|
القصيدة الزينبية
قحطان محمد صالح الهيتي
الحوار المتمدن-العدد: 4964 - 2015 / 10 / 23 - 19:22
المحور:
الادب والفن
لقد نسب بعض الباحثين هذه القصيدة إلى الإمام علي (عليه السلام)، وقد وردت في ديوانه، وقد قال عنها الكثيرون بأنها (منسوبة)، وبلاغة الإمام علي وكما هو معروف لا ترقى اليها أية شكوك فهو سيد البلغاء. ولكن هناك من الحقائق ما يثبت أنها للشاعر صالح عبد القدوس وهي: - 1. ذكرها ياقوت الحموي في معجم الأدباء الذي يعد واحدا من المصادر المهمة في الأدب العربي بما نصه" صالح بن عبد القدوس ابن عبد الله، كان حكيماً أديباً فاضلاً شاعراً مجيداً كان يجلس للوعظ في مسجد البصرة ويقص عليهم، وله أخبار يطول ذكرها، اتهم بالزندقة فقتله المهدي بيده، ضربه بالسيف فشطره شطرين، وعلق بضعة أيام للناس ثم دفن، وأشهر شعره قصيدته البائية التي مطلعها: - صرمت حبالك بعد وصلك زينب والدهر فيه تصرم وتـقـلـب - وكذاك ذكر الغـانـيات فـإنـه آل ببلـقـعةٍ وبـرق خـلـب - فدع الصبا فلقد عداك زمـانـه وأجهد فعمرك مر منه الأطيب" - هذا ما ورد في معجم الأدباء، وفي مقتله اختلاف عند المؤرخين فمنهم من يذكر أن المهدي قتله ومنهم من يذكر أن الرشيد قتله. - 2- ورد في البيت الآتي من القصيدة ذكر (أشعب) الطماع: - وإذا طمعتَ كُسيتَ ثوبَ مذلةٍ فلقد كُسيْ ثوبَ المذلةِ أشعبُ - والمعروف تاريخيا أن (أشعب) لم يظهر على عهد الإمام علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) بل ظهر في عهد الخليفة العباسي ابي جعفر المنصور، وقد قرأ الكثيرون قصته مع الخليفة المذكور وهي حسب الروايات كما مبين في أدناه- وتبقى العهدة على الراوي فيما قال، والذنب عليه فيما ذكر من آيات لا يجوز الاستدلال بها- بهذا الإسلوب: - والقصة هي: - دخل أشعب على أبي جعفر المنصور فوجد أمير المؤمنين يأكل من طبق من اللوز والفستق. فألقى أبو جعفر المنصور إلى أشعب بواحدة من اللوز. فقال أشعب: يا أمير المؤمنين (ثاني اثنين إذ هما في الغار) فألقى إليه أبو جعفر اللوزة الثانية. فقال أشعب: (فعززناهما بثالث) فألقى إليه الثالثة. فقال أشعب: (فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك) فألقى إليه الرابعة. فقال أشعب: (ويقولون خمسة سادسهم كلبهم) فألقى إليه الخامسة والسادسة. فقال أشعب: (ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) فألقى إليه السابعة والثامنة. فقال أشعب: (وكان في المدينة تسعة رهط) فألقى إليه التاسعة. فقال أشعب: (فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة) فألقى إليه العاشرة. فقال أشعب: (إني وجدت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين) فألقى إليه الحادية عشر. فقال أشعب: والله يا أمير المؤمنين إن لم تعطني الطبق كله لأقولن لك: (وأرسلناه إلى مائه ألف أو يزيدون) فأعطاه الطبق كله! - وعلى وفق هذه القصة سمي بـ (أشعب الطمع) من قبل من ترجموا له، وبناءً على هذا جاء ذكره في البيت المذكور بالقصيدة، والذي يبين لنا بأن طمع أشعب هو الذي البسه ثوب المذلة، فنصح الشاعر بعدم الطمع. من هذا يتبين بأن القصيدة نظمت بعد هذه القصة أي: في العصر العباسي الذي عاش ومات فيه صالح عبد القدوس(ت167هـ). - 3- لقد جمع ما تفرق من ديوان صالح بن عبد القدوس، الباحث عبد الله الخطيب، فأحصى (317) بيتا. (بغداد: دار البصري 1967م) وفيه القصيدة المذكورة. كما وردت القصيدة المذكورة في ديوان باسم (ديوان حكيم الشعر صالح بن عبد القدوس (167هـ.)، حياته وشعره ونثره، وهو من جمع وترتيب ودراسة عبد الفتاح إسماعيل غراب، وأحمد كامل عبد الرؤف، ومراجعة وتعليق إسماعيل عبد الفتاح غراب، وهو من سلسلة شعراء الحكمة؛ 1، دار البدر، (المنصورة، 2012)، الصفحات 41-46. ولم يتصدَ باحث أو كاتب لنفي ما ورد في الديوان حول هذه القصيدة ونسبتها الى صالح بن عبد القدوس. - 4- وردت في القصيدة هذه الأبيات بحق المرأة: - وتَـوَقَّ مـنْ غَـدْرِ النِّساءِ خيانةً فجميعُهُنَّ مكايـدٌ لكَ تُـنصَبُ - لا تـأمنِ الأنـثى حيـاتَكَ إنـها كـالأفعُـوانِ يُراغُ منهُ الأنيبُ - لا تـأمـنِ الأُنثى زمـانَكَ كُـلَّهُ يومـاً ولـوْ حَلَفتْ يميناً تكذِبُ - تُـغري بـلينِ حديثِها وكـلامِها وإذا سَطَتْ فهيَ الصَّقيلُ الأشطَبُ - فهل لنا أن نصدق بأن الإمام علي (رضي الله عنه) يقول هذا بحق المرأة، وهو القائل: "لا تملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها فأن المرأة ريحانة وليس قهرمانة “. فالإمام هنا وصف المرأة بأنها ريحانة بكل ما في هذه الكلمة من معانٍ عطرة ونقية وطيبة، تسعد وتفرح من ينظر اليها، أما القهرمانة فهي تلك التي تكلف بأمور الخدمة والاشتغال. - 5- لا بد من الإشارة الى أن للإمام على قصيدة يعظ ولده الحسين (رضي الله عنهما) وربما كانت هي الملهمة لصالح بن عبد القدوس للكتابة على وزنها وقافيتها، ومنها: - أَحُسَينُ إِنّي واعِظٌ وَمؤَدِّبٌ فَاِفهَم فَأَنتَ العاقِلُ المُتَأَدِّبُ - وَاِحفَظ وَصِيَّةَ وَالِدٍ مُتَحَنِّنٍ يَغذوكَ بالآدابِ كَيلا تُعطَبُ - هذا ما أردت بيانه بصدد (القصيدة الزينبية) على وفق ما ورد بالمصادر والمراجع التي توافرت لي، وقد تكون هناك غيرها مما يؤكد أو ينفي حقيقة القصيدة، وأتمنى أن يتقدم الينا من لديه الدليل القاطع بصحة نسبتها، وما تحن سوى باحثين عن الحقيقة ولا غاية لنا غير الحقيقة.
#قحطان_محمد_صالح_الهيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علم من مدينتي الشاعر والفنان سبتي الهيتي
-
اعلام من مدينتي
-
علم من مدينتي الدكتور قاسم أمين الهيتي
-
درست وتعلمت ولكن!
-
(نقطة) التحالف والتخالف
-
عَلمٌ من مدينتي الدكتور هادي نعمان الهيتي
-
عام مع الشوق
-
في مثل هذ اليوم (سقطت) هيت
-
الغُربة
-
الحنين
-
يا عيدُ عُدتَ
-
الناقد الفذ يوسف نمر ذياب الهيتي
-
غازي الكيلاني، ون..! والأخريات
-
علم من مدينتي ، صبري نصيف جاسم الحمداني
-
الطبيب الإنسان وليد عبد الحميد الهيتي
-
غازي أحمد الردام
-
الشيخ عمر رمضان الهيتي
-
لا تأتِ يا عيدُ
-
الدكتور ثابت نعمان الهيتي
-
بعيدا عن السياسة قريبا من الدين
المزيد.....
-
وسط مزاعم بالعنصرية وانتقادها للثقافة الإسلامية.. كارلا صوفي
...
-
الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته
...
-
شائعات عن طرد كاني ويست وبيانكا سينسوري من حفل غرامي!
-
آداب المجالس.. كيف استقبل الخلفاء العباسيون ضيوفهم؟
-
هل أجبرها على التعري كما ولدتها أمها أمام الكاميرات؟.. أوامر
...
-
شباب كوبا يحتشدون في هافانا للاحتفال بثقافة الغرب المتوحش
-
لندن تحتفي برأس السنة القمرية بعروض راقصة وموسيقية حاشدة
-
وفاة بطلة مسلسل -لعبة الحبار- Squid Game بعد معاناة مع المرض
...
-
الفلسفة في خدمة الدراما.. استلهام أسطورة سيزيف بين كامو والس
...
-
رابطة المؤلفين الأميركية تطلق مبادرة لحماية الأصالة الأدبية
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|