بشير الوندي
الحوار المتمدن-العدد: 4955 - 2015 / 10 / 14 - 09:10
المحور:
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
من اجل بنى تحتية للقوات الامنية (8)
محو الامية العسكرية
===================
بشير الوندي
==================
مدخل
==================
يعد رفع المستوى التعليمي للقوات المسلحة في كافة المستويات ولكافة الرتب بمثابة ثورة علمية كبيرة جدا , لكونها تستهدف قرابة المليون ونصف المليون منتسب , وتتعداهم في التأثير الى عوائلهم , لتشمل قرابة الاربعة ملايين عراقي .
ولايشمل البعد الثقافي والمعرفي والدراسي , رفع مستوى المقاتل معرفياً بالعلوم العسكرية الصرفية , بل يتعداه منهجياً وسلوكاً الى انعكاسات تتغير معها صورة المقاتل ورجل الامن في المجتمع , بما تغرسه آفاق التعليم من توازن مابين الدفاع عن الوطن واخلاقيات حقوق الانسان .
ومن هنا كانت الثورة العلمية من ابرز ركائز البنى التحتية التي تناولناها في الحلقات السابقة .
ولعل ابرز من التفتوا لأهمية تعليم المقاتلين هو الرسول الكريم (ص)حين رفع ثمن التعليم الى اقصى درجة , فكانت حياة وحرية الاسير الكافر المقاتل تعادل تعليم عشرة جنود من جيشه , فاستبدل العلم والمعرفة بأسر اعداءه . =================
محو الامية
=================
كان على وزارتي الدفاع والداخلية , منذ اثنتي عشر عاماً ان تلتفتا الى اهمية محو الامية , بين صفوف منتسبيها من الجنود والشرطة والمراتب ,ولابد من الشروع السريع بفتح مدارس محو الأمية , وجعل التخرج منها شرطاً للاستمرار بالخدمة , فلامكان في جيوش العالم للاميين , ويكفي هذا الشرط ليكون دافعاً لنجاح الزامية التعليم في المؤسسات العسكرية والامنية , وتتبع هذه الخطوة , فتح مدارس لكل المستويات الابتدائي والمتوسطة والإعدادية , والزام الجميع بالدراسة الى حد ادنى مقبول , فلايمكن تصور المؤسسة العسكرية , كملاذ للفاشلين في صفوف الدراسة , فيما تتعامل تلك المؤسسة باعلى التقنيات في العالم , حيث تمتاز الاسلحة والمعدات العسكرية والامنية بانها تمثل دوماً قمة التكنلوجيا .
==================
الترقية والدراسات الطولية
==================
لم تعد الرتب العسكرية في دول العالم تقاس بسنيِّ الخدمة , فالمسألة اصبحت اعقد من ذلك بكثير , فقد صار المعيار العالمي الان هو العلم من خلال الشهادة العلمية كمعيار عادل للتفوق والترقية .
ففي الدول المتقدمة تقسم مستويات الرتب وفق الشهادات , فمن رتبة ملازم وحتى رتبة نقيب يكون شرط تخصص حاملها ان يكون حائزاً على شهادة البكلوريوس , ولكن ارتقاء النقيب الى مرحلة رتبة الرائد وانتهاءاً برتبة العقيد تتطلب منه الحصول على شهادة الماجستير , وهكذا الامر بالنسبة الى حزمة الرتب من عميد الى فريق فإنها لاتمنح الا بحصول صاحبها على الدكتوراه.
ومن هنا نلاحظ ان المستوى العلمي صار هو الاساس في التقييم للمؤهلات العسكرية , والذي سيندمج مع الخبرة , ويخلصنا من التصورات الخاطئة التي تعتبر ان المؤسسة العسكرية هي الملاذ والجاذب السهل والمغري للفاشلين في مقاعد الدراسة المدنية .
ومن هنا فقد اسقطت معظم جيوش العالم نظريه ضابط الركن وغير الركن , فلا يوجد ضابط ابتداءاً من رتبة رائد فما فوق في الدول المتقدمة إلا وهو حامل للماجستير, والتي يعبر عنها لدينا بالركن أو الشارة الحمراء مع الرتبة لدينا.
ان ماتحدثنا عنه من شهادات البكلوريوس والماجستير والدكتوراه في العلوم العسكرية هو مانطلق عليه بالعلوم الطولية التي تمتاز باستمراريتها طوال الخدمة , وبكونها معايير لمحددات الترقية. ==================
الدراسات والدورات العرضية
================== ولاتكتفي الجيوش في ابواب رفع مستوياتها العلمية عند حد الشهادة الاكاديمية للضباط والمراتب , وانما تديم التعليم دوماً بالدورات التطويرية العرضية لكافة افرادها بمختلف صنوفهم , والتي يشاراليها بالدورات السنوية أو العرضية أثناء الخدمة, وهي دورات تطويرية لزيادة المعرفة , وملزمة للضباط والمنسيبين واعوان الضباط ( نائب ضابط ).
وتمتاز تلكم الدورات بتخصصها الشديد وتركيز فتراتها , بمعدل لايقل عن دورة واحدة سنوياً , وتثبت تلكم الدورات ومدى تفوق المنتسب فيها , في سجل الخدمة ,
وتشتمل الدورات على كافة جوانب العلوم العسكرية والادارية وتطوير المهارات , ومن امثلة موضوعات تلكم الدورات هي : الاستجواب . مقاومه التحقيق . الغش والاختفاء . قراءه الخريطة . جهاز جي بي اس .المراقبة . إيجاد الطريق .المكاتبات الادارية . تنظيم السجلات . الاتصالات العسكريه . التوجيه السياسي .دروس في المواطنة وحقوق الإنسان .مهارات السياقة السباحة .استخدام الأسلحة .الضبط والانضباط . بالاضافة الى الأمن الشخصي . معالجه الألغام والمتفجرات . الحرب النفسيه . مكافحة الإشاعة وغيرها كثير . =================
جامعات عسكرية
=================
من اجل تهيئة مستلزمات الثورة العلمية والثقافية في المؤسسة العسكرية والامنية , فلابد من انشاء المدارس والمعاهد والكليات العسكرية , وانتشارها في كافة المحافظات لكي تتاح خدمتها الى المنتسبين (والى عوائلهم لاحقاً وفق الضوابط).
ومن المهم ان يتم انشاء جامعتين او اكثر تابعتين لكل من الداخلية والدفاع , تشرفان على كليات بكافة الاختصاصات العسكرية الصرفة , وذوات الاستخدام المشترك .
فلابد ان تكون هنالك جامعة امنية للداخلية , وجامعة عسكرية للدفاع , ويتفرع من الاثنتين كليات تنتشر في جميع المحافظات , وتدرس في تلك الجامعات , العلوم العسكرية التخصصية والامنية والاستخبارات ومكافحة الارهاب والقانون, والادلة الجنائية , والاتصالات والتموين والنقل والادارة والاقتصاد والطب والتمريض وعلوم الحركات العسكرية والاركان والقيادة وعلوم البحار والفلسفة والطيران والهندسة والعلوم السياسية والاجتماعية, والدراسات التقنية و..... .
وتتفرع من تلك العلوم كافة الاختصاصات الجانبية التي تخدم العمل الامني والعسكري , وتهيّأ لتلك الجامعات كوادر عالية المستوى من الخبراء والعلماء , كما ان من الضروري ان تتم التهيئة لكافة المستلزمات العلمية للجامعتين , وان تتم قيادتهما من قبل هيئات علمية مستقلة لاترتبط بوزيري الداخلية والدفاع الا فيما يخص التخصصات المطلوبة للعمل الامني والعسكري .
وترتبط بتلك الجامعتين مراكز دراسات في العلوم الامنية والعسكرية الاستراتيجية , تتولى تقديم المقترحات والحلول للوزارتين وللحكومة في مجال اختصاصهما , وتتمكن تلك المراكز البحثية ان تستعين بالخبراء العسكريين العراقيين (من ذوي الرتب الكبيرة)
ويمكن تقديم الخدمه في هذه الاختصاصات الجامعية للوزارات الأخرى المدنية , وحتى لقبول للمدنيين في اختصاصات مدنية ضمن اجور معقولة تنافس الكليات الخاصة وترتقي عليها بمستواها العلمي .
ويمكن لهاتين الجامعتين ان تتصدرا جامعات العراق والعالم العربي ,وجذب العقول العراقيه وفتح المجال للراغبين من الطلبه بدل ذهابهم إلى جامعات اهليه غير رصينة
كما ستتمكن تلكم الجامعات او الجامعتين على اقل تقدير من ان تطورا امكاناتهما الادارية والمالية , وصولا للاكتفاء الذاتي من خلال تخصيص مقاعد دراسية للدول العربية مقابل دفعات مالية مجزية , وهو امر معمول به في الاكاديميات العسكرية في الدول العربية كمصر . =============== خلاصة
===============
يعد العراق من اوائل الدول التي اهتمت بالدراسات العسكرية الاكاديمية , فالكلية العسكرية العراقية تأسست عام 1924 , ولأنها بنيت على اسس صحيحة , فانها صارت خلال بضعة عقود قبلة الطامحين للدراسة العسكرية في الدول العربية , فكان من يتخرج منها يصبح بعد سنوات قليلة من ابرز قادة بلاده كالنميري والقذافي وهواري بو مدين وعلي عبد الله صالح وسواهم كثير .
ومن هنا فان بالامكان اعادة الكرّة , بطريقة اكثر تخصصاً وعلمية , من اجل احداث ثورة علمية في مؤسساتنا العسكرية والامنية , تسهم في ارتقاء حامل السلاح الى مستوى تقنية سلاحه , وتوسيع مدارك افراد قواتنا الامنية والمسلحة , فلايمكن ان نتوقع التطور , فيما لايزال الكثير من منتسبي قواتنا الامنية والعسكرية يكتبون اسمائهم بصعوبة بالغة .والله الموفق
#بشير_الوندي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟