|
الانتقال من تحت الأقصى إلى ساحاته العلوية
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 4945 - 2015 / 10 / 4 - 01:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الانتقال من تحت الأقصى إلى ساحاته العلوية
مروان صباح / منذ ، فاجعة احتلال فلسطين وقيام لليهود دولة على جزء من أرضها التاريخية ، تبعها بعد 19 عشر سنة ، كارثة لا تقل خطورة من الأولى ، احتلال الضفة الغربية بما فيها الأقصى ، هنا يسجل التاريخ مقولة شهيرة لأحد أبرز رجالات المشروع الصهيوني ، ابن غوريون ، الذي قال ، أنه لا معنى لإسرائيل دون القدس ولا معنى للقدس دون الهيكل ، وقد أعلنت الدولة العبرية ، سابقاً ، بأن القدس الغربية عاصمتها بعد أن عقد الكنيست اجتماع في عام 1949م ، ليشهد الكنيست ذاته قرار في عام 1980 يقضي بتوحيد الجزأين ، الغربي والشرقي للمدينة وإعلانها عاصمة أبدية للدولة الإسرائيلية ، نلاحظ ، أن خطوات الكيان الصهيوني ، كانت ومازالت تزحف نحو الحلم الذي يتحقق تدريجياً بعد كل حرب ينهزم بها العربي إقليمياً ، وقد تكون المرة الوحيدة ، اليتيمة ، التى أشعلت الخوف في أركان الحكومة الإسرائيلية عندما أفلت المستوطن دينيس مايكل روهان ، التابع لأنصار كنيس الرب ، حيث ، أقدم المتسلل دون علم المؤسسة الاستخباراتية على حرق منبر صلاح الدين الذي يُعتبر قطعة خشبية نادرة ، لأنه ، صنع من دون استعمال مسامير أو براغي أو أي مادة لاصقة ، لكن ، الذي اهدش فعلاً ، رئيسة وزراء حكومة الاحتلال ، آنذاك ، غولدا مائير ، الصمت الذي خيم على المسلم في ارجاء المعمورة ، وهي التى أفصحت ، لاحقاً ، عن ليلتها التى قضتها بانتظار العرب يدخلون إسرائيل افواجاً من كل حدب وصوب ، لكن ، عندما جاء الصباح التالي ، اطمأنت ، وأدرك الإسرائيلي ، وليس مائير فحسب ، أن بمقدوره فعل أي شيء ومتى يشاء ، فهذه أمة مغيبة .
تعّتبر إسرائيل ، أن عملية احتلال القدس وسيطرتها على المسجد الأقصى وعملية إحراقه في ظل نظام عبد الناصر ، هو القياس الحقيقي لأي رد فعل ، طالما ، النظام والشخص هما الأقوى دون منازع في المنطقة ، إلا أن ، جعبتهما كانتا خاليتان من إمكانية الردود ، فما بالك بالذين جاؤوا من بعدهما ، هل تقيم إسرائيل وزن لهم ، بالطبع ، ابداً ، على الأخص ، وهي التى تعلم ، بأن المسألة الطائفية تتصدر الأولوية على أي قضية أخرى ، لهذا ، نجد أن المشروع الإسرائيلي لم يتوقف في القدس والمسجد قيد أنملة ، فمنذ أن دخلت ، اعتمدت مؤسسة الآثار الإسرائيلية المعاصرة على كتابات جوزيف وس فلافيوس الذي كان يعيش في زمان الرومان ، إلا أن ، علماء الآثار الجدد وبعد أربعين عام من الحفريات والبناء الذى أدى إلى تعمير مدينة كاملة أسفل المسجد ، بطابع تاريخي يشبه حقبة ما قبل الميلاد ، يِخرج مائير باندوف ، أحد أهم المشرفين على العمليات الحفر والتنقيب ، يقول للعالم أجمع ، بأن لا يوجد آثار يهودية ، وبالتالي ، يفضح ذاك الخطاب الكاذب والتضليلي المستمرين حول الآثار اليهودية في المكان ، لكن للحقيقة ، فالمكنة الإسرائيلية لا تعبأ بالمجتمع الدولي ولا بالتاريخ ولا حتى بالمعطيات التنقيبية التى أثارها باندوف ، بل ، هي ماضية في مشروعها بشكل تدريجي تنتقل بمرونة وخفة نحو بناء الهيكل ، هنا للأهمية القسوة ، لا بد من التذكير ، بأن العرب والمسلمين يجهلون ، وهذا ، الجهل في الأرجح ، متعمد ، ليس كونه تفريط بقدر أنه أقرب إلى ضعف غير قادر على مواجهة الإسرائيلي الذي أستطاع خلال ال 19 عشر عام ، الاستيلاء على معظم المدينة الشرقية للقدس والمساحة الكاملة للجبل القائم عليه المسجد ، وأيضاً ، معظم المدينة القديمة ، وهذا ما يفسر على أقل تقدير ، بأن ، تأخير تقسيم المسجد الأقصى ، يخضع لتقديرات الاحتلال ، الإقليمية ، وليس تماماً الدولية ، وعلى الأخص ، العربية وليس سواها ، لهذا ، تُفسر الأحداث التى شهدتها المنطقة منذ احتلال العراق ، نفسها بنفسها ، فهناك أولوية لدي الاسرائيلي والغربي على تمشيط المنطقة العربية اولاً ، كي يتسنى لهم نقل الهيكل من تحت الأرض إلى ساحات العلّوية للمسجد ، لكن ، قبل هذا ، هناك تأكيدات قد تحدثت عنها دراسات صهيونية ، بأن لديهم نوايا ، تحولت الآن ، إلى قرار بهدم سور القدس التاريخ ، بالطبع ، لاعتقادهم بأنه غير يهودي ، بل ، هو جديد ، قد بناه السلطان التركي في القرن السادس عشر ، في هذه النقلة تكون الحكومة الإسرائيلية وضعت العالم أمام واقع جديد ، هو ، أن هناك قدساً واحدة يهودية لا اثنين .
الواقع اليوم ، أن اسرائيل استطاعت اقتلاع القدس ، كمدينة من الجغرافيا الأوسع للضفة الغربية ، فأصبح العرب داخلها ، أقلية ، منزوعين الإمكانيات ، فجميع الأساليب التى واجهوا بها المستوطنين كانت ، في المقابل لا تذكر ، أيضاً ، هذا ينطبق تماماً ، على أهل ومدن الضفة الغربية ، فالمستوطنون لهم اليد العليا في الزراعة والصناعة والتجارة ولهم أيضاً مدن تتفوق حضارياً وشبكات مياه وشبكات طرق ومواصلات وحدود ومعابر وتسلح وقدرات أمنية ، الذي يجعل إسرائيل ، دولياً وإقليمياً وعربياً وداخلياً تعيش في ذروة استعلائها دون أن تحسب حساب لأي رد فعل من الجهات المختلفة ، وبالطبع ، هي تدرك بأن الجانب الفلسطيني من الناحية الأخلاقية يترتب عليه التضحية والتصدي ، مهما تفاوتت القوة بينه وبين المستوطن ، وبالرغم ، من معرفة النتائج مسبقاً ، كون لديه ، تجارب مجربة ، ثورة في الخارج وانتفاضتين في الداخل ، النتيجة ، مزيد من التعجرف والاستيلاء للأراضي ، وقد تكون الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية تدفع بشكل هادئ بالمستوطنين نحو الأقصى كبروفة مبدئية ، يتبعها ، تحرك أضخم ، وهذا ، يُفسر بشكل واضح وصريح عن النوايا المبطنة ، تريد منها إسرائيل ، في هذه الظرف العربية البائسة ، إشعال الضفة الغربية في معركة أهلية بين المستوطنين والفلسطينيين على غرار ما يحصل في الدول العربية التى تشهد حروب ، تحولت من ثورات لإسقاط الديكتاتوريات إلى حروب أهلية بامتياز ، إن كانت بالسلاح أو الكلام اللفظي .
هنا ، التنبه مطلوب في هذه المرة ، لماذا ، لأنها ستكون الضربة القاضية ، وبالتالي ، يترتب على نتائجها ، انتقال الفلسطيني ، بعد المعركة ، بل بالأحرى ، جره إلى دائرة الاتفاق الاقتصادي ، وفي هذا السياق ، لا بد أيضاً ، أن يعي الفلسطيني والعربي ، بأن الإسرائيلي والمجتمع الدولي يبحثان عن اتفاق أسلو 2 ، عنوانه الاقتصاد مقابل السلام ، الذي سيفاجئ من يقبل به ، بأن تحسين الاقتصاد الضفاوي والمدن الصناعية سينتهي أمرها في دول الطوق ، طبعاً ، بعد مماطلة ، أكثر بكثير ، من أي ماضي ، تمنحها الدول المانحة كمنحة على تواطؤ مستمر ، بالطبع حينها ، يبدأ الترانسفير التشغيلي . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مستشرقون الغرب ،، ورثة علماء المسلمين والعرب
-
أهو عشق في تكرار الفشل الأمريكي أم استكمال المشروع .
-
حيرة الكهنة وبراءة المنتفضين
-
هستيرية الأفراح والنجاح
-
الطفل آلان ، يُسقط جميع الأقنعة ،، والسيدة مركيل بألف رجل ..
-
العقل التبريري ينتج مجتمعات مريضة
-
هيهات أن يجيب الرئيس بوتين عن مصير الضفة الغربية ..
-
كيف نعيد الثقة بأنفسنا
-
ننتهي من ضجيج حتى نجد أنفسنا بين ضجيج أشد وأنكى
-
حماس بين البدائل وحتمية الفشل
-
نور الشريف والمشهد الأخير
-
المرحلة الثالثة من المشروع الإسرائيلي في الضفة
-
تحدي أهوج لشهر رمضان
-
من بيع السلاح والنفط إلى علاقة اقتصادية أقوى توجت بإدارة مست
...
-
قطعان ينتظرون الذبح
-
من ابتكارات الحداثة غسل الماء قبل الشرب
-
إبادات قانونية وأخرى اجرامية
-
القضاء السويدي يبعث من جديد رسالة جديدة للقضاء العربي
-
غونتر غراس
-
لو كان الأوكسجين والماء قرار بشري ، لكانت المأساة اكتملت ...
المزيد.....
-
15 أغسطس 1944: مغاربيون في جيش أفريقيا شاركوا بإنزال بروفانس
...
-
إيران تقيد الرحلات الجوية في منطقتها الغربية بسبب -نشاط عسكر
...
-
الجزائر والنيجر.. تنشيط العلاقات
-
حملة المقاطعة تطيح بالرئيس التنفيذي لستاربكس والإقالة ترفع أ
...
-
هل يحتاج العراق إلى قانون الأحوال الشخصية الجعفري؟
-
تغيير قانون الأحول الشخصية في العراق.. تهديد للديمقراطية اله
...
-
روسيا والإمارات تبحثان التعاون في إطار مجموعة -بريكس-
-
-نتائجه كارثية-.. خبير أمريكي يتحدث عن هجوم مقاطعة كورسك وتو
...
-
المغرب.. مديرية الأمن تعزز الخدمات في مطارين بالمملكة
-
بعد تسجيل حريق بمقرها.. القنصلية العامة الجزائرية بجنيف تصدر
...
المزيد.....
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
المزيد.....
|