|
التدخل العسكري الروسي في الشرق الأوسط
فؤاد حمه خورشيد
الحوار المتمدن-العدد: 4949 - 2015 / 10 / 8 - 23:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
التدخل العسكري الروسي في الشرق الاوسط الدكتور فؤاد حمه خورشيد – كوردستان العراق استخدام القوة لحسم الأمور الحيوية في السياسة الخارجية الروسية ، كما حدث في سوريا، ليس امرا عحيبا في ستراتيجية هذه الدولة العملاقة، فجيوبولتيكية القوة في العلاقات الدولية كانت ولا تزال من سمات السياسة الخارجية للدولة الروسية- السوفيتية – الروسية على مدى تاريخهاالسياسي والعسكري الحافل في اسيا واوربا ومناطق حيوية اخرى على حد سواء. فروسيا اليوم هي وريثة نهج الامس العسكرتاري المتسم باستخدام القوة والتدخل المباشر حيثما تطلب الامر لحسم الموضوعات الخطرة ، سواء أكانت تهديدا ، اوعدوانا ، او تطويقا او تكبيلا لارادتها أو عزلها ، فهي لاعب دولي بمستوى القوة العظمى وليس غير ، وهذا اللاعي بمقدوره ان يجبر اللاعبين الاخرين لوحده على لملمة احجار دومينتهم و ترتيبها من جديد. هنا يجب ان نذكر ، على سبيل المثال ، بالتدخل العسكري السوفييتي في هنغاريا عام 1956، وفي ربيع براغ بجيكوسلوفاكيا عام 1968 . فروسيا اليوم لم تعد تلك القوة القارية المرعبة بمساحتها وعدد سكانها في اسيا وحسب ( نظرية قلب الارض) وانما تحولت بفضل قرارها السياسي المستقل ، ومواردها ، وصناعتها، وتكنولوجيتها ، وترسانتها التسليحية المتخمة ، قوة بحرية وصاروجية ورادارية وفضائية من طراز متفرد تطال ردود فعلها أي كيلو متر مربع في كل القارات من سطح كوكبنا . فكل من يعتقد – وبخاصة من مخططي الستراتيجية الامريكية - بان زوال الاتحاد السوفيتي قد قضى على النهج العسكري السوفيتي السابق للنيل من هيبتة روسيا ومكانتها الدوليتين فهو خاطئ . لقد مارست روسيا هذا النهج في جورجيا مرتين عام 2008 ، اذ ساهمت قواتها في فصل واستقلال اقليمين من اقاليمها هما ابخازيا و اوسيتيا الجنوبية عام 2008 . كما مارست نفس النهج في اوكرانياعام 2014 ، الاول في فصل شبه جزيرة القرم عن اوكرانيا وضمها اليها ، والثانية في اقليم جنوب شرق اوكرانيا والتي لا تزال مشكلها قائمة بدون حل بسبب العون الروسي ، ولم يستطع الغرب بكل جبروته من ان يحرك ساكنا لوقف المخططات الروسية الرامية الى اعادة الترتيب الاقليمي لدول جوارها الجغرافي بما يضمن مصالحها ، ويعزز امنها . أما الان فهي في سوريا تمارس نفس اللعبة، ولكن في مجال جغرافي بعيد نسبيا عن حدودها اوجوارها الجغرافي المباشر ، لكنه يمثل ما تبقى من مناطق نفوذها السابقة في الشرق الاوسط منذ الستينات من القرن الماضي . روسيا جيوبوليتيكيا، كقوة عظمى، لا يمكن ان تقبل ، ولا يمكن لهيبتها ان تقبل، بمقولة القطب الواحد في موازين القوى العالمية، ولن ترض ان تعزل ، وان لا يهمل صوتها في القرارات التي تقرر مصير بلدان أو شعوب لها معهم مصالح ، و ترى بام عينها بلدانا تدمر وشعب تتلضى بسياسان القوى الاخرى دون ان يكون لها دور او فعل لايقاف تلك الفوضى، وبالتالي لا يمكن ات تتحمل التطويق والضغط على مجالها الجيوبوليتيكي ، وتضييق مجالها الجغرافي الحيوي في وقت باتت قوتها وترسانتها لا تساعدان على بقاء هذا الوضع دون حلحلة او تحرك ورد فعل من شانه ان يضع روسيا عالميا في مرتبتها و مقامها الحقيقي في ترتيب موازين القوى العالمية( كقوة عظمى )ندية لكل القوى الغربية دفعة واحدة ، وبطبيعة الحال ، فان بروز مثل( رد الفعل) الروسي الانفعالي هذا لا ياتي الا عبر مجال جيوبوليتيكي ومحور قوى داعم ، لذا كانت الضرورة تتطلب التنسيق السري الروسي – الايراني- العراقي، الاستخباري من جهة ، وفتح مجال للمرور السهل للطائرات والصواريخ ، عبر (كوريدور) مباشر من بحر قزوين الى المدن السورية عبر اجواء ايران الملاصقة لاجواء العراقية - السورية، وهو تنسيق غفلت عنة كل الدوائر الاستخبارية لامريكا ودول الناتو والدول الصديقة لها دفعة واحدة ، بل واربك كل صانعي القرار في الغرب لانه لم يتنبأ به احد ، فهو مفاجأة جيوبوليتيكية روسية مخططة حقيقية. لذا فان الهدف الرئيسة لروسيا من هذا التنسيف وهذه المفاجأة الهجومية في المنطقة ، وفي سوريا بالتحديد، هو لرد الاعتبار للقوة الروسية العظمى في المقام الاول ، واختبارمصداقيتها الميدانية ووجودها الفعلي المؤثر، ومن ثم يحسب للاعتبارات الاخرى قيمها ومخرجاتها. فليس مستبعدا ، ولا عيبا في العلاقات الدولية ان ترعى اية دولة مصالحها في بلدان لها معها علاقات تجارية ، أوعسكرية، أو امنية ، اواية علاقة اخرى ، وان تدافع عنها ان اقتضت الستراتيجيات ذلك مادام ذلك لا يهدد السلم العالمي ولا يتعرص مع القوانين الدولية و. وهذا ما تفعلة روسيا مع كل من ايران وسوريا على حد سواء . منذ خمسة سنوات وامريكا وحلفائها واصدقاتها الاقليميون والدوليون يعملون في سوريا دعما للمعارضة، فلا المعارضة توحدت ولا انتصرت ولا كان بمستطاعها حماية السكان وممتلكاتهم ولا اسقطت النظام ، بل زاد ضعفها وتشرذمها ، وكثر الخلاف فيما بينها رغم المساعي الدولية لتوحيدها . وكانت النتيجة بقاء النظام وتخريب كل البنى التحتية للبلاد بما في ذلك بيوت الناس الامنين والعزل ، بل وخلقت فراغا امنيا وعسكريا داخل البلاد احتلتة دولة (داعش ) فزاد الوضع خطورة ، وبات لا يهدد الوضع الداخلي السوري، وانا امن الشرق الاوسط برمته. ومن الطبيعي في اي صراع جيوبوليتيكي اقليمي ، او دولي ان يجد الطرف الاخرللصراع له حلفاء ومؤيدين وانصار ليدعموه ، وبذلك تتعقد المشكلة، ان لم يوجد لها حلا عاجلا وتتحول الى عقدة جيوبوليتيكية كعقدة سوريا. الصراع الدائر في سوريا ،تحت انظار ومساهمة القوى الكبرى والامم المتحدة ، اسفر عنه لحد الان، ، ومقتل 13000 انسان تحت التعذيب حسب تقارير الامم المتحدة ، و4 ملايين لاجئ خارج البلاد ، و8 ملايين نازح داخل الاراضي السورية ، اما عدد القتلى فبلغ 66000 مدنيا ، بيننهم 11000 طفل ، و7000 أمرأة، اضافة الى 35000 من مقاتلي المعارضة و45000 من رجال النظام. . فهل جاء التدخل الروسي لوضع حد لهذه المأساة؟ لاينبغي النظر الى هذا الموضوع بهذا التفاؤل الساذج ، فروسيا حتى وان ادعت بانها جاءت لضرب داعش، فهو ستار جيوبوليتيكي لتمرير سياسات اخرى غير السياسات الامريكية في المنطقة. فهي في كل الاحوال سوف لن تتخلى عن حليفهاالوحيد في المنطقة ، ولا تستطيع ان تتجاهل المعروف الايراني ، غالي الثمن ، جراء فتج ايران للكوليدور الذي سبق ذكره . لذا فالمعادلة تبقى مرتبكة مالم تتوصل القوتان العظميتان الى حل وسط بعيدا عن مخططات اصحاب القرار فيهما ومخابراتهم ، والتفتيش عن حل شمولي لعموم منطقة الشرق الاوسط يتماشى ومصالح القوى الكبرى من ناحية ، ويؤدي الى خلق تعايش جديد بين انظة الدول التي يضمها هذا الشرق ، لان المشكلة في سوريا ، بكل اطرافها ، وفي واقعها المسلح الدامي المصغر ، هي انعكاس علني للصراع السياسي الحاد ، والتوتر الشديد الذي يشوب العلاقات بين الدول السنية واحزابها ومنظماتها من جهة ، و الدولة الشيعية واحزابها منظماتها ومليشياتها من جهة ثانية ، وعلية فالتسوية في سوريا تبداء من تصفية الاجواء الدولية الشرق اوسطية ومن ثم الجلوس جميعا اقليميين ودوليين لحلها حلا جذريا . ومن دون ذلك ليس هناك افق لحل يسير .
#فؤاد_حمه_خورشيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ايها النجم البارزاني : لا عليك .. سيكتب عنك وعنهم السيناريو
...
-
تنظيم الضباط الاحرار قبل تنفيذ ثورة 14 تموز المجيدة
-
العالم الدكتور عبد الجبار عبد الله ولا أخلاقية جلاديه
-
جيوبولتيكية ماسي الكورد وزيارة الرئيس المرتقبة للولايات المت
...
-
المحامي (جميل دنو )والزعيم عبد الكريم قاسم ومحكمة الشعب
-
دور باكستان الحازم في (عاصفة الحزم)
-
الكورد بين حق تقرير المصير واعلان الدولة
-
الفدرالية والغام المتامرين
-
هل رأيت الشهيد العقيد المهداوي؟
-
التحليل الجيوبوليتيكي لهجوم داعش على كوردستان
-
عمر علي
-
الميجر نوئيل: لورانس الكورد المجهول
-
الدولة الكوردية والمعايير الدولية
-
اخفاق الكورد في تشكيل دولتهم بموجب معاهدة سيفر1920
-
دولة كوردستان بين الجغرافية والجيوبولتيك
-
داعش واحداث العراق
-
جيوبولتيكية نفط اقليم كوردستان
-
دولة كوردستان ودول الشرق الأوسط
-
ألمعية قائد ومطالب شعب
-
معاقبة النظام السوري
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|