|
قراءة ماركسية للفكر السياسي النظري الفلسطيني .
سليم النجار
الحوار المتمدن-العدد: 1360 - 2005 / 10 / 27 - 13:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قبـــل الحيــــاة ... بعـــد المــــوت . قراءة ماركسية للفكر السياسي النظري الفلسطيني .
لتاريخ الفكري النظري السياسي العامل في فلسطين خاصية التعبير عن آليات التفكير في الفكر النظري بشكل عام . لكن هذه الخاصية تكمن في عملية تكون معقدة لا تجاهين متعارضين .
هنا نعطي الخاصية معنى موهوما اذا لم نضع اسئلة واضحة لتفكيك الرؤية السياسية للفكر النظري السياسي .
السؤال الاول : الى مدى يمكن ان نطلق في التعبير عن التعارض المتناقض ؟ وهل الذات الاجتماعية الفلسطينية خارج الموضوع ؟ منفصلة عنه تاريخيا ، ام انها تعبير سياسي عن هذا الانفصال ؟
وبهذا تكون خاصية الذات هي خاصية الموضوع وبالتالي تكون " خاصية الذات الاجتماعية الفلسطينية " مجرد افكار وتطورات . وهي انعكاس مطابق او مفارق للموضوع ، انها اذا كلمات مصاغة منسقة ، للتعبير عن الخاصية في المجال الحيوي للموضوع .
والسؤال الثاني : أي تحديد قامت عليها آليات التفكير لتناول النظري السياسي ؟ ما هو حدود التنازع في الفكر السياسي بين الاتجاهين المتناقضين ؟ حيث اصبحت خاصية التناقض الموضوع ، وليس الفكر السياسي الخاصية التي يجب التعاطي معه . وهنا تكمن الازمة . ازمة الخاصية الذاتية الفلسطينية ، في كيفية التعاطي مع الفكر النظري .
ووقف السؤال الذي يكشف مثالية عالية في موضوع التعارض اذا اعتبرنا التعارض هو ضرورة التعبير عن المصالح الاقتصادية الاجتماعية لمختلف الشرائح الفلسطينية .
فهل فعلا كان هذا قائما ؟
ان المدخل لهذا القائم ، يدلنا على ان طغيان الاستسهال لتناول قضايا الفكر النظري السياسي .
الذي من المفترض ان يكون هذا الفكر حاملا معرفيا لقضايا المحو الذي تعرض لها الشعب الفلسطيني من قبل الحركة الصهيونية ، وتجل نشاطها في اقامة دولتهم على الأراضي الفلسطينية .
في مرحلة الاستسهال شهد التضاد بين اتجاهين عائلتين ، عائلة النشاشيبي والحسيني ، وكلا العائلتين ، كانتا تمثلان مصالح تجارية بسيطة قائمة على الاقطاع الزراعي غير الكبير لاعتبار الجغرافيا الفلسطينية ، وخدمات عادية ولسوف يتضح بعد ذلك ان التعارض يصل لحد التناحر ، وفتح القنوات السياسية مع اطراف سياسية عربية لا تقل خطورتها من المشروع الصهيوني . خاصة ان هذه الاطراف لم تطرح نفسها كنقيض مع المشروع الصهيوني ، بل على العكس تماما ، اشرت على انه يمكن ان تكون هناك جسورا مفتوحه معها . وبالمناسبة يجب ان نذكر ان هذه الجسور لا يمكن النظر لها ، على انها من باب قراءة الواقع ، او التعاطي المرن ، من اجل تمرير فكرة الهدنه ، بغض النظر عن نوعية الهدنه التي يمكن ان تتم على ارض الواقع . بل كانت رؤية الجسور ، تنم عن قناعة لا يمكن الا وصفها بالسذاجة ، لان هناك وهم كبير كان يطغى لدى هذه المشاريع السياسية العربية ، ان المشروع الصهيوني يقصد فلسطين فقط ! لكن لا بد من التنبيه الى ان نشوء اتجاه سياسي في هذا الاطار رفض القنوات العربية الرسمية ، وضرورة فتح قنوات مع القوى العالمية ، وتحديدا اثناء اشتباك القوى العالمية في الحرب العالمية الثانية ، فيما بينها ، كان هذا الاتجاه مولع بالغوغائية الالمانية ، واعتقد ان هذه الغوغائية ستنصره تؤكد هنا ان الاتجاه ، اصبح نهجا فكريا سياسيا فلسطينيا رسميا يتعاطى مع الغوغائية على اساس انها المعطيات الفقالة في تحقيق مكاسب سياسية .
يقودنا هذا الحديث الذي تشكل اجابة على السؤال الاول ، الى سؤال اخر ، هل هناك ازمة بين الواقع الاجتماعي الفلسطيني بشكل عام ، والفكر النظري السياسي ؟! ولكني نفهم نشوء هذا السؤال . علينا ان نبحث في التراكم الهائل المتحقق طيلة سنوات وما زالت ، النكبة الفلسطينية . عن هيمنة " المثالية " الميكانيكية كتصور سياسي يتمثل في امكانية تحول " المثالي " الى واقع ! الواقع هنا " نتاج العقل السياسي الفلسطيني الممثل للافكار السياسية " المتداولة بين شرائح المجتمع الفلسطيني والمعبر عنها عن طريق الشخص " القائد " المحمول على قيم اجتماعية ، خرجت من رحم البيئة القروية الفلسطينية ، والمدينة المتواطوئة مع تلك البيئة ، الفصيل السياسي فيما بعد تحول قائدة الى رمز سياسي .
وعلى الرغم الفارق الشكلي في النموذجينا الا انه فارق لا يصمد امام تفكيك نص الشكل ، فالاول قادم من رحم قيمي تقليدي على الزراعة البدائية ، ومدينة خدماتية بسيطة ، ومجتمع منغلق في صفة عامة . اما الشكل الثاني قادم من رحم افكار متوترة من واقع عربي مهزوم وغير معرفي . يتعاطى مع الافكار ، كطوق نجاة لنا هو فيه .
في كلا الحالتين . شكلا النموذجان اتجاه مثالي ، لهذا اصبحت الفكرة الغوغائية تغطي الاولوية على الواقع الفكري ، واصبح هناك واضح " زعامي " وواقع فكري .
هذا الفصل الحاصل على ارض الواقع للفكر النظري السياسي المتداول في فلسطين وعبر تاريخ الصراع ، اصبح سمة ، وليس خاصيه ، لان كل المنطقة العربية تعاني من هذا الفصل . لكن لماذا سمة ، لانه اشد وضوحا ، نتيجة الاشتباك المباشر مع المشروع الصهيوني بشكل يومي .
ان هذا التأسيس للاجابة على السؤال الاول ، يقودنا بالضرورة على الاجابة عن السؤال الثاني ، ولان لم تتجاوز " المثالية " بتأكيد اولوية الواقع " الزعامي " يقود الى عدم تحديد حدود آليات التفكير الا بقدر ما يسمح له هذا الواقع .
ان الواقع هنا ليس له مكانا او موقعا في الفكر النظري السياسي ، الذي يجعل له فعلا دائما . لانة الفاعل . وهو ما يتعارض مع المثالية ، التي جعلت من المؤمنين به مفعولا بها وبشكل دائم . وبهذا لا نرى أي انقلاب في المعادلة السياسية الفكرية الفلسطينية .
بل هي امتداد منطقي مثالي منذ نشوء الصراع مع المشروع الصهيوني ، حيث تبدد مصوغه في قالب مثالي تاريخي . بينما يبدد " الفكر " وهنا تقصد دور الفكر تحديدا ، مثاليا مصوغا في قلب مادي .
هذا الاستبدال ، لم يكن اعتباطيا او غير مقصود ، بل فعلا سياسيا مقصودا وخارج عن آليات وعي متقدم .
لان تاريخة الفكر العلمي يهدد أي مثالية في طريقها ، ولا مجال لخلق مثاليات عرجاء ، او صحيحة لتتدعي لنفسها انها فكرا .
هذا السلوك السياسي ، ينم عن ادراك مدى خطورة الفكر العلمي على نهج مثالية الافكار والتطورات التي تخرج عن الزعامات الفلسطينية ، التي تصور رؤيتها الخاصة والمنغلقة على ذاته ، انها يمكن تكون طريقا معبدا لفكر نظري سياسي . مستثمرة اللحظة التاريخية التي تخدم سياقاتها السياسية للاجابة على الاسئلة التي ولدت في فلسطين ، التي تحولت الى " اسرائيل " دون تحديد او وضع محددات لضرورة الاسئلة.
من هنا تكمن ضرورة قصوى للاسئلة . لكف أي اسئلة ! ليست الاسئلة التي تلد من الزعامات والتي حاولت تفعل فعل الفلاسفة الذين يحاولون تقديم تفسير العالم ، بينما المطلوب اصلا تعتبره ، وليس تفسيره . وفي كلا الحالتين ، لم تكن الزعامات الفلسطينية ، ان تلعب هذه الادوار ، لانها لا تملك القدرة العلمية لممارسة هذا الفعل الفكري .
والاسئلة التي يجب ان تلد من رحم الواقع الملموس ، هل ان حقيقة فلسطين التي تحولت الى " اسرائيل " حقيقة واحدة ، ام هناك عدة حقائق يجب الكشف عنها وطرحها بشكل واضح بعيدا عن الاتهامية والغوغائية ؟ ! وهناك سؤال اخر يجب طرحه ، هل اعيد التأكيد على فكرة ان الفلسطينيين يسعون في كل الاحوال الى حل مشكلاتهم الواقعية السياسية ، وانهم لا يسعون الى " التخيل " او التوهم ؟! هكذا اسئلة يجب بذرها في المشهد السياسي الفلسطيني .
يوضح الفكر النظري السياسي هو الاساس والصانع والخالق ، وكانت هذه انتقاله في وعي الانسانية ، لانها نزعت الفعل من قوة التهويم والتحميم ، والتعويم ، لتجعلها في قوة التطبيق ، وخلق كم هائل من آليات الجدل الفكري ، لتكون المقياس لمدى تحقق الفكر النظري السياسي على ارض الواقع .
فالفكر النظري السياسي مرآة الحقيقة . وبالتالي يصبح الوجود الاجتماعية الحقيقي لاي مجتمع انساني . وصورته السياسية التي تنطلق من اولوية التحقق على الخارطة الكونية . وهنا يجب ذكر ملاحظة هامه ، علينا التفريق جيدا ، بين ما يحاول بعض الكتاب الفلسطينيين الذين يوظفون الفكر بطريقة ساذجة ، عندما يقتطعوا اجزاء غير مترابطة وخارجه عن سياقها المعرفي ، عندما يؤكدون " اسبقية الوجود المالي على الفكر " للتأكيد على ان الانسان الفلسطيني موجود على ارضه قبل الفكر ، والاستشهاد بمدينة اريحا عى سبيل المثال لا الحصر .
هذا الهواء ، يؤكد على سطحية من يردد هذا الطرح كالبغضاء . فالاصل الانساني اذا تم اخذه ضمن السياقات التاريخية ، كانت الهوية السياسية الجغرافية مرحله متقدمه في الوعي الانساني .
احتاجت آلالف السنين من الجهد والعمل للوصول لتلك المرحلة التي تعرف بها المجتمعات البشرية على اساس الهوية السياسية الجغرافية لذا لا يمكن اسقاط مقولات نظرية مجزوءة على الواقع الفلسطيني لان هذا الاسقاط يحمل في طياته اتهاما عنصريا ، وكأن الفلسطيني ملك هويته قبل معظم المجتمعات الانسانية ، الذي تعرض لمؤامرة انسانية ، جعلته شريدا . هذا القول خطير ، وخطيرا جدا ، من هنا تأتي ضرورة ان يكون متناسبا خاضع لاليات الفكري النظري السياسي ، لا لطوباويات تطرح هنا وهناك . وبالتالي تنطلق من ضرورة تواجد الفكر السياسي ، الذي يعطي معنى انساني للوجود المادي في بقعة جغرافية مأهولة بالسكان ، او غير مأهولة بالسكان ، واصبحت مأهولة بالسكان نتيجة جهد الانسن في البحث الدائم ، عن مكان افضل يحقق فيها طموحاته القائمة على الفعل الانساني لا على ميثولوجيا خرقاء ، نفصل الانسان عن اخية الانسان . لذا كان من الضرورة طرح هذه الملاحظة ، والا تحول الفلسطيني صور مستنسخة عن ما تردده افكار الصهيونية . وهنا تكمن الخطورة ان تحارب عدوك بنفس سلاحة الذي لم بصمد امام الواقع ، لكنة صمد نتيجة الواقع العالمي الذي قضت علية لعبة المصالح الضيقة ، والتي في جلها على حساب إنسانية الانسان والفلسطيني احدى عناوينها الرئيسية .
#سليم_النجار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاصولية تجذر مداميكها بالتعاون مع الانظمة الراهنة
-
سرك حماس في غزة
-
الدراما العربية تستشف هي الاخري ازمات التاريخ العربي
-
ناجي العلي.. قمر المنفى
-
المشروع النهضوي العربي- التحدي التاريخي
-
قراءة في الاسلام السياسي - مسلسل الطريق الوعر
-
تصريحات محمود عباس كوميدية
-
حفل راقص امريكي ايراني
-
انبهـــــار الثقافـــــة العربيـــة فـي اشكالاتهـــا
-
انجاد مرشح الفقراء ........ حصر الاصوات .....
-
لمــاذا اليســـار الان ؟ قتـــل جـورج حـاوي خطوة علـى الطريـ
...
-
الحلقة الثانية في قراءة المشهد الثقافي الفلسطيني
-
قراءة في المشهد الثقافي الفلسطيني
-
الثقافة الفلسطينية -أنا- منغلقة على ذاتها، وفضاءا مفتوحا على
...
-
الماركسية في فلسطين فراغ سياسي، وطور زمني يحذر من التجدد
-
الجزء الثاني من القراءة للدولة الفلسطينية
-
الدولة الفلسطينية فلسفة يومية.. ضد الراهن المنهار.. ومقاومة
...
-
-الحركة العمالية العربية- بين طاعون الفقر وكوليرا القوانين ا
...
-
معضلة الأمن في الفكر السياسي الفلسطيني
-
عرضية أيدولوجية أزمة العقل العربي السياسي
المزيد.....
-
لحظة لقاء أطول وأقصر سيدتين في العالم لأول مرة.. شاهد الفرق
...
-
بوتين يحذر من استهداف الدول التي تُستخدم أسلحتها ضد روسيا وي
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك شمال قطاع غزة
-
هيّا نحتفل مع العالم بيوم التلفزيون، كيف تطوّرت -أم الشاشات-
...
-
نجاح غير مسبوق في التحول الرقمي.. بومي تُكرّم 5 شركاء مبدعين
...
-
أبرز ردود الفعل الدولية على مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالا
...
-
الفصل الخامس والسبعون - أمين
-
السفير الروسي في لندن: روسيا ستقيم رئاسة ترامب من خلال أفعال
...
-
رصد صواريخ -حزب الله- تحلق في أجواء نهاريا
-
مصر تعلن تمويل سد في الكونغو الديمقراطية وتتفق معها على مبدأ
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|