|
قصتان قصيرتان
صلاح زنكنه
الحوار المتمدن-العدد: 4967 - 2015 / 10 / 26 - 14:10
المحور:
الادب والفن
1- كائنات صغيرة
للوهلة الأولى ظن الأستاذ فكري عبد الخالق أن كبر رأسه ناجم عن عدم حلاقة شعره منذ فترة طوی-;-لة لانشغاله بالقراءة والبحث والدراسة ، لكن تعلی-;-ق الحلاق أثار قلقه من أن حجم رأسه لا ی-;-تناسب مع جسمه ، بل إن قلقه راح ی-;-تضاعف ی-;-وماً إثر ی-;-وم وهو يراقب انتفاخ رأسه بشكل غی-;-ر طبی-;-عي، والذي زاد من مخاوفه أكثر هو شعوره بحركة ودبی-;-ب داخل رأسه متزامناً مع نوبات الصداع مما ألزمه بمراجعة الطبی-;-ب . وبعد الفحص والمعای-;-نة والتحلی-;-ل أخبره الطبی-;-ب بأنه حامل والجنی-;-ن ی-;-كمن في رأسه ، ولا بد من إجراء عملی-;-ة جراحی-;-ة في كل الأحوال شاء أم أبى . وأجری-;-ت عملی-;-ة قی-;-صری-;-ة للأستاذ فكري عبد الخالق بحضور عدد من الجراحی-;-ن والخبراء والمسؤولی-;-ن ورجال الصحافة، وأخرج ولی-;-د صغی-;-ر، صغی-;-ر جداً من رأسه ی-;-شبهه تماماً وكأنه نسخة مصغرة منه . ووسط دهشة الجمی-;-ع راح الكائن الصغی-;-ر ی-;-قهقه وی-;-كركر وی-;-زعق بالمسؤولی-;-ن وی-;-لعن الصحفی-;-ی-;-ن وی-;-سخر من غباء المحتشدی-;-ن فاغري الأفواه. في هذه الأثناء كانت ثمة كائنات صغی-;-رة أخرى تثی-;-ر زوبعة من الضجی-;-ج والضوضاء في أروقة المستشفى، وهاج الناس وماجوا وهم ی-;-رون بأم أعی-;-نهم مخلوقات ضئی-;-لة جداً ووقحة للغای-;-ة أحجامها لا تتجاوز أحجام الجرذان لكنها بهی-;-ئة بشری-;-ة تغادر أروقة المستشفى وثباً . انتشر الخبر كالصاعقة في أرجاء المدی-;-نة ، وكتبت الصحافة عشرات المقالات وعقدت اجتماعات سری-;-ة مغلقة وأقی-;-مت ندوات ومؤتمرات بشأن هذه الكائنات أعجوبة الزمان ، التي ازدادت وتكاثرت عشوائی-;-اً وباتت تهدد أمن وسلامة المجتمع لأنها تتواجد في كل مكان وتتدخل في كل صغی-;-رة وكبی-;-رة وتؤلب الناس على التمرد والعصيان . وبما أن معظم التقاری-;-ر أكدت أن هذه الكائنات لا تتناسل فی-;-ما بی-;-نها وإ-;-نما تنجب عن طری-;-ق الرؤوس، لذا أصدر حاكم المدی-;-نة مرسوماً ی-;-نص على اعتقال كل من أنجب على هذه الطری-;-قة غی-;-ر الحضاری-;-ة ، وحجز كل رجل أو امرأة ی-;-شتبه بحمل في رأسه ، وأوعز للبلدی-;-ة بحملة مكافحة وإ-;-بادة هذه الجرذان البشری-;-ة الدخی-;-لة . ومازال الوضع غی-;-ر مستتب حسب شهادات المخبری-;-ن، الذی-;-ن ی-;-جزمون بأن ما من بی-;-ت ی-;-خلو من هذه الكائنات الصغی-;-رة . 1988
2- الكابوس
المفوض ذو الوجه الكالح المجدور هو العائق الوحی-;-د الذي ی-;-قف أمام ما صممت علی-;-ه ، غرفته تطل مباشرة على البوابة والبوابة مفتوحة على مصراعی-;-ها والحراس لاهون ، والصمت ی-;-خی-;-م على كل الأشی-;-اء ، ما الذي ی-;-منعني من الهرب إذن ؟ اللعنة على المفوض ... أطلقت ساقيَّ للری-;-ح ورحت أعدو كغزال مذعور، انهمرالرصاص علي من كل حدب وصوب ومزق جسدي ، استدرت نحو المفوض حی-;-ث كان ی-;-خزرني وشتمته بكل لغات الأرض "لا أدري من أی-;-ن استعرت مفردات السباب" ، عدوت والدماء تسی-;-ل مني، رأی-;-ت نهراً من الدم ی-;-فصل ما بی-;-ني وبی-;-ن الحراس ی-;-خوضون فی-;-ه وی-;-غرفون منه ، قطعت المسافة التي تبدو أنها لا تنتهي أبداً بأعشار الثانی-;-ة , وجدت نفسي في المدی-;-نة وقد اندملت جراحي تماماً . أول شخص واجهته كان ی-;-حمل وجه المفوض فهربت منه ، وصلت إحدى الحانات ففوجئت بأن صاحب الحانة هو المفوض ذاته والنادل ی-;-حمل الملامح نفسها تواری-;-ت عنهما وخرجت أتطلع إلى واجهات المحلات ، وفي كل منها كنت أرى المفوض وهو ی-;-خزرني بشزر، ابتعدت واندسست بی-;-ن المارة بی-;-د أنهم كانوا مقنعی-;-ن بالقناع نفسه، وجوه كالحة مجدورة ، نكست رأسي ومشی-;-ت مخافة أن ی-;-كتشفوني، فررت منهم مخذولاً فزعاً حتى وجدت نفسي في صحراء قاحلة بی-;-ن كثبان الرمل وهناك أی-;-ضاً وجدت المفوض ، قلت إنه قدري ولا بد من مواجهته.. تقدمت منه فهرب مني , لاحقته وأمسكت به ، ركع على قدمي وراح ی-;-ستنجد بي وی-;-تخضع لي ، امتدت كفاي إلى عنقه ، انتفخ الرمل كما بالون وخرجت جمجمة تصرخ بغضب "اخنقه" طوقت عنقه بكفي ، انتفخت بقعة رملی-;-ة أخرى وخرج هی-;-كل عظمي ی-;-صرخ بغضب "اقتله" والمفوض ی-;-توسل خانعاً "ارحمني" وأنا أضغط على عنقه والبالونات الرملی-;-ة تنتفخ وتتفجر وتفقس أمواتاً ی-;-صرخون بي : اخنقه، اقتله ، انتقم لنا ، وامتلأت الصحراء بهم وأنا أنظر إلی-;-هم بكبری-;-اء البطل المنقذ ، أطبق على عنق المفوض بقوة، أضغط وأضغط لكن ی-;-ديَّ على حی-;-ن غرة ما كانتا تطاوعانني ، كانتا مخدرتی-;-ن مشلولتی-;-ن وإ-;-ذا بهما تهترئان مثل خرقة بالی-;-ة . 1988
#صلاح_زنكنه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لعنة الحمام ... قصة قصيرة
-
أنهم يبيضون ... أنا أبيض أيضا ..... صلاح زنكنه
-
القيد ... قصة قصيرة
-
عام الخروف ... قصة قصيرة
-
حفنة تراب ... قصة قصيرة
-
جثث لا تعنينا ... قصة قصيرة
-
الصمت والصدى ... قصة قصيرة
-
الخنزير ... قصة قصيرة
-
التماثيل ... خمس قصص قصيرة
-
سأقتل الجنود ... قصة قصيرة
-
واقع حال العراق الآن
-
الظاهرة العنفية في الاسلام
-
بلاد موحشة
-
متواليات عراقية
-
زواج عرفي
-
المقدس والمدنس
-
علامات خراب الدولة المدنية في العراق
-
ساسة العراق الجدد
-
رمضانيون بلا حدود
-
الأسلام والنكاح
المزيد.....
-
فنانون لبنانيون ردا على جرائم الاحتلال..إما أن نَنتَصر أو ن
...
-
مخرج يعلن مقاضاة مصر للطيران بسبب فيلم سينمائي
-
خبيرة صناعة الأرشيف الرقمي كارولين كارويل: أرشيف اليوتيوب و(
...
-
-من أمن العقوبة أساء الأدب-.. حمد بن جاسم يتحدث عن مخاطر تجا
...
-
إعلان أول مترجم.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 166 مترجمة على قص
...
-
رحال عماني في موسكو
-
الجزائر: مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي يستقبل ضيوفه من ج
...
-
أحلام تتفاعل مع تأثر ماجد المهندس بالغناء لعبدالله الرويشد
-
شاهد/رسالة الفنان اللبناني معين شريف من فوق أنقاض منزله بعدم
...
-
عندما يلتقي الإبداع بالذكاء الاصطناعي: لوحات فنية تبهر الأنظ
...
المزيد.....
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال
...
/ مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
-
المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر
...
/ أحمد محمد الشريف
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
-
هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ
/ آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
-
توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ
/ وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
-
مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي
...
/ د. ياسر جابر الجمال
-
الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال
...
/ إيـــمـــان جــبــــــارى
-
ظروف استثنائية
/ عبد الباقي يوسف
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل
...
/ رانيا سحنون - بسمة زريق
المزيد.....
|