عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 4962 - 2015 / 10 / 21 - 10:32
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
و مرّة أخرى .. أين كُنتم .. أين ؟
أين كنتم ..
أين ..
عندما كان الدولار = 3000 دينار .
والدينار =0.0003 سنت .
و كان راتب الأستاذ الجامعي = 2000 دينار شهرياً = 66 سنت .
و كان أجر المحاضرة الأضافية للساعة الواحدة = 100 دينار = 0.03 سنت .
وكان راتب الأستاذ الجامعي لا يكفي لدفع كلفة بانزين سيارته للذهاب الى الكلية .. وكان بعض الطلاّب يعرضون عليه "توصيله" بسياراتهم ، في طريق العودة الى البيت .
أين كنتم ..
عندما منحوا الأستاذ "مكرمة" الحصول على "قاط" شركة نسيج النجف .. والذي كنت تستطيع أن تُميّز الأستاذ الجامعي من خلال " فَصالهِ " و لونهِ العجيب ، من بين آلاف الناس .. و على بُعدِ الف ميل .
أين كنتم ..
عندما كان الأستاذ الجامعي ، حاله في ذلك حال جميع الموظّفين في زمن المحنة ذاك .. لا يستطيع دفع ايجار البيت .
و عندما استنفد هؤلاء جميع مدّخراتهم ، وباعوا جميع موجوداتهم التي راكموها خلال عقديّ السبعينيات والثمانينيات .
و عندما ركب " الأستاذ " باص " التاتا " مع الطلبة .. وجميع الطلبة الراكبين معه يصيحون به : واصِل استاذ .
أين كنتم .. عندما كان المتقاعد لا يذهب لأستلام راتبه التقاعدي ، لأنّ راتبه التقاعدي ، أقل من أجرة نقله الى دائرة التقاعد .
أين كنتم .. عندما تمّ سحقُ "الطبقة الوسطى" ، (و هي أساسُ التطوّرِ ، و قاعدةُ النهوض في أيّ بلدٍ) ، و تشريد ما تبّقى منها في المنافي . ومن بقي منها ، هنا ، لم يكن راتبهُ يكفي لشراءِ نصف طبقة بيضٍ ( نصف فاسدة ) . أمّا من تمكّن منها من الفرارِ إلى الشتات ، فقد كانوا يُرسلون بعضاً مما يحصلون عليه إلى أهلهم .. هنا . و لولاهم لما تعفّفت الكثير من العوائل الكريمة .. و عاشتْ مرفوعة الرأس ، وبكرامة ، في ذلك الظرف العصيب .
أين كنتم .. عندما كنّا نحنُ .. هنا .. نكسِرُ ظهورنا على طلبتنا .. و نتبادل معهم ( ومع آباءهم من الموظّفين وغير الموّظفين ) .. حصصَ الخوف والحزن واليأس والخبز الأسود ، و الشاي المغشوش ، و "معجون" الكراهيّة واليأس .. ونرفض ان نتركهم وحدهم .. في مدرسة الذهول العظيم .
أين كنتم ؟؟
أين ؟؟
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟