|
التامل مع الذات عند القروي كاكه حمه
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4945 - 2015 / 10 / 4 - 15:55
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
رايته على غير عادته و تغير كثيرا شكلا و تعبيرا و كلاما و ربما اقترب من مرحلة ما يمكن اما ان نسميه العبقرية او الجنون . كان يختبئ كل ليلة تقريبا و لساعات طويلة في زاوية من وراء الحجرة الى الجانب من القرية و بقرب منها الشجرة المقدسة الملفوفة بقطع و وصلات من القماش الاخضر المعروفة بقدسيتها، و المكان هو الدافع الاكبر له كي يعرف شيئا عن ما يذهب اليه من الافكار و التاملات مع نفسه، و ما يتعمق فيه من امور الحياة الذهنية، و كل ما يتصوره و هو يعتقد بانه لا يختلف عن الاخرين سوى في انعزاله و تفرده و انعكافه على ما تدفعه عقليته قبل اي شيء اخر لاجباره على زيادة معرفته عمليا بعد الغورفي التفكير العقلاني، و هو يثير تساؤلات مع ذاته، اين انا؟ لماذا خلقت و من اية سلالة انا؟ لماذا لا اعيش كغيري و لم اتيقن بعد ولو جزء من اسرار المواضيع التي تشغلني؟ كيف انجوا و ارجع الى الواقع و اعيش كغيري؟ مالي و هذا الذي يفرض نفسه على مسار تفكيري؟ لماذا في هذه القرية من التوجهات المختلفة و المعيشة الانسانية المخالفة للموجود و من التجاوزات على المعقول و من البساطة من جهة و التعقيد من جهة اخرى ؟ هل حقا انه القدر الذي فرض نفسه على تضعني امي في هذه البقعة من الارض قبل ان اعلم عن علم الحياة و الوراثة؟ لماذا انا بالذات دون غيري في هذا المكان والزمان ؟ و من ثم التفكير في ماموجود على الارض و الشكوك في كل ما يُقال و عدم تصديق اي كان في المواضيع التي عرفت فيما بعد انها من الصنوف الفلسفية . هناك ارى من يعيش دون ان يؤمن باي شيء و يعيش كما يريد. و هناك شيخ ومفتي يفرض نفسه و يدلي بارائه في تفصيلات حياة الناس و حتى في ثنايا كيفية معيشة الاسر في القرية. و هناك متعلم و امي . و نشط و كسول . و خيٌر و شرير . و حرية نسبية لرجل على حساب المراة التي هي انسان كما هو حال الرجل . من اوجد تلك الفروقات التي تمس الانسان ذكرا كان ام انثى ، على الرغم من معرفتي بمسيرة التاريخ و تاثيراته المختلفة على الانسان بجنسيها ؟ هي سمة العلم و المعرفة عندي و كيف يمكنني ان اتيقن من التطور و ما علمتني اياه القراءة و العلم ؟ اهل انغمس في كل هذه الامور و عمري يمكن ان لايطول و لا يتجاوز الفترة المرادة من اجل التيقن النسبي لموضوع واحد فقط من الذي يدور في خلدي ؟ هكذا تكلم معي عندما رايته صدفة و عندما اثرت قريحته بسؤال بسيط ربما لامبالي؛ اين تعيش انت في هذه الحياة و لا اعني مكان ولادتك او وجودك البايولوجي؟ فقص علي تلك القصة عن حياته البدائية و طفولته و هو كان يعيش في قرية نائية و علم بدائي و تعليم بسيط و حياة متناقضة . و لكن تبين من كلامه بانه ومنذ نعومة اظافره و هو يعتقد بانه يجب ان يكتشف ما لم يقتدر عليه الاخرون و يفك الغموض ان تمكن ؟ و سالته هل تمكنت، و قال بعد اكثر من خمسين سنة لم اكتشف نفسي و لم اجد اني توصلت لباب الخزينة الكبيرة من الغموض و التعقيدات التي لا بداية لها و لا نهاية في الحياة بعد . قال؛ لقد درست الكتب الفلسفية و الدينية الكثيرة المنوعة منذ ان الهمت بما يمكن ان اصل اليه عن طريق المطالعة، و بدات من عصر الخرافة و من ثم الاساطير لحد برز الدين و ما جلب معه للانسان لحين التطور الحاصل اليوم من النواحي التكنولوجية العلمية و الانسانية و ما تغير من عقلية الانسان لنظرته الى الحياة و ما فيها . و لم اجد و لن اتوقع ان اصل الى ولو نسبة قليلة من الجواب حتى المشكوك فيه حول السؤال وهو؛ لماذا بداية الكون ؟ و ان لم اعرف تماما لما نحن بعد بداية البداية ؟ فهل يمكن لعقل و عقلية قروية مثلي ان اجيد الغوص في ما يكمنه الكون من الغموض و الاسرار لاقنع نفسي بوجوب وجودي و ان اعيش . انها فلسفة، اي معرفة الحقيقة ما يشغلني دون هوادة في كل لحظة و اريد ان اهرب لاصل الى الواقع الذي يدلني على ما اريد دون ان اقدر . قلت له هذا ما لا يمكن ان تنتهي منه مادام تفكر و تنغرز في حال واحدة دون تغيير في المكان و الزمان الذي تعيشه، لانك تاكد من انك طبعا و طبيعة و عقلا انت انسان ضعيف مهما امتلكت من المعلومات الكثيرة، فلا اعتقد ان تصل الى اليقين عاجلا كان ام اجلا، فاكتف بما لديك لمدة و استرح لفترات معينة و عد بنفسك الى ما قبل المراحل الغابرة و من ثم اعد بنفسك الى مابعد الملايين السنين ان لم تنته الحياة و تزول كما يتوقع العلماء العلم قبل الاخرين المتدينين و ستجد بان انت و لا غير، اي ربما تفيد من هذه التجربة البسيطة غيرك و هكذا يتم التطور و جمع عصارة العقل الجمعي للانسان بتجميع الافكار و ما توصل اليه الافراد . و ان تواصلت مع عقليتك الماقبل الحالي و المابعد الحالي فانك ربما تخرج من التقوقع الذي فرضته بنفسك على نفسك و اطرت مدى و محيط عقليتك، و انت في حال يمكن ان تقفز الى احد الاحتمالين اما تدوم و يتحمل عقلك المعلوم عنه او تنهار في برهة من الزمن و تخرج من الواقع . فعليك بالاختيار جيدا، او تعمق في الامر الذي تهتم به ان كنت واثقا من امكانية عقلك و مخك و ما انت بصدده . و لكن اعلم ان الامكانيات و الاليات التي تحتاجه في الوصول الى ما يهمك ليست بموجودة ولو بنسبة بسيطة في موقعنا الذي لم تحب ان تسميه الوطن . تمتع بحياتك كما تتمتع بمطالعاتك، سر في خطاك بتان في مشوارك الذي تعتبره مقدسا عندك حتى يمكن ان نسميه ما ادعوه لترك الذات و التفرغ بالخدعة الذاتية، و سر في اغفال الذات العقلي احيانا للعودة الى الواقع، و من الواجب التريث في كل عمل و العقلاني قبل اي شيء اخر، و هو قد يؤدي الى نتائج غير معلومة او ربما تكون انت من المجبرين على اختيار ما بين الاسود و الابيض و لا ثالث بينمهما . قال لي اشكرك مع السلامة، و سوف نتناقش بعد شهر حول الموضوع و سوف اتعمق في الاختيار او لم تراني ابدا كما انا . فاندهشت و اصريت عليه ان اعرف ما يحل به لو لم اراه فرفض الفصح عن ما يكنه و يفكر به، و شغلني معه لحين اعلم عنه بعد المدة التي يمكن ان اراه، لانه الان لا اعلم عن مكانه و كيفية معيشته، فله السلام .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اقليم كوردستان و حلف روسيا
-
هل يحق لروسيا التدخل في سوريا
-
كل مَن يفكٌر و يعبٌر فهو فنان
-
تحطيم سلم القيم الاجتماعية في العراق بشكل خطير
-
هل يتحقق مبدا المواطنة في العراق
-
الشك في ما بين الحقيقة و الزيف
-
اذا التقشف يكلفه حياته فما بالك بالاصلاح
-
مابين القران الاصلي و المزيف
-
كوردستان الجنوبية اكثر بؤسا من الاجزاء الاخرى !
-
وشى بي في ايام الدكتاتور و ينتقدني اليوم على انتقادي لحزبه ا
...
-
هل من الممكن ان تنهار التظاهرات في العراق ؟
-
لماذا فتحت تركيا ابوابها امام نزوح النازحين مرة اخرى ؟
-
هل تعيد روسيا التوازن الى المنطقة ؟
-
هل تدعم السلطة الكوردستانية هجرة الشباب ؟
-
هل تتلقفها تركيا من السماء
-
كيف تنظر ايران الى العراق ؟
-
لماذا يستقيل الشباب من اقليم كوردستان ؟
-
الجماعات الاسلامية في كوردستان حائرة بين الحس القومي و الفلس
...
-
لازال اردوغان ساريا على عقليته و توجهاته
-
الاحتجاجات تكشف معادن المثقفين العراقيين
المزيد.....
-
شهقات.. تسجيل آخر محادثة قبل لحظات من اصطدام طائرة الركاب با
...
-
متسلق جبال يستكشف -جزيرة الكنز- في السعودية من منظور فريد من
...
-
المهاتما غاندي: قصة الرجل الذي قال -إن العين بالعين لن تؤدي
...
-
الهند وكارثة الغطس المقدس: 30 قتيلا على الأقل في دافع في مهر
...
-
اتصالات اللحظات الأخيرة تكشف مكمن الخطأ في حادث اصطدام مروحي
...
-
وزير الدفاع الإسرائيلي يشكر نظيره الأمريكي على رفع الحظر عن
...
-
-روستيخ- الروسية تطلق جهازا محمولا للتنفس الاصطناعي
-
الملك الذي فقد رأسه: -أنتم جلادون ولستم قضاة-!
-
زلزال بقوة 5.8 درجة يضرب ألاسكا
-
سماعات الواقع الافتراضي في مترو الأنفاق تفتح أفقا جديدا في ع
...
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|