أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - يونس حنون - ذكريات الحرب.... من وحي مقالة (خوذة الجندي العراقي عبد علي)














المزيد.....

ذكريات الحرب.... من وحي مقالة (خوذة الجندي العراقي عبد علي)


يونس حنون

الحوار المتمدن-العدد: 4966 - 2015 / 10 / 25 - 22:37
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


مقالة رائعة للاخ الكريم الحكيم البابلي اسمها خوذة الجندي العراقي عبد علي اثارت في نفسي شؤونا وشجونا كثيرة
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=489493
بسبب هذه المقالة تذكرت او بالاحرى اعاد ذهني تشغيل شريط قديم لكن لازال تام الوضوح عن سنوات قضيتها في جبهات القتال خلال الحرب العراقية الايرانية رأيت فيها من المآسي الانسانية ما لايمكن ان انتزعه من مستودعات الذاكرة التي امتلأت رفوفها بصور وخيالات ضحايا وابرياء ، قتلى وجرحى ، بعضهم ربما حالفني التوفيق في ابقائهم احياء بغرس ابرة سائل مغذي في اوردتهم قبل ان يصلوا الى مرحلة نسميها الصدمة غير الراجعة والتي يتضاءل بعدها جدا اي امل في انقاذ المصاب ، وكل ذلك يعتمد على كم نزف الجريح حتى تم ايصاله الى من يستطيع تقديم الاسعافات له
طلب مني الاخ البابلي في رده على تعليقي على مقالته المؤثرة كتابة ذكرياتي كطبيب عن تلك الحرب...وانا بالفعل لدي خزين كبير من تلك الاحداث المريرة ...لكني اتساءل مع نفسي هل كتابة مقالات تصف الجثث الممزقة والجروح الغائرة وصرخات الالم والانين التي لازال بعضها يرن في اذني فيه ما يمكن ان يجذب القاريء الكريم للمتابعة ؟ ومن ذا الذي يريد تعذيب نفسه بالقراءة عن تلك المآسي ، انها تختصر ببضعة كلمات ... حروب مجنونة ليس فيها من قصص البطولة والاقدام الا بقدر مايترافق معها من شراسة وهمجية في قتل المقابل بلا رحمة ، نعم في كل انحاء العالم يصورون شجاعة المقاتل في قدرته على اهلاك العدو متناسين ان الاعداء ليسوا الا بشرا ايضا مغلوبين على امرهم غالبيتهم لم يحضر الى ساحات القتال بمشيئته بل مرغما بسبب جنون العظمة لدى حفنة من السياسيين والقادة الذين لا تهمهم سوى الامجاد الاعلامية عند تحقيق الانتصارات ولا يأبهون البتة بما يقدمون في سبيلها من ضحايا من اولاد الفقراء والضعفاء.. كان العراقيون يتفرجون كل يوم تقريبا على البرنامج المسمى (صور من المعركة) والذي كان يعرض علينا وعلى اطفالنا صورا مقززة لجثث الاعداء المتناثرة هنا وهناك مع وصف لبطولات مقاتلينا في قتل هؤلاء البشر ، وبالمقابل كان الجانب الاخر يعرض بدوره صورا مشابهة لكنها عن ضحايانا نحن ، وهكذا كانت تختصر بطولات الطرفين بجثث يتجمع عليها الذباب ويخرج الدود من فتحات الانف والفم ... اجسام فارقتها الحياة ملقاة في العراء حتى انتنت وفاحت منها رائحة الموت الكريهة ... كنا نعرض صورا لتلك الجثث ونتفاخر بأننا نحن من قتلناهم .... الا تبا لتلك البطولات
اذكر في احدى الايام حدث هجوم ليلي ايراني في منطقة الشيب قتل فيها اكثر من 50 من جنودنا وهم نائمون وبقيت جثثهم في العراء 3 ايام في شهر آب حتى امكن اخلاؤها وجلبها الى الموقع الطبي الذي كنت فيه بمفرزة طبية حيث كان من ضمن واجباتي ان اكتب وصفا لاصابة كل شهيد وان ابحث في جيوبه عما يدل على شخصيته وان اضع مالديه من امانات في كيس بلاستيكي ليتم تسليمها فيما بعد مع جثته الى ذويه ، ما رأيته من اكوام من اللحوم البشرية المتعفنة والمتخشبة جعل معنى البطولة بالنسبة الي في تلك اللحظة يتمثل في اولئك الجنود الذين يصعدون الى حافلة ملأى بالجثث ويقومون بانزالها الواحدة بعد الاخرى رغم ان رائحة العفونة تصيبك بالغثيان من على بعد كيلومترات ، قمت بشراء قنينة ماء كولونيا رخيصة وكنت اقوم برش كمية من ذلك العطر على قبضة من القطن واطلب من اولئك الابطال ان يضعوها داخل كمامات تغطي انوفهم وافواههم عسى ان تقلل من حدة الرائحة العفنة ، ومع ذلك كان البعض منهم يصاب بنوبة قيء فيفرغ ما في معدته ثم يعود بكل شهامة الى ذلك الواجب . في ذلك اليوم المشؤوم الذي لا يمكن ان اقتلعه من ذاكرتي ...كنت اقلب الجثث كي اثبت وصف الاصابات في النموذج الخاص المسمى بطاقة الميدان، وكانت الدموع تنهمر من عيني وتختلط بالعرق الغزير الذي يملأ وجهي بسبب الحر القائض دون ان اعرف ان كانت دموع حزن واسى ام دموع الغثيان بسبب ما اراه واشمه ، ام الاثنان معا..عثرت في الجيوب على هويات فيها صور لشباب يتطلعون الى الحياة دون ان يعرفوا ما تخبئه لهم الاقدار المجرمة ، وعلى صور لمن كان متزوجا مع اطفاله ، وعلى اوراق كتب عليها آية الكرسي ، وعلى عناوين واسماء اقارب للاتصال بهم في حالة الاستشهاد وكأنهم يتنبأون بمصائرهم ، واحيانا لم اكن اعثر على اي شيء واضطر الى كتابة شهيد مجهول الهوية الى ان يتم ارسال من يمكن ان يتعرف عليه من منتسبي لوائه
في ذلك اليوم الذي قضيته مع جثث الشهداء المساكين تغير مفهومي للبطولة كما قلت ، اصبح البطل من يسعى الى السلام حتى عندما يكون هو الاقوى ،و البطل هو من يساهم في اخلاء شهيد من ساحة الحرب ويحمل جثته غير مبال بما ينبعث منها من روائح الموت والعفونة
اخي البابلي ...هذا قليل مما اختزنه في عقلي من تلك الذكريات ...فهل تريد المزيد ؟














#يونس_حنون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزونا الكويت ...فغزانا الخراب
- اخبار مفرحة ...على سبيل التغيير
- لروح الفنان خليل شوقي.... وبغداد السبعينات
- شارع اسمه شارع خميني ؟ في العراق؟
- حزب الله العربي الاشتراكي
- انزاح المالكي ؟ صدك ؟ جذب ؟
- في العراق....الصراع من اجل البغاء
- اهذا ما اردتموه يا اولاد ال....
- كنت احلم بوطن
- آخر فرصة للعراقيين ....ومن بعدها الطوفان
- شاهده بلا حراسة.......... فاعتنق الاسلام
- تحريم الفساء على النساء
- زيمبابوي تهدد وحدة العراق
- كلام في السياسة والفن ...واحلام
- انقلاب في مالي
- السيرك العراقي
- تعقيب على مقالة الاستاذ مالوم ابو رغيف المعنونة ضعف الشخصية ...
- 7illo 3an 6eezy
- الولايات المتحدة العربية!
- حكومة المالكي وروح الفكاهة


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - يونس حنون - ذكريات الحرب.... من وحي مقالة (خوذة الجندي العراقي عبد علي)