص مرة واحدة من أهل حماة.
نادوا علينا، قالوا لنا روحوا ناموا ساعتين وبعدها تعالوا قبل آذان الصبح إلى الساحة- ساحة جامع خالد ابن الوليد.
لقد سمعنا المئذنة وهي تنادي، فجررنا أذيال النوم.
ثم أصوات التهليل جعلتنا نحفز وننط مثل أحصنة.
لقد قالوا لنا سوف نثأر لكرامتنا. وننتهز الفرصة كي نميت كل أهل حماة عن بكرة أبيهم ذلك قبل حلول الصباح.
فأخذونا خارج البلدة وأوقفونا عند الحد بين المدينتين. قالوا لنا: الآن سوف نشفط ونشهق كل هواء حماة ونرسله نحو مدينتنا حمص.
ورحنا نقلدهم. رؤوسنا نحو حماة، ونشهق ملء الرئة ثم نلتفت نحو حمص ونرسل الهواء المسروق إليها. وفي كل مرة تأتينا الزغاريد...
والله لن يأتي الصباح ورجل واحد حي في حماة. سنسحب كل هوائهم ونميتهم على مهل، فهم لن يشهقوا بعد اليوم هواء.
وكانت رؤوسنا تدور مثل الطاحونة. شهيق من حماة وزفير نحو حمص، شهيق من حماة وزفير نحو حمص. ونحن في جلابياتنا ندور مولوية. وكان المؤذن يقول لنا، احسبوها صلاة صبح فالله سيكافئكم.
وانتهينا قبل أن يطلع الصباح، فوزع الجميع ابتسامات النصر والواحد يقول للآخر: بعد اليوم لن تجد حمويا واحدا يضحك!
لكنني توقفت أفكر بالذي جرى.
أردت أن أقول لهم: لم أكن أعرف أن سحب الهواء يميت، هل بالفعل يميت؟
أنت ربما لا تعرف، لكن أهل حمص يعرفون، لذا ذهبوا ذاك اليوم إلى الحد وراحوا يعالجون الحياة في الليل، قبل قيام الناس، يأخذون الهواء.. حتى تفرغ قلوب أهل حماة منه.
حتى إن جاء الصباح واستيقظت كل حماة على فراغ. صدورهم فارغة وقلوبهم فارغة.
تستيقظ البنت، تفرك عينيها ثم حين تكتشف أنها من دون هواء تصرخ باكية... تفرك عينيها وهي تقول: أين أنا يا أمي لقد ضعت؟!
والأم سترى بعينيها عذاب ابنتها.
فماذا ستفعل؟
الأب الأم والأخ أيضا، الكل يقف لا حول ولا قوة. ينظرون إلى بعض ويدورون مثل مجانين حول فراغ.
لذلك قلت سأعبئ الهواء في قلبي وامرق منهم مثل براق، وسأصل حماة قبل فوات الأوان فالمسافة فقط 45 كلم.
- - - - - - - - - - - --
يوم الأربعاء*، هناك دعابة حمويه تقول عن أهل حمص: في يوم الأربعاء يفقد أهل حمص المنطق فلا حرج عليهم.
#حسين_سليمان-_هيوستن (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟