أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - أحمد سعيد قاضي - ثنائية العقل الاستعماري














المزيد.....

ثنائية العقل الاستعماري


أحمد سعيد قاضي

الحوار المتمدن-العدد: 4954 - 2015 / 10 / 13 - 09:42
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


يعيش المُستَعمِر في حالة شديدة التناقض على المستويين النظري والعملي، تُشكل جوهر الاستعمار من ناحية، وقد تمزقه من الداخل أو تجرحه جروحاً غائرة في خضم صراعه الطويل ضد السكان الأصلانيين؛ أصحاب الأرض. قُطبي التناقض يدوران حول سعي المُستَعمِر الحثيث إلى سحب أي ورقة قوة بيد المُستَعمَرين واستغلالهم أو إقصائهم وتهجيرهم وسرقة أراضيهم ونفي وجودهم وديمومتهم الجسدية والثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وطمس صوتهم وكلماتهم وأغانيهم وتضاريس حيّزهم وتاريخهم وماضيهم من ناحية، ومن ناحية أخرى يريدهم أن يظلوا هادئين صامتين خانعين فلا يبدر عنهم أي اعتراض على قتلهم ولا أنين على إصابتهم ولا احتجاج على سلب أرضهم.
إن العملية الاستعمارية تتضمن كلا العنصرين جنباً إلى جنب، لا تتقدم واحدة دون الأخرى، فالمُستَعمِر يرى أن وجود وبقاء السكان الأصلانيين دليلاً على إخفاقه في استئصالهم ووصمة عار على جبين قدراته وقوته الجبّارة، وليس البقاء الجسدي على الأرض هو أكثر ما يغيظه، وإنما يغيظه بشكلٍ أعمق الوجود المقاوم للأصلانيين؛ وجود أصوات تحارب صوت المُستَعمِر وروايته المنحازة، وجود الحجر في مواجهة السلاح، وجود الوعي بطبيعة المرحلة، وجود التنظيم والوحدة والتكاتف والتعاضد في وجه المُستَعمِر، وجود صوت يصدح من بين الأسلاك الشائكة ومن خلف جدران الفصل ومن تحت آلات الدمار والقصف بأنْ هاهنا "شعبٌ يستحق الحياة."
إن ما يغيظ المُستَعمِر هو وجود أي تحدٍ كان وأي معيق كان لأي تصرف من تصرفاته الاستعمارية والتوسعية في المنطقة المُستَعمَرة، أي صوت أو حركة أو فعل يعيق حرية عمل المُستَعمِر ويتحدى روايته إنما هي مصدر إزعاج شديد، فالمُستَعمِر يصيبه ضربٌ من الجنون إذا ما تحديّ إذ أنه يحاول دائماً أن يضع الأصلانيين في موضع نسيان ويتصرف تبعاً لذلك، ويتوسع ويتمدد ويسلب ويقتل ويسرق دون أن يستشعر هو ذلك، يبتغي بناء حيوات في داخل مجتمعه على حساب حيوات الأصلانيين دون أي ردة فعل تذكر المُستِعمِر بوجود الأصلانيين، وأي محاولة تذكر المُستَعمِر بوجود سكان قام ويتمدد المشروع الاستعماري متشرباً من دماء أبنائهم ونسائهم وأطفالهم فإن المُستَعمِر يدخل في حالة فزع وجنون تؤدي إلى مزيدٍ من القتل والتدمير والعنصرية تزيد من وعي الأصلانيين بضرورة مقاومة الاستعمار بعد أن تتكشف النوايا الاستعمارية يوماً بعد يوم على امتداد آلة القتل الاستعماري ولو على فترات زمنية طويلة نسبياً، وحتى لو كانت النتائج عكس ذلك للوهلة الأولى.
فالمُستَعمَرون هم مرض المُستَعمِر المزمن، مع كل حركة ونشاط استعماري يتفاقم ألم رأس المُستَعمِر بحجم هذه الحركة والنشاط، ولعل المُستَعمِر يدخل في حالة صرع، إذ يؤذي نفسه دون أن يدرك ذلك، وبينما يقمع الاصلانيين إنما هو يعزز من حقدهم وكراهيتهم ووعيهم بضرورة زوال المُستَعمِر، وفي لحظة تاريخية معينة عند التقاء الإرادة الشعبية والتنظيمية للأصلانيين فإن ألم الرأس لدى المُستَعمِر يغدو ألماً شديداً قاسياً ويتفشى كافة أنحاء الجسد مما يقلب موازين أولويات المُستَعمر من حالة إهمال المُستَعمَر الضعيف وتجنب رؤيته والاعتراف بوجوده إلى حالة وضعه على قمة الأولويات، فجأة وكأن صخرة صدمت رأسه فأدرك وجود من يقاوم مشروعه التوسعي العنصري ويتألم بحجم الضربات المتتالية.
أما الإرادة الشعبية فإن الأصلانيين دائماً ما يكون في مكنوناتهم رغبة في محاربة المُستَعمِر وقتاله، إذ أنه يقدم يومياً عشرات الأدلة على أن هدفه إنما مسح وجود الأصلانيين وسلبهم أرضهم وفي أفضل الأحوال قمعهم والتنكيل بهم، رغم رغبة المُستَعمر في بقائهم هادئين هامدين دون أي حراك وهو التناقض الصارخ، هنا تكمن أزمة المُستَعمِر في كونه يعمل على تقويض الوجود الأصلاني ويهدده ويطلب هدوءه وولاءه ودعواته، فالنتيجة هي تعمق وتجذّر القناعة لدى الأصلانيين بعداء المُستَعمر لهم وهو ما يتنفسون أدلته من تصرفات المُستَعمِر الهمجية في كل لحظة وكل يوم.
وأما التنظيم، فإن غياب الأطر السياسية التنظيمية القادرة على إدارة واستثمار الهبّات الجماهيرية المتصاعدة في ظل الظروف القاسية التي يقاسيها الأصلانيون، والتي تعمق من وعي الأصلانيين بأنفسهم وتزيدهم ثقة وقدرات جديدة، فإن النتيجة هي خمود هذا الحراك ولو بعد حين بنتائج قد تكون سلبية على المستوى السياسي والعملي باستثناء خلق وعي جديد للأصلاني يُبنى هبّة بعد هبّة على الإيمان الراسخ بضرورة انتهاج المقاومة سبيلاً، ولا نقلل من قيمة هذه النتيجة العظيمة، لكن غياب التنظيم السياسي الجدّي، الذي يعني الاستمرارية والاستثمار السياسي للحراك، فإن خسارات الشعب ستكون أكبر دون بوصلة توجيه وتقوم هبّة وتنتهي هبّة جماهيرية أخرى وتضحيات أكثر إلى أن يقاد الحراك من تنظيم نشط قادر على أن يكون بوصلة الصراع باتجاه مكتسبات أكثر وخسائر أقل واستمرارية لفترة أكبر. وإسرائيل أنموذج..



#أحمد_سعيد_قاضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول ماهية برنامج المقاومة المطلوب
- داعش؛ الثورة المسخ
- سعيد عقل
- الفعل الفلسطيني المقاوم..على سبيل الحصر لا الشمول!
- إنتفاضة؟
- نظام كامب ديفيد يبصق فتات الشرعية
- عَبِيدْ..!
- سوريا..النموذج النيكاراغوي هو الحل الممكن!
- جون مل والمجتمع العربي
- البرجوازيون وتشويه الحقائق في المنهاج الفلسطيني!
- الدكتاتورية الذاتية تقاوم التغيير!
- متى يمكن الحديث عن وقوع ثورة عربية؟!...في مفهوم الثورة العرب ...
- حول الهجمة الإمبريالية على سوريا
- تذكير إن نفعت الذكرى!
- -لا لعودة الفلول، لا لعودة الإخوان، يسقط يسقط حكم العسكر-
- المسار الثوري في مصر 5: المقاربات الدولية للأحداث
- المسار الثوري في مصر 4: صراع ذو أوجه وأشكال متعددة
- المسار الثوري في مصر 3: المجلس العسكري، رأس الحربة في الثورة ...
- المسار الثوري في مصر 2: ملامح خيانة الإخوان المسلمين للثورة
- المسار الثوري في مصر 1:تحديد مفاهيم ومرجعيات


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- علاقة السيد - التابع مع الغرب / مازن كم الماز
- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - أحمد سعيد قاضي - ثنائية العقل الاستعماري